Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قتل الصحافيين في غزة لإخفاء الحقيقة عن العالم: ما الذي تخشاه إسرائيل؟

ومع تزايد عدد الصحافيين الفلسطينيين الذين تتعمد إسرائيل تصفيتهم في غزة، يقل عدد الأشخاص الذين ينقلون للعالم مستجدات كارثة إنسانية هي من بين الأسوأ على الإطلاق في أيامنا

زملاء وأصدقاء، ينعون الصحافي المستقل عمر الديراوي وضحايا آخرين استهدفتهم غارات إسرائيلية ليلية طاولت مواقع عدة في وسط قطاع غزة الجمعة 3 يناير 2025 (أ ب)

ملخص

ترى بيل ترو –كبيرة المراسلين الدوليين في "اندبندنت"– أن إسرائيل تقوم بقتل الصحافيين الفلسطينيين عمداً ومنع التغطية الدولية في غزة لإخفاء جرائم الحرب والمعاناة الإنسانية، وهو ما يهدد حرية الصحافة ويجعل العالم أقل اطلاعاً وأقل أماناً.

أعرب أنس الشريف، البالغ من العمر 28 سنة، عن مخاوفه من التعرض للاغتيال على يد إسرائيل.

وشاركته هذه المخاوف "لجنة حماية الصحافيين"، ومعها مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير.

المراسل البارز في قناة الجزيرة، الذي وثق بلا كلل أهوال ما يجري شمال غزة، كان يواجه حملة تشويه قاتلة شنها الجيش الإسرائيلي، اتهمه فيها –وهو أب لطفلين– بأنه من عناصر "حماس"، وهي اتهامات نفى الشريف صحتها بشدة. وأكدت "لجنة حماية الصحافيين" أنها لا أساس لها مطلقاً.

والواقع أن اللجنة لفتت، قبل أسابيع قليلة فحسب، إلى أن هذه الحملة هي "محاولة لحث الرأي العام على تقبل فكرة اغتيال الشريف"، مضيفة أن الخطر على حياته أصبح محدقاً ووشيكاً.

أما المقررة الأممية الخاصة إيرين خان، فناشدت العالم باتخاذ إجراءات لدحض "المحاولة السافرة لتعريض حياته للخطر".

ومع ذلك، لم يحرك العالم ساكناً.

وليلة الأحد الماضي، تعمدت إسرائيل باستهداف الخيمة التي كان ينام فيها الشريف، فقتلته مع أربعة من زملائه في قناة "الجزيرة"، إلى جانب صحافي مستقل كان موجوداً في خيمة مجاورة، وأحد المارة. وهذا كله ضمن نطاق حرم أحد المستشفيات.

أما الجيش، فقد احتفى بالعملية معتبراً أن هذا الاغتيال الذي رعته الدولة بمثابة ضربة ناجحة استهدفت عنصراً من حركة "حماس". ومن جهتها، وصفته "لجنة حماية الصحافيين" بـ"جريمة القتل الموصوفة"، واعتبرته جزءاً من نمط ممنهج، يقضي باتهام الصحافيين الفلسطينيين من دون تقديم أي دليل موثوق.

والأمر واضح.

حتى تاريخه، تسببت الغارات الإسرائيلية فعلياً بمقتل أكثر من 200 صحافي وإعلامي فلسطيني في غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومع تزايد عدد الصحافيين الفلسطينيين، أمثال أنس، الذين تعمد إسرائيل إلى تصفيتهم في غزة، يقل عدد الأشخاص الذين ينقلون للعالم مستجدات كارثة إنسانية هي من بين الأسوأ على الإطلاق في أيامنا.

وبهذا تخفى الحقيقة عن العالم.

علاوة على ذلك، تتعمد إسرائيل، منذ اندلاع هذه الحرب، منع المراسلين الدوليين أمثالي من دخول غزة أو تغطية أحداثها، ما لم تكن ضمن جولات ميدانية خاضعة للرقابة العسكرية.

وبذلك، باتت غرف الأخبار تعتمد بالكامل على زملائنا الفلسطينيين الشجعان، الذين أصبحوا عيون العالم، وشاهدين على ما يحدث داخل القطاع الرازح تحت وطأة الحصار والقصف والدمار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن جهتي، لا أرى أي سبب قد يحول دون دخول الصحافيين الدوليين [إلى القطاع] والمشاركة بدورهم في تغطية أحداثه. ومن ثم، فقد عملت، شأني شأن مئات المراسلين الآخرين، على تغطية الحربين المدمرتين في عامي 2012 و2014 في غزة، ومن داخل غزة. وفي تلك المرحلة، كانت إسرائيل تسمح لنا بالدخول عبر ممرات برية.

وسبق أن سألت السلطات الإسرائيلية مراراً وتكراراً عن سبب منعنا من الدخول، من دون أن أتلقى، حتى اليوم، أية إجابة واضحة.

وعليه هناك سؤال ملح يطرح نفسه: ما هو هذا مما لا ينبغي أن نراه؟

إن المجزرة في حق الصحافيين الفلسطينيين، والحظر المفروض على المراسلين الدوليين، يعنيان أنكم أنتم، وأنا، وجميعنا، ممن يجلسون مرتاحين في أمان غرف ضيافة بيوتنا، أصبحنا أقل معرفة بما يجري في غزة.

هي غزة، إذ تسبب القصف الإسرائيلي، ومعه المواجهات الحربية مع "حماس"، بمقتل أكثر من 61 ألف نسمة وفق المسؤولين المحليين، وحيث المجاعة مستشرية وفق ما يكشفه مرصد الجوع العالمي المدعوم من الأمم المتحدة، وحيث يرغم أكثر من 90 في المئة من سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، على النزوح مراراً وتكراراً، وحيث يبقى الناس محاصرين داخل صندوق الإعدام هذا.

ويعني الأمر أننا أصبحنا أقل معرفة بظروف معيشة أهل غزة، إذ يتم احتجاز ما لا يقل عن 50 أسيراً محبوساً خطفتهم "حماس" خلال هجومها الدموي في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل.

وعليه، فإن الاستهداف المتعمد للصحافيين وقتلهم يشكلان جريمة حرب، بموجب القانون الدولي الإنساني.

وفي حال أن اغتيال صحافيي "الجزيرة" –ومعهم الصحافي المستقل محمد الخالدي– مر من دون حساب، وفي حال عدم إجراء تحقيقات محايدة، وفي حال لم يخضع قتلة الصحافيين للمساءلة، وفي حال عدم إحقاق الحق لعائلاتهم، فسيشكل الأمر سابقة خطرة لزملائنا الشجعان، الذين لا يزالون يشقون للبقاء على قيد الحياة في غزة، ولا يزالون مهددين بالموت.

ومن ثم، ستكون سابقة خطرة للصحافيين في كل مكان. وللسعي في سبيل معرفة الحقيقة.

وفي الأمر إشارة إلى أنه لا بأس إن قام حليف غربي –للمملكة المتحدة والولايات المتحدة– بقتل الصحافيين، مفلتاً من العقاب.

إن هذا كله يجعلنا جميعاً أقل أماناً.

وخلال الوقت الراهن، تعد غزة المكان الأخطر على الأرض لممارسة مهنة الصحافة.

وهنا، نستشهد بما قالته "منظمة العفو الدولية"، "في التاريخ المعاصر، لم يشهد أي صراع مقتل صحافيين بالأعداد الناتجة من الإبادة الإسرائيلية في حق فلسطينيي قطاع غزة".

بالتالي، ومن أجل الصحافيين الفلسطينيين الذين لا يزالون داخل غزة.

ومن أجل كل من يعيش أهوال المعاناة الآن في غزة.

ومن أجل مستقبل الصحافة.

ومن أجل مستقبل الحقيقة نفسها، من واجبنا أن نطالب بإجابات، ونطالب بالعدالة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء