ملخص
توثق الأمم المتحدة أعمال العنف المتكررة التي يرتكبها بعض المستوطنين البالغ تعدادهم نحو نصف مليون نسمة داخل الضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني.
جال رجال دين ودبلوماسيون في شوارع الطيبة داخل الضفة الغربية المحتلة تلبية لنداء القرية ذات الغالبية المسيحية، وذلك بعد تعرضها لهجمات متكررة من المستوطنين، بحسب ما يؤكد سكانها، وبدعوة من البلدية والكهنة المحليين سار رجال الدين بزيهم التقليدي والدبلوماسيون ببزاتهم الرسمية في شوارع القرية، واستمعوا إلى معاناة السكان وشاهدوا آثار حريق طال أطلال كنيسة القديس جاورجيوس البيزنطية التي يعود تاريخها للقرن الخامس الميلادي.
وقال بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا الذي كان من المشاركين في المسيرة، إنه "بات من الواضح يوماً بعد يوم أنه لا يوجد قانون في الضفة الغربية، والقانون الوحيد هو القوة"، فيما شدد القنصل الفرنسي العام في القدس نيكولا كاسيانيدس على "دور السلطات الإسرائيلية في إجراء التحقيقات اللازمة للعثور على الجناة وتقديمهم للمحاكمة".
ومن بين الدبلوماسيين الذين زاروا الطيبة الواقعة إلى الشرق من رام الله ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية ألكسندر ستوتزمان الذي تطرق إلى عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي على مستوطنين ومنظماتهم، ورأى أن الهجمات "تقوض عملية السلام".
وتوثق الأمم المتحدة أعمال العنف المتكررة التي يرتكبها بعض المستوطنين البالغ تعدادهم نحو نصف مليون نسمة داخل الضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني، ووثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" ما لا يقل عن 27 هجوماً لمستوطنين ضد فلسطينيين بين الأول والسابع من يوليو (تموز) الجاري، بحسب تقرير صادر في الـ 10 من الشهر ذاته.
وخلال الزيارة عرض السكان على رجال الدين والدبلوماسيين صوراً ومقاطع فيديو توثق تلك الهجمات وما تسببت به من أضرار، ولم يخف مشاركون في المسيرة استغرابهم من بلوغ الأوضاع هذا الحد في قرية تعرف بطابعها الهادئ وجمال شوارعها، وتنظم مهرجاناً سنوياً للبيرة يستقطب آلاف الفلسطينيين والأجانب.
حذرت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء من أن النزوح الجماعي في الضفة الغربية بلغ مستويات غير مسبوقة منذ بدء احتلال إسرائيل للضفة قبل نحو 60 عاماً، وقالت الأمم المتحدة إن العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت شمال الضفة الغربية في يناير (كانون الثاني) الماضي شردت عشرات آلاف الأشخاص، مما يثير مخاوف من احتمال وقوع "تطهير عرقي".
وصرحت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) جولييت توما بأن العملية العسكرية "هي الأطول مدة منذ الانتفاضة الثانية" في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21.
وقالت للصحافيين في جنيف عبر اتصال بالفيديو من الأردن، إن ما يحدث "يؤثر في كثير من مخيمات اللاجئين داخل المنطقة ويتسبب في أكبر نزوح سكاني للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 1967"، في إشارة إلى الحرب العربية - الإسرائيلية التي استمرت ستة أيام وأدت إلى احتلال إسرائيل الضفة الغربية.
بدورها حذرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن النزوح القسري الجماعي على يد قوات احتلال قد يرقى إلى مستوى "تطهير عرقي".
30 ألف مهجّر
ومنذ شن الجيش الإسرائيلي عملية أطلق عليها "الجدار الحديدي" شمال الضفة الغربية في يناير الماضي "لا يزال نحو 30 ألف فلسطيني مهجرين قسراً"، بحسب المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان ثمين الخيطان، والذي أضاف أن قوات الأمن الإسرائيلية أصدرت خلال الفترة نفسها أوامر هدم لـ 1400 منزل شمال الضفة الغربية، معتبراً بأن الأرقام مقلقة.
وأشار الخيطان إلى أن عمليات الهدم الإسرائيلية شردت 2907 فلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن 2400 فلسطيني آخرين، نصفهم تقريباً من الأطفال، هُجروا نتيجة أعمال مستوطنين إسرائيليين، وعبّر عن أسفه لأن النتيجة الإجمالية كانت "إفراغ أجزاء كبيرة من الضفة الغربية من الفلسطينيين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الخيطان إن "التهجير الدائم للسكان المدنيين داخل أراض محتلة يعد نقلاً غير قانوني"، مشدداً على أنه بحسب الظروف قد يُمثل "تطهيراً عرقياً وجريمة ضد الإنسانية".
هجمات المستوطنين
وأفاد الخيطان بتسجيل 757 هجوماً شنها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية خلال النصف الأول من العام، بزيادة مقدارها 13 في المئة عن الفترة نفسها من عام 2024، وقال المتحدث باسم المفوضية إن "المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية كثفا عمليات القتل والهجمات والمضايقات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، خلال الأسابيع الماضية".
وصرح للصحافيين بأن الهجمات أسفرت عن إصابة 96 فلسطينياً داخل الأراضي المحتلة خلال يونيو (حزيران) الماضي وحده، مؤكداً أن هذا أعلى عدد إصابات خلال شهر بين الفلسطينيين جراء هجمات المستوطنين "منذ أكثر من عقدين".
وقالت مفوضية الأمم المتحدة إن هذه العملية تسهم في ترسيخ ضم الضفة الغربية المستمر، ضمن انتهاك للقانون الدولي.
وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" الفلسطينية على إسرائيل في أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة، ومنذ ذلك الحين قُتل ما لا يقل عن 964 فلسطينياً داخل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وفقاً للأمم المتحدة.
وخلال الفترة نفسها قُتل 53 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية أو اشتباكات مسلحة، 35 منهم في الضفة الغربية و18 داخل إسرائيل.