ملخص
تفاقمت معاناة سكان مخيم زمزم للنازحين ومدينة الفاشر الإنسانية بسبب الحصار المفروض عليهما منذ أكثر من 10 أشهر، مما أدى إلى انتشار الجوع بين السكان بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وشحها، إضافة إلى نقصها في الأسواق والمتاجر.
لا يزال التوتر متصاعداً ومستمراً في جبهتي القتال غرب وجنوب أم درمان ومدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث تشهد الجبهة الأولى مناوشات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، فضلاً عن عمليات كر وفر.
وشن الجيش بواسطة طائراته المسيرة غارات جوية عدة استهدفت مواقع وتمركزات "الدعم السريع" شرق الفاشر أسفرت عن خسائر بشرية ومادية في صفوف الأخيرة.
بحسب إعلام الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني في مدينة الفاشر، فإن الجيش والقوات المتحالفة معه يواصلان تمشيط أحياء المدينة مما أسهم في تقليل محاولات التسلل إلى داخلها وبخاصة من عناصر "الدعم السريع" والداعمين لها، في وقت أطلقت الأخيرة عدداً من الطائرات المسيرة باتجاه مدينة الفاشر من دون تحقيق أي هدف محدد.
وقال الجيش السوداني في بيان له إنه وحلفاءه من القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة والمقاومة الشعبية يفرضون سيطرتهم على مسرح العمليات بالفاشر.
تفشي الجوع
في الأثناء، تفاقمت معاناة سكان مخيم زمزم للنازحين ومدينة الفاشر الإنسانية بسبب الحصار المفروض عليهما منذ أكثر من 10 أشهر، مما أدى إلى انتشار الجوع بين السكان بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وشحها، إضافة إلى نقصها في الأسواق والمتاجر.
وبحسب مواطنين، فإن أعداد المواطنين الذين يبحثون عن وجبة غذائية في اليوم فقط في تزايد إذ يتجولون في الطرقات من دون الحصول على شيء يسد رمقهم، لافتين الانتباه إلى أن قوات "الدعم السريع" أوقفت جميع وسائل نقل البضائع من القرى إلى المدينة، إذ تم منع مجموعة من النساء اللواتي كن يحملن بضاعة على ظهور الحمير من الدخول إلى المدينة.
وأفاد هؤلاء المواطنون بأن كافة الطرق المؤدية إلى الفاشر مغلقة، بما في ذلك المسارات التي تأتي من الطرق الرئيسة مثل طريق (عطبرة - الدبة – مليط – الفاشر)، وطريق (ليبيا – المالحة – مليط – الفاشر)، وطريق (الطينة – مليط – الفاشر)، إضافة إلى طريق (الإنقاذ الغربي كوستي – الأبيض – النهود – الفاشر).
وأوضح عاملون في مجال التجارة أنهم كانوا يدفعون أموالاً طائلة لقوات "الدعم السريع" مقابل السماح بدخول شاحناتهم التجارية إلى مخيم زمزم عبر مسارات طويلة ودار السلام، لكن سرعان ما توقفت هذه الاتفاقات رسمياً بعد الشهر الأول من بدء تطبيقها.
وأشار هؤلاء العاملون إلى أن "بعض المواطنين استطاعوا خلال فترات الحصار إدخال البضائع عبر سيارات صغيرة ودراجات نارية، من مناطق شنقل طوباي ودار السلام، لكن جرى اكتشافهم وإيقافهم.
واعتقل أكثر من 60 تاجراً للوقود ومصادرة الكميات التي كانت متوفرة في الأسواق، مما أثر بصورة مباشرة على تشغيل طواحين الغلال ومحطات المياه التي تعمل بالجازولين في مخيمات أبو شوق وزمزم ومدينة الفاشر".
من جهته، أكد مسؤول الإعلام في مخيم زمزم للنازحين محمد خميس دودة أنه جرى تنفيذ عمليات إنزال جوي لمساعدات غذائية بواسطة الطيران الحربي للجيش، منوهاً إلى أن المخيم الواقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب الفاشر بحاجة ماسة إلى المياه المواد الغذائية الأساسية لتلبية حاجات سكانه المتزايدة في ظل الحصار المفروض عليه.
وحث دودة المنظمات الدولية والوطنية والجهات الخيرية بالتدخل الفوري لتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين الجدد القادمين من جنوب الفاشر وأبوزريقة، وتوفير مياه الشرب والمأوى لهم.
تعبئة شاملة
من جانبها، أعلنت حركة الجبهة الثالثة تمازج عن بدء تعبئة عسكرية شاملة في منطقتي دارفور وكردفان استعداداً للمرحلة الحاسمة من النزاع المسلح، مؤكدة أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز موقف قوات "الدعم السريع" في مختلف جبهات القتال.
وقال القائد العام لقوات الحركة، قرشي محمد علي، "أصدرنا توجيهاتنا لقادة القطاعات في دارفور وكردفان للتعبئة العسكرية الشاملة، مما يعكس الجدية في الاستعداد للمعارك القادمة التي نعتبرها حاسمة".
وأشار قرشي إلى أن التطورات الحالية على الصعيد العسكري تستدعي تكاتف الجهود لوضع حد لتحركات العناصر المرتبطة بالنظام السابق داخل الجيش، موضحاً أن قوات "الدعم السريع" لا تزال تحتفظ بموقف ميداني قوي.
وتوقع أن تشهد الأوضاع تغييرات كبيرة في الأيام المقبلة، مما يعكس التفاؤل في قدرة القوات على تحقيق أهدافها في هذه المرحلة الحرجة.
وتعتبر الجبهة الثالثة واحدة من حركات الكفاح المسلح التي وقعت على اتفاق جوبا لسلام السودان، وأعلنت في أغسطس (آب) 2023 انضمامها رسمياً إلى صفوف قوات "الدعم السريع".
محور الخرطوم
في ضوء ما تشهده منطقة جنوب أم درمان من تصاعد حدة الاشتباكات والقصف المدفعي من قبل "الدعم السريع" الذي تسبب في مقتل وإصابة العشرات أعلن والي الخرطوم أحمد عثمان إجلاء العشرات من سكان منطقة الجموعية الذين يقطنون هذه المنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف والي الخرطوم خلال لقائه بالعائلات التي تم إجلاؤها إلى أم درمان، أن القوات المسلحة لديها تقديراتها الخاصة وتدرك تماماً طبيعة الوضع في المنطقة، في ظل انسحاب "الدعم السريع" من الخرطوم وجبل أولياء وتمركزها بأعداد كبيرة في مناطق الجموعية، مما يتطلب وضع خطط مدروسة لتفادي وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المواطنين.
عمليات قتل واسعة
إلى ذلك، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن فزعه إزاء التقارير التي تفيد بوقوع عمليات قتل خارج إطار القانون على نطاق واسع ضد المدنيين في الخرطوم، عقب استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على المدينة في الـ26 من مارس (آذار) الماضي.
وقال فولكر تورك في بيان له، "أشعر بفزع كبير إزاء التقارير الموثوقة التي تشير إلى وقوع عدد من حالات الإعدام بإجراءات موجزة لمدنيين في مناطق عدة من الخرطوم، للاشتباه، على ما يبدو، في تعاونهم مع قوات ’الدعم السريع‘".
وحث المسؤول الأممي قادة القوات المسلحة السودانية على اتخاذ تدابير فورية لوضع حد للحرمان التعسفي من الحق في الحياة.
محور كردفان
في محور كردفان، شنت "الدعم السريع" هجوماً مسلحاً على منطقة تندلتي الواقعة غرب مدينة الرهد بولاية شمال كردفان أدى إلى مقتل مواطن وإصابة آخرين، فضلاً عن قيامها بعمليات نهب واسعة استهدفت عدداً من المواشي، مما سبب حالاً من الهلع والذعر وسط أهالي المنطقة.
وأعلنت قوات "الدعم السريع" سيطرتها على منطقة خور الدليب الإستراتيجية الواقعة في ولاية جنوب كردفان، بعد خوضها معارك عنيفة مع الجيش السوداني.
وبحسب بيان لها، فإن قواتها تمكنت من تحقيق انتصار جديد، حيث ألحقت هزيمة بالجيش للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، مما أسفر عن مقتل قائد القوة المهاجمة، مشيراً إلى أن العملية أسفرت عن تدمير متحرك للجيش يتكون من أكثر من 40 مركبة قتالية، فضلاً عن السيطرة على خور الدليب مما يمثل خطوة مهمة في التقدم نحو مناطق أبو كرشولا والفيض أم عبدالله.
وكانت منطقة "خور الدليب" إحدى المناطق القليلة الواقعة تحت سيطرة الجيش في ولاية جنوب كردفان التي تقع معظم مناطقها تحت سيطرة الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، التي دخلت أخيراً في تحالف سياسي مع قوات "الدعم السريع".