Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حملات لصد محاولات "البوليس الأزرق" حجب الرواية الفلسطينية

"العنف على الإنترنت هو امتداد لأشكال التحريض التي تمارسها إسرائيل"

فيسبوك يحظر الفلسطينيين (صدى سوشال)

باستغراب وتعجب، تُحدّق الشابة الإعلامية جيهان عوض 35 سنة، برسالة نصية وصلتها من إدارة موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تعلمها بأنها محظورة عن النشر فيه بالكامل مدة أسبوع، بسبب منشور كانت قد وضعته على صفحتها قبل ستة أشهر. وهي المرة الثالثة التي تتعرض فيها عوض من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، لحظر مماثل في أقل من عام من "فيسبوك"، وهي ليست وحدها "ضحية" هذا الحجب، فمنذ بداية عام 2019، وثّق مركز "صدى سوشال" الفلسطيني قرابة 500 انتهاك، توزعت بين حظر حسابات، وحذف محتوى وإغلاق صفحات. وكان للصحافيين النصيب الأكبر بين تلك الانتهاكات، التي تركزت في موقع "فيسبوك" أكثر من بقية المواقع والمنصات.

وتقول عوض لـ "اندبندنت عربية" إنه "من غير المنطق أن تقوم شركة "فيسبوك" بمحاسبتي ومعاقبتي على منشوراتي بأثر رجعي، فأنا أمارس حقي الطبيعي كصحافية وفلسطينية بالتعبير عن آرائي ومعتقدات كما يفعل مستخدمو هذا الموقع حول العالم."

"فيسبوك" يلعب دوراً بوليسياً

إدارة موقع "فيسبوك" قامت في الفترة الأخيرة بحذف وحظر عدد من الحسابات والصفحات، على خلفية نشر تغريدات ذات صلة بالقضية الفلسطينية، عبر تطوير خوارزمية تمكنها من حذف منشورات المستخدمين إن ذكرت أسماء أحزاب فلسطينية منها على سبيل المثال: "حماس والجهاد وجبهة شعبية وكتائب القسام وسرايا وشهيد وحزب الله"، معلنة في الوقت ذاته عن تفكيرها باستخدام خوارزميات أخرى تعمل بالذكاء الاصطناعي في تطبيق "واتساب"، لفحص محتوى الرسائل وضبطها، وبالتالي فرض سياسة الكلام المقبولة ضمن سياستها الخاصة. ولمجابهة سياسة "فيسبوك"، قام صحافيون ونشطاء فلسطينيون بالتعاون مع مركز "صدى سوشال"، بإطلاق حملة "فيسبوك يحظر الفلسطينيين FBblockspalestine" رفضاً للانتهاكات التي تنتهجها إدارة الموقع بحق المحتوى الفلسطيني عبر الفضاء الإلكتروني.

إياد الرفاعي الناطق باسم الحملة ومدير مركز "صدى سوشال" تحدث لـ "اندبندنت عربية" قائلاً "بدأنا بخطوات عملية لمواجهة إجراءات موقع فيسبوك بحق المحتوى الفلسطيني  بالتغريد على هاشتاغ #FBblockspalestine، لتعريف العالم بمدى التهديد الذي تشكله إجراءات الموقع، إذ حل الوسم في المرتبة الأولى فلسطينياً والثانية في الأردن، محققاً أكثر من 65 مليون تفاعل عبر منصتي "تويتر" و"إنستغرام"، إضافة إلى تفاعل مؤسسات ونشطاء وفنانين وصحافيين وكتاب من دول عدة وبلغات مختلفة، وسنستمر بسلسلة فعاليات عملية كدعوة الصفحات الفلسطينية كافة إلى وقف تمويل المنشورات عبر فيسبوك، وتنظيم فعاليات ميدانية احتجاجية ضد سياسة هذا الموقع الأميركي".

تصاعد الانتهاكات

مركز "صدى سوشال" الذي أطلق بداية سبتمبر (أيلول) 2017، لإثراء المحتوى الفلسطيني على الإنترنت خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، يرصد أيضاً الانتهاكات التي يتعرض لها هذا المحتوى من مختلف الأطراف، إذ أكد المركز تسجيل ما يقارب 146 انتهاكاً على مواقع التواصل الاجتماعي بحق المحتوى الفلسطيني خلال سبتمبر الماضي، ورصد ارتفاعاً كبيراً لنسبة الانتهاكات مقارنة بالأشهر الماضية.

ويكمل الرفاعي "وضعنا منظمة هيومان رايتس ووتش بصورة الانتهاكات التي يرتكبها فيسبوك بحق المحتوى الفلسطيني، وندرس حالياً جدوى رفع قضية قانونية ضد الموقع، ونطمح بأن يكون هناك تعاون رسمي من قبل الحكومة الفلسطينية في صد محاولات الموقع الأزرق لحجب الرواية الفلسطينية. فمنذ بداية عام 2019 استجاب فيسبوك لـ 90 في المئة من طلبات إسرائيل، لإزالة وحظر الحسابات والصفحات الفلسطينية."

لا لسياسة "فيسبوك"

 في مايو (أيار) 2019، راسل المركز الفلسطيني للحريات والتنمية "مدى"، إدارة شركة "فيسبوك" حول إغلاق حسابات 58 صحافياً وموقعاً إلكترونياً فلسطينياً، وبعد أربعة أشهر ردت إدارة الشركة بأنها أعادت تفعيل تسعة حسابات فقط، أي أقل من 17 في المئة من الحسابات المحجوبة. غازي بني عودة مسؤول وحدة الرصد والتوثيق في مركز "مدى"، قال لـ "اندبندنت عربية "، "تذرعت إدارة موقع فيسبوك باستمرار إغلاق الحسابات لما تضمنته من خطاب الكراهية والتحريض، كما تصنفها، فعملية الاستهداف للمحتوى الإلكتروني الفلسطيني بدأت بشكل تدريجي، مرة من خلال دوائر مختصة إسرائيلية تراقب المحتوى، ومن ثم الفلترة الإلكترونية من قبل إدارة فيسبوك لبعض المصطلحات، التي تتعلق بالقضية الفلسطينية".

ويتساءل عودة "لماذا لم تأخذ إدارة الموقع الإجراء نفسه تجاه عشرات الصفحات الإسرائيلية التي تحرض بشكل علني على قتل الفلسطينيين والصحافيين؟".

66 ثانية

نتائج مؤشر العنصرية والتحريض على الشبكات الاجتماعية الإسرائيلية لعام 2018، الذي يعده المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة" سنوياً، أظهرت أن هناك "ارتفاعاً في منسوب التحريض والعنصرية الإسرائيلية عبر الشبكات الاجتماعية، فكل 66 ثانية هناك منشور إسرائيلي يتضمن دعوة إلى ممارسة العنف والعنصرية ضد الفلسطينيين، بمعدل وصل إلى قرابة نصف مليون منشور، ما يعني أن واحداً من أصل عشرة منشورات عن العرب في داخل إسرائيل، يحتوي على شتيمة أو دعوة إلى ممارسة العنف، ومعظمها موجّه ضد أعضاء الكنيست العرب والأحزاب العربية، بينما اعتقلت عام 2018 حوالى 350 فلسطينياً في الضفة الغربية بتهمة التحريض بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي".

نديم ناشف، المدير العام لمركز "حملة" وفي تصريح إلى "اندبندنت عربية" قال "لا حسيب ولا رقيب على تحريض الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، فالحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية على استمرار وازدياد التحريض الهائل على العرب والفلسطينيين على الشبكات الاجتماعية، وهذا أمر في غاية الخطورة، لأن العنف على الإنترنت هو امتداد لأشكال العنف والتحريض الأخرى التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، فما زال فيسبوك يشكل منصة العنف والتحريض الأساسية بنسبة 66 في المئة وتويتر بنسبة 16 في المئة. سنتوجّه مجدداً إلى شركة فيسبوك بنتائج مؤشر العنصرية والتحريض على الشبكات الاجتماعية الإسرائيلية لهذا العام، كي يراجعوا سياساتهم التي تسمح باستمرار منصة العنف والتحريض الرئيسية ضد الفلسطينيين".

قبضة مُحكمة

ترفض إسرائيل منذ عام 2000 نقل مقاسم الاتصالات الخاصة بشركات الاتصالات الفلسطينية إلى داخل أراضي السلطة الفلسطينية، حيث تتوزع مقاسم تلك الشركات خارج فلسطين بين بريطانيا والأردن والقدس الشرقية، وبعيدة كل البعد من أية سيادة فلسطينية، ما يشكل عائقاً مالياً وتقنياً لشركات الاتصال.

الخبير في شؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سليمان الزهيري أوضح أن "حياة الفلسطينيين بكل تفاصيلها مراقبة من قبل الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً أننا نتحدث عن غياب تام لأية سيطرة فلسطينية على مقاسم الاتصالات التي توجد خارج فلسطين، وبشكل أكيد هناك رقابة وتجسس ومتابعة دائمة على المحتوى الفلسطيني الإلكتروني".

مصالح اقتصادية

بعد استضافة إسرائيل مقراً إقليمياً لشركة "فيسبوك"، تصاعد تأثيرها في المحتوى الفلسطيني بشكل كبير، ووصل إلى حد اعتقال عشرات الفلسطينيين على خلفية التعبير عن آرائهم، بحسب ما ذكرته مؤسسة "إمباكت" الدولية لسياسات حقوق الإنسان في تقرير لها، أكدت فيه أن "القيود المفروضة على المحتوى الفلسطيني عبر فيسبوك، مرتبطة بالمصلحة الاقتصادية مع دولة إسرائيل". فصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كشفت عن استثمار كبير لشركة "فيسبوك" في عمليات الذكاء الاصطناعي في إسرائيل من خلال مركز جديد للبحث والتطوير، مصمم لمساعدة عمل المهندسين والمبرمجين في الشركة الأميركية وخارجها، إذ تعد فيسبوك من بين أكثر من 300 شركة متعددة الجنسيات، فتحت منشآت للبحث والتطوير في إسرائيل".

المزيد من الشرق الأوسط