ملخص
فقد إبراهيم النجار ابنه نعيم بسبب سوء التغذية في غزة، ويخشى أن يلحق به ابنه الآخر وسط نقص حاد في الغذاء. الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023 تسببت في مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني، ودفعت القطاع نحو مجاعة شاملة، بحسب الأمم المتحدة. أكثر من 193 شخصاً، بينهم 96 طفلاً، لقوا حتفهم بسبب الجوع، فيما تكافح الأسر للبقاء على قيد الحياة وسط انهيار الخدمات ونقص المساعدات.
قال إبراهيم النجار إن سوء التغذية الذي يفتك بقطاع غزة حرمه من ابنه نعيم البالغ من العمر خمس سنوات، وعلى رغم مرور عام على ذلك لا يزال يبكي حزناً على نجله ويكابد كي لا يلقى أشقاء نعيم المصير نفسه.
وأضاف النجار الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة، أن ابنه فرج البالغ 10 سنوات ربما يلحق بأخيه. وقال، "هذا الولد يعاني منذ شهر تقريباً من سلسلة إغماء ودوران (يفقد وعيه)، كان جسمه ضعفي حجمه الآن".
وعرض النجار (43 سنة) شهادة طبية تُظهر أن نعيم توفي في 28 مارس (آذار) 2024. ونزحت العائلة بأكملها بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة منذ ما يقرب من عامين.
ومثل كثير غيرها، كانت أسرة النجار تتناول ثلاث وجبات يومياً قبل اندلاع الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكنها لا تستطيع الآن سوى أن تحلم بتناول بعض الأطعمة البسيطة مثل الخبز والرز والفواكه والخضروات.
الموت البطيء
يركز شقيق نعيم، عدنان البالغ 20 سنة، على رعاية بقية إخوته، فيستيقظ كل صباح في الساعة 5:30 صباحاً ليشق طريقه بحذر عبر أكوام الأنقاض في غزة للعثور على مطبخ للطعام المجاني بينما تستعر الحرب في مكان قريب.
وقالت نجوى والدة الطفل نعيم البالغة 40 سنة، "والله لا يوجد ملح في داري، والله أشحد حبة الملح". وأضافت، "الناس يقولون غزة، غزة، غزة. تعالوا أنظروا أطفال غزة كيف يموتون. من لا يصدق، فليأتِ ويرى أطفال غزة كيف يموتون. نحن لسنا أحياء، نحن نموت ببطء".
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة أمس الأربعاء إن خمسة أشخاص جدد لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية والجوع في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 السابقة، مما يرفع عدد الوفيات نتيجة لهذه الأسباب إلى 193 فلسطينياً على الأقل، بينهم 96 طفلاً، منذ بدء الحرب.
سيناريو المجاعة
قالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مرصد عالمي للجوع، إن سيناريو المجاعة يتكشف في قطاع غزة، مع انتشار الجوع ووفاة الأطفال دون سن الخامسة لأسباب تتعلق بالجوع وتقييد وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الخاضع لحصار شديد.
وتتوالى التحذيرات من المجاعة وسوء التغذية من جانب وكالات الإغاثة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن استهلاك الغذاء في قطاع غزة انخفض إلى أدنى مستوى له منذ بداية الحرب.
وتحدث 81 في المئة من الأسر في القطاع الساحلي الصغير المكتظ الذي يبلغ عدد سكانه 2.2 مليون نسمة، عن استهلاك كميات قليلة جداً من الغذاء، مقارنةً مع 33 في المئة من الأسر في أبريل (نيسان) الماضي.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان، "لجأت تسع من كل 10 أسر تقريباً إلى آليات تكيف شديدة القسوة لإطعام أنفسهم، مثل المخاطرة بسلامتهم للحصول على الغذاء، والبحث في القمامة".
وحتى عندما لا يتملك الضعف من بعض الفلسطينيين إلى الحد الذي يمنعهم من الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات، فإنهم يظلون عرضة للإصابة أو الموت في خضم التدافع للحصول على الغذاء.
ووفقاً لأحدث الأرقام المتاحة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، زاد عدد حالات الإدخال إلى المستشفى بسبب سوء التغذية بمقدار المثل تقريباً خلال الفترة من يونيو (حزيران) إلى يوليو (تموز) من 6344 حالة إلى 11877 حالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هلاك الموت
في هذه الأثناء، لا يوجد أي مؤشر في الأفق على إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكن، وبحسب ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، تصدى رئيس الأركان الإسرائيلي لخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للاستيلاء على مناطق في غزة لا تخضع لسيطرة إسرائيل حالياً.
وتوعد نتنياهو بعدم إنهاء الحرب حتى القضاء على "حماس" التي تقول إسرائيل إن الهجوم الذي قادته في السابع من أكتوبر أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة على القطاع أدت إلى مقتل أكثر من 60 ألف شخص. وتسببت الحرب في تحويل القطاع، أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، إلى بحر من الأنقاض، ويخشى أن يكون عدد من الأشخاص دفنوا تحتها.
تحتضن أميرة مطير (32 سنة) طفلها النحيل عمار، الذي تقول إنه يعاني من سوء التغذية، وتتوسل إلى العالم أن يتدخل لإنقاذه.
وقالت، "هلاك الموت يهدده بسبب الجوع"، مضيفةً أنه يتحمل 15 أو 20 يوماً في الشهر من دون حليب، لذا فهي تنتظر ساعات في المستشفى للحصول على محلول مدعم غذائياً.
وأضافت أنه في بعض الأحيان يضطر إلى شرب سوائل ملوثة بسبب نقص المياه النظيفة.
وتعتمد أميرة وأطفالها وزوجها على مطعم خيري يقدم لهم وجبة طعام صغيرة يومياً لسد رمقهم. وتقول إنهم يتناولون هذه الوجبة وبعدها ينتظرون "لليوم الثاني من دون أكل شيء".