Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رؤية إسرائيلية لـ"شرق أوسط" جديد على وقع اتفاق لبنان

تتحدث عن ترجمة "الإنجازات العسكرية" في غزة ولبنان إلى واقع سياسي ملامحه إسقاط "حماس" وتعزيز الأردن واحتواء التهديد الإيراني

ثمة خطر أيضاً من أن تؤدي هذه "الإنجازات" إلى تفاقم المآزق الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها تل أبيب (أ ف ب)

ملخص

هناك مطلب إسرائيلي بضرورة صمود الاتفاق مع لبنان وإبعاد المنطقة من حرب واسعة، لتكون الخطوة المقبلة هي غزة عبر وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى.

التهديدات التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع القناة "14" الموالية له بإعطاء تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لاحتمال العودة إلى لبنان وبقوة، معتبراً أن ما تم الاتفاق عليه هو وقف للقتال وليس للحرب، هي تهديدات من شأنها أن تعيد المنطقة إلى حرب أخطر، في الوقت الذي تبلور مجموعات أمنية وبحثية سبل استغلال ما تعده إسرائيل إنجازات عسكرية فائقة للجيش الإسرائيلي في لبنان وغزة، واستثمارها لأهداف سياسية، ليس فقط في إسرائيل وإنما في المنطقة التي تدخل حقبة جديدة، وفق تقدير الإسرائيليين.

التهديدات نفسها أطلقها أيضاً رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، وقائد منطقة الشمال أوري غوردي الذي قال، إن الجيش "مستعد للعودة للقتال. نحن اليوم في وضع تنفيذ الاتفاق، ولكن من الممكن بسرعة العودة إلى الهجوم".

وما بين هذه التهديدات والتوصيات التي قدمت إلى متخذي القرار من جانب أكثر من جهة حول سبل التعامل في مرحلة ما بعد الاتفاق في لبنان باعتبار أن الجيش حقق إنجازات ساحقة، شكلت الساحة السورية تحدياً جديداً لإسرائيل بعد سيطرة المعارضة المسلحة على حلب، إذ أجرى نتنياهو في ساعة متاخرة من مساء الجمعة، مشاورات أمنية استثنائية عبر الهاتف حول تداعيات الأحداث في سوريا على إسرائيل ولبنان، بعد أن أعلن نتنياهو أن الجيش سيواصل قصف المعابر في سوريا. ومما تسرب من هذا الاجتماع التشاوري فإن إسرائيل تنظر بحذر إلى التطورات الأخيرة في سوريا، التي من شأنها أن تنعكس أيضاً على الحدود اللبنانية- السورية، والسورية- الإسرائيلية.

فرصة لالتقاط الثمار

على رغم هذه التخوفات التي لم يخفها الإسرائيليون حتى قبل أحداث حلب من انعكاس الوضع الداخلي في سوريا على الجبهة الشمالية برمتها، هناك مطلب إسرائيلي بضرورة صمود الاتفاق مع لبنان وإبعاد المنطقة عن حرب واسعة، لتكون الخطوة المقبلة هي غزة عبر وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى.

في بحث أجراه أمنيون سابقون وباحثون من معهد السياسة الاستراتيجية في معهد "رايخمان" وأشرف عليه اللواء احتياط عاموس جلعاد الذي سبق أن شغل مناصب عسكرية وأمنية بارزة، قدم فريق البحث توصيات عدّ فيها أن الجيش الإسرائيلي حقق إنجازات مثيرة للإعجاب في جميع ساحات الحرب، وأن وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض سيمنح إسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو فرصة لترجمة الإنجازات العسكرية إلى ثمار سياسية بطريقة تتيح لإسرائيل القدرة على إنهاء الحرب وتصميم واقع أمني وسياسي أفضل في الشرق الأوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبرأيهم، فإن "ترمب كرئيس يرمز إلى حقبة جديدة، وفوزه يشكل مصلحة واضحة لإسرائيل في مواصلة تعزيز التعاون الاستراتيجي المتعدد الأبعاد مع الولايات المتحدة. وهذا يتطلب الرد على القضايا المتفجرة، وعلى رأسها المحور الاستراتيجي الإقليمي والثمن الفلسطيني". 

وفي استعراض البحث لمختلف ساحات القتال عدّ جلعاد أن الجيش حقق في الأشهر الأخيرة من هذه الحرب إنجازات مثيرة للإعجاب في جميع ساحات الحرب، فـ"في غزة يتم تفكيك الأطر العسكرية لـ(حماس) التي تنهار كمنظمة عسكرية، وقد عانى (حزب الله) من أضرار جسيمة في سبل القيادة والسيطرة والقدرات الصاروخية تجاه إسرائيل. وحيال إيران نجحت إسرائيل في تدمير جزء كبير من قدراتها الدفاعية الجوية، مما أدى إلى الإضرار بقدرات إنتاج الصواريخ، بل وحتى تدمير مكون يتعلق بالبرنامج النووي العسكري. وفي الضفة الغربية يواصل الجيش الإسرائيلي والـ(شاباك) عملياتهما المكثفة لمنع الهجمات القاتلة، بينما يقومان بإحباط واعتقال آلاف النشطاء الذين يرتبط معظمهم بحركة (حماس)".

 كل هذا، يؤكد جلعاد، "يأتي مع استمرار الدعم الواسع من الإدارة الأميركية، ومع بداية الولاية الثانية لترمب في 20 يناير (كانون الثاني) 2025، وهذا أمر في غاية الأهمية".

أمام مجمل هذه التطورات يرى الباحثون أن لدى نتنياهو فرصة لترجمة الإنجازات العسكرية إلى ثمار سياسية بطريقة تمنح إسرائيل القدرة على إنهاء الحرب وتشكيل واقع أمني سياسي أفضل. وبخلاف ذلك هناك خطر من أن تؤدي هذه الإنجازات إلى تآكل وتفاقم المآزق الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها إسرائيل.

التهديد الإيراني

في  الملف الإيراني الذي يشغل الإسرائيليين من أمنيين وسياسيين هذه الأيام، ما بين الأصوات الداعمة لرئيس الحكومة، التي تدعو إلى استخدام كل ما يمكن أن يتوفر لإسرائيل من أجل مواجهة النووي الإيراني، ونتنياهو الذي لمح في أكثر من مناسبة إلى أن الرئيس الأميركي القادم ترمب سيوفر له كل الفرص لتحقيق هذا الهدف، يضع هذا الملف على رأس أولوياته، بل إنه عندما أعلن للإسرائيليين عن مصادقة المجلس الوزاري الأمني على الاتفاق مع لبنان، عد التفرغ للملف الإيراني سبباً أولياً للموافقة على الاتفاق.

وقد وافقه في ذلك أيضاً معدو هذا البحث، وتحديداً عاموس جلعاد، فبحسبه أن "حرب طوفان الأقصى جعلت إيران، التي تؤيد أيديولوجية متطرفة تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل، هي التهديد الرئيس لأمن بلاده. ويرتكز ذلك على عنصرين أساسيين: تطوير البرنامج النووي العسكري وتحديد موقعها في هذه المرحلة كدولة عتبة، إلى جانب إقامة وتشغيل حزام ناري حول إسرائيل".

وفي تقدير جلعاد فإن لدى إسرائيل الآن الفرصة لتركيز جهد خاص على كبح المشروع النووي العسكري، "خشية أن تستخدم إيران التطوير النووي العسكري كشهادة تأمين لها بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بـ(حزب الله)، علاوة على ذلك فإن وجود الأسلحة النووية في أيدي إيران قد يزيد من ثقتها بنفسها وثقة وكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويسمح لهم بإظهار جرأة متزايدة للعمل بصورة تقليدية ضد إسرائيل تحت مظلة نووية".

بحسب التقارير الإسرائيلية حول خطورة النووي الإيراني على إسرائيل فإنه يشكل تهديداً مباشراً "وحتى لو كانت إمكانية استخدامه تبدو ضئيلة فإن وجود الأسلحة النووية في أيدي إيران يمكن أن يؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تسعى مصر وتركيا والسعودية أيضاً للحصول على هذه القدرات".

ويضيف التقرير أن لدى إسرائيل "الفرصة للتحرك بالتنسيق مع الإدارة الأميركية المقبلة لوقف المشروع النووي من خلال بناء بديلين: الأول، خيار عسكري بالتعاون العميق مع إدارة ترمب التي تعهدت فعلاً بأن إيران لن تمتلك أسلحة نووية. والثاني، من خلال الاتفاق ’النووي2’ مع إيران، الذي ستكون له مكونات صغيرة الحجم ورقابة مشددة للغاية.

ولتحقيق هذه الغاية يقترح معدو البحث على إسرائيل "أن تضمن دمجها منذ البداية في الاتصالات بين الطرفين، وأنه في الوقت نفسه الذي تجري فيه المفاوضات ستقوم الإدارة بفرض عقوبات مؤلمة على إيران من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد الإيراني وتجسد ثمن الخسارة لإيران".

أما على المدى المتوسط ​​والطويل، ومع إدراك أن الأيديولوجية المتطرفة للنظام القاتل في طهران لن تتغير، بحسب معدي البحث، فـ"تحتاج إسرائيل إلى الترويج لخطة لإطاحة النظام أو في الأقل تقويض استقراره والاستفادة من الصعوبات الاقتصادية ونقاط الضعف البنيوية للمجتمع الإيراني، وبالتعاون مع حلفائنا على الساحة الدولية والإقليمية"، وفق ما جاء في البحث. 

الصمود قوة لإسرائيل

يرى معدو البحث، ضمن مجموعة من التوصيات، أن ملف الأسرى بعد اتفاق لبنان بات حاجة ملحة، ودعوا إلى صياغة الخطوط العريضة لصفقة إعادتهم كضرورة سياسية وأمنية وأخلاقية، معتبرين ذلك هدفاً شاملاً وأكثر إلحاحاً.

لكن في المقابل لم يخففوا من أهمية وضع حد للشرخ والانقسام والتدهور في المجتمع الإسرائيلي، ويعدون أن "تعزيز القدرة على الصمود الوطني شرط ضروري لقوة إسرائيل الشاملة. وذلك أولاً وقبل كل شيء من خلال إزالة التهديدات ووقف المضايقات على رؤساء أجهزة تنفيذ القانون، إلى جانب تعزيز المساواة في العبء، وتنفيذ حكم المحكمة العليا في شأن قضية تجنيد الحريديم، وهي قضية تشكل أزمة داخلية كبيرة.

وضمن التوصيات أيضاً صياغة استراتيجية حديثة لاحتواء التهديد الإيراني وإضعافه. أولاً بمنع قدرات طهران في المجال النووي، واستمرار إضعاف الحزام الناري. وفي الوقت نفسه دراسة اعتبار المس باستقرار نظام آيات الله هدفاً محدداً.

وتقترح التوصيات "إسقاط حكم (حماس) في غزة من خلال تحركات سياسية شاملة، بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول عربية ومحافل مرتبطة بالسلطة الفلسطينية، تمكن من تشكيل البديل الحاكم. وإلى جانب استمرار الإجراءات المضادة التي يتخذها الجيش في الضفة الغربية، من الضروري كبح اتجاهات الضم المباشر، وتعزيز السلطة الفلسطينية من أجل منع تفككها.

وتتبنى فكرة إعطاء "جهد خاص لتعزيز الأردن كخلفية استراتيجية لدولة إسرائيل. إلى جانب خطوات الحفاظ على منظومة العلاقات الاستراتيجية مع مصر وتطويرها. وإعادة مذكرات الاعتقال الإدارية ضد اليهود في الضفة، كأداة فعالة للتعامل مع الإرهاب والتجسس".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات