Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قواعد قتال جديدة لحرب غزة ومفاجأة "حماس" في مركزها

الجيش الإسرائيلي يعد خطة لليوم الذي يلي احتلال المدينة... وأصوات من الداخل تدعو إلى العدول عن الاجتياح

لا تتوافق تصريحات زامير العلنية أمام الوحدات العسكرية في أرض المعركة مع ما سرّب من تصريحاته داخل أكثر من اجتماع للـ "كابينت" (الجيش الإسرائيلي على إكس)

ملخص

 دعا جنرال الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك، الذي شغل مناصب عدة في سلاح البر، إلى التراجع عن قرار احتلال غزة إزاء الأخطار المتوقعة على الجيش الإسرائيلي ثم عدم القدرة على حسم المعركة ضد "حماس"، وخلال تطرقه لوضع سلاح البر قال إن "الجيش لا يستطيع البقاء فترة طويلة في المناطق التي يحتلها لعدم وجود قوات إضافية لتبديل القوات المقاتلة، وهو ما اضطره إلى الانتقال خلال الأشهر الماضية إلى أسلوب الغارات التي تكررت مرات عدة في الأماكن نفسها، وهذه الطريقة لم تحقق حسماً ضد "حماس" بل تسببت بخسائر جسيمة وإصابات كثيرة.

مع بدء العد التنازلي لمرحلة تنفيذ خطة احتلال مدينة غزة ودخول الألوية والوحدات العسكرية، يعيد الجيش الإسرائيلي ترتيب نشر قواته على مختلف الجبهات، من سوريا ولبنان والأردن حتى الحدود الجنوبية تجاه غزة، بعد أن استكمل تجنيد الاحتياط وتقسيم الألوية إلى مناطق تدريب متعددة وبدء الاستعداد لمختلف السيناريوهات المتوقعة، بما في ذلك أيضاً التحديات عند الحدود الشمالية. وسيجري تركيز نشر الجيش النظامي في غزة على أن تستبدل قوات عسكرية انتشرت خلال الأشهر الأخيرة عند الحدود الشمالية بقوات أخرى معظمها من الاحتياط، وقد تحولت الحدود الجنوبية تجاه غزة إلى ثكنات عسكرية واسعة وضخمة مع مئات المعدات الحربية، فيما مراكز التدريب تركز على سيناريوهات التعامل مع الكمائن من قبل "حماس" والقتال المباشر، وفي عنصر جديد سيعتمده الجيش الإسرائيلي أُدخلت عشرات المسيرات الى التدريبات لتشكل جانباً فعالاً في العمليات المتوقع تنفيذها في المناطق المحددة للاحتلال، أي مدينة غزة وأواسط القطاع.

تطويق المنطقة

وحالياً تعمل الفرقتان 99 و162 على تطويق المنطقة التي سيجري احتلالها، فالفرقة 162 تطوق مدينة غزة من الشمال والفرقة 99 يُفترض أن تكمل في الأيام القريبة، بحسب الجيش، احتلال وتطهير حي الزيتون وحي صبرا، وتمهيداً لإخلاء المدينة من سكانها سيفتح الجيش ممراً في الجزء الجنوبي الغربي لخروج السكان إلى الجنوب والمواصي تحديداً.
وفيما أكد مسؤولون ضمان تدريب الجنود على عمليات لها علاقة بطبيعة احتلال المنطقة وإبقاء الجيش فيها، جرى تسريب حديث ضابط شارك في جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، جاء فيه أن تقديرات جهات عدة في المؤسسة العسكرية تشير إلى أن احتلال مدينة غزة لا يضمن أن يضغط على حركة "حماس" ويدفعها لتغيير موقفها بقبول شروط إسرائيل لإنهاء الحرب والتوجه إلى عقد صفقة.
وناقشت الجلسة المغلقة تقديرات الجيش حول تجاوب سكان مدينة غزة مع مطلب النزوح وتبيّن أن التقديرات تشير إلى رفض الغالبية، فبحسب الضابط ذاته لا تزال  الغالبية العظمى من السكان داخل المدينة وترفض تركها.

وبحسب تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فإن عدد الفلسطينيين الذين تركوا مدينة غزة لا يتجاوز 50 ألفاً، وادعت الأجهزة أن "حماس" تحاول منع السكان من النزوح والانتقال إلى الجنوب، وفي هذه سيكون هناك إشكال في تنفيذ خطة احتلال المدينة، تشمل قتالاً مكثفاً فوق الأرض وتحتها.

وفي أعقاب اجتماعات تقييم لما شهدته غزة من عمليات قتال خلال الأشهر الأخيرة، وضع الجيش ضمن خطته عنصر المفاجأة وتمويه مقاتلي "حماس" في أرض القتال، وإزاء ذلك توقع الجيش الإسرائيلي أن تكون نوعية القتال وشدته هذه المرة مختلفة، بل اعتبر عسكريون أن الجيش غير مدرب وسيواجه أخطاراً شديدة جداً.

زامير يتوعد "حماس" وعسكريون يخشون النتيجة

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير واصل تهديداته لـ "حماس" وكثف جولاته بين الوحدات العسكرية في غزة وقيادة الجنوب، وتوعد من هناك بمواصلة الحرب وتصعيد العمليات مكرراً مصطلح "حتى هزيمة العدو"، معتبراً أن المناورة البرية بدأت وأن الأيام المقبلة ستشهد اتساعها لمناطق جديدة وبوتيرة متصاعدة.
ولا تتوافق تصريحات زامير العلنية أمام جنود الاحتياط أو الوحدات العسكرية في أرض المعركة مع ما سرّب من تصريحاته داخل أكثر من اجتماع للـ "كابينت" لبحث قرار احتلال غزة، إذ تحدث بصورة واضحة عن خطورة وتداعيات ذلك على الجنود المقاتلين، وأيضاً على الأسرى الأحياء وحتى على الجثث خشية اختفائها، وجاء حديثه عن تداعيات احتلال المدينة على الجنود في أعقاب صدور تقديرات بمواجهات خطرة وكمائن نوعية ووقوع مئات القتلى والجرحى وصولاً إلى خطر أسر جنود إسرائيليين.
وأكد عسكريون وأمنيون حاليون وسابقون أيضاً أخطار وتداعيات احتلال غزة، وتحديداً وضع العساكر حيث سيكون الاعتماد أيضاً على جنود لم يتدربوا بتاتاً على نوعية القتال عند احتلال منطقة، وبحسب أكثر من ضباط إسرائيلي فإن الفترة الحالية لن تكون كافية للتدريب على الخطة ونوعية القتال المتوقعة، ودعا جنرال الاحتياط إسحاق بريك الذي شغل مناصب عدة في سلاح البر إلى التراجع عن قرار احتلال غزة إزاء الأخطار المتوقعة على الجيش الإسرائيلي وعدم القدرة على حسم المعركة ضد "حماس"، وقال إن "الجيش لا يستطيع البقاء فترة طويلة في المناطق التي يحتلها لعدم وجود قوات إضافية لتبديل القوات المقاتلة، وهو ما اضطره إلى الانتقال خلال الأشهر الماضية إلى أسلوب الغارات التي تكررت مرات عدة في الأماكن نفسها، وهذه الطريقة لم تحقق حسماً ضد 'حماس' بل تسببت بخسائر جسيمة وإصابات كثيرة".

الأنفاق الخطر الأكبر

ويشير بريك إلى أن "الخطر الأكبر يكمن في شبكة الأنفاق الواسعة في مدينة غزة"، وبناء على تجربته ومعلوماته حول سلاح البر فقد قال إن "الجيش لم ينشئ قوات مهنية بالحجم الكافي للتعامل مع مئات الكيلومترات من الأنفاق، ولم يحضّر مسبقاً وسائل تفجير وتقنيات جديدة لتدميرها، والسبب أن المستويين السياسي والعسكري عاشا لأعوام طويلة على قناعة أن حرباً في غزة لن تقع، لأن 'حماس' غير معنية بها ومردوعة، وهو وضع يجعل الجيش ضعيفاً في مواجهة التحديات المتوقعة في القتال الذي سيواجهه خلال احتلال غزة المدينة".

وكشف بريك عن أنه "خلال عامين تقريباً من الحرب جرى تدمير أقل من 10 في المئة من الأنفاق، وكثير من الأنفاق الممتدة من سيناء تحت محور فيلادلفي التي تزود 'حماس' بالذخيرة والسلاح لم تغلق".

وضمن المعطيات المناقضة للتقارير التي عرضها الجيش، فقد قتلت القوات الإسرائيلية خلال الحرب أقل من 10 آلاف مقاتل من "حماس" وليس 20 ألفاً، لأن القتال وجهاً لوجه شبه معدوم، ويقول الجنرال احتياط إن "حماس" تعمل كحرب عصابات، فتخرج سراً من الأنفاق وتزرع العبوات على الطرق وداخل البيوت ثم تعود للأنفاق".

"جيش 'حماس' لم يُهزم"، بحسب بريك الذي اعتبر أن "ما يروجه قادة الجيش للجمهور غير صحيح، فـ 'حماس' ليست جيشاً ولم تبن نفسها كجيش، والبنى التحتية التي أنشأتها، أي شبكة الأنفاق، بالكاد جرى المساس بها، وكل الروايات حول تدمير كتائب وألوية 'حماس' وبناها العسكرية ما هي إلا مبالغات باطلة، إذ إن قواعد الألوية والكتائب في الواقع هي مقار يجلس فيها القادة، وعندما يكون هناك خطر يختفون في الأنفاق ويبقى الدمار لمواقع فارغة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأمام هذا الوضع يوضح إسحاق بريك أن "خطة إسرائيل الحالية لاحتلال مدينة غزة عبثية، ورئيس الحكومة أعلن أنه من خلال إعادة احتلال غزة ستدمر نواة حكم 'حماس' وسينهار التنظيم ويستسلم، لكن هذا وهم كبير لأن 'حماس' تعمل من داخل الأنفاق وعبر شبكة بمئات الكيلومترات تغطي طول القطاع وعرضه"، محذراً من أنه عندما "يدخل الجيش الإسرائيلي إلى مدينة غزة فستنتقل مراكز قيادة 'حماس' إلى مناطق أخرى خارج المدينة، ووجود الجيش في أجزاء من غزة لن يؤثر في استمرار عمل الحركة، وسيتكبد الجيش خسائر والرهائن سيموتون في الأنفاق، فالجيش لن يستطيع البقاء في الميدان كسلطة عسكرية دائمة لأن 'حماس' ستواصل مهاجمته من تحت الأرض، كما أنه لا يملك ما يكفي من القوات للبقاء في القطاع لفترة طويلة".

إسرائيل الخاسرة

وبعد استعراضه الأخطار التي سيواجهها الجيش والمدة الطويلة المتوقعة للبقاء في مدينة غزة، حسم بريك بأن إسرائيل ستخرج خاسرة من كل الاتجاهات، فـ "حماس" لن تُزم وستواصل السيطرة على معظم القطاع، وإسرائيل قد تفقد آخر داعميها في العالم، كما أن الجيش سيفقد عدداً كبيراً من جنوده والرهائن قد يموتون في الأنفاق، بينما سيتفاقم التطرف داخل المجتمع الإسرائيلي وستتدهور

قطاعات التعليم الصحة والاقتصاد.

وأمام هذه النتائج المتوقعة من احتلال غزة، يرى جنرال الاحتياط أن الحل الوحيد للقضاء على "حماس" غير متوافر حالياً، لأنه يتطلب جهداً وعملاً كبيرين بما في ذلك "تكبير الجيش البري بحيث يستطيع البقاء مدة طويلة في المناطق التي يحتلها، وزيادة جوهرية في الوحدات المتخصصة والتقنيات والوسائل الفعالة لتفجير مئات الكيلومترات من الأنفاق، وعندها فقط ستكون القدرة على الحسم ضد 'حماس' بأيدينا".

خطة الجيش لما بعد احتلال المدينة

تحذيرات بريك وغيره من العسكريين والأمنيين وحتى كثير من السياسيين والمعارضة لم تردع المستوى السياسي ولم توقف تنفيذ الخطط العسكرية، وكشف الجيش الإسرائيلي عن أنه أعد خطة لليوم التالي من احتلال المدينة تشمل احتلال مخيمات الوسط، وبحسب ما نقل عن مشاركين في اجتماعات تقييم الوضع وإعداد خطة اليوم التالي لمدينة غزة، فإن تقديرات أجهزة الأمن لمواجهة تعقيدات وصعوبات كبيرة بسبب توقع وجود أسرى إسرائيليين أحياء في تلك المناطق، وأمام هذه التخوفات لم يصادق الجيش بعد على خطط احتلال أواسط غزة لكنه يواصل الاستعداد لتنفيذها، بما في ذلك إقامة منطقة إنسانية جديدة في جنوب قطاع غزة لضمان وصول أكبر عدد من الغزيين الذي سينزحون عن مناطق سكناهم التي تشملها خطة الاحتلال، كما أنشأ قسم التكنولوجيا واللوجستيات في الجيش مجمعات مكيفة وبنى تحتية للمياه والكهرباء، وحمامات ومراحيض لخلق ظروف تساعد الجنود في البقاء لفترة طويلة في أرض المعركة، أما صلاحية المعدات المدرعة فقد تقرر زيادة عدد خبراء التكنولوجيا والصيانة في قيادة الجنوب، الذين يحضرون في الجبهة ويجرون إصلاحات معقدة تحت النار.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات