ملخص
بفضل علاقته الطويلة مع التلفزيون، ومن ضمنها 14 موسماً من برنامج "ذا أبرينتيس"، يدرك ترمب جيداً كيف يمكن أن تصبح الصورة سلاحاً سياسياً مؤثراً.
تجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مدى أشهر مناشدات المنظمات الإنسانية الالتفات إلى الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة، قبل أن يبدي قلقه إزاء تزايد الجوع، من دون أن يخفي أن تبدل موقفه يعود للصور التي رآها عبر شاشة التلفزيون.
لم يكن هذا التغيير أو الدافع إليه مفاجئاً، فالرئيس الجمهوري الذي قد يتخذ غالباً الموقف ونقيضه، يعرف عنه إقباله على متابعة قنوات التلفزيون التي أصبحت على مدى الأعوام، نافذته الأولى على أحداث العالم، وأدت دوراً رئيساً في رسم سياساته وقراراته.
وفي أثناء زيارته لاسكتلندا في أواخر يوليو (تموز)، ورداً على سؤال عما إذا كان يتفق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عدم وجود مجاعة في غزة، قال ترمب "لا أعرف، أعني بناء على ما شاهدته على التلفزيون، أقول لا (أتفق معه) تحديداً، لأن هؤلاء الأطفال يبدون جائعين جداً". وأضاف "هذا جوع حقيقي، أنا أراه، وهذه أشياء لا يمكن تزييفها".
منذ ذلك الحين، يطالب ترمب بإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء الحرب المتواصلة منذ 22 شهراً بين إسرائيل وحركة "حماس"، على رغم أنه لم يقدم على خطوات دبلوماسية في هذا الشأن.
علاقة ترمب مع الشاشة ليست جديدة، إذ ظهر خلال التسعينيات لثوان في مشهد من فيلم "هوم ألون 2"، واكتسب شهرة واسعة من خلال برنامج تلفزيون الواقع "ذا ابرينتيس" (المتدرب) الذي قدمه بين 2004 و2017، وتنافس خلاله المشاركون على وظائف في شركات الثري الجمهوري الآتي من عالم العقارات.
وفي 2015، قبل عامين من ولايته الأولى، سأل صحافي ترمب كيف يثقف نفسه في شأن الاستراتيجيات العسكرية، فأجابه "أشاهد البرامج" التلفزيونية.
ويقول دان كينيدي، أستاذ الصحافة في جامعة نورث ايسترن الأميركية، لوكالة الصحافة الفرنسية إن ترمب يعرف "بأنه لا يقرأ أي شيء، حتى التقارير التي يعدها مساعدوه، ويعتقد أنه يعرف أكثر من موظفيه ومن أي شخص آخر"، ويضيف "ليس مفاجئاً أن يتأثر (ترمب) بصور رآها على التلفاز، بخاصة أنه يقضي وقتاً طويلاً في مشاهدته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منذ عودته للبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، حضر ترمب 22 إحاطة من أجهزة الاستخبارات في البيت الأبيض، وفقاً لتعداد وكالة الصحافة الفرنسية.
وتشير تقارير صحافية إلى عدم اكتراثه بالمواد المكتوبة، وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمضى ترمب أثناء ولايته الأولى (2017-2021)، ساعات مطولة يومياً أمام التلفاز في مشاهدة محطته المفضلة "فوكس نيوز"، إلى جانب قنوات "سي أن أن" و"أن بي سي" و"أيه بي سي".
تبدل الوضع قليلاً خلال الولاية الثانية، التي فاز بها ترمب بعد حملة انتخابية اعتمدت بصورة أساس على وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج البودكاست.
وفي اتصال هاتفي مطول الثلاثاء مع قناة "سي أن بي سي"، قال ترمب "لقد شاهدت سي أن أن ذاك المساء، لا تحظى بمتابعين، وأنا ربما الشخص الوحيد الذي يشاهد هذه القناة".
ويرى كينيدي أن "ترمب هو ابن جيله، هو لا يقضي وقته في متابعة (تطبيق) تيك توك".
وبفضل علاقته الطويلة مع التلفزيون، ومن ضمنها 14 موسماً من برنامج "ذا أبرينتيس"، يدرك ترمب جيداً كيف يمكن أن تصبح الصورة سلاحاً سياسياً مؤثراً.
وفي مؤشر على إدراكه لتأثير الصورة، قال ترمب في فبراير (شباط) عقب المشادة الحادة أمام عدسات الكاميرات مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضوي، إن "هذا سيبدو رائعاً على التلفزيون".