Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا"... خطوة تنفيذية أم صورية؟

يضم كلاً من حمص وريف حماه وسهل الغاب والساحل

ناشطون ومحامون وأكاديميون وصحافيون علويون يعلنون تشكيل "المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا" (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

"المجلس السياسي" اختار إعلان انطلاقته عبر مقطع فيديو مصور بعد حملة ترويج سابقة، تلاه أحد المؤسسين له، ليحصد في الساعات القليلة الأولى له أكثر من مليون مشاهدة، وعشرات آلاف التعليقات والمشاركات الداعمة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل من البيان في حد ذاته متنفساً لأمل ومطالب يصر عليها العلويون منتظرين تحقيقها، ولو من دون امتلاك أدوات وشروط تفعيلها على الأرض، فنموذج السويداء جنوباً، والأكراد شرقاً، جاء من خلال قوة عسكرية كبرى، مما يفتقده الساحل على اعتبار أنه منزوع السلاح ومثقل بجروح مريرة ودماء لم تجف بعد.

أعلن ناشطون ومحامون وأكاديميون وصحافيون علويون عن تشكيل "المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا" الذي يضم كلاً من حمص وريف حماه وسهل الغاب والساحل السوري ضمن حدود إدارته الفيدرالية، كمطلب بات لا يمكن التراجع عنه مع مُضي وقت على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وما حدث في هذه الفترة من مجازر في حق العلويين وانتهاكات يومية ما زالت مستمرة، وجاء بيان الإعلان بُعيد أيام قليلة على إعلان السويداء موقفها المتمسك بالانفصال بعدما شهدت هي الأخرى مجازر راح ضحيتها أكثر من 1500 شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مقارب لتعداد ضحايا مجازر الساحل.

دعم شعبي

"المجلس السياسي" اختار إعلان انطلاقته عبر مقطع فيديو مصور بعد حملة ترويج سابقة، تلاه أحد المؤسسين له، ليحصد في الساعات القليلة الأولى له أكثر من مليون مشاهدة، وعشرات آلاف التعليقات والمشاركات الداعمة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل من البيان في حد ذاته متنفساً لأمل ومطالب يصر عليها العلويون منتظرين تحقيقها، ولو من دون امتلاك أدوات وشروط تفعيلها على الأرض، فنموذج السويداء جنوباً، والأكراد شرقاً، جاء من خلال قوة عسكرية كبرى، مما يفتقده الساحل على اعتبار أنه منزوع السلاح ومثقل بجروح مريرة ودماء لم تجف بعد.

 

مطالب المجلس

البيان المطالب بالفيدرالية جاء موسعاً للغاية وشاملاً، وحمل مطالب مشروعة من وجهة نظر مؤيديه، فيما رأى آخرون استحالة تطبيق أمور أخرى جاءت ضمنه، وتم التركيز على أن السلام هو واحد من أهم القيم الجوهرية للفيدرالية وهدفها الأساس، وتطرق البيان إلى تعدد الطرائق والاقتراحات لإدارة النزاعات السورية الداخلية، بحيث أصبح الجميع يدركون خطورة استخدام القوة كحل داخل الدولة، وأن المبادئ الفيدرالية قادرة على تحقيق وضمان السلام، وتحقيق العدل بين الأقاليم السورية.

وعرف المقطع المصور الفيدرالية على أنها استبدال القانون بالقوة، والحل النهائي للنزاعات الداخلية، وبناء الديمقراطية، كما أنها تمنح الصلاحيات للأقاليم المُفدرلة، وتسمح لها بالتحكم في مواردها، واستقلال بعض جوانبها. بالتالي فإن الفيدرالية لوسط وغرب سوريا تعني تطبيقاً وتوزيعاً للصلاحيات، ورفضاً لمبدأ التبعية، وعملاً على معيارين هما: الكفاءة والفاعلية على مختلف المستويات، وأن الصلاحيات الفيدرالية تضمن حقوق المواطن وواجباته. كما تم التشديد على أن الفيدرالية في وسط وغرب سوريا تتيح معالجة مشكلات مختلفة، وهي حل نهائي للنزاعات بمعناه الواسع، والتي عجزت الدولة المركزية دائماً عن إيجاد حل لها، وعليه "نرى ضرورة إقامة نظام فيدرالي، وفق محددات قانونية، مؤلف من اللاذقية وطرطوس وحمص وأجزاء من أرياف حماة، بما فيها سهل الغاب، على أساس جغرافي ومدني علماني وقانوني عادل، مع الأخذ بالاعتبار الاستفادة من تجارب مماثلة لما حدث في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، ولمناطق الأقليات المتفرقة في دمشق وسواها".

 

فيدرالية جماعية

على رغم الانطلاق من المكون العلوي كبداية فرضها الشقاق الذي قادته "سلطة الأمر الواقع"، بحسب تعبير البيان التأسيسي، لكن ستتم المشاركة في الخطوة التالية مع باقي المكونات، ثم يمكن الاتفاق مع باقي مكونات سوريا على الشكل النهائي لشكل وإدارة نظام الحكم في كامل سوريا.

بحسب الأستاذ في علم التاريخ مجيب رائد فإن "هذا النمط يعني التوسع الفيدرالي لئلا يكون محصوراً بالطائفة العلوية وحدها في الجانب الإداري والسياسي، على اعتبار أن المناطق المطالب بضمها للإقليم تتضمن مكونات ثانية من السنة والإسماعيليين والمسيحيين والمراشدة وقوميات أيضاً، فحمص المدينة باستثناء ريفها قد يطغى حضور السنة فيها، مع وجود سني ومسيحي في الساحل السوري أساساً، وقومية تركمانية في جبال اللاذقية، ومراشدة في سهل الغاب، وما إلى هناك".

"المنظومة الإرهابية"

من الناحية السياسية رفع المجلس سقف خطابه عالياً واصفاً سلطة دمشق بـ"المنظومة الإرهابية" التي تمكنت من الاستيلاء على الحكم في لحظة سياسية معينة مرتبطة بوجه جديد للمنطقة، وبدعم كامل من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "العدو التاريخي" لشعوب هذه المنطقة. ورأى المؤسسون ضرورة وحتمية تأكيد قرار مجلس الأمن رقم 2254 ومراحله الزمنية، 18 شهراً، لتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، وكتابة دستور مدني ديمقراطي، وقانون انتخابي، وإجراء انتخابات عامة، وتأكيد بنوده، لا سيما البند الثامن، واقتراح تعديلات على كامل القرار إن اقتضت الحاجة، وضرورة عقد مؤتمر وطني جديد بإشراف الأمم المتحدة.

ورأى الحقوقي فؤاد سلام أن "شكل وصياغة البيان استندا، بصورة جوهرية، ضمن إطار ما يتعلق، في الأقل بمطالبه السياسية، على حديث مجلس الأمن أخيراً للمرة الأولى بعد سقوط النظام عن وجوب تطبيق القرار 2254 الذي يقتضي انتقالاً سلمياً للسلطة"، وأضاف "المطالب السياسية جاءت جافة وقاسية انطلاقاً من جملة عوامل: هل المجلس يمارس نفوذاً سياسياً حقيقياً على الأرض في الإقليم المفترض؟ هل هو مدعوم بقوة تمكنه من مواجهة نفوذ أنقرة؟ وهل يحظى بدعم إقليمي؟". وتابع "ذكروا رفضهم حكومة اللون الواحد، وهذا مطلب واضح، وطالبوا بخروج جميع الأجانب، لكن هل يمتلكون أدوات التنفيذ؟ هي مطالب مشروعة ومحقة، لكن سلطة سوريا، فعلياً وبمباركة غربية، بدأت عملياً بتجنيس الأجانب، وهي تتحكم بالبلاد، أو ما تسيطر عليه من البلاد كما تشاء، والأهم بالنسبة إليها قاعدة قوتها في حلب ودمشق وحمص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البحث عن مجلس عسكري رديف

دبلوماسي سوري سابق مطلع لفت، في ما خص تركيز المجلس الجديد على إقامة إقليم علماني متجاوز للطوائف والقوميات والكفاءات، إلى أن الأمر ممتاز، "ولكن ما مدى إمكان تحقيقه من دون الاصطدام بمئات العقبات المفترضة"، وتابع "مع ذلك فإن مطالب المجلس لا يمكن أن يختلف عليها عاقلان، وهي أبلت أفضل بلاء في التعبير عن مشاعر أهل الساحل وتطلعاتهم، لكنهم ما زالوا يفتقرون إلى السند القانوني، والدعم الإقليمي، والخروج من دائرة الحسابات والتوازنات العالمية، كما أنهم يطالبون بما يحتاج إلى تنسيق على مستويات كبرى، يكون، أقل ما فيها، وجود مجلس عسكري يمثل رديفاً للمجلس السياسي في تحقيق تصوراته المتفق عليها بنسبة كبرى".

سقف مرتفع للغاية

وعن موضوع العدالة الانتقالية طالب المجلس بتشكيل محاكم دولية متخصصة مشهود لقضاتها بالنزاهة والكفاءة، "نطالب مجلس الأمن بتنبيه أعضائه إلى وجوب القبض على أبو محمد الجولاني (الرئيس أحمد الشرع)، وأنس خطاب، وسائر رجالاتهما المنتمين لجبهة النصرة وفق أعمال لجنة القرار 1267 الأممية المشكلة تحت الفصل السابع، مع التذكير بالبند الثامن من القرار 2254 الذي يمنع التنظيمات الإرهابية من المشاركة بالحكم في سوريا"، وهو ما رآه سياسيون وحقوقيون أمراً غير قابل للتحقيق.

حرية الفكر والضمير والدين

من الناحية المدنية تطرق البيان لضرورة ضمان حرية الفكر والضمير والدين، والحق في الأمن الشخصي والسلامة الجسدية والحياة والصحة، وفي الملكية الخاصة، وفي الزواج وتكوين أسرة والإنجاب، وفي الخصوصية، والتعليم، واللجوء، والحرية من العبودية والعمل القسري، والحماية من التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو أي صفة أخرى، والحق في محاكمة عادلة وإجراءات قانونية سليمة، وفي التصويت والترشح للمناصب العامة، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية التجمع السلمي، وحق المساواة أمام القانون، وحرية التنقل، وعملياً فإن معظم هذه الحقوق مفتقدة في سوريا اليوم.

"من ديكتاتورية لأخرى"

وبحسب الحائز على إجازة الماجستير في الهندسة عمار عجيب، وهو أحد مؤسسي "المجلس السياسي"، فقال "هناك كثير من البلدان التي لديها هذا التنوع العرقي والديني والثقافي، وكلها تعيش بسلام بسبب الديمقراطية، وتعطي الأقليات الهوامش المناسبة لممارسة دياناتها وثقافاتها، نحن في سوريا قبل حرب عام 2011 لم تكن لدينا ديمقراطية أيضاً، كان هناك نظام ديكتاتوري صارم، الآن القاعدة تسيطر على سوريا، وصارت الأقليات تعيش في رعب، ومخاوف، وأخطار الإبادة الجماعية". وتابع "مجلسنا جاء لإصلاح النظام، وهذا السبب الحقيقي لقيامنا بتحركنا هذا، ومطالبتنا باعتقال الشرع ووزير داخليته (أسعد الشيباني) هو تماشٍ مع القانون الدولي الذي يصنفهما كإرهابيين، وكذلك دول العالم".

وحول اختيار وسط سوريا مع الساحل السوري، فالأمر يعود، بحسب عجيب، إلى تفرد هذه المناطق بمذاهبها وقومياتها المتنوعة، وهذه الجماعات متشابهة في الثقافة، "والفيدرالية هي بمثابة حماية هؤلاء الناس، ونأمل الحصول على دعم من دول العالم الحر، وتلك البلدان ستستجيب بصورة عادلة لمطالبنا"، مؤكداً أن لديهم "تواصلاً فعلياً مع بعض الدول، وفي النهاية كان في الأقليات أن تتحرك لأن ما يحصل بات لا يحتمل".

رسائل مشفرة

يمثل العلويين في سوريا "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر" برئاسة العلامة الشيخ غزال غزال، الذي يتخذ من مدينة اللاذقية الساحلية مقراً له، ويحظى مجلسه بإجماع معظم أبناء الطائفة.

وكان لافتاً صدور بيان للمرجعية العليا جاء فيه، "إن المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، يؤكد أنه كان وسيبقى إطاراً وطنياً جامعاً، منفتحاً على كل جهد صادق، ومرتكزاً على ثوابته في خدمة المجتمع والوطن، ولأجل رفع أي التباس، نوضح أن الجهة المخولة بالتمثيل السياسي والتواصل الرسمي باسم المجلس هي مكتب التنسيق والعلاقات العامة، باعتباره صوت المجلس وواجهته الشرعية والسياسية أمام الجميع"، وأضاف البيان "نرى في كل اختلاف فرصة لتأكيد وعينا الجماعي، فالأصل واحد والمرجعية واضحة، والهدف واحد، فالقوة الحقيقية تأتي من وحدة الصف، وصلابة الموقف، وإرادة الناس وخيارهم الحر".

وقرأ شيوخ علويون وسياسيون، في البيان، عدم علم "المجلس الأعلى" بتشكيل "المجلس السياسي"، وفي الوقت ذاته، سعي إلى عدم التشويش عليه، لذا جاء بيان المرجعية العليا مهادناً وهادئاً، ومعتبراً أن أي تحرك إن كان يهدف لمصلحة الطائفة فهو مرحب به، ولكن هل هذه هي الحقيقة فعلاً؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير