Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القطب الجنوبي للقمر... مساحات طبيعية في غاية الجمال

أصبح خلال فترة قياسية الوجهة المفضلة لكبرى وكالات الفضاء وكثير من العلماء حول العالم

يرى كثير من العلماء أن القطب الجنوبي للقمر يتميز بخصائص مذهلة تتيح فرصاً جديدة للعلوم (pixabay)

ملخص

تضم منطقة القطب الجنوبي القمري مساحات طبيعية في غاية الجمال تغمرها أشعة الشمس شبه الدائمة، وأخرى ملاصقة لها تقع في ظلام دامس.

في القطب الجنوبي للقمر تحوم الشمس أسفل الأفق أو فوقه بقليل، مما يؤدي إلى درجات حرارة تزيد على 54 درجة مئوية (130 درجة فهرنهايت) خلال فترات سطوع الشمس.

بتفاؤل كبير قالت إحدى باحثات "ناسا" قبل أعوام عدة عن فكرة استكشاف القمر، إن استكشاف القمر يمثل قرناً سعيداً واستكشافاً جديداً للبشر. وأضافت أن بعد أكثر من 50 عاماً من رحلة أبولو، لن نعود إلى القمر فحسب، بل سنذهب إلى موقع فريد من نوعه لبدء حقبة جديدة من علوم الفضاء العميق. لكن خفض موازنة الوكالة الحكومية الأميركية العملاقة للفضاء يهدد اليوم بسحق كل هذه التمنيات. وعلى رغم ذلك، يرى كثير من العلماء أن القطب الجنوبي للقمر يتميز بخصائص مذهلة تتيح فرصاً جديدة لعلوم الفضاء العميق على المدى الطويل. ومنذ عقود يروج كثير من علماء "ناسا" لنظرة خيالية أكثر من كونها علمية عن القمر، لذلك تبدو كتابات بعضهم تحديداً عن القمر بكل أطوارها كما لو أنها جزء من حكايات الأفلام وبعض الروايات الرومانسية.

وجهة مفضلة

أصبح القطب الجنوبي للقمر تحديداً وخلال فترة قياسية الوجهة المفضلة لكبرى وكالات الفضاء وكثير من العلماء حول العالم، وسبب هذه النظرة الحالمة كما يقولون أنه على عكس خط الاستواء القمري المألوف تضم منطقة القطب الجنوبي القمري مساحات طبيعية في غاية الجمال، تغمرها أشعة الشمس شبه الدائمة، وأخرى ملاصقة لها تقع في ظلام دامس. ويضفي هذا التناقض الطبيعي، الذي يؤدي إلى تجاور الضوء والظلال، منظراً طبيعياً يبدو وفق بعض الصحافيين المتخصصين في هذا المجال والذين شاهدوا هذا المنظر من كثب، كأنه منظر من عالم آخر!

شاعرية العلماء

على سبيل المثال يقول أنيت أوي محرر موقع Discover WildScience العلمي المتخصص في الفضاء، ضمن مقالة تحت عنوان "ماذا يعني القطب الجنوبي للقمر للمستعمرات البشرية المستقبلية؟"، "تخيل أنك تحدق في البدر خلال ليلة صافية كما فعل الملايين لقرون، وتدرك أنه في مكان ما قرب قطبه الجنوبي الغامض والمظلم، قد تبني الأجيال القادمة منازلها وتزرع حدائقها، بل وتضحك تحت سماء مختلفة. فالقطب الجنوبي للقمر ليس مجرد مشهد رمادي مليء بالفوهات كما يبدو بالنسبة إلى الأشخاص العاديين، بل مكان زاخر بالإمكانات والتشويق، ومسكون بوعود ستحقق فصولاً جديدة من حياة البشرية". ويضيف أوي "لكل من تساءل يوماً أين قد تقع قفزتنا العملاقة التالية؟ فإن الأسرار المخفية في تلك التلال الباردة المضاءة بنور الشمس والظلال الأبدية قد تكون ذلك المكان، وأنها قد تغير كل ما نعرفه عن بناء حياة جديدة لنا بعيداً من الأرض".

جاذبية القمر

المقصود بالجاذبية هنا هو مبدأ الجاذبية الحقيقي والعلمي للقمر وليس الرومانسي أو الخيالي. فالقطب الجنوبي للقمر وفق بيانات "ناسا" يتميز باحتمالية احتوائه على موارد حيوية للحياة، مثل جليد الماء المتجمد داخل الفوهات البركانية، ويؤكد العلم أن فكرة استغلال هذه الموارد لم تعد مجرد خيال علمي بل أساس خطط المستعمرات البشرية العملاقة المستقبلية فوق تراب هذا الكوكب، إذ إن الحماسة التي تسود هذه المنطقة ملموسة، وكل اكتشاف جديد هناك يعزز حلم البشر في اتخاذ القمر موطناً ثانياً لهم بعد الأرض.

من الواضح أن اكتشافات "ناسا" تعد الملهم الوحيد لخيال العلماء في هذا المجال، إذ يستمد أوي وغيره من الصحافيين والعلماء خيالهم هذا حول القمر من مقالات تنشرها الوكالة منذ أعوام عدة حول هذه الفكرة. وفي هذا السياق، كتبت باحثة حالمة من "ناسا" وهي إيرين ماهوني خلال الـ18 من أغسطس (آب) 2022 على موقع الوكالة الرسمي، مقالة تحت عنوان "القطب الجنوبي للقمر مليء بالغموض والعلم والإثارة!"، واحتوت المقالة إلى جانب الكلام عن الغموض والعلم والإثارة فوق سطح القمر، صورة لمنطقة محددة من القطب الجنوبي للقمر أطلق عليها علماء "ناسا" اسماً غير رسمي وهو منطقة "كتلة مالابارت".

تعليق الوكالة الأميركية على الصورة

وعلقت الوكالة الأميركية الحكومية على الصورة بالقول إنه يُعتقد أن كتلة مالابارت (اسم غير رسمي) هي من بقايا حافة حوض أيتكين- القطب الجنوبي، والتي تشكلت قبل أكثر من 4 مليارات عام. وأخيراً، اختيرت هذه القمة الرائعة (أسفل اليسار) كمنطقة هبوط مرشحة لمهمة "أرتميس 3"، وبلغ عرض هذه الصورة 25 كيلومتراً في منتصف منطقة الكتلة.

مصدر هذه الصورة كما جاء في موقع "ناسا" هو وكالة ناسا/GSFC/جامعة ولاية أريزونا (التقطت الصورة باستخدام كاميرا ضيقة الزاوية دقيقة للغاية).

الإضاءة والتضاريس

 واحتوت المقالة التي كتبتها الباحثة في "ناسا" ماهوني على شرح لنقاط عدة أهمها الإضاءة والتضاريس داخل تلك المنطقة، وآفاق هذا الاكتشاف التي تبشر بقرن جديد للفضاء يحمل معه أملاً باستكشاف جديد. وتقول ماهوني إن "ناسا" تضع أنظارها على منطقة القطب الجنوبي للقمر استعداداً لعصر "أرتميس" لاستكشاف الإنسان للقمر. الظروف القاسية والمتناقضة تجعله موقعاً صعباً على سكان الأرض للهبوط والعيش والعمل، لكن خصائص المنطقة الفريدة تبشر باكتشافات علمية غير مسبوقة في الفضاء السحيق، والتي قد تساعدنا على معرفة مكاننا داخل الكون والتعمق في النظام الشمسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التضاريس والظلال

في القطب الجنوبي للقمر أيضاً تحوم الشمس أسفل الأفق أو فوقه بقليل، مما يؤدي إلى درجات حرارة تزيد على 54 درجة مئوية (130 درجة فهرنهايت) خلال فترات سطوع الشمس، حتى خلال فترات سطوع الشمس هذه تلقي الجبال الشاهقة بظلال داكنة، وتحمي الفوهات العميقة ظلاماً دائماً في أعماقها، وبعض هذه الفوهات موطن لمناطق مظللة بصورة دائمة لم تر ضوء الشمس لمليارات الأعوام، وتشهد درجات حرارة منخفضة تصل إلى -334 درجة فهرنهايت (-203 درجة مئوية).

نظام توجيه آلي

وسيتمكن رواد الفضاء الذين يهبطون على سطح القمر من التحكم يدوياً في نظام التوجيه الآلي الموجود على متن المركبة عند الحاجة، كما فعل نيل أرمسترونغ عندما قاده نظام التوجيه في مركبة "إيغل" مسافة أربعة أميال عن مساره، متجهاً نحو حقل من الصخور. وكان لدى أرمسترونغ رؤية واضحة ومشرقة للقمر من الأسفل، لكن رواد فضاء "أرتيمس" ستكون رؤيتهم مشوشة، إذ تخفي الظلال الداكنة الطويلة معالم تضاريسية مهمة. ولمساعدتهم على التنقل، سيتمتعون بميزة الخرائط المحملة مسبقاً التي توفر تفاصيل طبوغرافية من البعثات الروبوتية مثل مسبار الاستطلاع القمري (LRO)، إضافة إلى تدريب متقدم باستخدام تقنيات غير متاحة لأطقم "أبولو".

يذكر أن خفوض موازنة "ناسا" المنتظر إقرارها من الكونغرس الأميركي قريباً، ألغت بصورة شبه كاملة مهمة "أرتميس" القمرية. وعلى رغم ذلك، ما زالت دراسات "ناسا" تؤكد أن الاكتشافات الرائدة التي حققتها البعثات الروبوتية مثل مسبار الاستطلاع القمري (LRO)، والقمر الاصطناعي لرصد واستشعار الفوهات القمرية، ومرصد صوفيا الطائر وغيرها من المهام والبعثات، أكدت جميعها أن القمر ليس عالماً جافاً خاملاً تماماً كما يتوهم كثر.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم