Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الشجاعة والسيف" تشعل الحرب مجددا لتحقق أهداف نتنياهو وزامير

أول الغيث عودة بن غفير إلى الحكومة وكاتس يهدد بفتح "أبواب جهنم"

ملخص

الهجوم المفاجئ على غزة هو خطة أعدها رئيس الأركان الإسرائيلي أيال زامير وأبقاها قيد السرية وشاركت فيها مختلف أجهزة الاستخبارات. وعلى مدار الشهرين الأخيرين، منذ بدء وقف إطلاق النار، بدأ الجيش يستعد لهذا الهجوم وكان الدور المركزي لأجهزة الاستخبارات والـ"شاباك"، التي استخدمت طوال هذه الفترة مسيراتها الاستخباراتية وعملاءها المحليين لجمع معلومات حول قيادة "حماس" السياسية والعسكرية.

تعددت الدوافع الإسرائيلية لعودة الحرب على غزة باستثناء دافع واحد، لم يضعه متخذو القرار في حسابات توقيت وتنفيذ عمليتهم الهجومية التي حملت اسم "الشجاعة والسيف"، وهو إعادة الأسرى الإسرائيليين.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعدد من وزرائه روجوا أن الضغط على "حماس" هو الوسيلة الوحيدة لإعادة الأسرى، وهو الهدف المركزي من هذا الهجوم، بينما أجمعت المعارضة ومنتدى عائلات الأسرى وخبراء وأمنيون وعسكريون سابقون على أن الهجوم جاء لتحقيق أهداف سياسية لنتنياهو في مركزها الحفاظ على ائتلافه الحكومي من جهة، وتحقيق طموحات رئيس الأركان الجديد أيال زامير، بالنصر على "حماس"، الذي فشل في تحقيقه سابقه هرتسي هاليفي.

الهجوم المفاجئ أدخل الإسرائيليين في خلافات ونقاشات عقيمة وصلت حتى الانقسام والشرخ، مما عده أمنيون، في غاية الخطورة، ولم تخف جهات سياسية حال الذهول والإرباك من هذا الهجوم، سواء بتوقيته أو بطبيعته، حيث كان هناك أمل إسرائيلي في أن يحقق الضغط الشعبي المتصاعد تقدماً في صفقة تؤدي إلى إعادة الأسرى وإن كان على حساب وقف الحرب وإبقاء "حماس" في غزة. وأشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى ارتفاع في نسبة الإسرائيليين الذين يدعون إلى إنهاء الحرب وعودة الأسرى.

سرية الخطة والإفطار الجماعي

قرار الهجوم لم يتخذ في اجتماع للمجلس الوزاري المصغر، وفق ما هو متبع، بل اقتصر على أفراد من متخذي القرار. واللافت أن من يدير الهجوم ويعطي التعليمات إلى جانب رئيس الأركان إيال زامير، هو رئيس الـ"شاباك" رونين بار الذي أعلن نتنياهو إقالته من منصبه. واستعدت عائلات الأسرى ومؤسسات سياسية واجتماعية لإضرابات وتظاهرات واسعة احتجاجاً على قرار إقالة بار، الذي يعده أهالي الأسرى داعماً لمطلبهم بضرورة عودة الأسرى. وفي أعقاب ما كشف عن مصادقته وإشرافه على هذا الهجوم تعرض بار لانتقادات وتهجمات لما يشكله ذلك من خطر على الأسرى، خصوصاً بعدما تداول الإسرائيليون تقارير تحدثت عن مقتل أسير إسرائيلي وإصابة اثنين جراء هذا الهجوم.

وكما لنتنياهو هدف سياسي لزامير هدف أيضاً، وهو إظهار شجاعته في القضاء على "حماس"، ولرونين بار هدف بأن يختم مسيرته في الـ"شاباك"، بمغامرة عسكرية، ولو على حساب حياة الأسرى، تؤدي إلى القضاء على أكبر عدد من قادة ومقاتلي "حماس"، وفق مسؤول أمني إسرائيلي.

الهجوم المفاجئ هو خطة أعدها زامير وأبقاها قيد السرية وشاركت فيها مختلف أجهزة الاستخبارات. وعلى مدار الشهرين الأخيرين، منذ بدء وقف إطلاق النار، بدأ الجيش يستعد لهذا الهجوم، وكان الدور المركزي لأجهزة الاستخبارات والـ"شاباك"، التي استخدمت طوال هذه الفترة مسيراتها الاستخباراتية وعملاءها المحليين لجمع معلومات حول قيادة "حماس" السياسية والعسكرية. وانتظرت الاستخبارات بالاتفاق مع زامير، شهر رمضان والإفطار الجماعي الذي يشارك فيه قادة "حماس". وبحسب تقرير إسرائيلي، نجحت الاستخبارات في تحديد أماكن معينة كان يشارك قادة "حماس" في الإفطار مما ساعد على الوصول إلى عدد غير قليل منهم خلال الساعات الخمس الأولى من تنفيذ الهجوم.


بوليصة تأمين بقاء الحكومة

من جهته لم ينتظر نتنياهو طويلاً حتى أكد صحة موقف جهات عدة بأن الهجوم جاء لتحقيق أهداف سياسية عشية التصويت على الموازنة والتهديدات المتزايدة بتفكيك ائتلافه الحكومي. وبعد ساعات معدودة من هذا النقاش كان حزب الليكود، برئاسته قد اتفق مع حزب عوتسما يهوديت برئاسة إيتمار بن غفير، على العودة إلى الحكومة.

بن غفير وأعضاء حزبه أعلنوا صراحة أن شرط عودتهم إلى الحكومة كان عودة الحرب على غزة وأن يكون هدفها المركزي هو القضاء على "حماس". وأثار إعلان عودة بن غفير إلى الحكومة حال غليان في الداخل الإسرائيلي دفعت بجهات سياسية إلى تقديم التماسات للمحكمة العليا لمنع تعيينه وزيراً في الحكومة. لكن نتنياهو، يسعى بطرق مختلفة إلى ضمان عودته وزيراً حيث يرى في وجود بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وأحزاب الائتلاف "بوليصة تأمين" بقاء حكومته.

وبعيداً من هدف إعادة الأسرى، أطلق نواب من حزبي بن غفير وسموتريتش تصريحات تؤكد أنه لا وقف للحرب بعد اليوم من دون القضاء على "حماس". بل إن سموتريتش طرد عائلات الأسرى من جلسة في الكنيست رافضاً سماع موقفهم الرافض لهذا الهجوم، الذي يعد تنفيذه بمثابة حكم بالإعدام على ذويهم الأسرى. وطلب سموتريتش من حراس الكنيست إخراج أهالي الأسرى بعدما طالبوا بوقف الحرب للحفاظ على حياة من تبقى من الأسرى الأحياء الذين لا يتجاوز عددهم، وفق التوقعات، 24 أسيراً من بين 59 لا يزالون في غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خيانة للأسرى والجنود

من جهته راح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، يتفاخر بقدرات سلاح الجو على تنفيذه الهجوم ومقتل أكثر من 400 فلسطيني بينهم نساء وأطفال ومسنون. وفي جولة له في قاعدة "تال نوف" الجوية عد كاتس قواعد اللعبة تجاه "حماس" قد تغيرت، مهدداً بفتح "أبواب جهنم" على غزة واستمرار تكثيف القتال جواً وبراً وبحراً، إذا لم تعد "حماس" جميع الأسرى.

وكرر كاتس الأهداف التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها في غزة، منذ سنة ونصف السنة من الحرب وهي القضاء على قيادة "حماس" وقدرات الحركة العسكرية جعل غزة منزوعة السلاح إلى جانب إعادة جميع الأسرى.

ونقل عن مسؤول أمني أن إسرائيل تسعى أيضاً إلى إرغام "حماس" على القبول بشروطها في مفاوضات صفقة الأسرى إلى جانب التهديد بالقضاء على الحركة وممارسة ضغوط على إيران والحوثيين أيضاً.

جنرال احتياط غيورا عنبار، وهو قيادي سابق في سلاح البرية وعضو تحالف الأمن الإقليمي، ومعه مجموعة من جنرالات احتياط وقادة عسكريين وأمنيين، عدوا الهجوم "قراراً غير مسؤول يلبي رغبات شخصية لنتنياهو ومن حوله". وقال عنبار إنه "على عكس ما يروج له نتنياهو وزامير ومن شارك في اتخاذ القرار أن الهدف هو إعادة الأسرى، فإن "الهجوم على غزة هو قرار غير مسؤول وأريد أن أستخدم ألطف الكلمات فأقول إنها خيانة للأسرى ولعائلاتهم، بل إنها خيانة للجنود ولكل الإسرائيليين الذين ينتظرون بعد أكثر من عام ونصف العام إعادة الأسرى. فلا يمكن أي تفسير لهذا الهجوم إلا أنه ينفذ لأسباب سياسية متعلقة بتمرير الموازنة والحفاظ على الائتلاف الحكومي وضمان بقاء سموتريتش وعودة بن غفير، ومن دون هذه الأسباب لا يوجد أي سبب منطقي للهجوم لمن يريد أن يعيد الأسرى أو حتى القضاء على حماس".

وأكد عنبار أن "الضغط والعمليات العسكرية وما تنفذه إسرائيل ليس فقط لن تعيد الأسرى بل تشكل خطراً على حياتهم. الشيء الوحيد الذي أعاد لنا المخطوفين هو الصفقة، ولا أفهم عودة الهجوم سواء لناحية توقيته أو حتى عنفه وقوته التي لا مبرر لها وتشكل خطراً حتى على حياة مخطوفينا في غزة". وشدد المتحدث ذاته على أن "هذا الهجوم سيعزز قدرات حماس لأنه سيحبط كل المحاولات الدولية والعربية والجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي في غزة يضمن ليس فقط مغادرة حماس غزة إنما نزع السلاح من القطاع".

تفجير ألغام وحرب عصابات

وبخلاف ادعاءات نتنياهو ومتخذي قرار الهجوم بأن تعنت "حماس" في شروط صفقة الأسرى هو ما أدى إلى انهيار اتفاق وقف النار، اتهم المتخصص العسكري براك رافيد، الحكومة الإسرائيلية بالتسبب في انهيار وقف النار، معتبراً أن "قرار استئناف الحرب يشكل خطراً على حياة الأسرى الأحياء وسيؤدي إلى عودة الجيش لأشهر طويلة أخرى في غزة ومقتل كثير من الجنود، إذا ما نفذ الهجوم البري وفق ما خطط له رئيس الأركان، إلى جانب مقتل آلاف الفلسطينيين ومزيد من الدمار والأخطار".

وأكد رافيد، بخلاف ما تدعيه الحكومة، فإن "الضغط العسكري أدى بالأساس إلى مقتل مخطوفين وليس لتحريرهم أحياء".

وبحسب رافيد فإن نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، بذلا جهوداً حثيثة لإقناع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتنكر للصفقة التي توصل إليها قبل دخوله البيت الأبيض، بواسطة سابقه، جو بايدن. وقال رافيد، "نتنياهو دفع الأميركيين إلى طرح مقترحات جديدة في محاولة للالتفاف على التعهد المركزي الذي وافقت حماس عليه في الصفقة الأصلية، بوقف إطلاق نار دائم، فيما قد يجد ترمب، الذي تعهد إنهاء الحرب في غزة، نفسه في ذات الوضع الذي وجد فيه بايدن، بمنحه دعماً لحرب لا تنتهي، ومن دون قدرة على التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تحرير جميع الأسرى وإنهاء الحرب. وفي وضع كهذا، قد يواجه ترمب صعوبات في تنفيذ خطوات أخرى أراد تنفيذها في الشرق الأوسط".

وفي تقديرات مسؤولين إسرائيليين فإن "حماس" مستعدة لمواجهة هجوم بري من قبل الجيش الإسرائيلي عبر المكامن وزرع ألغام والتفجيرات، وهو قتال، حذر رافيد من نتائجه على الجيش الإسرائيلي، مذكراً بأن طريقة القتال هذه على مدار سنة ونصف السنة أدت إلى مقتل كثير من الجنود، وهذا ما قد يتكرر في عملية "الشجاعة والسيف".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات