Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلاب إسرائيل يعانون صدمات نفسية واكتئابا بسبب الحرب

63 في المئة من التلاميذ يفكرون في ترك المدرسة و10 في المئة توقفوا بالفعل عن دراستهم

يعاني القطاع التعليمي في إسرائيل من أزمة كبيرة (فلاش-90)

ملخص

في ظل حالي القلق والخوف التي تخيم على الأجواء في إسرائيل، تتصاعد المطالبات في الأوساط التعليمية بضرورة احتساب تقييم المدرسة كبديل لاختبارات الثانوية العامة (شهادة البجروت) لهذا العام.

بعد قصف صاروخي إيراني استهدف تل أبيب وأدى إلى وقوع إصابات وسط تصاعد أصوات الإنذارات، عاشت سارة تسيون (17 سنة) حالاً من الهلع، فأثناء محاولتها الهرب باتجاه إحدى الملاجئ القريبة حيث ظهر عدد من الإسرائيليين مذعورين، رأت سيارة مسرعة اصطدمت بأحدهم أثناء هربه بحثاً عن مأمن، مما شكل لديها صدمة نفسية قاسية أفقدتها القدرة على الكلام بصورة موقتة.

إلا أن عائلتها التي هرعت في ما بعد لعلاجها عند طبيب يعالج من الصدمات النفسية وحالات ما بعد الصدمة، قالت إن الفتاة التي كانت تستعد لامتحان الثانوية العامة قريباً أصبحت أكثر عرضة للدخول في الاكتئاب المزمن بسبب نقص التواصل، وفي ظل حالي القلق والخوف اللتين تخيمان على الأجواء في إسرائيل، تتصاعد المطالبات في الأوساط التعليمية بضرورة احتساب تقييم المدرسة كبديل لاختبارات الثانوية العامة (شهادة البجروت) لهذا العام بسبب الظروف الأمنية والنفسية الصعبة التي يواجهها الطلاب، والتي يرى كثر أنها تعوق قدرتهم على التحضير والتقدم للاختبارات بصورة فعالة، خصوصاً بعد أن أعلن وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش تأجيل اختبارات البجروت التي كانت مقررة هذا الأسبوع لأسبوع إضافي وربما أكثر، فيما أعلنت الجامعات الإسرائيلية تفعيل التعليم عن بعد.

وعقب انطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران في الـ 13 من يونيو (حزيران) الجاري، أصدرت "قيادة الجبهة الداخلية" تعليمات جديدة للمواطنين الاسرائيليين تشمل حظر جميع النشاطات التعليمية والتجمعات ومنع التوجه إلى أماكن العمل، باستثناء القطاعات الحيوية، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أن التقديرات الأولية في شأن الحرب مع إيران والتي كان من المفترض أنها ستنتهي خلال أسبوعين، لم تعد كذلك، وأنه من غير الواضح متى ستصل العملية فعلياً إلى نهايتها.

ووفقاً لما ورد في تقرير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) " فإن إسرائيل تعتبر في المراكز المتقدمة الأولى على مستوى العالم، بعد كندا ولوكسمبورغ، في نسبة المواطنين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و64 سنة والحاصلين على تعليم فوق ثانوي وأكاديمي، والذين تصل نسبتهم إلى نحو 50 في المئة، حيث يوجد في إسرائيل نحو 22050 روضة أطفال و5440 مدرسة يدرس فيها نحو 2.5 مليون طالب وطالبة في المراحل الابتدائية والثانوية، وتشمل المدارس الحكومية والخاصة، وكذلك الطلاب في التعليم العربي والحريدي (المتدين) ويعمل فيها 218 ألف معلم، وينضم إليهم ما يقارب  333045 طالباً في مؤسسات التعليم العالي التي تشمل 10 جامعات و53 كلية معترف بها رسمياً وتشرف عليها هيئة التعليم العالي الإسرائيلية.

قلق دائم

وفي ظل المواجهة غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل، يؤكد تربويون وطلاب أن إجراء اختبارات الثانوية العامة (البجروت) أو التأجيل المتكرر لها قد يؤثران سلباً في نتائجهم ومسيرتهم التعليمية المستقبلية وفرصهم في الالتحاق بالتعليم العالي داخل إسرائيل أو خارجها، ويرى الداعمون لهذا المطلب أن تقييم المدرسة الذي يستند إلى أعوام من المتابعة والتقييم المستمرين من قبل المعلمين، يوفر حلاً عادلاً ومنطقياً في هذه الفترة العصيبة، بينما يرى رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي شرف حسان أن "مطالب احتساب تقييم المدرسة (ماغين) وإلغاء امتحان البجروت مبررة في ظل الخوف والقلق اللذين يعتريان الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور على حد سواء". ووفقاً لتقرير مسحي صادر عن معهد الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست في أغسطس (آب) 2024، فإن 42 في المئة من المدارس في حيفا و36 في المئة من المدارس في حتسور، شمال إسرائيل، و33 في المئة في بيت شان (بيسان) ليست محمية أو أنها تتمتع بحماية منخفضة على رغم إمكان تعرض هذه البلدات فعلاً للصواريخ وغيرها، وبحسب تحليل وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية فإن 15 في المئة من المدارس في إسرائيل لا تحظى بحماية على الإطلاق، و21 في المئة تتمتع بمستوى حماية منخفض أو متوسط، والمقصود بالحماية المنخفضة مؤسسة تكون فيها المساحات الآمنة أقل بالنصف أو أكثر من المعيار المنصوص عليه.

وفي أشدود، وهي أكبر مدينة في المنطقة الجنوبية التي تتعرض لهجمات متكررة بالصواريخ والقذائف، هناك 16 مدرسة من دون حماية أو ذات حماية منخفضة، منها 13 مدرسة في التعليم الحريدي، أما في بني براك فيعاني 41 في المئة (77 من أصل 186 مدرسة) من هذا الوضع، وفي القدس 40 في المئة من المدارس، وهي 251 مؤسسة، تفتقر إلى الحماية أو تتمتع بحماية منخفضة، منها 134 مدرسة تابعة للتعليم الحريدي و102 مدرسة للتعليم العربي.

ضائقة متزايدة

وبحسب نتائج استطلاع للرأي أجراه تجمع المنظمات من أجل الصحة النفسية الجماهيرية عن تأثير الحرب في الطلاب الإسرائيليين بعد مضي أكثر من عام عليها وتمددها إلى جبهات أخرى، تحدث علماء النفس عن وجود ضائقة متزايدة بين الطلاب الإسرائيليين، وإضافة إلى القلق وقلة التركيز والاكتئاب والضيق الناتج من الأحداث الصادمة للحرب، برزت صعوبات في الدراسة وإدارة الروتين وحتى في العلاقات نتيجة للظروف النفسية التي ترتبت على الحرب وأجوائها، وبينت النتائج أن 64 في المئة؜ من علماء النفس الذين استجابوا للمسح أكدوا زيادة في أعداد إحالات الطلاب للعلاج، وأن 61 في المئة من هؤلاء الطلاب انتظروا بالفعل نصف عام للحصول على المساعدة، بينما انتظر 12 في المئة أكثر من عام ، وفيما أكد 76 في المئة من مقدمي الرعاية زيادة في الإحالات للعلاج بسبب طلبات التجنيد والإخلاء المستمر بسبب صافرات الإنذار، ووجود قرابة عائلية مع القتلى والمصابين في الحرب، أشارت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى إحصاء آخر مثير للقلق يظهر في نتائج الاستطلاع، وهو أن 63 في المئة من الطلاب يفكرون في ترك المدرسة وأن 10 في المئة توقفوا بالفعل عن دراستهم، ومع ذلك قال 94 في المئة من علماء النفس إن العلاج ساعد الطلاب في مواصلة دراستهم وتحسين أدائهم اليومي والاجتماعي.

ووفقاً لما رصده اتحاد الطلاب الجامعيين في إسرائيل فإن نسبة مرتفعة من الطلاب يواجهون مصاعب في الدراسة في ظل الحرب متعددة الجبهات، وأن هذه المصاعب تتزايد لدى الذي يشاركون في الحرب بمن فيهم قوات الاحتياط، وستتفاقم هذه المصاعب أكثر في حال استمرار الحرب فترة أطول، وأفاد 77 في المئة من الطلاب الذي يشاركون في الحرب بأن استدعاءهم مرة أخرى للخدمة في الاحتياط خلال العام الحالي سيضع مصاعب أمام قدرتهم على إنهاء العام الدراسي الحالي، فيما يتخوف 40 في المئة من أنهم لن ينجحوا في استيفاء شروط اللقب الجامعي بسبب الخطة التي وضعت لمواصلة دراستهم على رغم استمرار الحرب.

كحول وعقاقير

وبحسب ما جاء في نتائج استطلاع للرأي حول صحة الشباب في جيل المراهقة وتأثيرات الحرب على طلاب المدارس في إسرائيل، قال الخبير الإسرائيلي الدولي في دراسات الإدمان من جامعة بار إيلان يوسي هرئيل إنه في عام 2024 أبلغ طفل واحد من كل طفلين عن اثنين أو أكثر من الأعراض المرتبطة بالضائقة النفسية، ومن بينها آلام الظهر أو المعدة والمزاج السيء، وشدد على أن الأطفال الذين يعانون ضائقة نفسية هم أكثر عرضة للضغوط الاجتماعية وخطر تعاطي المواد المسببة للإدمان، فيما عرضت لجنتا التربية والتعليم ومكافحة استعمال السموم والكحول، التابعتين للكنيست الإسرائيلي، نهاية العام الماضي معطيات مقلقة جداً في شأن استخدام وتعاطي وإدمان الكحول والمخدرات بين طلاب المدارس في إسرائيل، والتي بينت أن واحداً من كل 10 طلاب في الصفوف من الخامس الابتدائي وحتى الــ12 (11 إلى 17 سنة) قد شرب الكحول لدرجة الثمل خلال نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، ووفقاً لبيانات الاستطلاع فقد قام 6.3 في المئة من طلاب الصفوف من السابع وحتى الـ12 بتجربة تعاطي القنب الهندي، وهي نبتة لها مفعول مخدر وتأثيرات على الجسم، خلال الفترة نفسها، كما لوحظ أن ما يقارب 18.5 في المئة من الطلاب في الصفوف من الـ 10 وحتى الـ 12 استخدموا بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مسكنات الألم، أي المواد الأفيونية، من دون وصفة طبية.

 وبحسب بيانات نشرتها جمعية "عيلام" بناء على إفادات 700 شخص جرى إجلاؤهم من الشمال والجنوب، 47 في المئة منهم طلاب مدارس تتراوح أعمارهم ما بين 12 و15 سنة جرى إجلاؤهم وكانوا على اتصال بالجمعية، فإنه بعد اندلاع الحرب جرى الإبلاغ عن استخدام المواد ذات التأثير النفسي، وبحسب البروفيسور عنات شوشاني من جامعة "رايخمان" فإن نتائج استطلاع أجرته بين الطلاب بعد السابع من أكتوبر 2023 تدل على زيادة في مستويات الأعراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق، وهي أعراض تدفعهم لخطر تعاطي المواد الإدمانية، وقد أكد باحث في مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست أنه شخّص 560 طفلاً ومراهقاً في إسرائيل على أنهم مدمنون على السموم والكحول، وعولجوا من خلال عيادات صناديق المرضى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أزمات متتالية

وهناك طلاب حرموا أداء الاختبارات وآخرون التزموا الفنادق والملاجئ وكثير يعانون صدمة نفسية، إضافة إلى صعوبة التعامل مع نقص المعلمين، لذا فإن القطاع التعليمي في إسرائيل يعاني أزمة كبيرة، وخلال مايو (أيار) الماضي شهد جهاز التربية والتعليم الإسرائيلي أزمة متفاقمة تجلت في احتجاجات عارمة وتهديد جماعي بالاستقالة وتعطيل واسع للعملية التعليمية على خلفية قرار الحكومة خفض أجور العاملين في القطاع التربوي والذين يقدر عددهم بـ 250 ألف موظف، في محاولة للحد من العجز المتصاعد بفعل نفقات الحرب المستمرة وما تفرضه من أعباء مالية هائلة على الموازنة العامة. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن الحرب ضد إيران تكلف ملايين الدولارات يومياً، وإضافة إلى ثمن الذخيرة والطائرات فهناك أضرار غير مسبوقة لحقت بالمباني، وتشير بعض التقديرات حتى الآن إلى أن إعادة بناء أو إصلاح الأضرار قد يكلف إسرائيل 400 مليون دولار في الأقل.

ووفقاً للخبراء فإن كلفة اعتراض الصواريخ اللازمة لتفجير الصواريخ الإيرانية يمكن أن تتراوح ما بين عشرات الملايين إلى 200 مليون دولار يومياً، وبحسب يهوشوا كاليسكي من "معهد أبحاث الأمن القومي" فإنه يمكن لـ "مقلاع داوود" الذي طورته إسرائيل والولايات المتحدة إسقاط صواريخ قصيرة إلى طويلة المدى ومسيرات ومقاتلات، إذ يستخدم صاروخين اعتراضيين، في حين قدر المعهد أن كلفة حرب إسرائيل مع إيران التي قد تستمر شهراً واحداً هي 12 مليار دولار، بينما تقدر كلفة العمليات العسكرية المتواصلة على غزة، وفق البنك المركزي الإسرائيلي، بنحو 150 إلى 200 مليون شيكل يومياً (43 إلى 57 مليون دولار)، أي ما يصل إلى مليار شيكل أسبوعياً (286 مليون دولار).

ولهذا السبب يرى محللون أن هذه الكُلف قد تزيد الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب بسرعة، فمع تراجع الدعم الشعبي للقرارات التقشفية للحكومة الإسرائيلية سعياً إلى التغطية على عجز الموازنة بسب الإنفاق الزائد على الحرب، تزداد المخاوف من امتداد هذه التوترات إلى قطاعات مدنية أخرى، مما قد يضاعف آثار الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها إسرائيل بصورة لم تعهدها في تاريخها الممتد منذ 77 عاماً، ووفقاً لعضو مجلس بلدي تل أبيب- يافا، تسيبي براند، فإن أزمة جهاز التعليم المتفاقمة في ظل الحرب تعكس انهياراً أوسع في المنظومة السياسية والاجتماعية داخل إسرائيل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير