ملخص
يقول الكاتب والمحلل السياسي السوري خلدون النبواني إن المسلحين الأجانب يجري تجنيسهم بينما أبناء الوطن يحتاجون إلى تأشيرة دخول.
فوجئ السوريون بإعلان المبعوث اﻷميركي الخاص إلى دمشق توم باراك، موافقة الولايات المتحدة على خطة مطروحة من قبل القيادة الجديدة للسماح لآلاف المقاتلين الأجانب الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة، بالانضمام إلى الجيش الوطني الجديد شرط أن يُنجز ذلك بشفافية.
ثلاثة مسؤولين دفاعيين سوريين تحدثوا بدورهم عن أن الخطة تنص على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة مشكلة حديثاً، وهي الفرقة 84 من الجيش السوري التي ستضم سوريين أيضاً.
استياء وإحباط
هذا الخبر نزل كالصاعقة على بعض السوريين، فعبروا عن استيائهم وإحباطهم من الخطة المطروحة، إذ كانوا يعتقدون بأن الدول الغربية تعمل حتى لا يصبح ذلك حقيقة على أرض الواقع، ليأتي القرار من واشنطن نفسها.
الناشطة والمحللة السياسية السورية فرح يوسف كتبت على حسابها في "فيسبوك"، "كلما قلت لنفسي يجب أن أتفاءل قليلاً فربما من يحكمون دمشق اليوم تغيروا، لأقرأ بعدها خبراً كارثياً جديداً".
وطرحت يوسف بعض الأسئلة، ما هذا العقاب الجماعي على الشعب السوري؟ ماذا يعني أن يتفق الرئيس السوري أحمد الشرع وأميركا على توطين المقاتلين الإرهابيين؟ ولماذا نضطر إلى البقاء مرعوبين من أننا بؤرة نزاع ومن وجود الإرهابيين بيننا في أرفع المناصب؟
وتنبه إلى أن الإدارة السورية تخشى من انقلاب المجموعات المسلحة عليها، مشيرة إلى أن السوريين هم من يدفعون فاتورة ذلك. وقالت "لا نريد الإيرانيين ولا ’حزب الله‘ ولا الإيغور ولا التركستان ولا الفرنسيين ولا السنغال ولا مخلوقاً ترك بلاده وحل علينا بمشروع عابر للحدود".
أسلحة المأجورين
أما الكاتب والمحلل السياسي السوري خلدون النبواني فكتب أن المسلحين الأجانب يجري تجنيسهم بينما أبناء الوطن يحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى بلدهم، ثم ألحقه بمنشور آخر للدلالة على فداحة هذا القرار، فاقتبس فقرة من كتاب "اﻷمير" لمكيافيلي، "أنا أرى أن الأسلحة التي يدافع بها أمير عن ممتلكاته إما أن تكون أسلحته الخاصة، أو أسلحة لقوات مأجورة أو أسلحة حلفاء له أو مختلطة، وأسلحة المأجورين والحلفاء بلا فائدة وخطرة، وكل من يقيم دولته على أسلحة قوات مأجورة لن يستطيع التأكد من قوة وثبات ولايته لأنها قوات مفككة ولها مطامعها الخاصة، وغير منظمة ولا عهد لها. وهي تبدو قوية أمام الأصدقاء، لكنها جبانة عند مواجهة الأعداء".
أما الصحافية والمذيعة ريما نعيسة، فكتبت أن "ضم المقاتلين الأجانب إلى الجيش السوري يعني منحهم الجنسية، يعني ما عادوا أجانب، نحن صرنا أجانب، أهلاً بالإيغور في الجيش السوري". بينما قال المحامي زيد العظم، "من الآن فصاعداً، وداعاً للساحل السوري، وأهلاً بكم في الساحل الإيغوري، بعد السماح لانضمام 3500 مقاتل تركستاني متشدد إلى الفرقة 84 الموجودة في الساحل"، مشيراً إلى أن الساحل في سوريا يتحول تدريجاً إلى منتجع إرهابي فاخر.
بينما كشفت المذيعة ريم بو قمرة خلال برنامجها المسائي على القناة "عندما اجتمعنا مع الرئيس الشرع في لقاء مغلق في دمشق وبعيد من اﻹعلام، سألته عن عدد المقاتلين اﻷجانب، فقال لي أمام عدد كبير من الزملاء إنهم بالعشرات لنتفاجأ أنهم باﻵلاف".
بين النكتة والتأييد والمعارضة
أما عن آراء السوريين، فكتب بعضهم على صفحاتهم ومن بينهم معارضون وآخرون مؤيدون حاولوا مقارنة الوضع بالسابق، فقال أحدهم، "الإيغور أسهموا في تحرير سوريا من بقايا الغزوات الصليبية وأبناء الزيف التاريخي وما يسمى ’شركاء الوطن الطائفيين‘ الذي قتلوا 2 مليون سوري خلال 14 عاماً وهجروا 13 مليوناً".
وكتبت أخرى، "ناس وقفوا ودافعوا معنا وانتصرنا، أنقول لهم شكراً مع السلامة، فهذه قلة أصل ونحن شعب أصيل، أهلا بهم في بلدهم وهذا أقل شيء نستطيع أن نقدمه لهم بعدما قدموا أرواحهم". بينما قالت إحدى السيدات المعارضات للخبر، "عوضاً عن محاسبتهم على إجرامهم في الساحل، جرت مكافأتهم بضمهم إلى الجيش النظامي ومنحهم الجنسية السورية، عليه العوض ومنه العوض، الله يرحمك سوريانا".
فيما خرجت بعض النكات واﻷغاني التي تعبر عن استهزائها بهذا القرار وما وصلت إليه سوريا، فكتب أكرم خزام، "إرفع رأسك فوق أنت إيغوري حر". وانتشرت أغنية شاركها كثير من الناشطين والفنانيين تقول، "مين إيغور إنّي لغيرك، أنا ليك ماني لغيرك، أنا متعلق مصيري، يا حبيبي في مصيرك"، وهي مأخوذة من أغنية للفنان راشد الماجد "من يقول إني لغيرك".
أما الحساب الذي يدعى "ماغوط حوران"، فكتب "اليوم طالعتنا المواقع الإخبارية بالبشارات المقلقة وجاء عزيز قومهم بكتاب توطين أبناء إقليم شينجيانغ الصيني (تركستان الشرقية) ليندمجوا بالآلاف المؤلفة في جيش الوطن العربي السوري مكافأة لهم على دحر الطاغية في أخطر عبث بأخطر مؤسسات الوطن السوري".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي لفتة مختلفة كتب رئيس التيار المدني السوري الحر في واشنطن عزيز وهبي بعد حديثه مع أحد كبار المسؤولين عن الملف السوري، تحديداً في وزارة الخارجية، فأجابه "نحن في النهاية لسنا مجبرين على حماية الشعب السوري ولكن من حقنا الطبيعي كقوة عظمى بأن نحمي مصالحنا الاستراتيجية في المنطقة وعلى الشعب السوري أن يتحمل مسؤوليته حول هذا الموضوع، فالشروط المفروضة تتضمن إبعاد هؤلاء المقاتلين من المشهد السوري، بخاصة بعد تورطهم الواضح في مجازر الساحل".
ويعلق عزيز على هذا الكلام ضمن المنشور نفسه بالقول، "يبدو أن المشهد السوري يزداد تعقيداً بعد هذه التصريحات الرنانة من قبل المبعوث الرئاسي الأميركي، بخاصة بعد تأزم الأوضاع في الشأن الروسي- الأوروبي، فهذا التناقض الكبير والسريع ما بين شروط الحكومة الأميركية حول موضوع المقاتلين الأجانب وما بين تصريح المبعوث الأميركي الحالي، فإن دل على شيء فهو يدل على أنها ورقة ضغط حالية على الوجود العسكري الروسي في الساحل وليس قراراً تتبناه واشنطن وربما قد يكون من إحدى المحاولات السياسية الذكية لسحب ورقة المقاتلين الأجانب من يد السيطرة التركية الأكثر خطورة على وجود إدارة الحكومة الموقتة".
من هم هؤلاء اﻹيغور؟
والإيغور هم مجموعة عرقية تعيش في منطقة شينجيانغ الواقعة شمال غربي الصين، ويتحدث الإيغور اللغة التركية، ويعتبرون أنفسهم ينتمون إلى دولة تركستان الشرقية وهي مقاطعة شينجيانغ الصينية، ولديهم حزب في سوريا منذ أن أتوا إليها وهو "الحزب الإسلامي التركستاني".
وبررت مصادر مقربة من وزارة الدفاع السورية هذا التوجه، مشيرة إلى أن الشرع ودائرته المقربة كانا يجادلان محاوريهما الغربيين بأن دمج المقاتلين الأجانب في الجيش يشكل خطراً أمنياً أقل من التخلي عنهم، مما قد يدفعهم للانضمام إلى ’القاعدة‘ أو تنظيم ’داعش‘".
وحول هوية بعض هؤلاء المقاتلين، أوضح مسؤول سوري ودبلوماسي أجنبي أن المقاتلين الإيغور الآتين من الصين وآسيا الوسطى أعضاء في "الحزب الإسلامي التركستاني" المصنف منظمة إرهابية من جانب بكين، وسعت الصين إلى تقييد نفوذ هذه الجماعة في سوريا.
وفي رد فعل على هذه التطورات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، "نأمل في أن تعارض سوريا جميع أنواع الإرهاب والقوى المتطرفة، استجابة لمخاوف المجتمع الدولي". في وقت أعلن المسؤول السياسي في "الحزب الإسلامي التركستاني" عثمان بُغرا خلال بيان مكتوب لـ"رويترز" أن "الجماعة جرى حلها رسمياً ودمجها في الجيش السوري. وفي الوقت الحالي، تعمل الجماعة بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع وتلتزم السياسة الوطنية، ولا تحتفظ بأية ارتباطات مع جهات أو مجموعات خارجية".