Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكوماندوز البحري الإسرائيلي "شايطيت 13"... وحدة بعمر دولة

ظلت تعمل بسرية حتى ستينيات القرن الماضي وحصدت المرتبة الثالثة بين أقوى الوحدات الخاصة في العالم

من أهم ثلاث وحدات خاصة في الجيش الإسرائيلي، وهي وحدة استطلاع أساسية والأكثر تدريباً وسرية (موقع الجيش الإسرائيلي)

ملخص

لا تقتصر مهام "شايطيت 13" على الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية البحرية المتعلقة بالعمليات العسكرية التي قد تطاول إسرائيل، بل تمتد لقيامها بالاجتياحات والتوغلات البرية ومداهمة السفن وتحرير الرهائن.

لم تنته قضية السفينة "مادلين"، التي كانت تحمل مساعدات غذائية، في طريقها لكسر الحصار البحري عن قطاع غزة، عند اعتراض قوات البحرية الإسرائيلية ومهاجمة الكوماندوز البحري الإسرائيلي للسفينة في المياه الدولية واعتقال 12 ناشطاً كانوا على متنها، منهم الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ وعضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن، وإنما بدأت تفاعلات وتداعيات الهجوم الإسرائيلي على السفينة بعد ذلك، فالتأييد الدولي الواسع الذي حظي به نشطاء "مادلين" خلال إبحار السفينة، وخروج عدد من التظاهرات في مدن أوروبية بعد اختطافها تضامناً مع ركابها وتأييداً لرسالتها، حفز المنظمات الإنسانية في العالم على تكرار التجربة ولكن بحشد دولي أكبر.

وأعلنت مؤسسات مجتمع مدني ماليزية عزمها تدشين أكبر أسطول بحري لفك الحصار عن غزة يستند إلى القانون البحري الدولي، مع التركيز على الطابع الإنساني للشحنات، ووجود مراقبين وفرق إعلامية لضمان الشفافية. وعلى رغم أن المبادرة الماليزية مستلهمة من روح "أسطول الحرية" عام 2010، فإنها تتسم بمشاركة أوسع على المستوى العالمي، إذ يجري الإعداد لتسيير 1000 سفينة من جميع أنحاء العالم، في محاولة لتحريك الرأي العام الدولي ضد استمرار الحصار على قطاع غزة، وممارسة ضغط سلمي وأخلاقي على إسرائيل.

 

وعلى رغم أن مجلس تنسيق المنظمات الإسلامية الماليزية (مابيم) لم يحدد موعد ومكان انطلاق "أسطول الحرية" الثاني لفك الحصار عن غزة، يجري سلاح البحرية الإسرائيلي في الفترة الأخيرة تدريبات مكثفة للسيطرة على "أسطول الحرية 2" ومنعه من الوصول إلى شواطئ غزة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي بدأ التدريب والتحضير لمداهمة السفن وبدء مقاتلي "شايطيت 13" (وحدة النخبة في البحرية الإسرائيلية) الاستعداد لكل سيناريو محتمل، خصوصاً في ظل تأكيدات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن "إسرائيل ستتحرك ضد أي محاولة لكسر الحصار أو لمساعدة منظمات إرهابية، بحراً أو جواً أو براً".

وتعتبر "شايطيت 13" (وحدة الكوماندوز التابعة للبحرية الإسرائيلية) التي تتولى العمليات البحرية الخاصة وحماية الحدود البحرية لإسرائيل، من أهم ثلاث وحدات خاصة، وهي وحدة استطلاع أساسية في الجيش الإسرائيلي والأكثر تدريباً وسرية، وشاركت في جميع حروب إسرائيل وعلى جميع الجبهات، ونفذت مجموعة واسعة من المهام الخاصة، وإلى جانب مهامها البحرية أصبحت "شايطيت 13" بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وللمرة الأولى ذراعاً إضافية لفرقة مشاة نظامية، دُربت لتكون قادرة على القيام بمهام برية خاصة.

الأسطول الـ13

مع قيام دولة إسرائيل عام 1948 عملت منظمة "البلماخ" العسكرية الصهيونية على تأسيس قوة بحرية خاصة بها تحت اسم "باليام" للوصول إلى الأهداف من خلال البحر والغوص والمعدات المائية، لكن قلة الدعم المادي وعدم خضوع عناصرها لتدريبات كافية، فضلاً عن سوء المعدات المتاحة، كانت سبباً في فشل عديد من العمليات آنذاك، لكن الوحدة سرعان ما طورت من قدراتها في جمع المعلومات الاستخباراتية البحرية وإنقاذ الرهائن في البحر والصعود على متن السفن حتى أصبح يطلق عليها عام 1952 اسم "شايطيت 13"، وتعني "الأسطول 13"، وظلت تعمل بسرية تامة حتى أعلن عنها عام 1960، وبعد أن تنبهت السلطات الإسرائيلية لأهمية دورها في سبعينيات القرن الماضي، عملت على تأهيل عناصرها وإخضاعهم لتدريبات عسكرية بحرية وبرية مكثفة، وأخذت تنفذ مهام شديدة السرية وعالية الخطورة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حتى أصبح يشار إليها بأنها من أفضل الوحدات الخاصة ورأس حربة الجيش الإسرائيلي، لا سيما في العمليات البحرية، لدرجة أن قيادة الجيش في أواخر ثمانينيات القرن الماضي عملت على استغلال مؤهلات عناصرها وعينت بعضهم ضباطاً لقيادة الوحدات الخاصة الجديدة حينها مثل وحدتي "إيغوز" و"دوفدوفان"، اللتين كانتا في حاجة إلى المهارات والخبرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا تقتصر مهام "شايطيت 13" على الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية البحرية المتعلقة بالعمليات العسكرية التي قد تطاول إسرائيل، بل تمتد إلى قيامها بالاجتياحات والتوغلات البرية ومداهمة السفن وتحرير الرهائن، إلى جانب التصدي للعمليات العسكرية أو ما يسمى الإرهاب والتخريب والإضرار بالبنى التحتية البحرية.

تدريب صارم

لمدة ثلاثة أعوام يخدم الجنود المنتسبون إلى "شايطيت 13" بصورة إلزامية، ويلحقونها بثلاثة أعوام أخرى من الخدمة المهنية، وفيما لا ينجح إلا عدد قليل جداً منهم في اجتياز سلسلة من الاختبارات البدنية والعقلية الشاقة التي يخضعون لها لمدة أربعة أيام متتالية، يلتحق الناجحون لمدة ستة أشهر إضافية بعد ذلك ببرنامج صارم يعتبر من أقسى الدورات التدريبية في الجيش الإسرائيلي، ويتحملون تدريبات شاقة جداً مقارنة بوحدات الجيش الأخرى، وتبدأ بمرحلة تدريبهم على مهارات المشاة الأساسية والمتقدمة في مدرسة المشاة التابعة للجيش الإسرائيلي لمدة ستة أشهر، يتبعها تدريب عناصر الوحدة في مدرسة الدفاع للمظليين على التدريب المظلي مدته ثلاثة أسابيع، ومن ثم يجري تدريبهم بصورة متقدمة لمدة ثلاثة أشهر على استخدام الأسلحة وقيادة السفن القتالية والبوارج والسباحة لمسافات طويلة وزرع المتفجرات، التي عادة ما تتم في قاعدة "عتليت" البحرية جنوب حيفا، التي تعتبر القاعدة الرئيسة لوحدة "شايطيت 13".

 

ما إن ينهي المنتسبون التدريبات المكثفة في القتال البحري والتعامل مع الظروف الشديدة الخطورة تحت الماء، مثل البرد القارس والظلام وزيادة الضغط مدة أربعة أسابيع، يخضع من تبقى من المجندين لتدريبات خاصة أشد صرامة عن سابقتها لنحو عام، وغالباً ما تشهد هذه المرحلة انسحاب كثير من المجندين لعدم قدرتهم على تحمل التدريبات. وتعتبر فرقة الغارات من البحر إلى البر أصغر الفرق الرئيسة حجماً في وحدة "شايطيت 13"، بحيث توكل إليها مهمة الهجوم البري والبحري وتنفيذ الاغتيالات وإنقاذ الرهائن، كذلك فإن طبيعة الوحدة البرمائية تساعدها على الانتقال بسلاسة إلى العمليات البرية، فيما يلتحق بفرقة العمليات تحت الماء، المعروفة بفرقة الضفادع البشرية (سنابير) أفضل منتسبي الوحدة، الذين يتولون تنفيذ المهام المعقدة تحت الماء من بحث وإنقاذ. وإلى جانب انتشال السفن والطائرات المغمورة، تقوم الفرقة بالإصلاحات المختلفة تحت الماء، وإبطال مفعول الألغام القديمة والأسلحة المتفجرة، ومنع توغلات غواصين من الجانب المعادي، وزرع المتفجرات، وجمع معلومات استخباراتية عبر الاقتراب من سفن العدو وموانئه، كذلك فإنها مسؤولة عن الحراسة البحرية الإسرائيلية للأمن الداخلي، ومكلفة الرد السريع في حال اختراق التهديدات لما تعتبره إسرائيل "مياهها السيادية". في حين تعمل أكبر فرق الوحدة عدداً فوق الماء، فإنها تقوم بمهاجمة السفن ومداهمة الشواطئ وتوصيل أعضاء سرايا الغارات وسرايا تحت الماء إلى أهدافهم عبر زوارق سريعة.

جميع الحروب

منذ إنشائها أدت "شايطيت 13" دوراً رئيساً في جميع الحروب والمواجهات التي خاضتها إسرائيل، ونفذت مجموعة واسعة ومتنوعة من المهام الخاصة والسرية على جبهات متعددة، وبعد أن أثبتت حضورها في عملية اختراق مرفأ بيروت عام 1958 كان لها دور رئيس في اغتيال ثلاثة قادة بارزين من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في لبنان عام 1973، وفي العام نفسه تمكنت الوحدة من تنفيذ سلسلة من الغارات على الموانئ المصرية، وأغرقت مجموعة من الزوارق البحرية في ميناء الغردقة، كما فجروا الرصيف الرئيس للميناء. وفي مطلع ثمانينيات القرن الماضي بدأت الوحدة تكثيف أنشطتها في مهاجمة سفن تابعة لجهات تصنفها إسرائيل بأنها معادية، وزرعت الألغام وفجرت مقارها ونصبت المكامن.

 

وشارك عناصر الوحدة الإسرائيلية في عملية معقدة لاغتيال القيادي البارز في حركة "فتح" خليل الوزير، في ضاحية سيدي بوسعيد بالعاصمة التونسية عام 1988، بعدما نفذ عناصرها عملية إنزال على شاطئ البحر، واستقلوا مركبات كانت معدة مسبقاً، ونجحوا في اغتياله وسط منزله. كذلك اعتمدت إسرائيل على هذه الوحدة التي كان عملها يتطور بصورة سريعة، لإنشاء جسر عبور للدبابات الإسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية، بعد الهجوم من البحر في بيروت عام 1982.

وتزامناً مع عملياتها البحرية، نشطت "شايطيت 13" في الضفة الغربية وغزة، وشاركت في الاعتقالات والحروب على القطاع عام 2008 و2014 و2023. وفي اعتراض السفن ومداهمتها، إذ استولت الوحدة منذ عام 2002 على كثير من السفن بذريعة أنها محملة بأسلحة ومواد متفجرة، لكن اعتراضها لـ"أسطول الحرية" أثناء عبوره المياه الدولية قبالة سواحل قطاع غزة عام 2010، واعتدائها على المتضامنين فيه وقتل تسعة نشطاء أتراك أثار ضجة عالمية.

وبحسب تصنيف نشره موقع "رانك ريد" الأميركي، فإن ذلك لم يؤثر في مكانة وحدة النخبة البحرية الإسرائيلية "شايطيت 13" التي حصدت المرتبة الثالثة بين أقوى الوحدات الخاصة في العالم لعام 2019. كذلك فإن الوحدة إلى اليوم تعتبر من أكثر الوحدات حصولاً على الأوسمة في الجيش الإسرائيلي.

المزيد من تقارير