Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سام ألتمان... ضيف "بيلدربيرغ" والدور المجهول المقبل

كيف أضحى ابن شيكاغو أحد أهم رجالات الأوليغارشية التقنية الأميركية؟

أطلق سام ألتمان، رجل شركة Open AI الشهيرة تصريحات تبدو مزعجة لكل من يعمل في مجال التقنيات التكنولوجية (رويترز)

ملخص

أطلق سام ألتمان، رجل شركة Open AI الشهيرة تصريحات تبدو مزعجة لكل من يعمل في مجال التقنيات التكنولوجية، لا سيما حين توقع حدوث فقاعة في عالم الذكاء الاصطناعي.

تبدو هذه التصريحات محيّرة ومدعاة للتساؤل، إذ كيف لرجل مثل ألتمان، أن يطلق هذا التحذير، وهو من خلال كتاب "المتفائل: سام ألتمان، أوبن أي آي، وسباق اختراع المستقبل"، للصحافية كيش هاغي، يبدو وكأنه أحد مبتكري ديانة جديدة، محورها الذكاء الاصطناعي.

ربما لم تنشغل الولايات المتحدة الأميركية في الأيام الأخيرة بتصريحات، بقدر ما اهتمت بمتابعة ما صدر عن هذا الشاب العبقري، والذي بدأ للتو العقد الرابع من عمره، ومع ذلك بات يشار إليه بالبنان.

أطلق سام ألتمان، رجل شركة Open AI الشهيرة تصريحات تبدو مزعجة لكل من يعمل في مجال التقنيات التكنولوجية، لا سيما حين توقع حدوث فقاعة في عالم الذكاء الاصطناعي.

تبدو هذه التصريحات محيّرة ومدعاة للتساؤل، إذ كيف لرجل مثل ألتمان، أن يطلق هذا التحذير، وهو من خلال كتاب "المتفائل: سام ألتمان، أوبن أي آي، وسباق اختراع المستقبل"، للصحافية كيش هاغي، يبدو وكأنه أحد مبتكري ديانة جديدة، محورها الذكاء الاصطناعي.

عطفاً على ذلك، شقت تقارير إخبارية أميركية، تفيد بأن ألتمان عينه، يسعى لتفعيل رقائق الأدمغة، كنوع من العلاج الجيني، الأمر الذي يذكّر قولاً وفعلاً، بشرائح إيلون ماسك عينها، والتفكير المستقبلي لإنسان "السايبورغ".

من هو الشاب ألتمان القادم بقوة الذي يتنبأ له كثيرون من المراقبين للمشهد الأميركي بأنه، عما قريب، سيضحى أحد أهم رموز الأوليغارشية التقنية في الداخل الأميركي؟

 

ألتمان ابن الغرب الأوسط الأميركي

في الوسط الغربي من الولايات المتحدة، وبالتحديد في شيكاغو، ولد صموئيل هاريس جيبستين ألتمان، في 22 أبريل (نيسان) 1985، لعائلة تعد في أعلى سلّم الطبقة المتوسطة، لأم تعمل طبيبة أمراض جلدية، وأب وسيط عقارات، وهو الأكبر بين أربعة أشقاء.

مبكراً جداً تبدت إمكانياته الذهنية التي لفتت انتباه والديه، فابتاعا له جهاز كمبيوتر من نوعية "أبل ماكنتوش"، وهو في سنّ الثامنة من عمره، حيث بدأ في تعلم كيفية برمجة وتفكيك أجهزة الكمبيوتر.

سريعاً جداً سوف تتطور مهارات سام الصغير، لا سيما من خلال تفوقه في مدرسته الخاصة المتميزة "جون بورزو"، وهي مدرسة خاصة في لادو، ميزوري، وبالوصول إلى عام 2005، سوف يقدّر له أن يلتحق بواحدة من أهم الجامعات الأميركية، لا سيما على صعيد الدراسات التقنية، جامعة "ستانفورد" بولاية كاليفورنيا، وذلك لدراسة علوم الكمبيوتر، غير أنه وبعد عامين فقط، سوف يترك مقاعد الدراسة قبل الحصول على درجة البكالوريوس.

في ذلك الوقت كان سام يبلغ من العمر 19 سنة، حيث شارك في تأسيس Loopt وهو تطبيق جوال للتواصل الاجتماعي يعتمد على الموقع. وبصفته الرئيس التنفيذي للمشروع، جمع أكثر من 30 مليون دولار من رأس المال الاستثماري للشركة.

 

حين أسس شركته الأولى، كما تشير هاغي في كتابها عنه، بدا وكأنه لا يجيد فقط بناء الشركات، بل بناء الروايات أيضاً. في شركة "يو كومبيناتور"، ثم "أوبن أي آي"، وقد كرّس هذا الحسّ القصصي في جمع التمويل وبناء التحالفات، ولهذا تصفه هاغي بأنه "موهبة نادرة في جمع الأموال، وهو أمر يتعلق في جوهره بسرد القصص".

اعتباراً من يونيو (حزيران) 2024، باتت محفظة ألتمان الاستثمارية تضم حصصاً في أكثر من 400 شركة، تقدر قيمتها بنحو 2.8 مليار دولار، تتقاطع بعض هذه الاستثمارات معOpen AI ، ما آثار تساؤلات حول تضارب المصالح المحتمل، على أن أحد أهم الأسئلة  في حياة ألتمان الشخصية "هل هناك من يعد هذا الشاب لدور مؤكد مجهول اليوم، معلوم بكل تأكيد في الغد؟

هناك وسط ركام المعلومات، وزحام البيانات الخاصة بألتمان، معلومة تبدو عابرة، لكن التوقف أمامها، يوضح لنا أن صعود رجالات التقنية الأميركية، لا يجري عشوائياً.

في عام 2016، أي حين كان عمره 31 سنة، تم دعوته لحضور اجتماع "بيلدربيرغ"، وغني عن القول إنها المجموعة التي يقطع كثيرون بأنها تدير شؤون العالم، وربما تتسبب في شجونه، وإنها من يقوم باختيار قادة الغد في الداخل الأميركي، وهم عينهم الذين قاموا بترفيع بيل كلينتون من حاكم أركنساس إلى رئيس أميركا لولايتين.

ألتمان ونبوءة فقاعة الذكاء الاصطناعي

في منتصف أغسطس (آب)، بدا ألتمان صادماً في تصريحاته، المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، بل ومعترفاً بما لن يعترف به بقية قطاع الذكاء الاصطناعي، وهو أن الأمر برمته قد يكون فقاعة كبيرة وسمينة، جاهزة للانفجار.

يتخذ الأميركيون، ومنهم كيفن ديتش، من موقع "مستقبليات الأميركي"، تعبير "الكتابة على الحيط واضحة"، في تأكيد مستقبل الذكاء الاصطناعي، وكيف أنه هو من سيقود الخليقة في مقبل الأيام، إلا أن ألتمان ثابت في قناعته، الأمر الذي يفتح الباب للشكوك والتساؤلات من عينة: هل الأمر من قبيل ما يعرف بالـSelf prophecy  أو التنبؤات التي تسعى لتحقيق ذاتها بذاتها؟ وهل هناك جهة أو جهات ما ستقف وراء انفجار تلك الفقاعة في المدى المنظور؟

 

نهار الخميس، 14 أغسطس، قال ألتمان لمجموعة صغيرة من الصحافيين، نقلاً عن موقع "ذا فيرج" "عندما تحدث فقاعات، يُفرط الأذكياء في حماستهم لجزء من الحقيقة"، وأضاف "هل نحن في مرحلة يفرط فيها المستثمرون عموماً في حماستهم للذكاء الاصطناعي؟ برأيي نعم.

تصريحات ألتمان، في واقع الأمر أحدثت ارتباكاً هائلاً في الأسواق الأميركية، بل العالمية، لا سيما أنه جاء من الرجل الذي تتطلع شركته إلى تقييم فلكي بقيمة 500 مليار دولار، فقد تلقت Open AI استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات من "مايكروسوفت" و"سويفت بنك" و"إنفيديا"، وبصفتها رائدة في هذا المجال، بفضل روبوت الدردشة الشهيرChatGPT ، فإنها تواجه ضغطاً هائلاً لإثبات نموذج أعمال مربح.

هنا تبدو علامة الاستفهام "هل يتحدث ألتمان خارج دوره؟ أم أنه يحاول استباق ما يبدو وكأنه انحدار لا مفرّ منه في هذه الصناعة؟

يبدو أن ألتمان يشاغب وقائع التاريخ، وبخاصة بعد أن استشهد بمثال حديث وهو "فقاعة الدوت كوم" التي جرت بها المقادير في التسعينيات من القرن المنصرم.

في هذا السياق يذهب عدد من المحللين إلى أن ألتمان قد يكون على حق، ذلك أنه إذا نظرنا إلى معظم الفقاعات الاقتصادية عبر التاريخ، مثل فقاعة التكنولوجيا، نجد أن هناك شيئاً حقيقياً، كما أوضح ألتمان، وفقاً لموقع "ذا فيرج"، "فقد كانت التكنولوجيا بالغة الأهمية، وكان الإنترنت حدثاً بالغ الأهمية، وقد غمرت الناس حماسة مفرطة".

هنا تبدو المقاربة واجبة، لا سيما أن هناك تشابهاً كبيراً بين فقاعة "الدوت كوم"، والذكاء الاصطناعي، فالحماسة المحيطة بالذكاء الاصطناعي خلال تلك الفترة، دفعت الشركات إلى بناء البنية التحتية للاتصالات والاستثمار فيها بشكل هائل، بينما ضخ المستثمرون أموالاً طائلة في شركات الإنترنت، لكن هذه الفقاعة انفجرت عندما اتضح أن هذه الشركات عاجزة عن تحقيق الأرباح.

اليوم يمكن استبدال البنية التحتية للاتصالات بـ "مراكز البيانات"، وشركات الإنترنت بـ "شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة"، وتجادل حول الشيء نفسه إلى حدّ كبير.

هنا تشير بعض تعليقات ألتمان الأخرى إلى أن سبب ارتياحه للاعتراف بوجود فقاعة تلوح في الأفق هو اعتقاده بأن Open AI ستنجو منها، إن لم تخرج منها أقوى، مثلما جرى مع "أمازون"، على سبيل المثال، نجت من انهيار شركات الإنترنت، وأصبحت من أكبر الشركات في العالم.

هل حديث ألتمان عن تلك الفقاعة له علاقة برؤيته المقبلة لعالم الـ ChatGPT، وبخاصة في ظل تفاخره بأنه "قريباً جداً سيتحدث مليارات الأشخاص يومياً من خلال هذا التطبيق الذي يستخدمه نحو 700 مليون نسمة أسبوعياً، أي أكثر من أربعة أضعاف عددهم قبل عام؟".

ChatGPT وعالم المحادثات المقبل

لعله من بين أهم البرامج والتطبيقات المعاصرة، والتي أحدثت بالفعل ثورة في عالم الاتصالات خلال الأعوام القليلة الماضية، يأتي برنامج "تشات جي بي تي"، البحثي المعلوماتي، والذي تنتظره في واقع الحال آفاق واسعة لا سيما مع تحوله من مجرد أداة للبحث، إلى واحدة من أهم وسائل التواصل بين البشر، لا سيما أنه إذا كان اليوم يجري مكتوباً، ففي الغد، حكماً، سيتحول إلى صوت مسموع في أرجاء الكرة الأرضية برمتها، ليحدث فارقاً شاسعاً وواسعاً في عالم الاتصالات.

أخيراً، قال ألتمان خلال عشاء مع الصحافيين في سان فرانسيسكو "إذا توقعنا نمونا المستقبلي، فسيتحدث مليارات الأشخاص يومياً عبر تشات جي بي تي قريباً"، وأضاف "سيجري تشات جي بي تي محادثات أكثر، ربما، من كل الكلمات البشرية مجتمعة، في مرحلة. أعتقد أنه من غير المنطقي توقع أن تكون شخصية أو أسلوب نموذج واحد كافياً لكل ذلك".

 

جاءت هذه التصريحات عقب الإطلاق الفوضوي لنموذج "تشات جي بي تي 5" الرائد الجديد الذي طال انتظاره، والذي رأى بعض المستخدمين أنه أقل ودية ودعماً، وكجزء من الإطلاق، أوقفت Open AI  إتاحة الوصول إلى النموذج السابق "تشات جي بي تي 4" للمستخدمين، وسرعان ما تراجعت عن موقفها بعد تمرد بعض المستخدمين.

أطلق "تشات جي بي تي" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 من دون ضجة كبيرة، لكنه سرعان ما أصبح أسرع المنتجات التقنية نمواً في التاريخ. وقد أشعلت قدرة روبوت الدردشة المذهلة على محاكاة التواصل البشري وحل المشكلات الأمل في بناء آلات بذكاء البشر.

لكن ألتمان قال إن الشركة أخطأت في الإصدار الأخير بتجاهلها تأثير تغيير نبرة النموذج على المستهلكين، وأشار إلى أن "تشات جي بي تي" سيضيف المزيد من الخصائص قريباً.

عطفاً على ذلك، أكد أنه سيتعيّن أن يكون هناك نوع مختلف من العروض المنتجة لاستيعاب التنوع الواسع للغاية في حالات الاستخدام والأشخاص. والشاهد أن الأرقام تؤكد سرعة التوسع التي تجري بها مقادير برنامج "تشات جي بي تي"، إذ يصل عدد مستخدميه الآن إلى أكثر من 700 مليون شخص أسبوعياً، أي أربعة أضعاف الرقم المسجل قبل عام. ويتوقع ألتمان أن تتجاوز الخدمة قريباً "إنستغرام" و"فيسبوك" من حيث عدد الزيارات، ما يضعها بين أكبر ثلاثة مواقع في العالم، إلا أن منافسة "غوغل" ستكون أصعب كثيراً.

ومن بين تصريحات ألتمان قوله إنه يريد أن يكون "تشات جي بي تي" قابلاً للتكيف مع تفضيلات المستخدم، من دون أن يميل إلى أي موقف سياسي أو ثقافي ثابت. وفي الوقت نفسه تحدّث عن أخطار تعلق الناس به تعلقاً غير صحي، وعن ضرورة منع إساءة استخدامه. على أن النقطة الأكثر أهمية في تصريحات ألتمان الأخيرة، حديثه عن دعم Open AI لمشروع جديد يتعلق بالدماغ البشري والحاسوب، ما يضع مشروعاته في منافسة حكماً مع شركات مثل "نيورالينك" المملوكة لإيلون ماسك، وذلك في سياق ربط الذكاء الاصطناعي بالفكر البشري.

رقاقة ألتمان واستخدام العلاج الجيني

في مايو (أيار) الماضي، اندمجت Open AI مع شركة "جوني إيف" الناشئة مبرمة صفقة يقال إنها بلغت 6.5 مليار دولار.

يعمل الكيان الجديد حالياً على مجموعة من منتجات الذكاء الاصطناعي للجميع. في مايو عينه قدّم ألتمان بعض التلميحات حول ما يمكن توقعه من منتجهما الأول، قائلاً إنه سيكون بسيطاً، محمولاً، ومدركاً تماماً محيطه وتصرفات المستخدم.

لمن لا يعرف، كان إيف شريكاً موثوقاً به ومؤتمناً على أسرار ستيف جوبز خلال فترة الازدهار الإبداعي التي أنتجت بعضاً من أكثر المنتجات التقنية تأثيراً على الإطلاق.

 

بالوصول إلى أغسطس 2025، كانت صحيفة "فاينانشيال تايمز" تفيد بأن ألتمان يستعد للمشاركة في تأسيس شركة جديدة بتمويل من Open AI  ستنافس "نيورالينك"، التابعة لماسك، وستستخدم  الشركة الناشئة، وتدعى Merg Labs، الذكاء الاصطناعي في واجهة الدماغ  والحاسوب، وستتنافس مباشرة من "نيورالينك"، إلى جانب شركات أخرى ناشئة في هذا المجال .

هل لدى ألتمان رؤية بعينها تستدعي حالة من الخوف والقلق على مستقبل عملية التفكير البشري كما عهدتها الخليقة منذ بدايات عهدها وحتى الساعة؟

الثابت أن اسم "ميرج لابز" مشتق من مصطلح استخدمه ألتمان، عام 2017، بعنوان "الاندماج"، وهو مصطلح يصف لحظة التقاء العقول البشرية وأجهزة الكمبيوتر.

كيف سيمضي هذا المشروع الكبير والخطير؟

بحسب ما هو متوافر من معلومات، ستجمع الشركة تمويلاً، معظمه من فريق المشاريع فيOpen AI ، ما سيرفع قيمتها إلى 850 مليون دولار. وسيشارك ألتمان في تأسيس "ميرج لابز"، وهي شركة متخصصة في مسح مقلة العين، ومدعومة أيضاً منOpen AI ، ولكنه لن يستثمر أي رأس مال بنفسه، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين  على المشروع .

والمعروف أن ألتمان اهتم بموضوع واجهات الدماغ والآلات لسنوات خلت، فقد أشار في مقاله المنشور عام 2017 إلى أن هذا الاندماج قد يتحقق بحلول عام 2025، وهو ما لم يحدث بعد. وأخيراً، كتب في منشور آخر على مدونته أنه من الممكن قريباً تطوير "واجهة دماغ وحاسوب عالية النطاق الترددي"، بفضل التطورات التكنولوجية الحديثة. وتهدف شركات واجهات الدماغ والحاسوب إلى تطوير أجهزة تربط الحواسيب بالأدمغة، وتعزز إدراك الناس.

تُمكّن الغرسات حالياً مرضى الشلل من التحكم في الأجهزة الإلكترونية، وتساعد غير القادرين على الكلام على التواصل، كما يتفاءل مليارديرات ومستثمرو التكنولوجيا بإمكانية علاج حالات الصحة النفسية من خلال الأجهزة غير الجراحية التي تُزرع خارج الرأس.

والمعروف أن ألتمان كان قد استثمر بالفعل من قبل في شركة "نيورالينك"، المملوكة لإيلون ماسك، والتي بدأت أولى تجاربها البشرية في يناير (كانون الثاني) 2024 مع المريض نولاند أريو، المصاب بالشلل الرباعي، ثم زرعت تقنيتها في مريض آخر مجهول الهوية. وأفاد بعض التقارير الإخبارية بأنه يسمى "أليكس"، وقد تمكّن من لعب ألعاب منظور الشخص الأول FPS وإنشاء تصاميم ثلاثية الأبعاد، مع معاناته من مشكلات وآثار جانبية أقل من أريو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل تعني قصة شرائح الأدمغة أن ألتمان وماسك باتا عدوان لدودان وأنهما في صراع مستدام؟

ألتمان وماسك... منافسة وسباق مستقبليان

انفجرت الخلافات طويلة الأمد بين إيلون ماسك وسام ألتمان في العلن، في الأسبوع الثاني من شهر أغسطس، وذلك عندما دخل المليارديران في مجال الذكاء الاصطناعي في قتال على شركاتهما المتنافسة. وبدأت الجولة الأخيرة في المعركة بين الرئيس التنفيذي لشركة "إكس" والرئيس التنفيذي لشركة Open AI عندما ادعى ماسك أن شركة   Appleكانت تفضل تطبيق الذكاء الاصطناعي الخاص بألتمان على تطبيقه الخاص في تصنيفات متجر.

ولكن في حين كانت الاتهامات الساخنة المتبادلة على وسائل التواصل الاجتماعي تشهد توتراً غير مسبوق بين الجانبين، يبدو، من المرجح، أن طعناتهما لم تكن مدفوعة بمن هو في صدارة قائمة "تطبيقات يجب اقتناؤها"، بقدر ما كانت مدفوعة بأمر وشيك في دعوى قضائية هبطت في منتصف نزاعهما العلني.

عمق القضية التنافسية، هو من يسيطر على سوق الذكاء الاصطناعي، والذي ستؤول إليه مقادير توجيه البشرية في مقبل الأيام.

ومن الواضح أن ماسك قد خدع في توجهات ألتمان، أو هذا هو ما يدعيه، إذ لا يزال يصرّ على أن ألتمان تظاهر بأن Open AI ستبقى مؤسسة غير ربحية تخدم الصالح العام، وذلك بهدف الاستيلاء على أموال منافسه ماسك وعلاقاته المهنية في سنواتهما الخمس الأولى، وتحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي. من هنا يزعم ماسك أن ألتمان كان ينوي دائماً "خيانة" هذه الوعود سعياً وراء مكاسب شخصية، ويأمل ماسك في أن تنصفه المحاكم الأميركية في هذا الشأن.

لم تعد المنافسة بين الرجلين محصورة في المختبرات أو ساحات الاستثمار، بل امتدت إلى ملفات حساسة تشمل البنية التحتية الرقمية، أسواق المال، وعلى ما يبدو أيضاً في أروقة المحاكم. ومع كل خطوة جديدة، يزداد المشهد تعقيداً، حيث تتقاطع المصالح التكنولوجية مع الحسابات الاستراتيجية والتجارية.

يعكس هذا السباق المحتدم معركة أوسع لرسم ملامح المستقبل، حيث يتداخل الذكاء الاصطناعي مع الإنسان، وتتشابك المصالح التكنولوجية مع الحسابات الاستراتيجية والتجارية. على أن هناك من المراقبين في الداخل الأميركي من يقطع بأن المنافسة بين ألتمان وماسك، وعلى رغم أنها أصبحت تتجاوز الإطار القضائي العام، إلا أن لها وجهاً إيجابياً يتعلق بالبنية التحتية للتكنولوجيا، حيث يزداد التركيز عليها، مثل مشروع "ستارغيت"، الذي يخطط القائمون عليه لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية الخاصة به بالوصول إلى عام 2029. وعلى رغم تأخر إطلاق المشروع، فإن الاهتمام المتزايد به يسلط الضوء على أهمية هذا القطاع في المرحلة المقبلة.

أما من ناحية التحديات السلبية، فتبرز الأزمات القانونية وتأثيرها في السمعة والاستقرار المتصلان بشركات ماسك وألتمان معاً، لا سيما أن تلك النزاعات تخلق حالة من الاستنزاف القانوني وتؤثر في ثقة المستثمرين. كذلك فإن تشتت انتباه المستثمرين نتيجة النزاعات المتكررة على المنصات، والاتهامات المتبادلة، خصوصاً في ما يتعلق بالتلاعب بالخوارزميات أو ممارسات تجارية غير نزيهة، قد يثير توتراً ويدفع بعض المستثمرين للابتعاد عن هذه المنصات والتقنيات.

هل من علامة استفهام قائمة بذاتها لا يمكن أن نغفلها في سياق الحديث عن شغب ألتمان في الداخل الأميركي اليوم؟

عن ألتمان الشريد بلا مأوى سياسي

على هامش احتفالات الولايات المتحدة الأميركية بذكرى الاستقلال في الرابع من يوليو (تموز) الماضي، اجتذب ألتمان ملايين المشاهدات من خلال منشور واسع النطاق أثار جدلاً كبيراً، حيث أعلن نفسه "شريداً بلا مأوى سياسي"، ومشيراً إلى خيبة أمله في الحزب الديمقراطي، معرباً عن دعمه القوي لما سماه "الرأسمالية التكنولوجية".

منشور ألتمان جاء على شبكة "إكس" التي يمتلكها منافسه ماسك، وافتتحها بتحية للشعب الأميركي ومضيفاً "أنا لست من محبي الهويات، لكنني فخور بكوني أميركياً"، وكتب: "هذا صحيح كل يوم، ولكن اليوم تحديداً، أؤمن إيماناً ثابتاً بأن هذه هي أعظم دولة على وجه الأرض". لكن سرعان ما تحولت الرسالة إلى بيان له طابع سياسي، حيث انتقد دور الحكومة في الحياة الاقتصادية، ودعا إلى نظام يدعم الابتكار وتوزيع الثروة على نطاق واسع.

وكتب "يجب أن نشجع الناس على جني أموال طائلة، ثم نجد سبيلاً لتوزيع الثروة على نطاق واسع، ومشاركة سحر الرأسمالية المركب. لا يمكن رفع الحد الأدنى من دون رفع السقف لفترة طويلة".

هل يعني ذلك البيان أن ألتمان قام بما يشبه الانقلاب السياسي على الحزب الذي انتمى إليه طويلاً؟

مؤكد أن الأمر على هذا النحو بالفعل، فقد سطّر يقول "بدا الحزب الديمقراطي متوافقاً معي بشكل معقول عندما كنت في الـ 20 من عمري (عمره الآن 40 أي من عقدين)، لكنه فقد جاذبيته في نظري عندما بلغت الـ 30، وانتقلت تماماً إلى مكان آخر في هذه المرحلة. لذا، أنا الآن بلا مأوى سياسياً".

المثير أن تصريحات ألتمان، جاءت بعد أيام من تصريحات المرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك زهران ممداني، في برنامج "قابل الصحافة" على قناة "أن بي سي"، بأن المليارديرات لا ينبغي أن يوجدوا، وهو الشعور الذي بدا أن ألتمان يقاومه.

كان رد ألتمان "أفضل أن أسمع من المرشحين كيف سيجعلون الجميع يحصلون على ما يحصل عليه المليارديرات بدلاً من كيف سيقضون على المليارديرات".

هل لقي منشور ألتمان رد فعل جيداً من المتابعين في الداخل الأميركي؟

من المثير أن منشور ألتمان هذا لقي مشاهدة من قرابة ثلاثة ملايين أميركي وتم تداوله على نطاق واسع عبر الإنترنت. ولعله من متناقضات القدر أن القطبين التكنولوجيين الكبيرين، أي ماسك وألتمان، بدا أن هناك رابطاً يجمعهما متمثلاً في الرفض المتبادل لواقع الحال السياسي الداخلي، لا سيما بعد أن أعاد ماسك في يوم الاستقلال عينه دعوته لإحياء حزب سياسي جديد يسمى "حزب أميركا"، فقد كتب على منصة "إكس" يقول "يوم الاستقلال هو الوقت المثالي للتساؤل عما إذا كنت تريد الاستقلال عن نظام الحزبين (ويقول البعض إنه نظام الحزب الواحد)".

ما الذي يتبقى في هذه البانوراما من حول سيرة ومسيرة سام ألتمان؟

كم يبلغ صافي ثروة ألتمان في 2024؟

في حديثه المتقدم عن الرأسماليين التكنولوجيين، إشارة مبطنة من ألتمان لجماعة "الأوليغارشية التقنية"، تلك التي حذّر منها الرئيس الأميركي الأسبق جو بايدن، في خطابه الوداعي، أولئك الذين يملكون المال الوفير والغزير، ويسخّرونه لخدمة مشاربهم السياسية.

ألتمان قد لا تكون ثروته في مثل ضخامة أو فخامة ثروات زوكربيرغ، أو ماسك، ولا حتى جيف بيزوس، لكنه بحال من الأحوال من المليارديرات الواعدين في مسارات التكنولوجيا الأميركية.

شهدت ثروة ألتمان تصاعداً واضحاً في نهاية العام الماضي، حيث بلغ صافي ثروته ما يقدر بملياري دولار، وهو رقم لا يشمل صافي حصته في Open AI.

لم تكن هذه الثروة من تلك الشركة فحسب، إذ يُعزى هذا الإنجاز إلى العديد من التطورات والاستثمارات الرئيسة التي عززت محفظته المالية، لا سيما استثماراته في الشركات الناشئة والصناديق الاستثمارية. على سبيل المثال تذكر مجلة "فورتشن" في عدد أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن ألتمان يمتلك 12.2 مليون سهم من منصة "ريديت"، مع وصول سهم الشركة الآن إلى 114 دولاراً، ما يجعل حصته في "ريديت" تبلغ قيمتها نحو 1.4 مليار دولار.

وفي كل الأحوال يمكن القول إن قدرة ألتمان على الموازنة بين القيادة في الابتكار التكنولوجي، ونهج الاستثمار الاستراتيجي، قد عززت مكانة ألتمان كملياردير وشخصية تحويلية في مجال التكنولوجيا، وجعلتها ذات سجل حافل، مع الأخذ في الاعتبار عينه أن الرجل في الـ 40 من عمره ما يعني أن الحياة أمامه ممتدة، ومخططاته للمستقبل واسعة.

أخيراً ذكرت شبكة "بلومبيرغ" أن هناك مخططات مالية للتوسع في Open AI  في الجانب غير الربحي، وجمع تبرعات تكاد تصل إلى 150 مليار دولار، ستكون حصة ألتمان منها سبعة في المئة، ما يعني أن ثروته مرشحة للزيادة بأكثر من 10 مليارات دولار، ما يفتح الطريق لشخص جديد في الطغمة التقنية التي تحكم أميركا في الحال والاستقبال .

المزيد من تقارير