ملخص
نقل الإعلام الرسمي عن هيئة الجمارك أن "الانفجار وقع على الأرجح بسبب تخزين مواد خطرة ومواد كيماوية في الميناء". لكن وزارة الدفاع الإيرانية أكدت عدم وجود أية شحنات عسكرية مخزنة داخل موقع الحادثة.
أعلن نائب طهران في البرلمان الإيراني محمد سراج اليوم الأحد أن الانفجار الذي وقع داخل ميناء "رجائي"، في مدينة بندر عباس جنوب البلاد، لم يكن حادثة عرضية، بل هنالك دلائل واضحة تثبت تورط إسرائيل.
وارتفعت حصيلة الانفجار الهائل الذي وقع السبت في أكبر ميناء تجاري إيراني إلى 40 قتيلا على الأقل وأكثر من ألف جريح، وفق ما أفاد التلفزيون الرسمي اليوم الأحد.
وقال سراج ضمن حديث لوكالة أنباء "ركنا" الحكومية في إيران إن الانفجار وقع داخل أربع نقاط مختلفة، مما يعني أن هنالك من زرع مواد متفجرة داخل الحاويات.
ونفى سراج أن تكون الحادثة سببها حريق التهم مواد كيماوية، موضحاً "المواد الكيماوية تنفجر في نقطة واحدة ولا تحدث مثل هذا الانفجار. هذه الحاويات زرعت داخلها مواد منفجرة إما في البلد المصدر أو أثناء الطريق، أو حتى بواسطة عملاء في الداخل".
وتوقع النائب في البرلمان الإيراني أن يكون الانفجار وقع من طريق التحكم عبر الأقمار الاصطناعية أو أجهزة توقيت يتحكم بها من بعد.
من جهته قال رئيس لجنة الطوارئ الإيرانية حسين ساجدي إنه لا توجد معلومات عن المواد التي كانت مخزنة في الحاويات.
وفي الأثناء تواصل فرق الإنقاذ إخماد الحريق، وذكر ساجدي أن 20 في المئة من الحريق ما زال مشتعلاً، معرباً عن أمله في أن تنتهي عملية الإخماد مساء اليوم.
وأوفدت السلطات فرق إنقاذ عدد من المحافظات، منها هورمزكان وطهران وبوشهر وشيراز.
وكان الهلال الأحمر الإيراني أعلن وفاة 28 شخصاً وإصابة 1242 آخرين، موضحاً أنه لم يتعرف على بعض الجثث التي تشوهت نتيجة الحريق.
وأعلنت الحكومة الإيرانية غداً الإثنين حداداً عاماً، فيما أعلنت السلطات في بندر عباس عن إغلاق المدارس.
وأعلن الادعاء العام في طهران توجيه اتهامات ضد عدد من وسائل الإعلام ونشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب "نشر معلومات كاذبة".
وكان القضاء أصدر بياناً هدد فيه بمواجهة من ينشر "محتوى كاذباً، يؤدي إلى زعزعة الأمن النفسي".
بزشكيان يزور الميناء
وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الأحد إلى أكبر ميناء تجاري في البلاد، حيث لا تزال النيران مشتعلة غداة انفجار ضخم أسفر عن وفاة 28 شخصاً في الأقل وإصابة أكثر من ألف آخرين بجروح.
ووقع الانفجار الذي سمع دويه على بعد عشرات الكيلومترات أمس السبت قرابة الظهر (8:30 بتوقيت غرينتش) على رصيف ميناء رجائي، حيث تمر 85 في المئة من البضائع الإيرانية.
ويعد الميناء الذي يقع على مضيق هرمز حيث يعبر خُمس إنتاج النفط العالمي جزءاً من منطقة بندر عباس الكبرى، التي يقطنها نحو 650 ألف شخص. كذلك، تضم المنطقة قاعدة رئيسة للبحرية الإيرانية.
ووصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي أمر بإجراء تحقيق في أسباب الكارثة، إلى الميناء بعد ظهر اليوم، وفق لقطات بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة.
من جانبه، قال مدير الهلال الأحمر الإيراني بيرحسين كوليفاند ضمن مقطع فيديو نشر على موقع الحكومة الإلكتروني "للأسف، توفي 28 شخصاً"، مشيراً إلى وجود "20 شخصاً في العناية المركزة".
كذلك، أفاد الهلال الأحمر في الحصيلة الجديدة بإصابة أكثر من ألف شخص بجروح.
بسبب تخزين مواد خطرة
نقل الإعلام الرسمي عن هيئة الجمارك في الجمهورية الإسلامية أن "الانفجار وقع على الأرجح بسبب تخزين مواد خطرة ومواد كيماوية في الميناء".
من جانبها، أكدت وزارة الدفاع الإيرانية عدم وجود أية شحنات عسكرية مخزنة داخل موقع الانفجار.
وقال المتحدث باسم الوزارة رضا طلائي نيك للتلفزيون الرسمي "لم تكن هناك أية شحنات مستوردة أو مصدرة للوقود العسكري أو للاستخدام العسكري، في المنطقة التي شهدت حادثة الحريق وداخل ميناء رجائي".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مصدر مرتبط بالحرس الثوري، طلب عدم كشف هويته لأسباب أمنية، قوله إن الانفجار نجم عن مادة بيركلورات الصوديوم، وهي مادة تدخل في تركيبة الوقود الصلب للصواريخ.
"لم يخمد بعد"
صباح اليوم، قال مراسل التلفزيون الرسمي في المكان "تمت السيطرة على الحريق لكنه لم يخمد بعد" فيما يتصاعد دخان كثيف أسود من ورائه.
وسمح فقط لوسائل الإعلام الإيرانية بالتقاط صور ومقاطع فيديو في منطقة الحادثة.
وبعد 24 ساعة على وقوع الانفجار، تستمر عمليات إخماد الحريق بمشاركة طائرات قاذفة للمياه ومروحيات، بينما يستخدم عناصر الإطفاء على الأرض خراطيم مياه ضخمة.
وأعلنت السفارة الروسية لدى طهران ضمن بيان اليوم أن "الرئيس فلاديمير بوتين أمر بإرسال عدة طائرات ومتخصصين من وزارة حالات الطوارئ الروسية"، مضيفة أنها "ستساعد في عمليات مكافحة الحريق داخل مرفأ رجائي".
وقال مسؤول جهاز الطوارئ بالمحافظة مهرداد حسن زادة إن "المدارس والمكاتب والجامعات في بندر عباس ستغلق (اليوم) الأحد".
وحثت وزارة الصحة في بيان السكان على البقاء في منازلهم "حتى إشعار آخر" ووضع كمامات إذا كانوا مضطرين للخروج، وأطلق نداء للتبرع بالدم.
وأعلنت الحكومة الإيرانية حداداً عاماً غداً الإثنين، بينما أعلنت السلطات في محافظة هرمزكان الحداد ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم.
ولم يعرف على الفور عدد الموظفين الذين كانوا في الميناء لحظة وقوع الانفجار أمس، وهو أول يوم عمل في الأسبوع داخل الجمهورية الإسلامية.
واليوم، قال وزير الداخلية إسكندر مؤمني الذي توجه إلى مكان الحادثة، إن عمليات التخليص الجمركي وتحميل الحاويات استؤنفت.
وأظهرت صور نشرتها وكالة "إرنا" مسعفين يتوجهون إلى مكان الحادثة، بينما غطت بقع دماء إحدى السيارات التي دفعها عصف الانفجار إلى الاصطدام بشاحنة.
وكان عصف الانفجار شديداً لدرجة أنه أطاح صفاً من الشاحنات التي تحولت إلى حطام، بحسب صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ولم تستطع وكالة الصحافة الفرنسية التحقق من صحتها. وفي صور أخرى ملتقطة جواً بدا الدخان الأسود كثيفاً في ما يعد مؤشراً على اندلاع حرائق داخل عدة مواقع.
تعازٍ دولية وإقليمية
قدمت الأمم المتحدة وعدد من الدول، من بينها السعودية والإمارات وباكستان والهند وتركيا وروسيا، تعازيها إلى إيران.
ووقع الانفجار في وقت اختتمت خلاله الوفود الإيرانية والأميركية جولة ثالثة من المفاوضات داخل سلطنة عمان في شأن البرنامج النووي الإيراني، بعد مناقشات سابقة وصفها البلدان بأنها بناءة.
ولم تشر السلطات الإيرانية إلى احتمال أن يكون الانفجار ناجماً عن عمل تخريبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومنذ أعوام، تشن إسرائيل حرباً خفية على إيران لمواجهة نفوذها الإقليمي، خلال وقت تشتبه فيه بأن طهران تسعى إلى الحصول على السلاح النووي.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية ذكرت أن إسرائيل نفذت خلال مايو (أيار) 2020 هجوماً إلكترونياً على ميناء رجائي.
طائرات طوارئ روسية
ذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء اليوم أن الرئيس فلاديمير بوتين أمر بإرسال عدة طائرات طوارئ إلى إيران للمساعدة في إخماد حريق اندلع في ميناء بندر عباس.
وكان بوتين عرض على إيران المساعدة في التعامل مع آثار الانفجار، مقدماً تعازيه في القتلى.
ووقع الانفجار قرابة الظهر (08:30 ت غ). وبعد مضي ساعات على الحادثة، أكد التلفزيون الرسمي أن فرق الطوارئ تواجه صعوبة في إخماد النيران جراء الرياح القوية.
وأظهر بث مباشر النيران تلتهم عديداً من الحاويات في الميناء القريب من مدينة بندر عباس، مركز محافظة هرمزكان المطلة على الخليج، وتحليق مروحيات ومشاركتها في جهود الإطفاء ونقل الجرحى.
وقع الانفجار في قطاع رجائي بالميناء وجاء بالتزامن مع انطلاق جولة ثالثة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان. لكن لم تظهر بعد أي دلالة على وجود صلة بين الحدثين.
وقال مسؤول جهاز الطوارئ في المحافظة مهرداد حسن زاده، إن "المدارس والمكاتب والجامعات في بندر عباس ستغلق الأحد".
وبثت قنوات إخبارية رسمية إيرانية لقطات لسحابة ضخمة من الدخان الأسود والبرتقالي تتصاعد فوق الميناء في أعقاب الانفجار، وظهر في اللقطات مبنى إداري وقد تحطمت أبوابه وتناثرت الأوراق والحطام في أرجائه.
ويقع قطاع رجائي بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي وهو أكبر مركز للحاويات في إيران، وتقول وسائل إعلام رسمية إنه يتعامل مع معظم السلع المنقولة في حاويات.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الانفجار حطم النوافذ في دائرة نصف قطرها عدة كيلومترات وسُمع دويه في جزيرة قشم على بعد 26 كيلومتراً جنوبي الميناء.
ونشرت وكالة "تسنيم" شبه الرسمية للأنباء لقطات لرجال مصابين ممددين على الطريق يتلقون العلاج وسط مشاهد تعمها الفوضى.
وأفاد التلفزيون الرسمي، في وقت سابق، بأن التقصير في التعامل مع المواد القابلة للاشتعال كان "عاملاً مساهماً" في الانفجار.
وقال مسؤول محلي معني بإدارة الأزمات للتلفزيون الرسمي، إن الواقعة حدثت بعد انفجار عدة حاويات مخزنة في الميناء.
ولا تزال جهود إخماد الحريق مستمرة. وقالت إدارة الجمارك بالميناء إنه يجري إخلاء المنطقة من الشاحنات وإن ساحة الحاويات التي وقع فيها الانفجار تحتوي على الأرجح على "بضائع ومواد كيماوية خطرة". وقال مسؤولون، إن الأنشطة في الميناء توقفت بعد الانفجار.
حوادث مميتة
شهدت البنية التحتية للطاقة والصناعة في إيران سلسلة من الحوادث خلال الأعوام الماضية سقط خلالها قتلى. وجرى إرجاع السبب في كثير منها، مثل انفجار السبت، إلى الإهمال.
وشملت هذه الحوادث حرائق في مصافي تكرير، وانفجار غاز في منجم فحم، إضافة إلى حادثة وقعت خلال إصلاحات طارئة في بندر عباس أدت إلى مقتل عامل عام 2023.
لكن إيران وجهت أصابع الاتهام في بعض الحوادث الأخرى إلى إسرائيل التي شنت هجمات على الأراضي الإيرانية استهدفت البرنامج النووي الإيراني في الأعوام الماضية، وقصفت الدفاعات الجوية للبلاد العام الماضي.
وأعلنت طهران أن إسرائيل كانت وراء هجوم في فبراير (شباط) 2024 استهدف خطوط أنابيب الغاز الإيرانية. وفي عام 2020، تعرضت أجهزة الكمبيوتر في قطاع رجائي لهجوم إلكتروني. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن إسرائيل، العدو اللدود لإيران في المنطقة، تقف على ما يبدو وراء ذلك رداً على هجوم إلكتروني إيراني سابق.
وتبدي إسرائيل قلقها إزاء نتائج المحادثات الأميركية الإيرانية، وتطالب بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل. وتقول طهران إن البرنامج يُستخدم لأغراض سلمية بحتة، بينما يقول مراقبون دوليون إنه يقترب من القدرة على صنع قنبلة نووية.
ولم يصدر تعليق بعد من الجيش الإسرائيلي أو مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما سُئلا عما إذا كان لإسرائيل أي صلة بالانفجار الذي وقع أمس.
وأكدت السلطات الإيرانية أن منشآت النفط لم تتأثر بالانفجار. وأصدرت الشركة الوطنية لتكرير وتوزيع المشتقات النفطية بيانا قالت فيه إن الانفجار "ليس له أي صلة بالمصافي وخزانات الوقود ومجمعات التوزيع وخطوط أنابيب النفط".