Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موازنة سموتريتش 2026: تقطيع الجغرافيا الفلسطينية وإحباط حلم الدولة

إجراءات "الطابو" الجديد للمستوطنات تهدف إلى تحويل عبء إثبات ملكية الأراضي على الفلسطينيين

قد تعلن إسرائيل سنوياً عن نحو 60 مليون متر مربع كأراضي دولة (اندبندنت عربية)

ملخص

يقول مراقبون إن تعهدات سموتريتش بإنشاء وحدة "طابو" خاصة بالمستوطنين تتوافق وتنسجم بشكل كبير مع توجهات لجنة الخارجية والأمن في الكنيست التي صادقت في أواخر الشهر الماضي على مشروع قانون يتيح للإسرائيليين شراء أراضٍ في الضفة الغربية مباشرة من دون تعقيدات. وبحسب الخطة الجديدة سيستحدث وزير المالية الإسرائيلي اليميني، عبر وحدة "الطابو"، قانوناً من 41 مادة، سيسمح بموجبه للمستوطنين بتسجيل الأراضي داخل الضفة بأسمائهم مباشرة، بما يلغي الحالة القانونية التي كانت قائمة منذ عام 1971 التي كانت تسمح لليهود من خلال شركة أو جمعية مسجلة لدى الإدارة المدنية التابعة لوزارة الجيش الإسرائيلية بشراء وتملك العقارات والأراضي في الضفة الغربية.

منذ أن تعهدت الحكومة الإسرائيلية الـ37 برئاسة بنيامين نتنياهو في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بأن "للجمهور اليهودي حقاً حصرياً لا جدال فيه في جميع مناطق أرض إسرائيل"، يعمل وزير المالة الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على تحويل وعوده للمستوطنيين إلى حقيقة، فلم يكتفِ بتوسيع المستوطنات وبناء أخرى جديدة وتسهيل شرعنة البؤر الرعوية والزراعية للمستوطنين الشباب، بل ذهب إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك بكثير، وقرر بعد سلسلة طويلة من الإجراءات والتعديلات الإدارية، إنشاء وحدة "الطابو" الاستيطانية لتمكين المستوطنين من تسجيل أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، لا تقتصر على حدود المنطقة "جيم" التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة مدنياً وعسكرياً وفق اتفاقيات أوسلو 1993، بل ستطال ايضاً الأراضي المصنفة "أملاك دولة" التابعة للسلطة الفلسطينية أو أملاكاً فلسطينية خاصة، وخصص من أجل ذلك موازنة تبلغ 225 مليون شيكل (70 مليون دولار)، وهو ما يعني أن القرار لم يعد مجرد تعديلٍ إداري، بل أداة استراتيجية خطيرة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية وتسريع التوسع الاستيطاني عبر تقويض قدرة الفلسطينيين أصحاب الأراضي والمقيمين خارج الأراضي الفلسطينية - سواء بسبب التهجير الإسرائيلي أو لأسباب أخرى - من حقهم القانوني بالملكية على مساحاتٍ زراعية ومناطق رعوية واسعة يملكونها منذ عقود، خصوصاً وأن سموتريتش استبق إنشاء "وحدة الطابو" بتقويض صلاحيات "الإدارة المدنية" منذ ديسمبر 2022 ونقل صلاحياتها في تقديم الخدمات بمختلف المجالات إلى مختلف الوزارات بالحكومة الإسرائيلية، مما حوّل سجلات الأراضي في الضفة التي تعتمد إجراءات الطابو كما كان في العهد الأردني قبل احتلال الضفة في عام 1967، إلى تسجيلٍ إسرائيلي مباشر في وحدة خاصة بالمستوطنات، بحيث يصبح القانون الإسرائيلي سارياً على أراضي الضفة الغربية، وخاصة تلك المصنفة "جيم".

ووفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة، فإن القرار الجديد وما سبقه من إجراءات انتهاك للمنطقة "جيم" التي تُعد أرضاً محتلة، إذ تحظر "اتفاقية جنيف" مصادرة الممتلكات الخاصة دون ضرورة عسكرية أو موافقة السكان الأصليين، خصوصاً أن القانون الدولي يعترف بحقوق السكان المحتلين في ممتلكاتهم. وبحسب معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) فإن نقل المشروع إلى وزارة العدل الإسرائيلية يعزز السيطرة الرمزية على الأرض، بحيث يصبح الأمر شبيهاً بـ"ضم فعلي"، ما يمكن اعتباره انتهاكاً محظوراً بموجب القانون الدولي. وبحسب التقديرات، فإن إسرائيل قد تعلن سنوياً عن نحو 60 مليون متر مربع كأراضي دولة، وستصعّب على الفلسطينيين استعادة في ملكياتهم أو الطعن فيها مستقبلاً، مما قد يحرمهم من الزراعة والمياه والموارد الحيوية في ظل هيكلية التسجيل الجديدة، وستزيد خطر تهجير المجتمعات الفلسطينية تحت المصادرة والإخلاء، خصوصاً في الأراضي غير المسجلة.

تحول خطر

بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن هذه الخطوة تُعد استناداً لتحليلات قانونية، تحولاً خطيراً في منظومة السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، ولا تمهد لضم فعلي لمناطق واسعة من الضفة وحسب، بل تفتح الطريق أمام المستوطنين للتملك الفردي المباشر وفرض وقائع جديدة على الأرض. كيف لا وقد تعهد سموتريتش بأن مخططه وبحلول عام 2030 سينهي تنظيم 60 مليون متر مربع من الأراضي المصنفة "جيم" في الضفة والسيطرة عليها بالكامل. فبعد احتلالها في عام 1968، صدر أمر عسكري إسرائيلي يحمل رقم 291، تم بموجبه تعطيل كل أعمال التسوية في فلسطين. ولم تتعد النسبة التي تمّت تسويتها من أراضي الضفة الغربية منذ عام 1952 سوى 30 في المئة فقط من مساحتها.

وقبل أكثر من 10 سنوات من إنشاء "هيئة تسوية الأراضي والمياه الفلسطينية" التي تأسست بموجب القرار بقانون رقم 7 لعام 2016، بهدف تنفيذ أعمال التسوية لجميع الأراضي الفلسطينية بما فيها تلك المصنفة "جيم"، أطلقت السلطة الفلسطينية مشروعاً لأعمال التسوية بالتعاون مع البنك الدولي في مناطق تجريبية. إلا أن وزير الجيش الإسرائيلي أصدر تعليماته بمنع "هيئة تسوية الأراضي والمياه الفلسطينية" من مواصلة إجراءاتها للتسوية في هذا الإطار وتعطيل عمل المكاتب التابعة لها. وصدرت تعليمات لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) وكذلك لجهاز الموساد لمتابعة الأموال التي تخصصها السلطة الفلسطينية لهذا الغرض، ودراسة آليات قرصنة ما تم انفاقه على عمل "هيئة التسوية الفلسطينية" في المناطق المصنفة "جيم" من عائدات المقاصة الشهرية التي تجبيها الحكومة الإسرائيلية، والتي تعود للسلطة الفلسطينية طبقاً لاتفاقية باريس الاقتصادية. ولإحكام الخناق على الفلسطينيين أصحاب الأراضي في تلك المناطق بشكل كلي، صادق المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) في الحكومة الإسرائيلية في مايو (أيار) الماضي، على قرار يقضي باستئناف تنفيذ تسوية الأراضي في المناطق المصنفة "جيم" في الضفة، وبدء تسجيلها ضمن سجلات الطابو الإسرائيلي. ووفق معطيات "سلطة الأراضي الفلسطينية" التي تأسست عام 2002 بموجب مرسوم صادر من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فقد تم تسجيل 60.6 في المئة من مجمل مساحة الضفة الغربية البالغة 5.7 مليار متر مربع حتى نهاية 2024، فيما أصدرت خلال العام الماضي وحده 11 ألفاً و325 شهادة تسجيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تملك مباشر

يقول مراقبون إن تعهدات سموتريتش بإنشاء وحدة طابو خاصة بالمستوطنين، تتوافق وتنسجم بشكل كبير مع توجهات لجنة الخارجية والأمن في الكنيست التي صادقت في أواخر الشهر الماضي على مشروع قانون يتيح للإسرائيليين شراء أراضٍ في الضفة الغربية مباشرة دون تعقيدات. وبحسب الخطة الجديدة سيستحدث وزير المالية الإسرائيلي اليميني، عبر وحدة الطابو، قانوناً من 41 مادة، سيسمح بموجبه للمستوطنين بتسجيل الأراضي داخل الضفة بأسمائهم مباشرة، بما يلغي الحالة القانونية التي كانت قائمة منذ عام 1971 التي كانت تسمح لليهود من خلال شركة أو جمعية مسجلة لدى الإدارة المدنية التابعة لوزارة الجيش الإسرائيلية بشراء وتملك العقارات والأراضي في الضفة الغربية. وعلى رغم أن هذا التعطيل توقف في عام 1994 في المناطق المصنفة "أ" و "ب" الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، فإنه استمر حتى اليوم في المناطق المصنفة "جيم" لكونها بقيت تحت السيطرة الإسرائيلية بموجب اتفاقيات أوسلو. وبالتزامن مع إعلان سموتريتش عن الموازنة الإسرائيلية الجديدة وشطب كل الإجراءات المتبعة منذ عام 1967 بما في ذلك القوانين البريطانية والأردنية وحتى الأوامر العسكرية، أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية الخطة التي كُشف عنها الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، عادّةً ذلك "خرقاً فاضحاً" للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

قواعد عسكرية

ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن تخصيص سموتريتش نحو 2.7 مليار شيكل (840 مليون دولار) لتعزيز البنية التحتية وإنشاء مستوطنات جديدة في الضفة وتطوير قائمة خلال السنوات الخمس المقبل تتضمن نقل قواعد عسكرية إلى شمال الضفة، تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية، وتوفير دعم سياسي داخلي لليمين الإسرائيلي. وبحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد "لازار"، في وقت سابق من هذا العام وشاركت به عينة عشوائية قُدرت بـ504 أشخاص، فإن 67 في المئة من الإسرائيليين يعارضون قيام دولة فلسطينية مقابل 17 في المئة فقط أيدوا قيامها. وإلى جانب وحدة "الطابو" خصص سموتريتش مبلغ 1.1 مليار شيكل (333 مليون دولار) من هذه الموازنة لتعزيز الاستيطان، منها 660 مليون شيكل (200 مليون دولار) ستُخصَّص لإقامة 17 مستوطنة جديدة وافقت عليها الحكومة في الفترة الأخيرة، فيما سيُخصَّص 338 مليون شيكل (102 مليون دولار) لـ36 مستوطنة وبؤرة استيطانية قيد التنظيم. ويشمل ذلك إنشاء البنية التحتية الأساسية، مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء، والمباني العامة مثل النوادي والمدارس والمعابد. بالإضافة إلى ذلك، تقرر تخصيص حوالي 140 مليون شيكل (42 مليون دولار) "للتنظيم والنشاط" و160 مليون شيكل (49 مليون دولار) كـ"منحة تأسيس". وقد كشفت وثيقة حصل عليها موقع "واي نت" (Ynet) الإسرائيلي أن نتنياهو يؤيد المزارع اليهودية التي أنشئت في الضفة الغربية بهدف الحفاظ على الأراضي المفتوحة في مناطق "جيم". ويشير المستند المنشور، الذي أعده مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن "المزارع المعتمدة والمراقبة تمثل استجابة إيجابية ضرورية للحفاظ على مناطق 'جيم' وتشكل رداً مباشراً على نشاط الفلسطينيين هناك". ووفق مشاركين في الجلسة، طلب نتنياهو تسريع عملية تنظيم هذه المزارع قانونياً. وتشير البيانات إلى وجود ما بين 70 و100 نقطة زراعية، أكثر من 15 منها أُنشئت بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. كما أن هذه المزارع توحدت في عام 2024 تحت إطار يُعرف باسم "اتحاد المزارع"، والذي يعمل على تكريس الضغط السياسي للحصول على التمويل الحكومي بالتعاون مع مجلس المستوطنات. وقد رحب سموتريتش بدعم نتنياهو قائلاً "نشكرك على دعم الثورة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، من خلال إقامة 132 مزرعة تحافظ على 700 مليون متر مربع تجاه التوسع العربي غير القانوني". وأضاف، "سنعمل معاً على إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية وضمان قدرة اليهود على العيش والتنقل بأمان في كل مكان".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير