Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفقة زيلينسكي مع ترمب لن توقف الحرب في أوكرانيا

يرى البعض أن مساعدة كييف لا تستحق المجازفة باندلاع حرب لكن عدم مقاومة روسيا سيعرض كل شيء تقريباً للخطر

زيلينسكي وترمب في الصورة يتحدثان في الفاتيكان خلال جنازة البابا فرنسيس (المكتب الصحافي الرئاسي الأوكراني)

ملخص

الاتفاق بين واشنطن وكييف لا يضمن أمن أوكرانيا فعلياً، بل يعكس رغبة أميركية في التقارب مع روسيا، ما يُضعف موقف أوكرانيا ويُبقي الحرب مفتوحة

استهلكت وسائل الإعلام مساحات شاسعة في تقديم صورة مغلوطة لما بات يُعرف بـ"صفقة المعادن" بين واشنطن وكييف. وطغت على معظم التحليلات مبالغات تماثل أسلوب ترمب المعهود في التضخيم، حيث وُصفت الاتفاقية بعبارات فخمة مثل "تاريخية" و"ذات أهمية استثنائية"، وبأنها تغير جذري في السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا... وبالتالي تجاه روسيا أيضاً.

ليس بهذه السرعة. فعلى رغم أن كثيرين ابتهجوا لمجرد ذِكر أو الاعتراف بالغزو الروسي لأوكرانيا من الجانب الأميركي، وما بدا أنه التزام بمستقبل أوكرانيا ذات سيادة واستقلال (ولو ضمناً)، فإن الحقيقة أكثر تعقيداً.

ومما لا شك فيه أننا نلمس تعافياً ملحوظاً من آثار ذلك اللقاء المثير للجدل الذي جمع الرئيسين الأوكراني والأميركي في المكتب البيضاوي خلال فبراير (شباط) الماضي. وتظهر بنود الاتفاق الراهنة بصيغة أقل إجحافاً من تلك الشروط التي قُدمت لأوكرانيا (والتي قوبلت بالرفض) في وقت سابق من العام الحالي.

من الضروري التأكيد أن هذا الاتفاق يخلو تماماً من أي التزامات أمنية ملموسة تجاه أوكرانيا- ولا يتضمن أي تعهد بوجود أميركي (يتعدى نطاق العلاقات التجارية) لمساندتها. ومن حيث الجوهر، تكرس هذه الوثيقة نهاية حقبة المساعدات العسكرية الأميركية غير المستردة التي تلقتها أوكرانيا سابقاً، وتفرض على كييف من الآن فصاعداً تحمل أعباء قروض مقابل أي معدات عسكرية أميركية قد تتسلمها لاحقاً (حتى من دون تقديم ضمانات بتوفير هذه المعدات).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما المنافع التي ستجنيها أوكرانيا- بعيداً من المظهر الإيجابي لمجرد توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة– فتحيط بها شكوك كبيرة، ويبقى ما قد يتحقق منها على أرض الواقع رهيناً بانتهاء المواجهات العسكرية، إن تحقق أصلاً.

في الواقع، وبحسب تفسير النص، فإن الاتفاق يلمّح إلى احتمال أن تكون للولايات المتحدة يد في مسألة إجراء الانتخابات في أوكرانيا (وهو ما يريده الكرملين)، وذلك من خلال إصرارها– المنافق نوعاً ما– على ضرورة تمسك أوكرانيا بالقيم الديمقراطية. كما قد يكون للولايات المتحدة رأي أيضاً في مسألة انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي (وهو ما يرفضه الكرملين). ومن السذاجة أن نعتقد أن ترمب والمقرّبين منه لن يسعوا إلى فرض متطلبات روسيا في هذين الملفين.

غير أن السبب الجوهري لانعدام الثقة في هذا الاتفاق هو كونه خاضعاً لتطلعات واشنطن نحو التقارب مع موسكو. وسواء كان ذلك مدفوعاً بطموحات اقتصادية غير واقعية تجاه روسيا، أو بعقلية الحرب الباردة القائمة على اقتسام مناطق النفوذ بين القوى "العظمى" المتكافئة، فإن القيادة الحالية لصناع السياسة الأميركية تتبنى نهج "روسيا أولاً".

وقد يكون ذلك مفاجئاً ولكن محاولات الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع روسيا يشكل مصدر التفاؤل الرئيسي، ليس لأنها ستؤتي ثمارها، بل لأنها ستبوء بالفشل. قد يبدو هذا مناقضاً للمنطق السليم. فمن منا لا يتطلع إلى علاقات أفضل بين أكبر قوتين نوويتين في العالم؟

ويرى البعض أن أوكرانيا لا تستحق المخاطرة ولا المجازفة للانزلاق نحو حرب شاملة. قد تبدو هذه الحجة منطقية لو كانت القضية تقتصر على أوكرانيا وحدها (على رغم أنني أختلف مع هذا الطرح أيضاً). لكن الواقع مختلف تماماً. فإذا سُمح لروسيا بالمضي قدماً من دون مقاومة– ومن دون دعم غربي فعال- فإن أخطاراً هائلة ستحدق بكل شيء تقريباً، بدءاً من الأمن الأوروبي بمفهومه الأوسع، مروراً بالتجارة العالمية (بما في ذلك تخفيف العقوبات)، وصولاً إلى المبادئ القانونية الأساسية، وربما يمتد التهديد إلى مصير تايوان والقدرة على تحقيق أهداف مكافحة تغير المناخ.

غير أن فريق التفاوض الأميركي ينظر إلى المسألة من منظور ضيق يختزلها في مجرد "عقارات"- سواء بمفهومها المادي كأراضٍ أو بمدلولها الاقتصادي. ما يميز روسيا ومعظم القوى الأوروبية هو إدراكهما العميق أن جوهر الصراع يتجاوز هذا الفهم السطحي بكثير.

هذه التباينات العميقة في الفهم هي ما سيجعل خطط دونالد ترمب تجاه روسيا تبوء بالفشل، تماماً كما انتهت محاولاته مع كوريا الشمالية خلال ولايته الأولى بسبب عجزه الأساسي عن إدراك حقيقة أن روسيا "لا تكنّ له هذا القدر من الإعجاب الذي يتصوره".

استناداً إلى دقة تفسير الكرملين لبنود الاتفاق، قد يثير لديهم بعض الاستياء. من الجلي أن موسكو بالغت في تقدير نفوذها، مما أدى إلى إثارة بعض الانزعاج الأميركي، وإن كان محدوداً.

إن تصلب الموقف الروسي، الذي يتجلى في عجزها عن تقديم تنازلات حقيقية وفي حملة القصف المستمرة للمدن، يعني أن الصراع سيستمر بغض النظر عن صفقة المعادن المبرمة. ولكن على رغم أن استمرار الحرب يمثل مأساة إنسانية متواصلة، فإن امتدادها والضغط المتزايد الذي تفرضه على روسيا يمنح كلاً من أوكرانيا والنظام العالمي الفرصة الأفضل للصمود والبقاء.

جيمس نيكسي هو مدير برنامج روسيا- أوراسيا في مركز الأبحاث تشاتام هاوس

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء