Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحركة الصهيونية فكرا وعقائد وقدرات: 10 أسئلة

نشأت ‏أواخر القرن الـ19 في ظل ظروف تاريخية معقدة أبرزها تصاعد معاداة السامية بأوروبا

الصهيونية ليست عقيدة دينية توراتية، إنما خليط من ‏الأيديولوجيا الدينية والقومية والسياسية (اندبندنت عربية)

ملخص

ليس كل يهودي صهيونياً، فهناك يهود يعارضون ‏الصهيونية لأسباب دينية أو سياسية، مثل جماعة "ناطوري كارتا" التي ترى أن إنشاء دولة ‏يهودية قبل مجيء المسيح يتعارض مع العقيدة اليهودية.

منذ حرب العرب الأولى ضد إسرائيل ومع تجدد الحروب والمعارك المشابهة يتزايد الحديث في كل مرة عن الحركة الصهيونية ونشأتها والرموز الدينية التي تعتمدها، وكيف نجحت في إقناع الغرب بفكرة الوطن البديل لليهود على أرض فلسطين.

لم يكن للحركة الصهيونية النجاح المنتظر من اللجوء إلى أساليب مدروسة لإقناع اليهود بالهجرة إلى فلسطين، ونجحت عبر ‏حملات الدعاية إلى استغلال الرموز الدينية والتاريخية لتصوير هذا البلد العربي كـ"أرض الميعاد"، مستندة إلى خطاب قومي نافذ يبرر كون الهجرة هي الحل لمشكلات اليهود، وهذه مجموعة من الأسئلة التي تدور في أذهان ملايين العرب.

1- ما المفهوم العقائدي للصهيونية؟

الصهيونية ليست عقيدة دينية توراتية، إنما خليط من ‏الأيديولوجيا الدينية والقومية والسياسية. القسم الديني فيها ينحصر في فكرة أن لليهود "حقاً تاريخياً" في ‏أرض فلسطين، وهي حركة قومية يهودية حديثة نشأت في ‏القرن الـ19، مستفيدة من تصاعد المشاعر القومية في أوروبا وتأثرت بالفكر ‏الاستعماري الغربي، لذلك يمكن القول إن الصهيونية حركة قومية يهودية استخدمت الرمزية ‏التوراتية لتبرير مشروعها السياسي‎ المتأثر ‏بالنظريات السياسية القومية والاستعمارية الأوروبية، كما في طرح ديفيد بن غوريون ‏وأبراهام مناحيم أوسيشكين مبررات علمانية مثل أن "أرض إسرائيل كانت صحراء ‏قاحلة تنتظر شعباً متحضراً ليحييها".

وليس كل يهودي صهيونياً، فهناك يهود يعارضون ‏الصهيونية لأسباب دينية أو سياسية، مثل جماعة "ناطوري كارتا" التي ترى أن إنشاء دولة ‏يهودية قبل مجيء المسيح يتعارض مع العقيدة اليهودية، وهناك صهاينة غير يهود مثل ‏بعض المسيحيين الأصوليين في أميركا.

إنها أيديولوجيا حديثة مزجت ‏بين الدين والقومية والسياسة، واستفادت من الظروف التاريخية والاستعمارية لتحقيق أهدافها.

2- ما الظروف التاريخية التي نشأت فيها الحركة الصهيونية؟

نشأت الحركة الصهيونية في ‏أواخر القرن الـ19 في ظل ظروف تاريخية معقدة من أبرزها تصاعد معاداة السامية في أوروبا، مما دفع بعض المفكرين اليهود إلى البحث عن حل قومي‎، وتأثير ظهور وتصاعد النزعات القومية الوطنية الأوروبية، التي ألهمت اليهود بالسعي إلى إقامة وطن قومي‎.

ومن الظروف التاريخية التي أسهمت في نشأت الحركة كتاب تيودور هرتزل "الدولة اليهودية" عام 1896، الذي أسهم في بلورة الفكرة الصهيونية، وبدأ التنظيم الفعلي للحركة بعد انعقاد "المؤتمر الصهيوني الأول" في سويسرا عام 1897.

 

 

وقد دعمت القوى الاستعمارية الغربية خصوصاً بعد وعد بلفور عام 1917، الذي تعهد دعم إقامة ‏وطن قومي لليهود في فلسطين، في تحقيق الحركة الصهيونية مشروعها، وفي ما بعد أسهمت الهولوكوست والاضطهاد النازي لليهود في تعزيز الدعم الدولي لإنشاء دولة إسرائيل عام ‏‏1948‏‎.

3- أين انعقد المؤتمر الصهيوني الأول؟ ومن حضره؟ وماذا صدر عنه؟

انعقد المؤتمر ‏الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897 برئاسة تيودور هرتزل، مؤسس ‏الحركة الصهيونية،‎ وقد شارك في المؤتمر نحو 200 مندوب من مختلف أنحاء أوروبا وروسيا، ‏معظمهم من الشخصيات اليهودية المؤثرة، بمن فيهم قادة سياسيون ومفكرون وصحافيون، كذلك ‏حضر عدد من الحاخامات على رغم انقسام الموقف الديني حول الصهيونية‎.

صدر عن هذا المؤتمر التأسيسي‎ إعلان سمي "برنامج بازل"، الذي وضع الهدف الرئيس للحركة الصهيونية، وهو إقامة وطن ‏قومي لليهود في فلسطين، وتأسيس المنظمة الصهيونية العالمية، كإطار تنظيمي للحركة، بقيادة هرتزل، وجرى الاتفاق في هذا المؤتمر على تكثيف الجهود الدبلوماسية لكسب دعم القوى العظمى لتحقيق المشروع ‏الصهيوني، وكتب هرتزل بعد المؤتمر في مذكراته "في بازل أسست الدولة اليهودية، ربما لن يفهمني ‏الناس الآن، لكن بعد 50 عاماً سيعترفون بذلك".

4- ما أبرز المؤتمرات الصهيونية التي انعقدت بعد المؤتمر الأول؟

كان المؤتمر الثاني للحركة الصهيونية قد انعقد في مدينة بازل أيضاً عام 1898 ونوقشت فيه العلاقة بين الصهيونية والدين اليهود، أما المؤتمر الثالث فكان في المدينة نفسها عام 1899 وطرح قضية اللغة الرسمية للدولة اليهودية المستقبلية، في المؤتمر الرابع المعقود في لندن عام 1900 نوقش دور بريطانيا في دعم المشروع الصهيوني‎.

ثم عُقد المؤتمر الخامس عام 1901 الذي جرى فيه تأسيس "الصندوق القومي اليهودي"، وفي المؤتمر السادس عام 1903 عُرض فيه "مشروع أوغندا" كبديل عن فلسطين‎ كوطن نهائي لليهود وشهد انقساماً كبيراً بين أعضاء الحركة حول هذا الموضوع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال المؤتمر السابع عام 1905 أُعلن رسمياً عن رفض "خطة أوغندا" وتأكيد أن فلسطين هي الوجهة ‏الوحيدة للمشروع الصهيوني، وفي المؤتمر العاشر عام 1911 ركز على تعزيز الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ثم عام 1946 عُقد آخر مؤتمر قبل تأسيس إسرائيل، وناقش الصهاينة فيه مقاومة ‏القيود البريطانية المفروضة على الهجرة اليهودية‎ إلى فلسطين.

5- من هم أبرز رموز الحركة الصهيونية بعد تأسيسها؟

يعتبر تيودور هرتزل‎(1860-1904) من أهم وأبرز مؤسسي الحركة الصهيونية الحديثة، ويليه في الأهمية حاييم وايزمان (1874 - 1952)، الذي قاد الجهود الدبلوماسية التي أسهمت في إصدار وعد ‏بلفور، وأصبح أول رئيس لإسرائيل‎.

واشتهر من قادة الحركة فلاديمير جابوتنسكي (1880 - 1940) مؤسس الصهيونية التنقيحية التي دعا في تنظيراته الفكرية والسياسية إلى استخدام القوة ‏لتحقيق المشروع الصهيوني‎.

 

 

في القرن الـ20 وبعد قيام دولة إسرائيل اشتهر ديفيد بن غوريون (1886 - 1973)، وهو قائد الصهيونية العمالية، وأول رئيس وزراء لإسرائيل ‏بعد تأسيسها، ثم مناحيم بيغن (1913 - 1992) زعيم منظمة "إرغون" العسكرية، ورئيس وزراء إسرائيل ‏لاحقاً، ثم تأتي غولدا مائير (1898 - 1978) التي كانت من أوائل القيادات النسائية في الحركة الصهيونية، وأصبحت ‏رئيسة وزراء إسرائيل‎.‎

6- هل يمكن تصنيف الحركة الصهيونية كحركة دينية أم حركة علمانية تنويرية؟

الحركة الصهيونية أساساً حركة قومية علمانية ذات طابع أيديولوجي سياسي، ‏لكنها استندت إلى الرموز الدينية اليهودية لإضفاء الشرعية على مشروعها، بمعنى أنها لم ‏تكن حركة دينية بحتة لكنها وظفت الدين في خدمة أهدافها القومية، فمؤسسها تيودور هرتزل لم يكن متديناً، بل رأى في ‏الصهيونية مشروعاً قومياً حداثياً لحل "المسألة اليهودية".

 

 

وكان عديد من قادة الصهيونية اشتراكيين وعلمانيين مثل ديفيد بن غوريون وحاييم ‏وايزمان، ورأوا أن الصهيونية يجب أن تكون حركة تحرر قومي على غرار الحركات ‏القومية الأوروبية، وفي بداياتها رفض معظم اليهود المتدينين الصهيونية، معتبرين أن إنشاء دولة يهودية يجب ‏أن يكون بانتظار "المشيئة الإلهية"، ولاحقاً ظهر تيار "الصهيونية الدينية"، الذي مزج بين القومية والدين، ويمثله اليوم حزب ‏الصهيونية الدينية وحركة غوش إيمونيم.

7- كيف استطاعت الحركة الصهيونية أن تقنع دول الغرب خصوصاً بريطانيا بضرورة ‏قيام "وطن قومي لليهود" وصولاً إلى وعد بلفور؟‎

تم ذلك عبر سلسلة من العوامل ‏السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاستراتيجية، التي أدت دوراً رئيساً في صياغة وعد ‏بلفور‎، فمع انهيار الدولة العثمانية سعت بريطانيا وفرنسا إلى الهيمنة على أراضيها السابقة، بما في ‏ذلك فلسطين، وكانتا تبحثان عن مشاريع سياسية لتثبيت سلطتهما‎، وفي ظل التنافس الاستعماري رأت بريطانيا في إنشاء دولة يهودية فرصة لتعزيز نفوذها ‏وكسب دعم اليهود المتنفذين مالياً وسياسياً حول العالم، خصوصاً في الولايات المتحدة.

 

 

وكان لليهود نفوذ اقتصادي قوي في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية، وكان الصهاينة قد قدموا دعماً استخباراتياً وعسكرياً لبريطانيا مقابل وعود بدعم مشروعهم القومي، واستخدمت الحركة الصهيونية وسائل الإعلام لتقديم فلسطين كأرض "غير مأهولة" وتبرير ‏إقامة وطن قومي لليهود، وحشدت إلى جانبها دعم نوع معين من رجال الدين المسيحيين الذين رأوا في المشروع الصهيوني تحقيقاً لنبوءات ‏توراتية، ولعب اللورد روتشيلد، وهو من أسرة يهودية غنية، دوراً في دعم المشروع الصهيوني، ‏وكان وعد بلفور موجهاً إليه.

8- ‎ما الأساليب التي اعتمدتها الحركة الصهيونية لإقناع اليهود حول العالم بالهجرة إلى ‏فلسطين؟ وكيف حققت ذلك عملياً؟‎

استخدمت الحركة الصهيونية أساليب عدة لإقناع اليهود بالهجرة إلى فلسطين، ونجحت عبر ‏حملات الدعاية في استغلال الرموز الدينية والتاريخية لتصوير فلسطين كـ"أرض الميعاد"، ‏واستخدمت خطاباً قومياً نافذاً يبرر كون الهجرة هي الحل لمشكلات اليهود، وجمعت الحركة التبرعات عبر صناديق مالية مثل "صندوق الاستعمار اليهودي" لشراء الأراضي ‏وتمويل مشاريع الهجرة، واستثمرت في تطوير البنية التحتية، بخاصة في الزراعة، لإنشاء مستوطنات جاذبة ‏للمهاجرين‎، مثل المستعمرات الزراعية مثل الكيبوتسات والموشافات، مما خلق بيئة استيطانية مستقرة ‏وآمنة، واستفادت من تصاعد الاضطهاد ضد اليهود، بخاصة في روسيا القيصرية وألمانيا، لترويج ‏فلسطين كملاذ آمن لهم، ونجحت الصهيونية في دفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين عبر الدعاية والدعم المالي وإنشاء بنية ‏تحتية قوية.

9- هل اختلف دور وتأثير الحركة الصهيونية بعد قيام إسرائيل عام 1947؟

 بعد عام 1948 استمرت بعض المنظمات الصهيونية، مثل "الحركة الصهيونية العالمية" و"الاتحاد اليهودي"، في عملها في الشتات، وتوجيه دعمها إلى إسرائيل من خلال برامج مثل هجرة اليهود من دول العالم إلى إسرائيل، بخاصة في ظل صعود القومية العربية واندلاع الحروب.

 

 

وعقب قيام دولة إسرائيل تحول دور الحركة الصهيونية من مجرد حركة تهدف إلى تأسيس دولة يهودية إلى دور مؤسسي وفاعلي في الدولة الجديدة، تركزت جهودها في الاستمرار بتوسيع الدولة وتثبيت أركانها، مع الاهتمام بالحفاظ على هويتها اليهودية وتوجيه الجهود نحو دعم سياسي واقتصادي دولي لإسرائيل.

10 - هل توجد أصوات يهودية مناهضة للصهيونية؟ من هي؟ وما طروحاتها؟

معظم اليهود يلتزمون تفسير الصهيونية كحركة قومية تهدف إلى إنشاء دولة لليهود في فلسطين، هناك أصوات يهودية معارضة لهذه الحركة لأسباب دينية وسياسية وإنسانية، منها الحركة اليهودية المناهضة للصهيونية التي تضم يهوداً دينيين يرفضون الصهيونية استناداً إلى تفسيرهم الديني للتوراة، وفي معتقداتهم يشددون على أن قيام دولة يهودية في فلسطين لا يتوافق مع المشيئة الإلهية إلا مع قدوم المسيح في المستقبل.

وهناك الحركة اليهودية الأرثوذكسية المعارضة للصهيونية التي تعتبر أن قيام دولة إسرائيل هو تجاوز لإرادة الله، ولا يجوز للبشر محاولة تشكيل دولة يهودية قبل وصول المسيا (المسيح المخلص)، ويعتقدون أن اليهود يجب أن يعيشوا في الشتات بأمان ولا يحاولوا "الاستيلاء" على الأراضي الفلسطينية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير