ملخص
يعاني ناديا شيفيلد وينزداي وموركامب أزمات مالية وإدارية خانقة تهدد مستقبلهما، وسط عجز جماهيري عن التدخل، وتجاهل من المالكين. هذه المعاناة تعكس هشاشة نظام ملكية الأندية في إنجلترا، وتؤكد الحاجة العاجلة إلى تفعيل هيئة تنظيمية مستقلة تنقذ ما يمكن إنقاذه.
في يوم يعد الآن "عادياً" بالنسبة إلى نادي شيفيلد وينزداي، سأل أحد المشجعين أحد الموظفين عن حاله، فما كان منه إلا أن انفجر بالبكاء، فهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيتقاضون رواتبهم، أو ما الذي ينتظرهم في المستقبل، مما دفع النائب كليف بيتس إلى توجيه انتقادات لاذعة للمالك المثير للجدل ديجفون تشانسيري في البرلمان الثلاثاء الماضي.
وبالمثل، شعر كثير من جماهير موركامب برغبة في البكاء عندما ورد خبر الإثنين الماضي بأن صفقة بيع النادي من مجموعة بوند المملوكة لجيسون ويتنغهام إلى مجموعة بانجاب ووريورز لم تكتمل بعد.
وقد حدث ذلك على رغم تأكيد مصادر أن كل شيء كان جاهزاً لإتمام الصفقة، ووصفت تأجيلها بأنه "غير مفهوم"، وقد خاطبت النائبة المحلية ليزي كولينغ، ويتنغهام علناً في البرلمان قائلة "هيا، وقع الأوراق اللعينة!"، وذلك بعد ثلاثة أعوام انحدر فيها موركامب من دوري الدرجة الأولى إلى دوري الدرجة الوطنية، وربما إلى غياهب النسيان.
وتستحق قصتا شيفيلد وينزداي وموركامب أن تروى كل على حدة، لكن هناك أوجهاً للتشابه بينهما أصبحت أكثر وضوحاً الآن، خصوصاً أنهما يأتيان من طرفين متباعدين في هرم كرة القدم الذي يستعد أخيراً لاستقبال هيئة تنظيمية مستقلة.
تم التصويت على مشروع قانون حوكمة كرة القدم في مجلس العموم الثلاثاء الماضي، مما يعني أننا أصبحنا نعرف كيف سيبدو شكل التنظيم مستقبلاً، أما جماهير وينزداي وموركامب، فلا يمكنهم قول الشيء نفسه عن مستقبل نادييهم، والقلق هو أن الأوان قد فات بالفعل.
الشعور بـ"العجز" هو ما يبرز بوضوح، إذ تقول تارنيا إلسورث، من رابطة مشجعي "شريمبس ترست": "نحن ندعم مشروع قانون حوكمة كرة القدم بكل قوة، لكن خوفي هو أن موركامب وشيفيلد وينزداي سيكونان آخر الضحايا". وتضيف "يأتينا مشجعون ويقولون: هذا هو النادي الذي أحببته طوال 30 عاماً، وأنت تقولين إنه لا يوجد شيء يمكنني فعله؟".
أما إيان بينيت، من رابطة مشجعي شيفيلد وينزداي، فيقول إنهم "عالقون في المجهول"، بينما يحذر زميله جيمس سيلفروود من أن "هذه القصة لها تبعات تتجاوز وينزداي بكثير، وتمس كرة القدم الإنجليزية بأكملها".
ويؤكد مشجع موركامب، أستاذ إدارة الأعمال الرياضية في جامعة ليفربول جيف وولترز أن "هذا الواقع يؤكد الحاجة إلى هيئة تنظيمية قوية".
كثير من التفاصيل باتت مألوفة عند النظر إلى الوراء، من ريدينغ وديربي كاونتي وصولاً إلى اللحظة المفصلية في انهيار نادي بيري، فالقضية تتعلق بمن يملك الأندية، وبالحوكمة، وسباق الأجور المدمر.
ومن أعظم المآسي أن أعداد الجماهير تظهر أن اللعبة مزدهرة على مستوى ما، ومع ذلك لا تزال مواسم كاملة تشوه بسبب دخول أندية في أزمات مالية. حتى في موركامب، جرى تسجيل مبيعات قياسية للتذاكر الموسمية في أول موسم بعد العودة إلى الدوري الوطني، على أمل رحيل ويتنغهام، لكن قد يخسر المشجعون مئات الجنيهات إلى جانب ناديهم، إن حدث الأسوأ.
كان ينبغي أن تكون اللعبة قادرة على الاكتفاء الذاتي، لكنها ليست كذلك وبإمكان ناديي وينزداي وموركامب أن يباعا بسهولة، لكن ذلك لا يحدث، فكلا الناديين لديه عدد من المشترين المهتمين. ويقال إن تشانسيري يطالب بـ"أسعار غير واقعية تماماً".
قصة وينزداي حالياً أكثر لفتاً للنظر، نظراً إلى مكانته التاريخية، وحقيقة أن هذه المشكلات وصلت إلى حد دوري الدرجة الأولى (تشامبيونشيب)، وقد حذرت رابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم (أن أف أل) منذ أربعة أعوام من أن سباق الأجور الناتج من مدفوعات الهبوط سيقود إلى هذا الوضع. بينما يرى آخرون، مدعومون بأبحاث من رابطة المشجعين أن السبب يعود تحديداً إلى "مالك نفدت أمواله".
وذلك على رغم مكانة تشانسيري كعضو في العائلة التايلاندية التي تسيطر على أكبر شركة لإنتاج التونة المعلبة في العالم "مجموعة تاي يونيون"، وهو ما دفع النائب كليف بيتس إلى التساؤل عن سبب انقطاع الموارد المالية.
فقد تأخر صرف رواتب اللاعبين والعاملين في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، مما أدى إلى جانب ديون مستحقة لأندية أخرى ولإدارة الضرائب، إلى فرض حظرين على الانتقالات من قبل رابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم.
في الوقت ذاته، يعتقد أن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 6 ملايين جنيه إسترليني (8.11 مليون دولار) لإجراء تحسينات ضرورية على ملعب "هيلزبره"، الذي قد ينتقل إلى ملكية جديدة مجهولة إذا عجز تشانسيري عن سداد القروض المرهونة بالملعب. وقد تصبح هذه التحسينات مستحيلة إذا كان لا بد من دفع رواتب اللاعبين، ومن المتوقع أن يغادر كثير منهم مجاناً إذا لم يتقاضوا مستحقاتهم عن يوليو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول بينيت "قد نبدأ الموسم من دون لاعبين ومع ملعب بثلاثة جوانب فقط". ويخشى بعض المصادر حتى من انقطاع المرافق الأساسية عن االناي.
ويشكو بينيت من أن التواصل مع الإدارة كان محدوداً أو "مزدرياً" على حد وصفه. وبوجود خطط تحضيرية شبه منعدمة قبل الموسم، قد يصل الأمر إلى حد اضطرار نادي وينزداي إلى إثبات قدرته على استكمال الموسم.
وكما هي الحال في هيلزبره، فإن القضية الأكثر إلحاحاً في موركامب حالياً هي التمويل، فالنادي الذي كان يعتبر "مشروعاً تجارياً صغيراً ناجحاً" بدأ يتكبد الخسائر، وقد قدم المشترون المحتملون، مجموعة بانجاب ووريورز، قرضاً يزيد قليلاً على 6 ملايين جنيه إسترليني (8.11 مليون دولار) للنادي.
من المفارقات أن بعض المشجعين يعزون الفضل في البداية لويتنغهام لتعيينه مجلس إدارة كفئاً، لكن ذلك تحول إلى مهزلة عندما بدأ إجراءات لإقالة المجلس بأكمله بسبب نيتهم إدخال النادي في إجراءات الإدارة المالية. ومنذ ذلك الحين، استقال المجلس مرتين في أسبوع واحد بسبب تأخر عملية البيع.
تقول إلسورث "نحن بلا حول ولا قوة"، وسط شكوى شائعة أخرى في كرة القدم الإنجليزية من غياب تواصل المالك مع الجماهير، فالاجتماعات لم تفضِ إلى أي نتيجة.
المشجعون لا يعرفون حتى ما السعر المطلوب للبيع، والأدهى من ذلك أن ويتنغهام كان بإمكانه الحصول على سعر أفضل بكثير عندما كان موركامب في دوري الدرجة الأولى خلال موسم (2022 - 2023)، لكن قيمة النادي الآن تتناقص يوماً بعد يوم.
السؤال الرئيس الذي أثاره النائب بيتس، هو: لماذا لا يستطيع النظام الحالي اتخاذ إجراءات بأثر رجعي لعزل المالكين بمجرد أن تظهر المشكلات؟ فالدوري الوطني يدرك أن العقوبات المحتملة من قبله لن تعاقب سوى نادي موركامب، لا المالك نفسه. وبالمثل، تحاول رابطة الدوري الإنجليزي تجنب معاقبة شيفيلد وينزداي قدر الإمكان.
وقد أشار المشجعون إلى أن داي يونغي قد تم استبعاده في نهاية المطاف من قبل الرابطة الإنجليزية كمالك لنادي ريدينغ، لكن يعتقد أن ذلك كان ممكناً بسبب قضايا تجارية تخصه في الصين.
عدم دفع الرواتب لا يعتبر، بحسب النظام الحالي، خرقاً كافياً لأنه لا يرقى إلى ما يعد "سقفاً عالياً" لاتخاذ إجراء، كذلك فإن اتخاذ خطوات ضد المالكين لا يخلو من الأخطار، إذ قد تكون النتيجة التالية هي طرد النادي من المنافسات. ويقول مصدر بارز "قد تظن أن العجز المستمر عن توفير الموارد اللازمة لبقاء النادي كمؤسسة قائمة يجب أن يكون سبباً كافياً".
كل هذا يترك الأندية أمام ثلاثة سيناريوهات في ظل النظام الحالي إذا لم تنجز صفقة البيع. الأول هو الحصول على مزيد من القروض ومحاولة الصمود بشكل ما، والثاني هو الدخول في الإدارة المالية، وهو ما سيؤدي إلى خصم نقاط، لكنه قد يفتح شهية المشترين الذين يرون فيه فرصة، أما الثالث فهو التصفية الكاملة، وظهور "أندية فينيق" جديدة من تحت الرماد.
يعترف بينيت بأن جماهير شيفيلد وينزداي فكروا في هذا الخيار الأخير، لكنهم يأملون في حدوث بيع محتمل من خلال إجراءات الإدارة المالية، أما إلسورث، فتخشى ألا يتمكن نادي موركامب من العودة، لأن نادياً مملوكاً من قبل المشجعين سيجد صعوبة كبيرة في البقاء. وتقول "هذا ليس ويمبلدون. الجزء الغربي من موركامب يعد من أكثر المناطق حرماناً في البلاد. هناك مجتمع يدمر أمام أعيننا".
ذلك الإحساس بالعجز يكاد يكون ملموساً، ويقول أحدهم "هناك لاعبون لا يتقاضون رواتبهم، وفي الوقت نفسه تستمع إلى أخبار مانشستر يونايتد وأليخاندرو غارناشو… هذا لا يحتاج إلى مزيد من التغطية الإعلامية".
مثل هذه التصريحات الحادة تطرح تساؤلات حول أولويات كرة القدم الإنجليزية، وتبرز التحديات التي يجب على الهيئة التنظيمية أن تتعامل معها. وكما تلخص إلسورث "البيع لن يحل كل شيء".
فوجود آلية للتدخل في حال ظهور مشكلات مع المالكين لا يزال أمراً ضرورياً. ويقول ولترز "هناك كثير مما يجب التفكير فيه، حتى النظام المثالي لن يضمن استدامة كل نادٍ، لكن الأمر يتعلق بمواضع التدخل الممكنة".
أما بينيت فيعبر عن الأمر ببساطة "الهيئة التنظيمية لكرة القدم أمامها مهمة شاقة للغاية".
© The Independent