ملخص
على خلفية قرار تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، أصيب أكثر من 600 أسير فلسطيني استعدوا للحرية ولمعانقة أهاليهم بانتكاسة، كما صدمت عائلاتهم وانقلب استعدادهم للفرح إلى نكسة وكسر خواطر.
لبست أم نائل البرغوثي ثوبها الأبيض المطرز بالخيوط الحمراء استعداداً لاستقبال ابنها الأسير الذي ينتظر أن يعانق الحرية ويخرج من السجون الإسرائيلية، وفتحت أبواب بيتها على مصراعيها، وتجهزت لاستضافة الزوار الذين يرغبون في تهنئتها بإطلاق سراح "عميد الأسرى" لكن تلك الفرحة لم تكتمل.
كانت أم نائل تتابع مقاطع الفيديو التي تبثها وسائل الإعلام العبرية، ورأت ابنها يخرج من السجون الإسرائيلية ويستقل حافلة استعداداً لإطلاق سراحه، حينها خفق قلبها فرحاً وأطلقت الزغاريد، لكن بعد مرور ثوانٍ إضافية على الشريط المصور، رأته يعود أدراجه إلى الزنازين المظلمة.
انتكاسة وصدمة
أصيبت أم نائل بصدمة من مشهد عودة ابنها إلى السجون، وأخذت تستفسر عن سبب عدم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، المتفق على تحريرهم ضمن الدفعة السابعة من صفقات تبادل الرهائن بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس".
بعد اجتماعين أمنيين قررت إسرائيل تأجيل إطلاق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار إلى أجل غير مسمى، وبرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ذلك بأنه رداً على طقوس "حماس" المهينة والمتكررة للرهائن الإسرائيليين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على خلفية قرار تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، أصيب أكثر من 600 أسير فلسطيني استعدوا للحرية ولمعانقة أهاليهم بانتكاسة، كما صدمت عائلاتهم وانقلب استعدادهم للفرح إلى نكسة وكسر خواطر.
تقول أم نائل "أمضى ابني 45 عاماً مريراً في السجن، وهذه أطول مدة يقضيها سجين فلسطيني، ولقب بأنه عميد الأسرى، انتظرت لحظة إطلاق سراحه طوال تلك الأعوام الصعبة، وعندما جاء الموعد أخل نتنياهو بالاتفاق وأجل تحريره إلى أجل غير مسمى".
طقوس مهينة
في خطوة مفاجئة، قررت إسرائيل عدم التزام استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم ضمن الدفعة السابعة من صفقات التبادل، وهذا الأمر شأنه أن يعرقل استكمال صفقة غزة ويدفع إلى عودة القتال.
يقول نتنياهو "قرار تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين سيستمر لحين ضمان الإفراج عن الرهائن من دون طقوس مهينة، ’حماس‘ تتعمد إهانة كرامة المحتجزين وتستغلهم للترويج لأهداف سياسية".
مستفز نتنياهو وغاضب جداً من المراسم التي تنظمها حركة "حماس" في غزة أثناء تسليم الرهائن الإسرائيليين، وخلالها تنشر رسائل سياسية وعسكرية ويتابعها غالب دول العالم، لدرجة أنه أمر بإنزال الأسرى الفلسطينيين من حافلات الإفراج عنهم وإرجاعهم إلى زنازين السجون الإسرائيلية.
أبرز مراسم "حماس"
منذ بدء صفقات التبادل بين إسرائيل و"حماس"، تتعمد الحركة تنظيم مراسم لتسليم الرهائن الإسرائيليين للجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ تنصب مسرحاً وتعلق لافتات وتنظم عرضاً عسكرياً، ويطلق عناصرها صوراً مع الرهائن أثناء تسليمهم.
ومن أبرز الأحداث التي جرت أثناء مراسم تسليم الرهائن وأغضبت نتنياهو والمجتمع الإسرائيلي كانت في الدفعة السابعة، عندما قبل الرهينة عومير رأس اثنين من عناصر "حماس" أثناء تسليم ثلاث من الرهائن إلى الصليب الأحمر.
وكذلك اصطحاب عناصر "حماس" رهينتين إسرائيليين ليشاهدا عملية تسليم ثلاث رهائن آخرين إلى الصليب الأحمر، وفي مقطع مصور نشرته "حماس" ظهر الرهينتان وهما ينظران من داخل مركبة تبدو متوقفة قرب منصة التسليم، إلى رهائن ثلاث أطلق سراحهم، ويقول أحدهما بالعبرية "أنقذوا حياتنا حتى نعود إلى بيوتنا"، ويدعو حكومة نتنياهو إلى عمل مفاوضات كما يجب، ويضيف "اسعوا إلى صفقة، الضغط العسكري سيقتلنا جميعاً، الضغط العسكري ليس حلاً، من فضلكم مواطني إسرائيل لا تتوقفوا عن التظاهر".
وأيضاً، ظهر الرهائن الإسرائيليون الثلاث وهم يقفون إلى جوار شجرة زيتون قطعها الجيش أثناء عملياته العسكرية على غزة، وقال أحد الرهائن المفرج عنهم مخاطباً عنصر حمساوي "هذه الشجرة تبدو لي أكبر من دولة إسرائيل"، وتساءل رهينة آخر "ما الجريمة التي اقترفتها هذه الشجرة لكي تُقطع، لا يوجد هنا ’حماس‘ ولا قسام".
ومن بين الممارسات الأخرى التي استفزت نتنياهو كانت في دفعة تسليم جثامين أربع من الرهائن القتلى، وضعت "حماس" الجثامين الأربعة في توابيت سوداء على منصة رفعت عليها صورة نتنياهو بملامح "مصاص دماء"، مع عبارة "المجرم بنيامين نتنياهو وجيشه قتلوا هؤلاء الأسرى بصواريخهم النازية".
الصفقة مهددة بالانهيار
جميع هذه المراسم التي تحمل في طياتها رسائل سياسية وعسكرية أغضبت إسرائيل وجعلت دم نتنياهو يغلي، وقرر معاقبة الأسرى وعدم الإفراج عنهم، واشترط عدم تنظيم "حماس" أياً من تلك الطقوس حتى يتسنى إكمال صفقة غزة.
بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن قرار تأخير إسرائيل في عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من شأنه أن يعرض تنفيذ الاتفاق للخطر، ويمكن أن يؤدي إلى انفجار والعودة إلى القتال.
بالفعل هذا ما هددت به "حماس"، يقول متحدث الحركة سامي أبو زهري "عدم التزام إسرائيل الإفراج عن أسرى الدفعة السابعة من عملية التبادل في الموعد المتفق عليه يمثل خرقاً للاتفاق، مراسم التسليم ليست مهينة وهذا ادعاء باطل وحجة واهية تهدف إلى التهرب من التزامات الاتفاق، هذه المراسم لا تتضمن أي إهانة للرهائن، بل تعكس التعامل الإنساني الكريم معهم".
ويضيف "تقبيل أسير إسرائيلي رأس عناصر ’حماس‘ هو سابقة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، وصورة عفوية تدلل على الأخلاقيات العالية التي نتعامل بها مع الأسرى الإسرائيليين، وأعتقد أنها رسالة لنتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يعملوا باجتهاد لأجل باقي الأسرى".
وسط ما تعده إسرائيل استفزازاً، وتؤكد "حماس" أنه مراسم تكريم، فإن المتخصص في مجال العلوم السياسية فضل الشوا يقول "اختارت إسرائيل وقتاً حساساً للتنصل من التزاماتها، تل أبيب تعرف أن الدفعة السابعة هي الدفعة الأخيرة لإطلاق سراح الرهائن، ولذلك قررت بعدها تعليق التزاماتها"، ويضيف "قد يكون القرار الإسرائيلي نقطة خلاف على أثرها تندلع شرارة الحرب مرة أخرى، وتعود تل أبيب بجيشها لمواصلة الحرب، بذريعة أن ’حماس‘ رفضت الإذعان لشرطها، نتنياهو ذكي واختار نهاية المرحلة الأولى ليضع شرطاً قد يعرقل الصفقة ومراحلها".