Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تحاول استمالة الحريديم للجيش بـ "حشمونائيم"

لواء عسكري جديد يضمن لهم الحفاظ على هويتهم الثقافية وطقوسهم الدينية بعد التحاقهم بالخدمة

بفتوى من حاخاماتهم مزّق الآلاف من الحريديم أوامر التجنيد التي وجهها الجيش الإسرائيلي لأكثر من 25 ألف منهم (أ ف ب)

ملخص

يرفض يهود الحريديم الخدمة العسكرية، بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، في ظل خشيتهم من تهديد هويتهم الدينية في حال اندماجهم في "المجتمع العلماني".

تحوّل مركز التجنيد للجيش الإسرائيلي في مدينة تل هشومير قرب تل أبيب إلى بؤرة دائمة لاحتجاجات الحريديم على قرار استدعائهم للتجنيد في ظل رفضهم المطلق لذلك، بالتزامن مع أزمة نقص حادة في العناصر البشرية للجيش الذي يخوض منذ نحو سنتين حرباً غير مسبوقة في قطاع غزة.

وردد المتظاهرون وبينهم أعضاء كنيست إسرائيليون خلال احتجاجهم أول من أمس الثلاثاء شعارات تصف الجيش الإسرائيلي بأنه "أسوأ من معسكرات الاعتقال النازية".

وبفتوى من حاخاماتهم مزّق الآلاف من الحريديم أوامر التجنيد التي وجهها الجيش الإسرائيلي لأكثر من 25 ألف منهم، ويبلغ عدد الحريديم المؤهلين للتجنيد 70 ألفاً، حيث يشكّلون نحو 13 في المئة من عدد الإسرائيليين.

وفي مُحاولة الجيش الإسرائيلي لاستمالة الحريديم للتجنيد فيه، شكّل قبل أشهر لواء "الحشمونائيم" ليكون خاصاً بهم، ويضمن لهم الحفاظ على هويتهم الثقافية وطقوسهم الدينية.

وتعود تسمية "الحشمونائيم" إلى مملكة يهودية حكمت منطقة في فلسطين بين (140-37 قبل الميلاد) في ظل الدولة السلوقية اليونانية.

لكن تلك التسمية، وتخصيص لواء خاص بالحريديم يضمن لهم ممارسة طقوسهم والحفاظ على خصوصيتهم لم تقنع شباب الحريديم بالانخراط في الجيش الإسرائيلي.

واشتكى القائمون على التجنيد في اللواء من تدني نسبة الانضمام إليه على رغم تخريج دفعة أولى منه خلال الأشهر الماضية، وانخراطهم في القتال في قطاع غزة.

ويرفض الحريديم الخدمة العسكرية، بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، في ظل خشيتهم من تهديد هويتهم الدينية في حال اندماجهم في "المجتمع العلماني".

وقطع قرار للمحكمة العليا الإسرائيلية السنة الماضية أكثر من سبعة عقود من إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية جاء بموجب تفاهمات بين حاخاماتهم ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون.

ويتلقى شباب الحريديم مخصصات مالية شهرية، مع أنهم لا يقومون إلا بالدراسة الدينية، وأداء الصلوات.

لكن الحريديم رفضوا القرار، وأصروا على أن تعليمهم الديني "يسهم في حماية إسرائيل"، وهو ما أدخل الائتلاف الحكومي في أزمة إثر انسحاب أحزاب الحريديم الشرقيين والغربيين من الائتلاف في يوليو (تموز) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب قرار إنشائه يبلغ عدد عناصر لواء "الحشمونائيم" 3 آلاف يخضعون للتدريب لمدة سبعة أِشهر، وتكون مدة خدمتهم 32 شهراً، ويضم كتيبتي مشاة نظامية وكتيبة احتياط.

ولتشجيعهم على التجنيد، يتيح اللواء للمجندين الجمع بين الدراسة الدينية والخدمة العسكرية، مع الحفاظ على نمط حياتهم، على أن يكون للذكور فقط مع عدم الاختلاط مع النساء، ويكون قادة اللواء من الحريديم.

ومع ذلك فلم ينضم إلى الخدمة العسكرية من الحريديم سوى العشرات من بين الآلاف الذين تم استدعائهم خلال الأشهر الماضية.

واعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد أن الحريديم "مصرون على التهرب من الخدمة العسكرية حتى لو اضطروا إلى خوض حرب أهلية من أجل ذلك"، مشيراً إلى "استمرار احتجاجاتهم ضد تجنيدهم وما تشهده من مظاهر عنف".

وبحسب أبو عواد فإنه بدل أن تدفعهم الحرب على قطاع غزة إلى الانخراط في الجيش فإنها تجعلهم متمسكين بالرفض في ظل ارتفاع عدد الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ويعود ذلك وفق أبو عواد إلى "تمسك الحريديم بالحفاظ على هويتهم، في ظل شعورهم بتهديدها من العلمانيين، لذلك فهم في دفاع مستميت عن هويتهم الثقافية والدينية، ونمط حياتهم".

وبحسب أبو عواد فإن الحريديم "يخشون أن يؤدي اندماجهم في مؤسسات الدولة عبر التجنيد إلى ذوبانهم بين المكونات الأخرى للإسرائيليين، وبالتالي تدني أعدادهم وتراجع قوتهم السياسية".

ولذلك فإن أبو عواد رجح "عدم استجابة الحريديم لمحاولات تجنيدهم خلال السنوات المقبلة، وإن أدى ذلك إلى أزمات سياسية".

ويرى الباحث السياسي سليم بريك أن رفض الحريديم للتجنيد في الجيش الإسرائيلي يعود "لأسباب أيدولوجية عميقة، فحتى قبل إقامة إسرائيل كانوا ضد الحركة الصهيونية، لأنهم اعتقدوا أن الدولة ستكون ضد الديانة اليهودية".

وبعد انسحاب أحزابهم من الحكومة قبل أسابيع، أعلن أعضاء في تلك الأحزاب نيتهم عدم التصويت لمصلحة الحكومة في الكنيست بعد انتهاء عطلتها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وأشار بريك إلى أن رفض الحريديم "سيتواصل حتى بعد انتهاء ولاية الحكومة الحالية، ومجيء حكومة أخرى قد تكون أقل يمينية منها"، وأوضح أن الحريديم "يستغلون قوتهم السياسية وتأثيرهم في الحكومة الحالية كي يتهربوا من التجنيد".

وحتى لا يعترضوا على تأسيس إسرائيل في الأمم المتحدة قبل إقامتها في عام 1948، توصل بن غوريون إلى تفاهمات مع زعماء الحريديم، قضت بجعل الشريعة اليهودية أساس المعاملات الشخصية للإسرائيليين، ومنحوا بموجبها الحرية في أداء طقوسهم.

وبعد ذلك بسنوات أُعفى بن غوريون الشبان الحريديم من التجنيد حيث كان عددهم في بداية الخمسينيات 400 شخص، قبل أن يصبحوا 70 ألفاً في هذه الأيام، ويُرجح ارتفاع عددهم بسبب نسبة مواليدهم المرتفعة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير