ملخص
صندوق النقد يمنح الحكومة المصرية مزيداً من الوقت لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة
فيما كان من المقرر أن يجري صندوق النقد الدولي مراجعته الرابعة في سبتمبر (أيلول) المقبل، لكن بشكل مفاجئ أعلن تأجيلها إلى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مما يشير إلى انفراجة في الاشتراطات التي يضعها الصندوق للموافقة على صرف الشريحة الخاصة بمصر قبل نهاية العام الحالي التي تبلغ نحو 1.3 مليار دولار.
ووفق بيان حديث أعلن صندوق النقد الدولي أنه خفف شروطاً عدة في حزمة الدعم المالي البالغة 8 مليارات دولار المقدمة إلى مصر، ومنها السماح للقاهرة بمزيد من الوقت لتنفيذ الإصلاحات. واتفقت مصر والصندوق على حزمة تمويل جديدة في 2022، لكن الصندوق أرجأ صرف الدفعات مرات عدة بسبب عدم وفاء الحكومة المصرية بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بخاصة الالتزام بمرونة سعر الصرف، وتتضمن المراجعة الجديدة تخفيف بعض معايير الصندوق.
وشهدت المراجعة الأخيرة التي حصلت مصر بموجبها على نحو 800 مليون دولار، مرحلة من الشد والجذب بين الحكومة المصرية ومجلس إدارة الصندوق. وبعد استبعاد اسم مصر من جدول أعمال المجلس التنفيذي للصندوق قبل أربعة أيام من اجتماعها، أعادها مرة أخرى ليعلن موافقته على المراجعة ويقر صرف الشريحة الخاصة بها.
الدعم وأسعار الطاقة يتصدران الملفات الشائكة
والمراجعة الأحدث، التي جرت الموافقة عليها في أواخر يوليو (تموز) الماضي هي المراجعة الثالثة لمصر، وجاءت بعد زيادة حجم الحزمة في مارس (آذار) الماضي)، ويجري صندوق النقد مراجعتين سنوياً قبل صرف الأموال الخاصة ببرنامج التمويل المصري.
ووافق الصندوق على تأجيل نشر عمليات التدقيق السنوية على الحسابات المالية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات حتى نهاية نوفمبر، بدلاً من الموعد الأصلي في نهاية مارس، مع انتظار تعديل القانون الذي يحكم عمل الجهاز. كما سمح بتأجيل إعداد خطة إعادة رسملة البنك المركزي، التي كان من المقرر إعدادها في نهاية أبريل، لتكون حتى نهاية أغسطس (آب)، لإعطاء السلطات مزيداً من الوقت لتقدير حجم رأس المال الجديد المطلوب ووضع استراتيجية.
وقال الصندوق إن مصر ربما تتخلى عن زيادات أسعار الوقود الفصلية في مقابل التزام حازم برفع الأسعار إلى "مستويات استرداد الكلفة" بحلول نهاية عام 2025. وكان من المقرر في الأساس أن يوافق مجلس الصندوق على المراجعة في الـ11 من يوليو (تموز) الماضي، لكنه أرجأ اجتماعه إلى الـ29 من يوليو، بعد أربعة أيام من رفع مصر أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 15 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الصندوق في المراجعة إن "استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد الكلفة، بما في ذلك أسعار بيع الوقود بالتجزئة بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2025 أمر ضروري لدعم التزويد السلس بالطاقة للسكان والحد من اختلالات التوازن في القطاع". وكشف عن أن الجهات الحكومية في مصر ستخفض مديونياتها للبنك المركزي المصري بواقع 100 مليار جنيه (2.053 مليار دولار) كل سنة مالية، حتى تصل إلى صفر، بموجب خطة العمل الخاصة بمطالبات البنك على الهيئات الحكومية.
وأشار الصندوق في تقرير المراجعة إلى أن الجهات الحكومية سددت بالفعل مطالبات للبنك المركزي بواقع 150 مليار جنيه بنهاية يوليو (تموز)، وأشار التقرير إلى أن عمليات السحب على المكشوف من البنك المركزي التي نفذتها وزارة المالية، انخفضت بشكل حاد منذ فبراير (شباط)، لتصل إلى صفر في الـ31 من مايو (أيار) الماضي.
وكشف التقرير عن أن المتأخرات المستحقة لشركات النفط العالمية وصلت إلى 5 مليارات دولار، ولكن هيئة البترول وضعت خطة للتعامل معها، متوقعاً أن تؤدي خطة السداد إلى خفض المتأخرات لما بين 3.5 و3.8 مليار دولار بنهاية السنة المالية الحالية التي تنتهي في يوليو (تموز) المقبل. وفي يونيو (حزيران) الماضي سددت الحكومة المصرية نحو 1.3 مليار دولار كدفعة من هذه المستحقات، وفق ما ذكره رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في تصريحات سابقة.
تحركات مكثفة لرفع القيود على استيراد السلع
في السياق ذاته تكثف الحكومة المصرية جهودها لتحقيق أهداف الإصلاح الاقتصادي قبل الاجتماع المقبل لصندوق النق، ويعد رفع القيود المفروضة على استيراد جميع السلع شرطاً أساساً لإتمام المراجعة الرابعة، لضمان سعر صرف مرن يتوافق مع الطلب في السوق. وستركز المراجعة على متابعة مؤشرات الإصلاح المتمثل في مزيد من خفض الدعم ووضع حد أقصى للإعفاءات الضريبية وتعزيز الإيرادات.
وفيما يجري العمل حالياً للتحول من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي، تواصل الحكومة مشاوراتها في شأن التحول تدريجاً من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي. وتدرس الحكومة صرف 1250 جنيهاً (25.6 دولار) لكل أسرة في مقابل تقليص عدد السلع الأساسية المدرجة على منظومة البطاقات التموينية، وذلك من بين عدد من الدراسات لهذا الملف المقرر طرحه للحوار المجتمعي بالربع الأخير من العام الحالي قبل بدء إعداد الموازنة العامة لعام 2025-2026.
أيضاً تعمل الحكومة على تسريع برنامج الطروحات الحكومية، وتجري مفاوضات حالياً لاستكمال بيع حصص في شركات حكومية. وقالت مصادر مطلعة إن الحكومة المصرية لم تتلق أي عروض ملائمة حتى الآن، فيما تعمل الحكومة على توسيع دور القطاع الخاص في اقتصاد البلاد وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال تبسيط الإجراءات الضريبية وتقديم حوافز أخرى.
وفي تصريحات حديثة أكد وزير المالية المصري أحمد كجوك، أن الوضع الاقتصادي في مصر أصبح يشهد استقراراً وسنعمل على جذب الاستثمارات الخاصة، لافتاً إلى تحقيق مؤشرات مالية جيدة ومطمئنة بموازنة العام الماضي المنتهية في يونيو (حزيران) 2024. وأوضح أن وزارة المالية استطاعت خفض عجز الموازنة إلى 6.1 في المئة وتحقيق فائض أولي 3.6 في المئة متضمناً عوائد صفقة رأس الحكمة.
وتابع "وهو ما يدفعنا إلى استكمال مسار الإصلاح الاقتصادي في ظل التحديات العالمية والإقليمية التي ندرك حجمها، ونعمل باستمرار على رفع كفاءة إدارة الأخطار المالية المرتبطة بها، للحد من التأثيرات السلبية للتداعيات الاقتصادية في مختلف القطاعات والمواطنين".
وقال إن الحكومة المصرية تتحرك فى أكثر من اتجاه وفق رؤية متكاملة ومتسقة لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري ودفع التصدير والاستثمار، في ظل التحديات العالمية والإقليمية الراهنة. وأكد أنها تعمل على أن تكون السياسة المالية أكثر تحفيزاً لزيادة دور ومساهمات القطاع الخاص في النشاط الاقتصاد، بما يسهم في الاستغلال الأمثل لما لدينا من مزايا تفضيلية وبنية تحتية متطورة وحوافز استثمارية، على نحو يساعد في تعميق الإنتاج والتصنيع المحلي.