ملخص
في خضم المنافسة الشرسة على المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي تلجأ شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" و"أمازون" إلى استقطاب أفضل العقول من الشركات الناشئة دون الحاجة إلى شراء الشركة بالكامل
تشهد صناعة الذكاء الاصطناعي موجة جديدة من التحولات الإستراتيجية تقودها شركات التكنولوجيا الكبرى عبر نمط غير تقليدي من الصفقات يعرف بـ "الاستحواذ العكسي على الكفاءات".
وتتمثل هذه الظاهرة في اتفاقات ضخمة تستهدف استقطاب مؤسسي الشركات الناشئة وفرقهم التقنية من دون الاستحواذ على الكيان القانوني للشركة نفسها، مما يترك ما بقي من الفريق أمام تحدي "إعادة البناء من الصفر".
ما هو الاستحواذ العكسي في شركات التكنولوجيا؟
وفي خضم المنافسة الشرسة على المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي تلجأ شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" و"أمازون" إلى استقطاب أفضل العقول من الشركات الناشئة دون الحاجة إلى شراء الشركة بالكامل، متجاوزة بذلك التعقيدات القانونية لصفقات الاستحواذ التقليدية، ويقول شريك في شركة رأس المال المغامر وعضو مجلس إدارة "سكيل إيه آي" مايك فولبي "في ظل البيئة التنظيمية الحالية أتوقع أن نشهد مزيداً من هذه الصفقات"، مضيفاً أنها "تقدم بديلاً عن الاستحواذ الكامل دون الحاجة إلى موافقة الجهات الرقابية".
ما هي سلبيات صفقات الاستحواذ العكسي في شركات التكنولوجيا؟
وعلى رغم أن هذه الصفقات توفر خروجاً مشرفاً للمؤسسين فإنها غالباً ما تضعف الشركات الناشئة من الداخل، فتفقد قيادتها وتواجه صعوبة في الاحتفاظ بالموظفين أو الحفاظ على النمو، وكذلك المستثمرين لا يجنون غالباً العوائد المتوقعة من استحواذ تقليدي أو إدراج عام، ويحذر أحد المستثمرين المخضرمين جون ساكودا من أن "يقرر المؤسس والمستحوذ من سيستمر ومن يترك خلفه، فتجد نفسك تتساءل هل أنا على متن سفينة نوح أم على متن التيتانيك؟"
ما هي أبرز قصص الاستحواذ العكسي في شركات التكنولوجيا؟
ومن أبرز قصص الاستحواذ العكسي في شركات التكنولوجيا استحواذ "مايكروسوفت" على شركة "إنفليكشن أي آي" في صفقة بـ 620 مليون دولار، إذ تولى شون وايت قيادة الشركة الذي حاول بث الروح من جديد في الشركة شبه الخاوية للمحافظة على الموظفين، فقد جلب أثاثاً جديداً وسمح للموظفين بإحضار كلابهم إلى المكتب وغيرها من الأنشطة التحفيزية.
وفقدت شركة "سكيل إيه آي" جزءاً كبيراً من أعمالها بعد صفقة استحواذ أجرتها "ميتا" واضطرت إلى تسريح 14 في المئة من موظفيها، بينما تحاول الآن إعادة توجيه نشاطها نحو تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحكومية والمؤسساتية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعاشت شركة "ويند سورف" لحظة انهيار بعد فشل صفقة بيعها لـ "أوبن إيه آي" قبل أن يجري إنقاذها لاحقاً عبر استحواذ شركة "كونيتون" على أصولها، أما شركتا "كوفاريانت" و"آديبت" فقد واجهتا صعوبات أكبر مع فقدان المؤسسين وبعض الموظفين في صفقات مع "أمازون"، وواجهتا قيوداً على تراخيص استخدام تقنياتهما من دون تحقيق أرباح للمستثمرين.
ما هي أزمة شركة "Characte.AI"؟
في أغسطس (آب) 2024 اجتمع موظفو شركة "كاركاتر أي آي" في منتجع "سيلفرادو" الفاخر في منطقة نابا في كاليفورنيا في ظل أجواء مضطربة بعد إعلان رحيل المؤسسين نوام شازير ودانيال ديفريتاس إلى "غوغل"، في صفقة بلغت قيمتها 2.7 مليار دولار، وقد فوجئ الموظفون بتعيين المستشار القانوني دومينيك بيريلا رئيساً تنفيذياً موقتاً وواجهوه بأسئلة مباشرة عن مستقبل الشركة التي فقدت قائديها المؤسسين فجأة، ويقول بيريلا "رحيل المؤسس لحظة تغيير كبرى، لكننا تركنا في وضع أفضل من شركات ناشئة أخرى مرت بالتجربة نفسها".
ما هي عوائد صفقات الاستحواذ العكسي؟
وتتفاوت العوائد المالية لهذه الصفقات بصورة كبيرة، فعندما انضم الرئيس التنفيذي لشركة "سكيل إيه آي" ألكسندر وانغ إلى "ميتا" ضمن صفقة استثمار بقيمة 14.3 مليار دولار، توقعت شركة "أكسل"، أحد أوائل المستثمرين، تحقيق عوائد بقيمة 2.5 مليار دولار، أما داعمو شركتي "أديبت أي آي لاب" و"كوفاريانت"، وهما شركتان فقدتا مؤسسيهما لمصلحة "أمازون" العام الماضي، فقد حصلوا على عوائد أقل بكثير، فعلى رغم أن الاستحواذ العكسي يقدم حلاً وسطاً للمؤسسين إلا أنه يضع الموظفين والمستثمرين في موقف هش، وأثار جدلاً واسعاً حول مدى توافقه مع "العقد الاجتماعي" في "وادي السيليكون"، إذ من المفترض أن يعمل الجميع من أجل هدف مشترك ومكافأة جماعية.
وتحذر المحللة في "باين كابيتال فينتشرز" سانيه أوجها "لا نريد أن يصبح من الطبيعي أن تنهار الشركات الناشئة فجأة لمصلحة عمالقة التكنولوجيا لأن هذا يقوض ثقة المواهب وروح ريادة الأعمال"، وبالنسبة إلى عمالقة التكنولوجيا تعد هذه الصفقات وسيلة للفوز في معركة المواهب الشرسة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما أنها توفر كثيراً من مزايا الاستحواذ التقليدي من دون الحاجة إلى موافقة حكومية، وهي عملية باتت أكثر تعقيداً مع تصاعد مخاوف المسؤولين من أن الشركات الكبرى قد تخنق المنافسة بشراء منافسين ناشئين.