ملخص
بعد ساعات من دخول الجنوبيين بحماية من الجيش اللبناني بلداتهم وقراهم، جابت مسيرات لـ"حزب الله" بالدراجات النارية شوارع في الجنوب وفي العاصمة بيروت، رفع خلالها المشاركون هتافات مؤيدة للحزب وأخرى دينية، مما عده كثر استفزازاً مقصوداً لأبناء هذه المناطق. فهل من رسائل سياسية من خلفها؟
لليوم الثاني على التوالي توافد سكان الجنوب اللبناني إلى مشارف القرى الحدودية مع إسرائيل استعداداً لدخولها برفقة الجيش اللبناني، كما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية ومراسلو وكالة "الصحافة الفرنسية".
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة اللبنانية بيان مساء الإثنين أعلن أن الاعتداءات الإسرائيلي خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة، أدت حتى الساعة إلى ارتفاع عدد القتلى إلى اثنين والجرحى إلى سبعة عشر من بينهم طفل ومسعف من جمعية "كشافة الرسالة الاسلامية" خلال قيامه بواجبه الانقاذي.
وكان شخص قُتل وأصيب سبعة لبنانيين في وقت سابق الإثنين بجروح بنيران إسرائيلية خلال محاولة سكان الدخول إلى قرى حدودية، على ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية، بعد يوم من مقتل 24 شخصاً وجرح العشرات بنيران إسرائيلية مع محاولتهم دخول قرى الجنوب.
ووصلت تعزيزات من الجيش اللبناني إلى مشارف بلدة ميس الجبل الحدودية، وبدأ المواطنون التجمع عند مشارف البلدة استعداداً للدخول إليها، فيما أطلق الجيش الإسرائيلي النار باتجاه عناصر الجيش اللبناني المتمركزين غرب البلدة من دون وقوع إصابات.
وفي بلدة حولا المجاورة، قالت الوكالة الوطنية، إن السكان دخلوا إليها بعد انتشار الجيش (اللبناني) في عدد من أحيائها.
أما في بلدة برج الملوك، فقد تجمع عشرات السكان خلف ساتر ترابي، من نساء وأطفال ورجال، على أمل أن يتمكنوا من التوجه نحو بلدة كفر كلا الحدودية التي لم تنسحب منها القوات الإسرائيلية، وسط انتشار آليات للجيش وقوة الأمم المتحدة الموقتة الـ"يونيفيل".
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي كان توجه في منشور على منصة "إكس" إلى سكان الجنوب اللبناني وطالبهم بـ"الانتظار" قبل العودة إلى قراهم، مضيفاً أنه سيتم إعلامهم "حول الأماكن التي يمكن العودة إليها".
تمديد الاتفاق حتى 18 فبراير
قبل ساعات أعلن البيت الأبيض أنه تم تمديد "الاتفاق" بين لبنان وإسرائيل حتى الـ18 من فبراير (شباط) المقبل، ووافقت الحكومة اللبنانية، اليوم الإثنين، على تمديد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
الجيش اللبناني قال بدوره في بيان، مساء الأحد، إنه "يواصل مواكبة الأهالي العائدين إلى البلدات الحدودية الجنوبية والوقوف إلى جانبهم". وأوضح أنه "يستكمل الدخول إلى بلدات جنوبية عدة والانتشار فيها، ويدعو المواطنين إلى التزام توجيهات الوحدات العسكرية".
وكشف رئيس بلدية علما الشعب جان غفري في حديث إعلامي أن أهالي بلدة علما الشعب بدأوا رحلة العودة منذ أسبوع، بمواكبة الجيش اللبناني، وأضاف "للأسف هناك نحو 90 منزلاً تدمر بالكامل و200 بصورة جزئية، ولا توجد منازل قابلة للسكن، ونحن كبلدية نعمل على تحسين أدنى مقومات العيش من خلال تأمين الكهرباء والمياه، وننتظر الحكومة المقبلة لتحقيق مزيد من الدعم".
وشهد أمس الأحد، عودة مئات الجنوبيين إلى بلداتهم، على وقع إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي مما أدى إلى مقتل وجرح عشرات اللبنانيين، فيما نجح الجيش اللبناني بالدخول إلى بلدات مركبا ورب 30 وبني حيان وطلوسة وحولا وميس الجبل ومارون الراس وعيترون ويارون والضهيرة وأم التوت والزلوطية ويارين والطيبة ودير سريان والقنطرة وعيتا الشعب والقوزح.
مسيرات واستفزازات
أما مساء فقد جابت مسيرات لـ"حزب الله" بالدراجات النارية شوارع في الجنوب وفي العاصمة بيروت، ومنها مغدوشة والجميزة والجديدة، رفع خلالها المشاركون هتافات مؤيدة للحزب وأخرى دينية، مما عده كثر استفزازاً مقصوداً لأبناء هذه المناطق. وقد تدخل الجيش اللبناني وأقفل بعض الشوارع منعاً لتطور الأمور خصوصاً في منطقة فرن الشباك.
النائب في البرلمان اللبناني وضاح الصادق علق على هذه التطورات، وكتب في منشور على حسابه في منصة "إكس"، "لم يكتف الحزب بما تسبب به خلال سنة ونيف من حرب تدميرية قاتلة رغم أنه ضد إرادة معظم اللبنانيين، بل شوه مشهد أهلنا في الجنوب بتنظيم مسيرات في عديد من المناطق تستفز اللبنانيين وتؤدي إلى احتكاكات تثير الفتنة وتبعث برسائل إلى كل الجهات، مفادها أن من يعتقد أن البلد ماض نحو الاستقرار مخطئ، وأن الحزب قادر على زعزعة هذا الاستقرار وإيصال البلد إلى انهيار جديد، كما فعل دائماً".
لم يكتفِ الحزب بما تسبب به خلال سنة ونيف من حرب تدميرية قاتلة رغماً عن إرادة معظم اللبنانيين، بل شوّه مشهد أهلنا في الجنوب بتنظيم مسيراتٍ في العديد من المناطق تستفز اللبنانيين وتؤدي إلى احتكاكاتٍ تثير الفتنة وتبعث برسائل إلى كافة الجهات، مفادها أن من يعتقد أن البلد ماضٍ نحو…
— Waddah Sadek - وضاح الصادق (@WaddahSadek) January 27, 2025
رسائل نحو الداخل والخارج
وفي سياق ما حصل ويحصل في لبنان راهناً رأى الكاتب والمحلل السياسي سمير سكاف أن تمديد الجيش الإسرائيلي إقامته في لبنان حتى الـ18 من فبراير أتى بقرار أميركي، وليس بقرار أممي، فيما اعتمد "حزب الله" التصعيد الشعبي في العودة، باستعمال كثيف لأعلام الحزب من دون الأعلام اللبنانية، وكذلك عبر الدراجات النارية وبأعلام الحزب وشعاراته في عدد من المناطق خارج بيئته.
يرى سكاف أن عودة الأهالي إلى قراهم كانت ولا تزال ممكنة ومفرحة في القرى التي واكبهم بدخولها الجيش اللبناني بعدما انسحب منها الجيش الإسرائيلي، ولكنه وصفها بالـ"انتحارية" عند تمنع البعض عن الالتزام بتعليمات الجيش الذي نصحه وحاول منعه من دخول أماكن تعرض حياته للخطر، وقال إن "حزب الله" اعتمد خطة تحريك الأهالي في اليوم الـ61 للذهاب إلى كل القرى التي انسحبت منها إسرائيل، والتي لم تنسحب منها، وهو خيار يعتمد على جمهوره وليس على الخيارات "العسكرية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"ما حصل أمس هو تنفيذ تهديد الحزب ليس عبر السلاح، بل بدم الناس"، هكذا قرأ العميد المتقاعد جورج نادر تطورات أمس مشدداً على حق الجنوبيين في العودة إلى قراهم لكن ليس عبر تعريض حياتهم للخطر المباشر، وقال "لا بد من انتظار تعليمات الجيش حرصاً على سلامتهم لأن الخطر لا يزال قائماً خصوصاً مع وجود ألغام وقنابل غير منفجرة".
يضع نادر مسيرات أمس في بيروت وتطورات الجنوب في إطار الرسائل التي أراد "حزب الله" إيصالها للداخل اللبناني والخارج، وأضاف "ما حصل هو رسالة متعددة الاتجاهات منها موافقة الحزب الضمنية على السردية الإسرائيلية القائلة إن الجيش اللبناني ضعيف وغير قادر على تطبيق القرار الأممي 1701، والرسالة الثانية لرعاة الاتفاق الموقع أي فرنسا وأميركا ولهما قال إنه حزب موجود ولا يمكن تجاهله، ورسالة أخرى إلى جمهوره المحبط لشد عصبه واستنهاضه، والرسالة الأهم للداخل اللبناني أي لرئيس الحكومة المكلف نواف سلام ورئيس الجمهورية المنتخب حديثاً جوزاف عون بأنه لا قدرة على تشكيل حكومة من دون الحزب".
تطورات الأرض لا علاقة لها بالحكومة
ينفي الكاتب والمحلل السياسي محمد علوش أي علاقة بين ما حصل على الأرض في الجنوب أمس وفي بيروت بمسار تشكيل الحكومة، وقال "منذ اللحظة الأولى لانتهاء الـ60 يوماً المحددة باتفاق وقف إطلاق النار، كان من الواضح، بحسب تلميحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن الجنوبيين لن يتوانوا عن التوجه إلى قراهم في اليوم الـ61، وهكذا كان المشهد، حيث شاهدنا كيف توجه أهالي هذه القرى إلى بلداتهم ودخلوها برفقة الجيش اللبناني الذي كان بداية قد أقام الحواجز الثابتة من أجل منع تقدم المواطنين، ولكنه أمام الجحافل الكبيرة التي توجهت إلى القرى فتح الطرقات وأسهم بوصول المواطنين إلى قراهم".
وتابع، "هذا المشهد كان ضرورياً، وسيستكمل اليوم من خلال توجه الجنوبيين إلى بلداتهم، حتى لو تم الاتفاق على تمديد المهلة إلى الـ18 من فبراير المقبل، إلا أن ذلك لا يعني إطلاقاً أن يتوقف الضغط الشعبي الذي يقوم به الجنوبيون من أجل حث الجيش الإسرائيلي على الانسحاب بأسرع ما يمكن".
وعما شهدته العاصمة مساء أمس، عد علوش أن هناك مشهدين حصلا في بيروت، المشهد الأول في الضاحية الجنوبية وكان منظماً وبناء على دعوات مسبقة، وتم الاحتفال بتحرير القرى الجنوبية، إنما مشهد الدرجات النارية التي خرجت من الضاحية ومن بعض المناطق في بيروت إلى مناطق أخرى وشكلت استفزازات، فهي لم تكن مدفوعة من الأحزاب، إنما حاولوا تداركها من دون أن يتمكنوا من فعل ذلك، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وضعه في سياق إرسال رسائل سياسية بالداخل.
"ما حصل في الجنوب هو بكل تأكيد له رسائل سياسية مفادها أن هذا الفريق لا يزال حاضراً، ولا يمكن أن يكون الحل في لبنان على حساب فريق من دون آخر"، يقول محمد علوش معتبراً أن مشاهد أمس أظهرت أن هذا الفريق لم يكسر وهو لا يزال حاضراً من ثمّ التوافق والحوار هو المدخل الوحيد لتشكيل حكومة يرضى بها اللبنانيون، على رغم أنني أعتقد أن الرئيس المكلف قد يكون متجهاً نحو تشكيل حكومة أمر واقع، كما يقول.
7 عناصر من "حزب الله" أسرى لدى إسرائيل
من ناحية ثانية أفاد مصدر مقرب من "حزب الله" وكالة الصحافة الفرنسية اليوم الإثنين بأن إسرائيل أسرت سبعة من مقاتليه خلال الحرب التي دارت بين الطرفين إلى حين سريان وقف إطلاق النار في الـ 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأشار المصدر، وقد طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن إسرائيل اعتقلت أربعة أشخاص في قرى حدودية جنوب لبنان أمس الأحد، مع محاولة المئات الدخول إلى هذه المناطق على رغم عدم انسحاب القوات الإسرائيلية منها.
وأعلن البيت الأبيض أمس أنه جرى تمديد الاتفاق حتى الـ 18 من فبراير (شباط) المقبل، مشيراً إلى أن "حكومات لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة ستبدأ مفاوضات لإعادة المعتقلين اللبنانيين الذين أُسروا بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023"، وهو اليوم الذي شهد الهجوم الدامي الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل وشكّل شرارة اندلاع الحرب في غزة.، فيما لم يحدد البيت الأبيض عدد المعتقلين.
وكانت إسرائيل أعلنت خلال الحرب أنها أسرت أربعة مقاتلين من "حزب الله" خلال المعارك في جنوب لبنان.
وعلى صعيد آخر قال مسؤول عسكري إسرائيلي في نوفمبر الماضي إن قوات كوماندوز بحرية إسرائيلية اعتقلت عنصراً رفيعاً في "حزب الله" في مدينة البترون الساحلية شمال لبنان، وأكد الجيش الإسرائيلي أمس "اعتقال عدد من المشتبه فيهم" جنوب لبنان بعدما "شكلوا تهديداً حقيقياً" لقواته.
وأقر مسؤول في الحزب في الـ 22 من أكتوبر الماضي، بوجود أسرى من مقاتليه لدى إسرائيل، من دون أن يحدد عددهم.
وخلال عقود من الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" أجرى الطرفان عمليات تبادل عدة للأسرى والمعتقلين تعود آخرها لعام 2008.