ملخص
يتذكر ميكيل أرتيتا المدير الفني لأرسنال أيامه السعيدة في باريس سان جيرمان وذكريات "المطار" وغياب ثبات المستوى الذي شكله كمدير فني
كان هذا التقارب هو الذي رفضه ميكيل أرتيتا على الفور على رغم وجود لحظة من التفكير بسبب ارتباط سابق، ففي صيف عام 2023 تحقق باريس سان جيرمان مما إذا كان الباسكي مهتماً بخلافة كريستوف غالتييه كمدرب للفريق بعدما نجح في جعل أرسنال فريقاً تنافسياً مرة أخرى، وهذا أحد الأسباب التي جعلته لن يرحل أبداً، إذ يريد أرتيتا في النهاية أن يكون أول مدير فني يقود النادي اللندني إلى المجد في دوري أبطال أوروبا، المسابقة التي يستضيف فيها باريس سان جيرمان اليوم الثلاثاء.
وكان لاعب الوسط السابق في الواقع معاراً إلى باريس سان جيرمان عندما فازوا بكأسهم الأوروبية الأخيرة، إذا كان من الممكن تسميتها كذلك، نظراً إلى أنها كانت كأس إنترتوتو عام 2001، وكانت تلك المنافسة التأهيلية التي ألغيت الآن مشتركة مع أستون فيلا وتروا، حيث جلس أرتيتا على مقاعد البدلاء في فوز خارج الأرض ضد فريق بريشيا بقيادة روبرتو باجيو، وكانت هذه هي الطبيعة الفريدة لباريس سان جيرمان في ذلك الوقت، التي مثلت أيضاً منعطفاً رئيساً في الطريق الملتوي للمدرب البالغ من العمر 42 سنة إلى أرسنال.
في ذلك الحين برز رونالدينيو الشاب والمرح كزميل في الفريق مع أرتيتا، وتحدث المدرب عن الشعور بالروعة الذي كان سائداً في باريس سان جيرمان حتى ذلك الحين.
كان النادي مملوكاً لشركة الإعلام "كانال بلوس"، التي جسدت أحد نماذج الملكية السائدة في ذلك الوقت، بالطريقة نفسها التي تفعلها شركة قطر للاستثمارات الرياضية الآن، وكان ذلك جزءاً من اتجاه يؤثر في كرة القدم الأوروبية ودوري أبطال أوروبا، وكل ذلك في أعقاب هيمنة سيلفيو برلسكوني في ميلان الإيطالي.
في فترة شهدت تنوعاً تنافسياً وتوازناً حقيقياً في كرة القدم، كان نجوم مثل رونالدينيو ونيكولاس أنيلكا وجاي أوكوشا يكملهم فريدريك ديهو وطلال القرقوري وهوغو ليل وديدييه دومي، وكان كل ذلك تحت قيادة لاعب الوسط الفرنسي الأسطوري لويس فيرنانديز، ومن بين الأسماء التي اشتهرت لاحقاً غابرييل هاينزه وماوريسيو بوتشيتينو وبالطبع أرتيتا نفسه.
وقال مدرب أرسنال أمس الإثنين عن 18 شهراً قضاها في باريس "كانت أول تجربة احترافية لي، لقد كانت فترة لا تصدق تلك التي قضيتها هناك وأحببت كل دقيقة منها. سأكون دائماً ممتناً للنادي ولويس فيرنانديز لأنه كان الشخص الذي آمن بي عندما كنت في الـ17 أو الـ18 من عمري. لقد لعبت كرة قدم احترافية ومن هناك كانت منصة لمشاركة تجربة في ناد بهذا الحجم ومدينة ربما تكون الأجمل في أوروبا. كانت تجربة ستبقى معي إلى الأبد، مع زملاء ساعدوني وشكلوا هويتي ومن أريد أن أكون كلاعب، وأشعلوا شيئاً في داخلي لأصبح مديراً فنياً في المستقبل. كان هناك بعض الأفراد المهمين جداً في ذلك الجزء من مسيرتي المهنية".
ومنحت هذه الفترة لأرتيتا بعض الدروس المهمة وبصفته لاعب خط وسط، غالباً ما وجد أرتيتا المساحة أمامه خالية تماماً من أوكوشا ورونالدينيو.
لقد ضحك ذات مرة لأنه يستدير بعد فقدان باريس سان جيرمان الكرة ليجد خلفه مساحة خالية للركض فيها وكأنها مهبط طائرات.
وقام أرتيتا بعمله حيث كان لدى باريس سان جيرمان أفضل سجل دفاعي في الدوري الفرنسي في ذلك الموسم، إذ استقبلوا 24 هدفاً فقط، لكنهم احتلوا المركز الرابع.
كما شهدت اختلالات التوازن في الفريق خروجهم من الدور الثالث لكأس الاتحاد الأوروبي بركلات الترجيح أمام رينجرز الاسكتلندي، في إشارة أخرى إلى وقت مختلف تماماً.
وكان ذلك ليثبت أنه حاسم بشكل خاص في مسيرة أرتيتا، إذ لاحظ النادي الاسكتلندي أداء لاعب خط الوسط وقام على الفور بخطوات لمحاولة التوقيع معه وبحلول نهاية الموسم، وكان يتفوق عرضهم فعلياً على باريس سان جيرمان في محاولة ضمه بشكل نهائي من برشلونة.
وأدى ذلك إلى جدال، إذ اشتكى النادي الفرنسي من أن رينجرز أعلن التعاقد قبل نهاية "بند الحصرية" الخاص بأرتيتا في صفقة إعارته من برشلونة إلى باريس سان جيرمان.
وأوضح أرتيتا هذا الأسبوع "أردت البقاء هناك، لكنني كنت في تلك اللحظة مملوكاً لبرشلونة ولم يتوصلوا إلى اتفاق ثم كان علي أن أفعل شيئاً آخر، هذه هي كرة القدم".
أو في الأقل كانت هذه هي كرة القدم آنذاك، والآن أصبح من غير المتصور تماماً أن يتمكن رينجرز من إخراج باريس سان جيرمان من أوروبا ثم يتفوق عليهم في عرض لشراء لاعب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعترف أرتيتا منذ ذلك الحين بأن طبيعة الدوري الاسكتلندي تعني أنه كان عليه أن يفكر في اللعبة بطريقة جديدة، أضيف مزيد من المميزات إليه.
وعلى رغم أنه خريج خط الوسط من أكاديمية برشلونة، إلا أن أرتيتا كان يعلم أنه ليس في تلك الفئة النخبوية مع أقرانه مثل تشافي، لذلك كان عليه أن يضيف مزيداً من الصلابة والانضباط إلى أسلوب لعبه وقد يسخر بعضهم الآن من أنهم "فنون الظلام".
لقد شعر سيسك فابريغاس لاعب أرسنال بثقل هذه المشكلة عندما كان أرتيتا في إيفرتون، إذ تعرض لعرقلة قوية بعد أن تخطى الكرة، ويقال إن أرتيتا ضحك من هذه الذكرى عندما ذكره فابريغاس بعد سنوات قائلاً "كنت بحاجة إلى القيام بشيء ما!".
في الواقع، عانى أرتيتا في موسم واحد مع ريال سوسيداد (2004 - 2005)، مما دفع مدرب إيفرتون آنذاك ديفيد مويس إلى التصرف بناء على إشادة من اسكتلندا، وأخذ لاعب خط الوسط على سبيل الإعارة في البداية، وأثبت أنه لاعب متفان في كثير من النواحي، وظهر أن أرتيتا جاء إلى إنجلترا كي يستمر وانتقل في النهاية إلى أرسنال عندما عانى أرسين فينغر أزمة تعاقدات في أغسطس (آب) 2011.
قبل شهرين فقط من ذلك، في يونيو (حزيران) من ذلك العام، اشترت شركة قطر للاستثمار الرياضي باريس سان جيرمان، وتحركوا على الفور لضم فينغر، وكان لسنوات الهدف الأول لتولي تدريب الفريق الأول.
ومن عجيب المفارقات أنه في هذا الوقت بالتحديد بدأت الحجج حول ما إذا كان تجاوز أفضل حالاته، وشعر أرتيتا بالإحباط من مدى ضعف أرسنال، وكيف لم يتمكنوا أبداً من إظهار ثبات المستوى المطلوب وكان يتعهد بأن فريقه الخاص لن يعاني العيوب نفسها.
لم يهتم باريس سان جيرمان لفترة طويلة إذ أرادوا الاسم فقط، وكانت هذه "الفلسفة" التوجيهية لما يقرب من عقد من الزمان، إذ تعاقدوا مع نجم تلو الآخر ولقد عانى الفريق فشلاً بعد فشل آخر في دوري أبطال أوروبا.
وهذا ما دفعهم في النهاية إلى اللجوء لأرتيتا، فبعد أن تخلى باريس سان جيرمان أخيراً عن "التألق"، وبعد عام واحد من إعلان الرئيس ناصر الخليفي ذلك، أرادوا بناء فريق أكثر حداثة يعتمد على ملف شخصي أصغر سناً بطريقة تتقدم بها الاتجاهات التكتيكية للعبة.
وتم تحديد أرتيتا باعتباره الشخص المثالي لهذا نظراً إلى سجله في أرسنال، وفي الوقت نفسه تلقى هو نفسه نصائح كبيرة في شأن مثل هذه القضايا التدريبية على مر السنين، من زميله السابق في فريق باريس سان جيرمان بوتشيتينو.
وفي النهاية ذهب النادي الفرنسي إلى مدرب مماثل أيديولوجياً هو لويس إنريكي، بعد أن أعلن أرتيتا بسرعة أنه لديه طموحات أكبر بكثير لأرسنال، ولهذا السبب بقي، لكن كل هذه اللحظات التي تبدو غير ضارة من الماضي تؤثر الآن في مباراة الثلاثاء.
في أقل تقدير، بناء على ما نعرفه عن المديرين الفنيين وموقفهم من الضغط، لن يسمح أي من الفريقين بوجود مساحة "بحجم المطار" خالية في الملعب.
© The Independent