ملخص
شكّلت السفن المصنعة في الصين نحو 55 في المئة من إجمالي الحمولة البحرية في العالم العام الماضي، مقابل أقل من 0.05 في المئة فقط للولايات المتحدة.
تستعد الصين هذا الأسبوع لإبرام صفقة اندماج بقيمة 16 مليار دولار بين أكبر شركتي صناعة سفن مملوكتين للدولة، في خطوة ستجعلها صاحبة الصدارة العالمية في هذا القطاع، في وقت تسعى الولايات المتحدة لإيجاد طريق للعودة إلى المنافسة بعد عقود من التراجع الصناعي البحري.
بموجب الصفقة، ستستحوذ مجموعة الصين لصناعة السفن (CSSC) على شريكتها الصين لصناعة السفن الصناعية China Shipbuilding Industry، وتدرج أسهمها الموحدة في بورصة شنغهاي، بعدما حصلت على موافقة الجهات التنظيمية. ويهدف الكيان الجديد إلى استغلال حجمه الضخم لخفض الكلفة ومواجهة التقلبات التي يشهدها القطاع على خلفية تحركات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تعهّد بإحياء صناعة السفن الأميركية لكنه واجه عراقيل في تنفيذ خططه. وعلى رغم أن النشاط الرئيس للمجموعة الصينية تجاري، فإنها تُعد مقاولاً رئيساً للبحرية الصينية، علاوة على أن الشركة المنضمة إليها صممت وبنت أول حاملة طائرات محلية الصنع في الصين "شاندونغ".
وقالت الشركة إن الاندماج سيمكنها من تلبية حاجات البحرية الصينية لمعدات متطورة بشكل أفضل، واصفة الصفقة بأنها خطوة محورية في سعي بكين طويل الأمد للهيمنة على صناعة السفن العالمية.
ووفقاً لبيانات "كلاركسونز للأبحاث"، استحوذت الشركتان العام الماضي على نحو 17 في المئة من السوق العالمية استناداً إلى طلبات الشراء الجديدة، فيما سيبلغ دفتر الطلبات الموحد بعد الاندماج أكثر من 530 سفينة بوزن إجمالي يفوق 54 مليون طن، وهو الأكبر عالمياً، مع إيرادات سنوية تقترب من 18 مليار دولار، وفق أحدث التقارير السنوية.
وقال المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، ماثيو فونايول، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الاندماج يعزز قدرة بكين على تنفيذ استراتيجية "الدمج العسكري- المدني"، إذ تتكامل بشكل متزايد عمليات الإنتاج التجاري والعسكري، بما يشمل تبادل التكنولوجيا والكوادر والبنية التحتية.
ما هي التحديات التي تواجه صناعة السفن الصينية؟
وضعت بكين هدف السيطرة على صناعة بناء السفن منذ عقود، واليوم تمثل الشركات الصينية أكثر من نصف السوق العالمية، إذ شكّلت السفن المصنعة في الصين نحو 55 في المئة من إجمالي الحمولة البحرية في العالم العام الماضي، مقابل أقل من 0.05 في المئة فقط للولايات المتحدة، وفق بيانات الأمم المتحدة، فيما تمتلك الصين قدرة إنتاجية تفوق نظيرتها الأميركية بـ232 مرة، بحسب البحرية الأميركية، ومع ذلك، تشير بيانات حديثة إلى أن الصين تواجه تحديات متزايدة، إذ دفعت احتمالات فرض رسوم موانئ أميركية على السفن المصنعة في الصين العديد من الملاك إلى البحث عن أحواض بناء سفن خارج البلاد، علاوة على أن رسوم ترمب الجمركية وتركيز الدول على سلاسل الإمداد المحلية أثارا مخاوف من تراجع حجم التجارة العالمية، ما يعني انخفاض الحاجة إلى عدد السفن لنقل البضائع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حصلت شركة "يانغزيتجيانغ شيب بيلدينغ"، أكبر حوض لبناء السفن مملوك للقطاع الخاص في الصين والمدرج في بورصة سنغافورة، على طلبات لبناء 14 سفينة بقيمة 540 مليون دولار في النصف الأول من عام 2025، مقارنةً بـ126 سفينة بقيمة 14.6 مليار دولار خلال العام الماضي بأكمله. وتُظهر بيانات "كلاركسونز" أن الطلبات العالمية الجديدة على السفن تراجعت بنسبة 48 في المئة على أساس سنوي في النصف الأول من 2025. وأشارت "يانغزيتجيانغ" إلى أن القطاع يواجه "ضبابية اقتصادية كلية وتوترات جيوسياسية"، وفي المقابل، يسعى منافسون أصغر في اليابان لاستعادة حصتهم السوقية بعد عقود من التراجع أمام المنافسين منخفضي الكلفة في الصين وكوريا الجنوبية.
اليابان تسيطر على نحو نصف إنتاج السفن عالمياً
وقال رئيس شركة "إيماباري شيب بيلدينغ" ورئيس "رابطة بناة السفن في اليابان"، يوكيتو هيغاكي، في يونيو (حزيران) الماضي، إن بلاده تستهدف رفع حصتها السوقية إلى 20 في المئة بحلول عام 2030 مقارنةً بنحو 9 في المئة حالياً، مشيراً إلى أن الرابطة تعمل على "توحيد شركات بناء السفن في إطار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الصين وكوريا الجنوبية".
وكانت اليابان تسيطر على نحو نصف إنتاج السفن عالمياً في تسعينيات القرن الماضي. وفي يونيو الماضي، قدّم الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم مقترحاً يتضمن تقديم إعانات ضخمة لأحواض بناء السفن المحلية لحماية الأمن القومي، بما في ذلك إنشاء صندوق مشترك بين القطاعين العام والخاص بقيمة 6.7 مليار دولار.
وحذّر الحزب من أنه "إذا لم نتحرك الآن، فإن اليابان تخاطر بخسارة صناعة بناء السفن تماماً، كما حدث في أوروبا والولايات المتحدة".
في المقابل، يرى البروفيسور كينيث جي. هوانغ من "الجامعة الوطنية في سنغافورة" أن "بناء السفن يُعد قدرة أساسية تسعى الصين لترسيخها، والمنافسة مع الولايات المتحدة ستدفعها إلى تسريع عملية التطوير".