Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظر تناول الطعام في القطار فكرة سخيفة وذخيرة خطيرة لليمين المتطرف

من خلال الترويج للحلول غير الليبرالية، تساعد كبيرة المسؤولين الطبيين لدينا فقط أولئك الذين يفضلون عدم القيام بأي شيء، وتجعل تحذيراتها الهامة بشأن البريكست عُرضة للانتقاد

الوجبات السريعة أكثر ضررا لصحة الإنسان لما تضمه من مواد حافظة لتمديد صلاحيتها (رويترز) 

إن انعدام الخبرة السياسية لدى بعض الشخصيات العامة البارزة والذكية للغاية لا يتوقف أبداً عن الإدهاش.

 خذ مثلا السيدة سالى ديفيز، كبيرة المسؤولين الطبيين المنتهية ولايتها في الحكومة.

في تقريرها الأخير تناولت موضوع السمنة لدى الأطفال، والتي تمثل مشكلة حقيقية للغاية، وأزمة بحد ذاتها. وتهدف الحكومة إلى خفض نسبتها إلى النصف بحلول عام 2030، ولكنها تحذر بصدق من استحالة حتى الاقتراب من تحقيق هذا الهدف في الظروف الراهنة.

لذلك، هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير أكثر جذرية من تلك التي تمت تجربتها حتى الآن، بهدف حل مشكلة يمكن تفاديها بامتياز وتكلف حاليا هيئة الخدمات الصحية الوطنية مبلغا ماليا لا تستطيع أن تتحمله.

غير أن المشكلة في الدعوة إلى فرض حظر على تناول الوجبات الخفيفة في وسائل النقل العام في المناطق الحضرية (مع إعفاءات على المياه والرضاعة الطبيعية ولذوي الحالات الطبية مثل مرض السكري من النوع 1) هي أن السيدة سالي انتهى بها الأمر في أرض السخافة.

لا يمكن أن تحاول أي حكومة على الإطلاق فرض مثل هذا الإجراء، ليس فقط لأنه غير قابل للتنفيذ بشكل أساسي، ولكن لما له ربما من تداعيات مروعة نوعا ما على الأشخاص الذين قد يميلون إلى محاولة تناول الطعام. لن يتطلب الأمر حتى تنهار أبواب الجحيم سوى إقدام سائق حافلة، مرتبك بشأن الإعفاءات، على خنق مريض بالسكري يتناول الحلويات بسبب انخفاض نسبة السكر في دمه – أو ما يعرف بـ هايبوغليسيميا بالنسبة لأولئك منا في هذا المجال.

من خلال الترويج لمثل هذه الفكرة، إلى جانب الدعوة المماثلة غير الليبرالية لفرض سقف سعرات حرارية على وجبات المطاعم، قدمت السيدة سالي شحنة من الذخيرة إلى أولئك اليمينيين الذين يعارضون أي إجراء لمعالجة هذه المشكلة.

يقول كريستوفر سنودون، وهو رئيس اقتصاديات أسلوب الحياة في معهد الشؤون الاقتصادية إن "أفكار السياسات (لدى السيدة سالي) أصبحت مرادفة لأقسى حالات الدولة المُربِّية سخافةً." وأضاف سنودون "اقتراح تجريم تناول شطيرة في القطار يعد خاتمة استبدادية ملائمة للسيدة سالي باعتبارها كبيرة المسؤولين الطبيين."

قد يلقى هذا الرأي الذي عبر عنه سنودون صدى حتى عند بعض المعتدلين الذين يتعاطفون عادة مع رسائل الصحة العامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أفترض أن السيدة سالي قد تجادل بأنها نجحت على الأقل في إدراج القضية في أجندة إخبارية يهيمن عليها البريكست ودونالد ترمب، أي أنها يجري الحديث عنها.

كما يمكنها أن تجادل بأنه رغم احتمال رفض الناس للحظر الذي تقترحه، أو حتى للحد من السعرات الحرارية، إلا أنها ربما فتحت الباب أمام بعض أفكارها الأكثر واقعية وإن كانت ما تزال مثيرة للجدل.

وتشمل هذه الأفكار حظر الإعلانات عن الأطعمة غير الصحية في الأماكن العامة الرئيسية. ويمكن أيضا اعتبار هذه الفكرة إجراءً سلطويا، إلى حين أن تدرك أننا فعلنا نفس الشيء بنجاح مع السجائر بما فيه مصلحة الجمهور الكبير. كما أن هناك دعوة لضمان توفير وجبات صحية في المدارس بسعر منخفض. هذه فكرة عظيمة، دعونا نطبقها.

من جانب آخر، لدى السيدة سالي مقترحات لزيادة الضرائب على الأغذية غير الصحية. وهذه الفكرة قابلة للتطبيق أيضاً، على غرار "ضريبة السكر" الحالية التي أدت إلى انخفاض حاد في نسبة السكر من المشروبات الغازية، على سبيل المثال.

إن المشكلة مع فكرة حظر تناول الطعام في وسائل النقل العام هي أنها غريبة جدا لدرجة أنها قد تضُر بمصداقية التمرين. وبهذا ربما زادت من صعوبة الحصول على الدعم لمقترحاتها المعتدلة من قبل شخصية مثل وزير الصحة مات هانكوك –  وهو ليس من المحاربين داخل الحكومة - خصوصا بالنظر إلى طبيعة الإدارة الحالية.

غير أن تلك ليست المشكلة الوحيدة فيما فعلته السيدة سالي. فقد كانت مؤخراً موضع حديث إعلامي بعد تحذيرها من احتمال حدوث وفيات في حال تنفيذ البريكست من دون صفقة. وكان تقييم الحكومة نفسه قد أشار إلى أن هذا يمكن أن يؤدي إلى نقص الأدوية، لذلك كانت وجهة نظرها جيدة.

لا أستبعد أن يقوم المخربون الذين يدفعون نحو البريكست من دون صفقة بتصويرها على أنها تريد حظر الوجبات الخفيفة في مترو الأنفاق، واستخدام ذلك لتقويض فكرتها المهمة للغاية.

إن الخلط بين الإثنين هو تكتيك رخيص وخبيث، لكنه ليس بعيد عن بعض الناس، وقد نجح ذلك في الماضي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء