ملخص
على رغم تقديم الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان نفسه على أنه ينتمي إلى التيار الإصلاحي، فإن تصريحاته ومواقفه السابقة تؤكد أنه بمثابة خادم أمين للمرشد والنظام.
بعد أسابيع قليلة من وفاة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي الذي قُتل إثر تحطم مروحية كانت تقله، تركز اهتمام وسائل الإعلام مرة أخرى على قضية الرئاسة في إيران والتباينات السياسية بين الرئيس الجديد مسعود بزشكيان وسلفه الراحل، إذ وصفت معظم التقارير بزشكيان على أنه "إصلاحي" أو "معتدل". لكن سجل بزشكيان أظهر أن الأمر ليس كذلك، وأنه يطيع المرشد علي خامنئي وسياسات النظام المتشددة من دون قيد أو شرط.
وحتى التصريحات العلنية لبزشكيان لا تترك مجالاً للشك في هذا الخصوص، إذ قال لأولئك الذين يعتقدون أنه قد يشق مساراً جديداً في سياسات البلاد: "لن نعلن عن سياسات جديدة، لأن سياسات المرشد الأعلى للنظام واضحة". طرح بزشكيان هذا، ليس وجهة نظر سياسية وحسب، بل أكد وبوضوح أنه "متيم بالمرشد".
مطيع للنظام
بزشكيان ليس شخصاً ليبرالياً إصلاحياً ولا شخصية مؤثرة، فهو شخص مطيع وخادم للنظام.
كذلك أن مؤيدي الاتفاق النووي في الغرب يحاولون مرة أخرى إظهار الرئيس الجديد على أنه شخصية تختلف بشكل كبير عن النظام. إلا أن بزشكيان سكب الماء البارد على هذه النظرية القديمة والمملة.
يفتخر بزشكيان بدوره في عمليات التطهير التي حدثت في بداية الثورة الإسلامية عام 1979، بخاصة تطبيق الحجاب الإلزامي خلال 10 أيام، ويقول إنه كان البادئ بالثورة الثقافية في البلاد.
هذه ليست لغة شخص إصلاحي، بل لغة مهندس القمع السياسي والاجتماعي للنظام.
بزشكيان خيب آمال حتى أولئك الذين يريدون تجاهل جرائم النظام ويأملون بحدوث تغييرات في السياسة الخارجية الإيرانية، إذ قال في تمجيد قائد "فيلق القدس" السابق، قاسم سليماني إنه "فخر إيران"، ووضع نفسه بجانب شخص أصبح عنواناً للسياسة الخارجية القاتلة للنظام.
لا يستطيع بزشكيان إحداث أي تغييرات في البلاد، لكن هذه الانتخابات أحدثت تغيراً في المشهد السياسي الإيراني وهو في غاية الأهمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رسالة المقاطعة
والقصة الحقيقية لهذه الانتخابات ليست الفائز فيها، بل المقاطعة الواسعة من قبل المواطنين، إذ كانت نسبة المشاركة هي الأدنى في تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية. وأظهرت أن أعداداً كبيرة من المواطنين غير راضين عن النظام.
وتحدثت المصادر في إيران أن نسبة المشاركة الفعلية هي أقل من الإحصاءات المعلنة، مؤكدةً أنها كانت تحت الـ20 في المئة. ووصف ملايين الإيرانيين هذه الانتخابات بـ "السيرك الانتخابي"، وعبروا عن استيائهم من النظام.
لقد كانت الانتخابات في إيران بمثابة خدعة يستخدمها النظام لإظهار الديكتاتورية تبدو وكأنها ديمقراطية. فمن المرشد خامنئي إلى وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، مسؤول الدعاية باللغة الإنجليزية في النظام، كانت الانتخابات دائماً بمثابة مسرحية لإظهار "شرعية النظام". لكن مقاطعة الانتخابات من قبل المواطنين حطمت هذه الأسطورة.
مرحلة جديدة من الاحتجاج
وصحيح أن الاحتجاجات في إيران توقفت لبعض الوقت، بخاصة بعد القمع الدموي، إلا أن مقاطعة الانتخابات الرئاسية أظهرت أن الحراك الثوري للإيرانيين ضد النظام دخل مرحلة جديدة، إذ ردد المحتجون في الشوارع الشعار التالي: "الإصلاحيون، الأصوليون، لقد انتهت اللعبة".
في هذه الانتخابات، تحولت احتجاجات المواطنين ضد النظام من الشوارع إلى المكوث في بيوتهم. وهذه الجزئية هي التي تخلق فرصة سياسية للغرب وليس انتخاب شخصية إصلاحية وهمية مثل مسعود بزشكيان.
وبدلاً من اهتمام بايدن بمسعود بزشكيان باعتباره فرصة لاستئناف العلاقات مع نظام ضعيف وغير شرعي، يجب أن يسمع بايدن والغرب الرسالة الواضحة للمواطنين الإيرانيين: "لا تتعاملوا مع النظام من أجل إرضائه. هذا النظام لا يمثلنا. تعاملوا معنا".
كذلك ينبغي على بايدن والمجتمع الدولي أن يركز على المساعدة في تعزيز الحراك الشعبي في إيران بدلاً من التركيز على مرشح علي خامنئي الذي عُيِّن سلفاً. إن مقاطعة الانتخابات أظهرت رغبة المواطنين الإيرانيين في التغيير، ودعم هذا التغيير يعني الاعتراف برغبة الإيرانيين والوقوف إلى جانبهم لإيجاد نظام سياسي ديمقراطي.
إن إظهار بزشكيان بأنه إصلاحي كذبة روج لها خامنئي واللوبي التابع له في الغرب من أجل منع انهيار نظام الجمهورية الإسلامية في إيران. الشعب الإيراني الشجاع هو الذي يستحق الاهتمام، وليس خامنئي.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"