Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حين تعجز الجيوب عن الذهب... الفضة تنقذ المدخرين في مصر

سبائك وجنيهات في السوق المحلية بأوزان مختلفة وأسعار مناسبة وأرباح مغرية وتوقعات داعمة

يعد الجنيه الفضة بـ"البديل الذكي والاقتصادي" في ظل ارتفاع أسعار الجنيه الذهب إلى مستوى 37 ألف جنيه (مواقع التواصل)

ملخص

تجار ومحللون يرون أن أداء الفضة يتفوق على الذهب بفعل الطلب الصناعي الكبير على المعدن وتوقعات بارتفاع الأونصة إلى 50 دولاراً في 2026

ببريق معدني لافت، تمايزت سبائك الفضة وجنيهاتها عن مثيلاتهما من الذهب الخالص خلف الفاترينة الزجاجية لأحد محال المجوهرات في منطقة وسط البلد بالقاهرة، وقد غلفت بغلاف بلاستيكي على غرار ما صار شائعاً في السوق المصرية من السبائك والجنيهات الذهبية المغلفة، في محاولة لدفع المعدن الصناعي إلى منافسة الذهب كوعاء ادخاري جاذب.

للوهلة الأولى لا تخطئ العين كيف أن سبائك الفضة أقل حضوراً من سبائك الذهب التي نالت شهرة واسعة وإقبالاً كبيراً في الأعوام الأخيرة، مع تنامي اتجاه المصريين لحفظ مدخراتهم من التآكل، بفعل سلسلة من قرارات تعويم الجنيه التي أضعفت العملة المحلية في مقابل الدولار.

"ذهب الفقراء"

"أفضل ما يميزها أنها بديل ادخاري رخيص السعر ومناسب لدخول الغالبية من المواطنين مقارنة بالذهب، وهي معروفة باسم ذهب الفقراء"، وأشار الصائغ محمود الرفاعي لـ"اندبندنت عربية" إلى أن الطلب على السبائك الفضية متباطئ مقارنة بسبائك الذهب، لكن أقل ما يمكن أن يقال إن هذا الطلب ينمو، وهو ما يفسر اتجاه بعض الشركات لطرح سبائك وجنيهات الفضة المغلفة جنباً إلى جنب مع منتجاتها الذهبية الأخرى.

ويلفت الرفاعي أن للفضيات نشاطاً استهلاكياً واسعاً في السوق المصرية، لكنه يكاد يقتصر على المشغولات الفضية مثل الخواتم والإنسيالات والميداليات قبل أن تشق طريقها إلى نشاط السبك، مع ارتفاع أسعار الذهب بقوة منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

جنيه جورج الخامس

وتتنوع أوزان وأشكال السبائك والجنيهات الفضية، ومن بينها جنيه جورج الخامس الذي يزن ثمانية غرامات من الفضة عيار 925، ويبلغ سعره 625 جنيهاً (12.65 دولار)، والجنيه الإسلامي بسعر 685 جنيهاً (13.87 دولار)، وكذلك سبيكة 10 غرامات بسعر 795 جنيهاً (16.10 دولار)، وسبيكة 250 غراماً بسعر 18015 جنيهاً (364.75 دولار) من عيار 999، والأونصة (31.1 غرام) بسعر 2465 جنيهاً (49.91 دولار) من العيار ذاته.

في تقرير بحثي لمركز الملاذ الآمن، وهو مركز بحثي معني بالمعادن الثمينة، يلفت إلى ظاهرة اتساع الطلب على الجنيه الفضة كبديل للذهب الذي ارتفع 300 في المئة في العامين الأخيرين، وسط ما سماه بـ"عزوف شرائح واسعة من المستهلكين عنه"، والبحث عن بدائل أكثر مناسبة للقدرة الشرائية، وهو ما فتح الباب أمام الصعود اللافت للجنيه الفضة.

"البديل الذكي والاقتصادي"

يصف التقرير، الجنيه الفضة بـ"البديل الذكي والاقتصادي" في ظل ارتفاع سعر الجنيه الذهب إلى مستوى 37 ألف جنيه (749.13 دولار) وتزايد الضغوط المعيشية، لما يحمله في جوهره من الدلالة الاجتماعية والرمزية نفسها، لكن بسعر يناسب إمكانات شرائح واسعة من المجتمع المصري.

 

ويتحدث المركز عن مزية أخرى للفضة، ألا وهي زكاة المال التي تخدم المعدن الأبيض مقارنة بالذهب، فيقول " تعد الزكاة أحد أهم الاعتبارات الشرعية عند الحديث عن اقتناء المعادن، لا سيما عند جمهور كبير من المدخرين المتدينين، وهنا يظهر تباين لافت، إذ إن نصاب زكاة الذهب يمثل 86 غراماً من عيار 24، في حين أن نصاب زكاة الفضة يمثل 595 غراماً من عيار 999، ومن ثم يمكن للشخص أن يمتلك ما يصل إلى 594 غراماً من الفضة من دون أن تجب عليه الزكاة، بينما تتطلب زكاة الذهب عند امتلاك 86 غراماً فقط، والأهم أن زكاة كيلو الذهب تعادل تقريباً 192 ألف جنيه، وهي قيمة تمثل عبئاً مالياً ثقيلاً، في حين أن زكاة كيلو الفضة لا تتجاوز 2400 جنيه فقط، وهو ما يجعل الفضة، من هذه الناحية، خياراً أكثر ملاءمة ومرونة، خصوصاً لصغار المستثمرين الذين يسعون إلى الادخار من دون التعرض لأعباء زكوية كبيرة".

زكاة المال على الفضة

ويعلق أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر الدكتور خالد يوسف على الاستثمار في الفضة باعتبارها كانت وما زالت وسيلة ادخار مشروعة ومنسية، وزكاتها قليلة، ويمكن لصاحب الدخل البسيط اقتناؤها وتداولها بسهولة، في ظل ارتفاع الذهب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وارتفعت الفضة بنحو 18 إلى 22 في المئة منذ بداية عام 2025، مدفوعة بمزيج من الطلب الصناعي القوي والأداء كملاذ آمن، وفي أوائل يوليو (تموز) الجاري، وصل سعر الفضة إلى نحو 36.10 دولار للأونصة، علاوة على تمتعها بوضعية صعودية قوية، مدعومة بالعوامل الصناعية والجيوسياسية والعجز المستمر.

توقعات بارتفاع السعر

وعلى رغم تقلبات السوق، فإن النظرة المتوسطة والطويلة الأجل تظهر تفاؤلاً واسعاً، مع إجماع على أن 2025-2026 ستكون فترة انتقال مهمة، وقد يتجاوز السعر مستويات تاريخية خلال الأعوام المقبلة، إذ تتوقع منصة InvestingHaven أن يصل سعر الأونصة إلى 50 دولاراً بحلول 2026، مع تسارع واضح في 2025.

 

في حين يتوقع محللو "سيتي بنك" استمرار صعود الفضة، مع احتمال بلوغها 46 دولاراً بحلول الربع الثالث من عام 2025، مدفوعة بعجز الإمدادات واستمرار الزخم الصناعي.

تقلب المعدن الأبيض

ويرى محللو سوق المعادن أن الفضة استثمار جيد، وهو أرخص نسبياً، وتاريخياً ارتفع سعرها بنسبة أعلى من الذهب خلال فترة ارتفاع الأسعار، ورفع "بنك أوف أميركا" توقعاته لسعر المعادن في يونيو (حزيران) الماضي إلى 40 دولاراً للأونصة للفضة و4 آلاف دولار للأونصة من الذهب بنهاية العام الحالي.

لكن على رغم ما تحظى به الفضة من السعر الزهيد، إلا أن تقلبها الشديد يثني كثيرين عن قرار الشراء، كما يكشف عنه رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية هاني ميلاد.

الملاذ الآمن الأكثر شعبية

يرى ميلاد في الفضة معدناً ثميناً ومربحاً، لكن مع ذلك تختلف كثيراً من حيث الخصائص والمخاطرة عن الذهب، إذ إنها قد تعرض مقتنيها بقصد الادخار إلى خسائر بالغة عند هبوط الأسعار، وهو ما يتعين معه المتابعة الدقيقة لحركة السوق وامتلاك مهارة التعامل، وهي سمات لا تتوفر في كثير من المستثمرين الصغار.

ويعاود رئيس الشعبة حديثه عن الذهب باعتباره الملاذ الآمن الأكثر شعبية في مصر، بفعل قدرته على حفظ القيمة، وضمان تحقيق المكاسب وجني الأرباح على المدى الطويل، مشيراً إلى أن الذهب يحظى بطلب أكبر وأوسع، ليس محلياً فقط، لكن على المستوى العالمي.

على الأرجح سيظل أداء الفضة رهناً لمسار التوترات الجيوسياسية ومواقف السياسة النقدية الأميركية، إذ إن أي تصعيد جديد أو تحول مفاجئ في نبرة البنك المركزي الأميركي نحو التيسير قد يعيد الزخم الصعودي بقوة للمعدن الأبيض.

اقرأ المزيد