Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما خيارات الهند النفطية في عالم ما بعد روسيا؟

إذا توقفت نيودلهي عن شراء نفط موسكو فقد تقفز أسعار الخام إلى أكثر من 200 دولار للبرميل

الخصومات السعرية الروسية الجذابة تجعل من غير المرجح أن تتخلى الهند والصين عن الإمدادات. (اندبندنت عربية)

ملخص

تعد الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، وتتمتع بطاقة تكرير تبلغ نحو 5.2 مليون برميل يومياً.

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا الأسبوع رسوماً إضافية بنسبة 25 في المئة على صادرات نيودلهي إلى الولايات المتحدة، ليرتفع إجمال الرسوم إلى 50 في المئة، مبرراً ذلك بشراء الهند النفط الروسي. وأوضح ترمب الأمر في مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي" الثلاثاء الماضي قائلاً "هم يشترون النفط الروسي، وهم يمولون آلة الحرب، وإذا استمروا في ذلك... فلن أكون سعيداً."

وعلى رغم نبرة ترمب، قال كبير محللي النفط في شركة "ريستاد إنيرجي"، موكيش ساهديف، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لـ"سي أن بي سي"، "بينما تطلب الولايات المتحدة من الهند ممارسة الضغط على روسيا، فإنها تتبع نهجاً متساهلاً. ما نراه هو أن الجاذبيات الجيوسياسية تتعارض مع أساسات النفط".

في النهاية، مشتريات الهند من النفط الروسي ليست موقوفة ولا جديدة، إذ حظيت نيودلهي سابقاً بمباركة البيت الأبيض للوصول إلى أدوات الشحن والتأمين الغربية للنفط الخام الذي جرى شراؤه ضمن سقف سعري فرضته دول مجموعة السبع، بهدف تفادي صدمات الإمدادات العالمية والحد من موارد الحرب لدى موسكو.

وفي مواجهة الانتقادات الدولية، دافع المسؤولون الهنود مراراً عن واردات بلادهم باعتبارها مصلحة وطنية.

وقال وزير البترول الهندي هارديب سينغ بوري في مقابلة مع شبكة "سي أن بي س" في يوليو (تموز) الماضي، "سنشتري من أي مكان نستطيع. التزامنا هو تجاه المستهلك الهندي"، مشيراً إلى أنه حينما كان شراء النفط الروسي البحري مسموحاً به في دول مجموعة السبع رداً على الحرب في أوكرانيا، "نصحونا، بما في ذلك أصدقاؤنا في الولايات المتحدة، بشراء النفط الروسي، ولكن ضمن سقف السعر." وأضاف "فعلياً، من خلال الشراء من روسيا، نحن نساعد على استقرار أسعار الاقتصاد العالمي، بالتالي أسهمنا في الاستقرار العالمي لأسعار النفط."

هل تقفز الأسعار إذا توقفت الهند عن شراء النفط الروسي؟

وقال مصدر في قطاع النفط الهندي لشبكة "سي أن بي سي"، إنه إذا توقفت الهند عن شراء النفط الخام الروسي اليوم، فإن "أسعار النفط العالمية قد تقفز إلى أكثر من 200 دولار للبرميل لجميع المستهلكين حول العالم."

وتعد الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، وتتمتع بطاقة تكرير تبلغ نحو 5.2 مليون برميل يومياً — منها 1.24 مليون برميل يومياً في مصنع "جامناغار" فقط — وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تزيد البلاد طلبها على النفط بمقدار مليون برميل يومياً خلال فترة التوقعات حتى عام 2030.

في حين يمكن للمصافي تعديل إنتاجها لتعظيم إنتاج منتج نفطي معين — مثل البنزين، الديزل، أو زيت الوقود — فإن عديداً من المصافي الهندية صممت لمعالجة النفط الخام العالي الكبريت المعروف بـ"الحامض"، مثل الإمدادات القادمة من الخليج العربي المجاور ونفط أورال الروسي.

لكن نفط أورال الروسي العالي الكبريت يحمل من موانئ بعيدة تقع على بحر البلطيق والبحر الأسود، مما يجعله أقل جاذبية من ناحية شراء النفط بأسعار تقلص الفوارق في حقبة ما قبل الحرب في أوكرانيا.

ومع ذلك كانت الهند تستورد أحياناً شحنات من النفط الخام الروسي الحامض — لكن بالمقارنة بين متوسط 100 ألف برميل يومياً في 2021 و1.796 مليون برميل يومياً حتى الآن في 2025، وفقاً لبيانات مزود التحليلات "كبلر"، نرى ازدياداً هائلاً.

في حين جعلت أسعار الخصم التي تقدمها روسيا، مع تراجع قاعدة عملائها الأوروبية التقليدية للنفط الخام البحري بصورة كبيرة، إمدادات موسكو شبه لا تقاوم.

إضافة إلى ذلك بينما تأتي معظم براميل النفط الشرق أوسطية مع التزامات سنوية مرتبطة بأسعار مبيعات شهرية إقليمية ثابتة، تباع أنواع النفط الخام الروسية عادة على أساس السوق الفورية (spot) — مما يترك مجالاً للتفاوض على الحجم وشروط التسليم والسعر.

وقال كبير محللي الأبحاث للتكرير والنمذجة في شركة "كبلر"، سوميت ريتوليا، "تشغيلياً، قام المصفون الهنود بتكييف أنظمتهم لاستيعاب هذه الأنواع، بخاصة في المنشآت المعقدة المصممة لاستخراج نسب عالية من النفط الخام المتوسط الحموضة." وأضاف "استبدال براميل النفط الروسية بصورة كاملة ليس مهمة سهلة من جهة اللوجيستيات يمثل تحدياً كبيراً، ومن الناحية الاقتصادية مؤلم، ومن الناحية الجيوسياسية محفوف بالأخطار"، مشيراً إلى أن البدائل ستضغط على هوامش التكرير وفي النهاية تؤثر سلباً في الأرباح.

ويحاول بنك الاحتياط الهندي كبح التضخم من دون كبح النمو الاقتصادي.

ما خيارات الهند في شراء النفط؟

وقال مصدران في تجارة النفط، تحدثا إلى شبكة "سي أن بي سي"، بصورة سرية نظراً إلى حساسية الموضوع، إن مصافي النفط الهندية أطلقت "موجة" من المناقصات لشراء النفط الخام الفوري سبوت (Spot).

وأضاف مصدر ثالث في التجارة أن الخصومات السعرية الروسية الجذابة تجعل من غير المرجح أن تتخلى الهند والصين عن الإمدادات، وأنه في النهاية قد تستوعب المصافي الصينية مزيداً من الكميات الروسية التي لم تعد الهند تستهلكها، مما يتيح توفير مزيد من النفط الخام من غرب أفريقيا للمصافي الهندية، مع إعادة توجيه التدفقات.

وقال رئيس قسم تحليل آسيا والمحيط الهادئ في شركة التحليلات "فورتيكسا"، إيفان ماثيوز، "من المهم أن نلاحظ أن النفط الخام من الشرق الأوسط يشترى عادة عبر عقود طويلة الأجل، لذا قد لا يكون هناك كثير من المرونة لشراء كميات إضافية بصورة فورية. وبناءً عليه يمكن للهند شراء مزيد من النفط من غرب أفريقيا وأميركا الجنوبية." وأضاف "بالنظر إلى التصاعد في الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الهند، يبقى السؤال مفتوحاً عما إذا كانت الهند ستستورد مزيداً من النفط من الولايات المتحدة كجزء من المفاوضات التجارية."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما النفط الأميركي فهو في الغالب من النوع المنخفض الكبريت "الحلو". واستوردت الهند نحو 285 ألف برميل يومياً من النفط الأميركي خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز) من هذا العام وفقاً لبيانات "كبلر".

ويتوقع أن نشهد قريباً ما إذا كانت الهند ستجد تهديدات ترمب أكثر فاعلية من كلامه وتتوقف تماماً عن استيراد النفط الروسي، على رغم أن مندوباً في "أوبك+"، تحدث أيضاً بصورة سرية لشبكة "سي أن بي سي" بسبب حساسية المحادثات، أشار إلى أن مجموعة من ثمانية أعضاء قررت أخيراً زيادة الإنتاج في سبتمبر (أيلول) المقبل، مع اعتبار احتمال تعطل الإمدادات الروسية من بين عديد من عوامل عدم اليقين المستمرة في سوق النفط.

وقال موكيش ساهدف من شركة "ريستاد"، "في الوقت الحالي، من المرجح أن تفوق أخطار جانب العرض ضغوط جانب الطلب الناتجة من الرسوم الجمركية. ويبدو أن الولايات المتحدة تورط نفسها مع دول عدة من مجموعة ’بريكس‘ في آن واحد — وهي استراتيجية قد تثبت أنها غير مجدية في تحقيق الاستقرار والوضوح في السوق اللذين يتوقعهما عادة الجميع من واشنطن".

وقال ترمب في مقابلة هاتفية مع برنامج "سكواك بوكس" على قناة "سي أن بي سي" إن الولايات المتحدة تقوم بـ"قليل جداً من الأعمال مع الهند بسبب ارتفاع رسومها الجمركية جداً".

من جانبه يعتبر الأمين المالي السابق للهند، سوبهاش جارغ، أن إبرام اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والهند أمر غير مرجح، نظراً إلى اختلاف مواقف البلدين حول القضايا الرئيسة. وحذر من التفاوض من موقع ضعف، مشدداً على أن الهند يجب أن تعيد النظر في تعاملها الاقتصادي مع الصين بدلاً من ذلك.

وأشار مدير قسم الاقتصاد الكلي العالمي في شركة "فيديليتي للاستثمارات"، جوريين تيمر، إلى أن الأسواق الهندية تقدم فرص نمو، ولا "تتصرف بالطريقة نفسها" التي تتصرف بها الأسواق الصينية.

ما كلفة الرسوم الجمركية الجديدة على الاقتصاد الهندي؟

وأعلن ترمب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25 في المئة على الهند، مما يرفع إجمال الرسوم الجمركية على صادرات الهند إلى الولايات المتحدة إلى 50 في المئة. ومن المقرر أن تبدأ الرسوم الجديدة في وقت لاحق من هذا الشهر، بينما ستدخل الرسوم الجمركية السابقة البالغة 25 في المئة حيز التنفيذ الخميس المقبل.

وجاءت هذه الرسوم الجمركية الأعلى على الهند بعد اتهامات بأن الأخيرة "تمول" آلة الحرب الروسية، وحذرت مصادر من أن الدعوات إلى أن تتوقف الهند فوراً عن شراء النفط من روسيا قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية.

وقد تكلف الرسوم الجمركية الجديدة الاقتصاد الهندي مليارات عدة من الدولارات، إذ تقدر شركة الاستثمار "يو بي أس" أن صادرات بقيمة 8 مليارات دولار من الهند هي الأكثر عرضة للرسوم الأعلى، على رغم أن اثنين في المئة فقط من البضائع المصدرة موجهة إلى الولايات المتحدة. ويحذر متخصصون آخرون من أن زيادة الرسوم قد تقلل من جاذبية صادرات الهند إلى الولايات المتحدة مقارنة بنظيراتها في المنطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز