ملخص
يطلق "تعفن الدماغ" على الأشخاص الذين يقضون ساعات في تصفح مقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي من دون وعي، مما قد يؤدي إلى تدهور في الحال العقلية للشخص، ويشير المصطلح إلى المخاوف في شأن تأثير استهلاك كميات كبيرة من المحتوى الإلكتروني الرديء الجودة، وإلى أحد الأخطار المتصورة للحياة الافتراضية، وكيفية استغلالنا أوقات فراغنا. والأكيد أن الوصف ليس مادياً بل نفسي أو بصورة أدق فكري، فهو نتيجة لحال مضطربة تتعلق بالخوف من أن يؤدي الاستهلاك الرقمي إلى تغيرات على المستوى المعرفي.
هل شعرت يوماً بتشتت تركيزك بعد ساعات من التصفح المنغمس لمنصات التواصل الاجتماعي؟ هل انتابك نوع من الكآبة بعد ساعات قضيتها على "إنستغرام" أو "تيك توك"؟ هل تشعر بضعف عام في الطاقة وكسل في التفكير وصعوبة في التذكر؟ قد تكون هذه الأعراض مؤشراً للإصابة بما يسمى بلغة العالم الافتراضي "تعفن الدماغ".
قائمة أكسفورد
استحق "تعفن الدماغ Brain Rot" المركز الأول في قائمة أكسفورد للكلمات الست التي تعكس الحوارات التي أسهمت في تشكيل العام الماضي، ليكون "تعفن الدماغ" الكلمة الأبرز لعام 2024، في حين حاز المصطلح العامي (rizz) على المرتبة الأولى في تصويت عام 2023، ويشير إلى الجاذبية أو السحر الرومانسي.
بعد تصويت عام شارك فيه أكثر من 37 ألف شخص، تفوق مصطلح تعفن الدماغ على العبارات أو الكلمات الأخرى التي ضمتها قائمة الترشيح التي أعدها ناشر القاموس للعام الماضي، على سبيل المثال كلمة محتشمة Demure)) وهي تدل على شخصية متحفظة في مظهرها أو سلوكها، ملابسها غير مبهرة أو فخمة أو كاشفة بصورة مفرطة، وكلمة القصص (Lore) وهي مجموعة من الحقائق المفترضة والمعلومات الأساسية والحكايات المتعلقة بشخص أو شيء ما، تعتبر معرفة ضرورية لفهم كامل أو مناقشة مستنيرة للموضوع المعني، وكلمة الرومانسية (Romantasy) نوع من الخيال يجمع بين عناصر الخيال الرومانسي والخيال، وعادة ما يتناول مواضيع السحر أو الخوارق أو المغامرة إلى جانب حبكة رومانسية محورية.
إضافة إلى كلمات مثل الفوضى (Slop) التي عرفت كفن أو محتوى آخر ينتج باستخدام الذكاء الاصطناعي ويشارك ويوزع عبر الإنترنت بطرق عدة، ويوصف بأنه رديء الجودة أو غير أصيل أو غير دقيق. وكلمة التسعير الديناميكي (Dynamic pricing) وتعني تغيير سعر منتج أو خدمة ليعكس ظروف السوق المتغيرة، وبصورة خاصة فرض سعر أعلى في وقت يزداد فيه الطلب.
تعفن الدماغ
يطلق "تعفن الدماغ" على الأشخاص الذين يقضون ساعات في تصفح مقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي من دون وعي، مما قد يؤدي إلى تدهور في الحال العقلية للشخص، ويشير المصطلح إلى المخاوف في شأن تأثير استهلاك كميات كبيرة من المحتوى الإلكتروني الرديء الجودة، وإلى أحد الأخطار المتصورة للحياة الافتراضية، وكيفية استغلالنا أوقات فراغنا. والأكيد أن الوصف ليس مادياً بل نفسي أو بصورة أدق فكري، فهو نتيجة لحال مضطربة تتعلق بالخوف من أن يؤدي الاستهلاك الرقمي إلى تغيرات على المستوى المعرفي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ترافق هذه الحال من انتشار المحتوى، مجموعة من المصطلحات الغريبة المحيطة بها التي أنشئت للاستخدام في سياق الثقافة الإلكترونية الفيروسية، مثل "skibidi" التي تعني شيئاً تافهاً أو أحمق، و"Ohio" التي تعني شيئاً مربكاً أو غريباً، واكتسب المصطلح زخماً على منصات التواصل الاجتماعي، بخاصة "تيك توك"، بين جيلي زد وألفا.
جيلا زد وألفا
للمفارقة، تبنى المجتمعان المسؤولان بصورة كبيرة عن استخدام وإنشاء المحتوى الرقمي الذي يشير إليه المصطلح، جيلا زد وألفا، مصطلح "تعفن العقول"، وعززا استخدامه عبر منصات التواصل الاجتماعي (المكان نفسه المسبب لتعفن العقول)، وهذا يظهر وعياً ذاتياً جريئاً إلى حد ما لدى الأجيال الشابة بالتأثير الضار الموروث لوسائل التواصل الاجتماعي.
غالباً ما تستخدم هذه الكلمة بطريقة فكاهية أو ساخرة في المجتمعات الإلكترونية، لتربط بأنواع محددة من المحتوى، بما في ذلك سلسلة فيديوهات من نوع معين وميمات حصرية من إنتاج المستخدمين تشير إلى حوادث غريبة.
تعفن البطاطا
الحقيقة أن الاهتمام بهذا المفهوم عاد ليكتسب أهمية جديدة في العصر الرقمي، إلا أن للمصطلح تاريخاً يعود إلى عام 1854، إذ وثق استخدام المصطلح للمرة الأولى في كتاب لهنري ثورد ينتقد فيه الميل إلى التقليل من قيمة الأفكار ذات التفسيرات المتعددة لمصلحة تلك البسيطة. ويرى في هذا مؤشراً إلى تراجع عام في الجهد العقلي والفكري، مقارناً إياه بتعفن البطاطا متسائلاً: ليس هناك من جهة تسعى إلى علاج تعفن الدماغ الذي ينتشر على نطاق أوسع وأكثر فتكاً من تعفن البطاطا؟
خلل في نظام المكافأة
لتعفن الدماغ أعراض يمكن التعرف إليها بسهولة مثل تشتت الانتباه وصعوبة التركيز في المهمات المعقدة أو التركيز في مهمة واحدة فترة طويلة، وضعف ملحوظ في الذاكرة والإرهاق الذهني ويمكن أن تصل التأثيرات السلبية لتشكل عزلة واكتئاباً عند المراهقين.
الأهم من هذا كله ما يحدثه من خلل في نظام المكافأة في الدماغ بسبب الحلقة المفرغة من البحث التي يخلقها الحصول على الإعجابات والتعليقات وما يرافقها من إطلاق لهرمون الدوبامين (ناقل عصبي مرتبط بالمتعة)، وبهذا نحن أمام تغيرات حقيقية في بنية الدماغ، إذ كشف التصوير بالرنين المغناطيسي عن انخفاض في حجم المادة الرمادية في مناطق من الدماغ عند مدمني مواقع التواصل الاجتماعي.
هنا يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة تهدف إلى إعادة ضبط كيمياء الدماغ، وتبدأ بتوقيف أنشطة السوشيال ميديا مدة كافية من الزمن لقطع الإشباع الفوري، ثم وضع برنامج مقيد بساعات محددة للوجود على مواقع التواصل يكون محوره المحتوى الهادف، والأهم إيجاد أنشطة بديلة تحفز التفكير والتحليل وتستهدف إطلاق الدوبامين الصحي.