ملخص
إن أحكام "عقوبة السجن من أجل الحماية العامة" هي وصمة عار في نظام العدالة البريطاني الذي يرتكز على احترام الفرد وعلى إعطاء الأمل حتى لمن هم محكوم عليهم لكي يعاودوا الانخراط في المجتمع مجدداً يوماً ما.
في المملكة المتحدة نفتخر بنظام العدالة لدينا: في تطبيق ديمقراطيتنا، وفي نظامنا الإعلامي الجدير بالثقة وغير المتحيز، وفي تنفيذنا القانون والعدالة. نحن، كما نقول لأنفسنا، أمة متحضرة ذات فكر متقدم.
وبالطبع يواجه هذا المفهوم التحديات باستمرار، فحالياً تتعرض مؤسستنا السياسية للتقويض من خلال المعلومات المضللة المنتشرة عبر الإنترنت، وتظهر علامات التحيز على نظامنا الإعلامي باستمرار، ونظام العدالة غالباً ما يكون عكس ذلك [أي غير عادل] تماماً. لا شيء يعكس النقطة الأخيرة بشكل أوضح من مأساة السجناء الذين يقضون أحكاماً بالسجن من أجل الحماية العامة.
وأحكام السجن من أجل الحماية العامة هي أحكام بالسجن تحمل حداً أدنى للعقوبة، ولكن من دون حد أقصى، مما يعني أنها قد تستمر إلى أجل غير مسمى. قدم هذه الأحكام من قبل حزب العمال الجديد في عام 2005، وعلى رغم أنه تم إلغاؤها في عام 2012 بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، فإن هذا التغيير في السياسة لم يطبق بأثر رجعي. ولذلك لا يزال هناك 2734 سجيناً يقضون أحكاماً بالسجن من أجل الحماية العامة في المملكة المتحدة، من بينهم 700 سجين قضوا أكثر من 10 أعوام فوق الحد الأدنى لعقوباتهم.
في عام 2006، تم إصدار عقوبة بالسجن من أجل الحماية العامة ضد جيمس لورانس بمدة أدناها ثمانية أشهر بسبب تهديده شخصاً آخر بمسدس صوت. وبحسب لورانس فإنه بدأ بحمل المسدس بغرض الحماية بعد أن كاد يقتل في حادثة طعن خلال العام الذي سبق الحادثة. وبما أنه من الممكن استدعاء السجناء إلى السجن بموجب نظام السجن من أجل الحماية العامة من دون إصدار أحكام أخرى في حقهم، فقد أرغم لورانس على العودة إلى السجن خمس مرات خلال العقدين الماضيين، ولا يزال محتجزاً هناك حتى الآن. وفي إحدى المرات، تم استدعاؤه بسبب تجاوزه موعد حظر التجول الخاص به بمدة ساعتين. وفي مرة أخرى تم استدعاؤه لأنه اختفى ليكون مع شريكته الحامل وقتها.
سجناء برنامج السجن من أجل الحماية العامة عرضة لخطر إيذاء النفس والانتحار بشكل مرتفع، إذ أنهى أكثر من 90 منهم حياتهم في السجن. ولورانس نفسه قد حاول الانتحار ست مرات منذ صدور الحكم عليه أول مرة قبل 18 عاماً.
دعوني أكون واضحاً للغاية: لا يمكنك تهديد الناس بالعنف، سواءً كنت مسلحاً أو لا. وبصفتي شخصاً تعرض للتهديد بسلاح أكثر من مرة، يمكنني أن أشهد بأنها تجربة لا أتمناها لأي شخص آخر. يمكن لهذه التجربة أن تؤدي إلى تعرض الضحية لمضاعفات صحية خطرة نفسية وجسدية مثل اضطراب ما بعد الصدمة ونوبات القلق، بغض النظر عما إذا كان قد استخدم السلاح بالفعل أم لا.
ولكن الهدف من نظامنا القضائي ليس معاقبة المجرمين إلى ما لا نهاية حتى يفقدوا أي أمل بالعودة للانخراط في المجتمع. وكذلك فإن السجون ليست مراكز للتعذيب، والسجناء لا يزالون بشراً يستحقون التعاطف والاحترام، على رغم ما قد يعتقد بعض الأفراد في المملكة المتحدة.
ولذلك فإن القيام بسجن شخص ما لمدة زمنية غير محددة وحرمانه من أي أمل في إطلاق سراحه هو فكرة أتوقع قراءتها في رواية من تأليف كافكا، أو قصة من الأدب البائس، وليس بصحيفة كبرى في دولة ديمقراطية. وذكر مصطلح "التعذيب" لم يكن عبثياً، فقد وصفت الأمم المتحدة سابقاً أحكام السجن من أجل الحماية العامة بأنها شكل من أشكال "التعذيب النفسي". هل هذه فعلاً بريطانيا التي تريد العيش فيها أنت وعائلتك؟
كيف سمح لذلك بأن يحدث؟ نحن نتحدث عن حياة بشر، وليس عن عمل مزعج هامشي يمكن تأجيل البحث فيه إلى الأبد. من غير الإنساني السماح لهؤلاء الأشخاص بالعيش في حالة من اليأس والخوف، فهذا يتناقض مع كل ما يفترض أن تمثله هذه البلاد.
وقد دعت صحيفة "اندبندنت" مراراً وتكراراً، لسبب وجيه، إلى مراجعة أحكام سجناء برنامج السجن من أجل الحماية العامة. فحياتهم في حلقة البؤس التي لا نهاية لها تشكل وصمة عار على نظامنا للعدالة الجنائية، وعيباً على بلدنا.
يجب أن ينتهي هذا التعذيب، ليس في نهاية المطاف بل الآن.
© The Independent