ملخص
شهدت بكين اليوم افتتاح منتدى التعاون الصيني - العربي بحضور الرئيس شي جينبينغ وقادة ومسؤولين عرب، إذ أكدت ضرورة تعميق التعاون بين الطرفين في المجالات الاقتصادية والسياسية، والعمل الجاد على حل الأزمات في بؤر التوتر لاسيما الحرب المدمرة المتواصلة في غزة.
افتتح الرئيس الصيني شي جينبينغ اليوم الخميس منتدى التعاون الصيني - العربي في بكين، وألقى كلمة أكد فيها أن الصين ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدول العربية لتكون نموذجاً للسلام والاستقرار العالميين، وتطرق أيضاً إلى الحرب في غزة.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن شي قوله في الجلسة الافتتاحية للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، إن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية لحل القضايا ذات الصلة بالبؤر الساخنة بطرق تفضي إلى دعم مبادئ الإنصاف والعدل وتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل.
الإحساس بالإلفة
وأشاد الرئيس الصيني "بإحساسه العميق بالألفة" مع الدول العربية، وقال في كلمته "كل مرة ألتقي فيها بأصدقائنا العرب أشعر بإحساس عميق بالألفة"، مضيفاً أن "الصداقة بين الصين والشعب الصيني من جهة، والدول والشعوب العربية من جهة أخرى، تنبع من التبادلات الودية على طول طريق الحرير القديم".
حرب غزة
وحول الوضع في غزة قال الرئيس الصيني بحضور قادة البحرين ومصر والإمارات وتونس، إضافة إلى وزراء خارجية الدول الأخرى الأعضاء بالجامعة العربية، إن الحرب لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، ولا يمكن للعدالة أن تظل غائبة للأبد، ولا يمكن الإطاحة بحل الدولتين بشكل تعسفي.
وأعرب شي أمام الوفود الحاضرة عن دعمه لمؤتمر سلام "واسع النطاق" لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
ودعت بكين مراراً إلى اعتماد حل الدولتين لوضع نهاية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، كما تطالب بوقف فوري لإطلاق النار وبعضوية للفلسطينيين في الأمم المتحدة، وهي مواقف تتفق بشكل وثيق مع مواقف الدول العربية.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن شي قوله، "في مواجهة عالم مضطرب، فإن الاحترام المتبادل هو السبيل للعيش في وئام، كما أن الإنصاف والعدالة هما أساس الأمن المستدام".
وقال شي إن الصين ستواصل تقديم الدعم بهدف تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية، فضلاً عن دعم إعادة البناء في غزة بعد الحرب. ونقل الإعلام الرسمي عن شي قوله إن "الصين ستتبرع بـ3 ملايين دولار لوكالة الأونروا لدعم تقديم المساعدات الإنسانية الملحة لغزة. وستقدم 500 مليون يوان (نحو 69 مليون دولار) إضافية للمساعدة في تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية في غزة ودعم إعادة الإعمار بعد الصراع". وأضاف أن الصين ستستضيف القمة الثانية بين الصين والدول العربية في عام 2026.
حل الدولتين
وشارك وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الصيني، ونوه في كلمته بمرور عقدين على إنشاء منتدى التعاون العربي - الصيني الذي جسد منذ إنشائه إطاراً حضارياً للتعاون المشترك بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية.
وثمن وزير الخارجية السعودي مواقف الصين الداعمة باستمرار إلى وقف الحرب في غزة بما يحقق تنفيذ حل الدولتين، مشدداً في هذا الصدد على ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، وضمان الدخول الكافي والمستمر للمساعدات، وإيجاد مسار موثوق ولا رجعة فيه لحل الدولتين، بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقه الأصيل في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية.
وذكر الأمير فيصل بن فرحان في كلمته أن "تعزيز علاقات التعاون المشترك وتنميتها يتطلب من الجميع استمرار الحوار والتشاور في حل القضايا في المنطقة عبر طرق سياسية وسلمية، وضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي الدول العربية ورفض التدخلات الأجنبية فيها، واستمرار الجهود في منع انتشار اسلحة الدمار الشامل في المنطقة حفاظاً على الأمن والاستقرار وعلى المكتسبات الوطنية".
السيسي يحذر من التهجير القسري
في سياق متصل دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الخميس المجتمع الدولي إلى ضمان عدم تهجير الفلسطينيين "قسراً" من قطاع غزة.
وقال السيسي خلال مشاركته في افتتاح المنتدى الصيني - العربي في بكين "أطالب المجتمع الدولي بالعمل من دون إبطاء على النفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة لوضع حد لحال الحصار الإسرائيلية، والتصدي لكل محاولات التهجير القصري للفلسطينيين من أراضيهم"، وأضاف السيسي "أكرر التأكيد أنه لا يوجد سبيل للوصول إلى السلام والاستقرار الإقليمي إلا من خلال المعالجة الشاملة لجزر القضية الفلسطينية".
ودعا في هذا السياق إلى "الالتزام الجاد والفوري بحل دولتين، والإقرار للفلسطينيين بحقهم المشروع في الحصول على دولتهم المستقلة".
وجاءت تصريحات السيسي بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أمس الأربعاء أنه فرض "سيطرة عملياتية" على محور فيلادلفيا الاستراتيجي، وهو منطقة عازلة بين قطاع غزة ومصر، وكثّف قصفه لمدينة رفح حيث تتركز الحرب الدائرة مع "حماس".
التعاون في مجال الطاقة
من جهة أخرى تتطلع الصين لتعزيز التعاون مع الجانب العربي في مجالات عدة، بما في ذلك بناء أفق استثماري ومالي أوسع نطاقاً وتعميق التعاون في مجال الطاقة. وأكد الرئيس الصيني الذي تعد بلاده مستورداً رئيساً للنفط من دول المنطقة، أن "الصين ستواصل تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجانب العربي في مجالي النفط والغاز، ودمج أمن الإمدادات مع أمن الأسواق"، وأضاف أن "الصين جاهزة للعمل مع الجانب العربي في مجال البحث والتطوير لتكنولوجيا الطاقة الحديثة وإنتاج المعدات".
وتابع "سندعم مشاركة شركات الطاقة والمؤسسات المالية الصينية في مشاريع الطاقة المتجددة في الدول العربية بقدرة إجمالية تفوق 3 ملايين كيلووات".
وفي أواخر عام 2022 زار شي السعودية، إذ أجرى محادثات تناولت تعميق التعاون في مجال الطاقة، كما أكد تشي جينبينغ أن الصين مستعدة لتوسيع استيراد منتجات غير الطاقة من الدول العربية وخصوصاً المنتجات الزراعية.
وتعد الصين من كبار المشترين للطاقة من منطقة الخليج. وفي عام 2023، بلغت التجارة الثنائية بين الصين والخليج 286.9 مليار دولار، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية. وتمثل السعودية ما يقرب من 40 في المئة من تلك التجارة.
الدور الصيني في المنطقة
وبعد المنتدى، التقى شي في قاعة الشعب الكبرى في بكين مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي وصف الصين بـ"بلدي الثاني". وقال لشي، "إن دولة الإمارات تولي الأهمية البالغة والأولوية القصوى لشراكتها مع الصين ونحن ملتزمون تجاه تعزيزها وتوسيع آفاقها بما يخدم البلدين والشعبين الصديقين لمئة عام قادمة".
ويثير توسع الوجود الصيني في منطقة الشرق الأوسط استياء واشنطن، التي تحذر من عواقب سلبية لازدياد النفوذ الصيني في المنطقة.
وسعت بكين لتوطيد علاقاتها مع البلدان العربية في السنوات الأخيرة ورعت العام الماضي اتفاق تقارب بين طهران والرياض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستضافت بكين الشهر الماضي كلاً من حركتي "حماس" و"فتح" لإجراء "محادثات معمّقة وصريحة بشأن دعم المصالحة بين الفلسطينيين".
ويشير محللون إلى أن الصين تسعى لاستغلال حرب غزة لتعزيز موقعها في المنطقة عبر تسليط الضوء على جهودها الرامية لإنهاء النزاع في غياب تحرك أميركي.
وقالت كاميل لونس من "المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية" لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "بكين ترى في النزاع الجاري فرصة ذهبية لانتقاد ازدواجية المعايير الغربية في الساحة الدولية وللدعوة إلى نظام عالمي بديل".
وأضافت، "عندما تتحدث (الصين) عن الحرب في غزة، تتوجّه... إلى الجمهور الأوسع وتجعل محور النزاع التعارض بين الغرب والجنوب العالمي".