Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب أوسع أم حفظ ماء الوجه الإيراني؟

إسرائيل توخت الحذر قبل الهجوم ويقول مراقبون أميركيون إنه لا أحد يرغب في توسعة الصراع لكن الاحتمالات مفتوحة

توقعت إسرائيل أن تطلق إيران صواريخ باليستية طويلة المدى أو تشن هجمات صاروخية بالمسيرات (أ ف ب)

ملخص

أطلقت إيران بالفعل هجوماً بعشرات المسيرات ضد إسرائيل، وهي الضربة التي كانت تتوقعها الولايات المتحدة إذ تواصلت الإدارة الأميركية مع تل أبيب على مدى الساعة خلال الأيام الماضية للتأكد من استعدادها للدفاع عن نفسها.

لعقود من الزمن انخرطت كل من إيران وإسرائيل في حرب ظل انطوت على عمليات متبادلة في العالم الافتراضي والمادي، عبر الوكلاء وعمليات الاغتيال والهجمات الإلكترونية، من دون أن يتطور الأمر إلى صدام واسع مباشر، غير أن المشهد يختلف كلياً مع قصف جوي نسب إلى إسرائيل استهدف مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، الأسبوع الماضي، وأسفر عن مقتل اثنين من الجنرالات الإيرانيين وخمسة من ضباط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

تعهدت طهران بالرد على لسان كبار قادتها، فالمرشد الأعلى علي خامنئي أكد أن إسرائيل "ستنال العقاب"، وقال "إن الهجوم على قنصليتنا يعني الهجوم على أراضينا".

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان "نعتبر هذا العدوان انتهاكاً لجميع الأعراف الدبلوماسية والمعاهدات الدولية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد توازنه العقلي تماماً بسبب الإخفاقات المتوالية في غزة وفشله في تحقيق أهدافه الصهيونية".

ومساء أمس السبت، أطلقت إيران بالفعل هجوماً بعشرات المسيرات ضد إسرائيل، وهي الضربة التي كان يتوقعها البيت الأبيض، إذ تواصل مع إسرائيل على مدى الساعة خلال الأيام الماضية للتأكد من استعدادها للدفاع عن نفسها. وأكدت واشنطن أن إيران شنت ضربة تجاه إسرائيل وتعهدت بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فيما قطع الرئيس الأميركي جو بايدن عطلة نهاية الأسبوع في منزل إجازته في ديلاوير للعودة للبيت الأبيض والاجتماع مع فريق الأمن القومي الخاص به.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون "من المرجح أن يستمر هذا الهجوم ساعات عدة"، مضيفة "لقد كان الرئيس بايدن واضحاً: دعمنا لأمن إسرائيل قوي، ستقف الولايات المتحدة إلى جانب شعب إسرائيل وتدعم دفاعه ضد هذه التهديدات من إيران".

استهداف دراماتيكي

خلال الأيام الماضية تزايدت التخمينات في شأن الرد الإيراني المحتمل، بالنظر إلى الخسارة التي منيت بها طهران، إذ يعتبر المراقبون أن هجوم دمشق كان دراماتيكياً، خصوصاً لأنه أدى إلى مقتل سبعة من عناصر فيلق القدس بينهم اللواء محمد رضا زاهدي، القيادي العسكري الأبرز الذي يتم استهدافه منذ مقتل قائد الفيلق السابق قاسم سليماني في غارة أميركية بالعراق قبل أربع سنوات، علاوة على ذلك فإن استهداف منشأة دبلوماسية أمر غير مسبوق.

عندما قتلت الولايات المتحدة سليماني في يناير (كانون الثاني) 2020 ردت إيران بعد أسبوعين باستهداف القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد في العراق بهجمات صاروخية باليستية، لكن على خلاف عادتها بتأجيل الانتقام والتفكير ملياً ردت طهران على الهجوم الإسرائيلي بعد أسبوع واحد، ففي إطار العداء المستمر منذ عقود بين إيران وإسرائيل الذي لم يتحول قط إلى أعمال عدائية واسعة النطاق، كانت فلسفة إيران تعتمد على الاستجابات المتناسبة والمدروسة التي تحاول عدم تصعيد الصراع.

الهجوم الإيراني

لم يكن السؤال المطروح خلال الأيام الماضية عما إذا كانت إيران سترد بل متى وكيف سترد، فطبيعة الرد الإيراني على هجوم دمشق من شأنه أن يحدد مسارات الصراع في المنطقة المشتعلة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما شنت حركة "حماس" هجوماً على مستوطنات إسرائيلية أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص واحتجزت الحركة 250 رهينة.

وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن هناك مخاوف من أن طهران أو وكلاءها قد يطلقون صواريخ باليستية طويلة المدى ويشنون هجمات صاروخية أخرى باتجاه إسرائيل كنوع من موجة هجمات معززة للهجوم بالمسيرات.

وقال مراقبون إن الهدف من أي رد إيراني هو محاولة ردع إسرائيل عن القيام بمزيد من الاغتيالات، لكن أياً من خيارات إيران المحتملة للانتقام يحمل أخطاراً كبيرة.

 

 

ووفق وسائل إعلام أميركية قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إنه من المحتمل أن تحاول إيران مزامنة هجوم المسيرات مع صواريخ أسرع حركة، التي سيطلقها لاحقاً. وقال مسؤول سابق إن المسيرات البطيئة الحركة يمكن استخدامها لتشتيت انتباه الدفاعات الإسرائيلية.

كبرياء دولي  

المشهد في سماء إسرائيل مساء أمس السبت يوحي بحرب أوسع بين البلدين، إذ أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ على إسرائيل، وإن كان أسقط 99 في المئة منها، وفق الجيش الإسرائيلي، لكن ربما سعت طهران إلى حفظ ماء الوجه من خلال تلك الضربة الانتقامية، يتضح ذلك في تصريحات القادة الإيرانيين الذي أكدوا أنهم لا يرغبون في حرب مفتوحة بل قاموا بالضربة استناداً إلى الأعراف الدولية بالرد على العدوان ضد بعثتها الدبلوماسية في دمشق وأن الأمر منته عند هذا الحد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وغردت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، على حسابها بموقع "إكس" قائلة "إن العمل العسكري الإيراني، الذي نفذ بناءً على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالدفاع المشروع، كان رداً على عدوان النظام الصهيوني على مبانينا الدبلوماسية في دمشق، ويمكن اعتبار الأمر منتهياً، ومع ذلك إذا ارتكب النظام الإسرائيلي خطأ آخر، فإن رد إيران سيكون أكثر خطورة بكثير، إنه صراع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، الذي يجب على الولايات المتحدة أن تبتعد عنه!".

كما يبدو أن طهران لم تقم بضربتها على نحو مفاجئ بل أبلغت واشنطن أو إحدى الدول الوسيطة بالإعداد للهجوم الانتقامي، يتضح ذلك في التقارير الإعلامية الغربية والإسرائيلية وتصريحات المسؤولين المكثفة خلال اليومين الماضيين عن ضربة إيرانية وشيكة ضد إسرائيل.

وأول من أمس الجمعة قال بايدن رداً على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض، إنه يتوقع هجوماً إيرانياً "عاجلاً وليس آجلاً"، وأكد البيت الأبيض أن تهديدات إيران لإسرائيل "موثوقة وحقيقية"، وكشف مسؤولان أميركيان لشبكة "سي بي أس نيوز" عن أنه "من المتوقع حدوث هجوم إيراني كبير ضد إسرائيل يوم الجمعة، ربما يشمل أكثر من 100 طائرة من دون طيار وعشرات الصواريخ".

استعداداً للهجوم، أعلن الجيش الإسرائيلي قبل ساعات قليلة من الضربة الإيرانية إغلاق المدارس والحد من الأنشطة لأسباب أمنية، كما تم فرض قيود على التجمعات المفتوحة والمناطق الحدودية وغلق الشواطئ، هذه الإجراءات الإسرائيلية توحي بتحذير إيراني مسبق بموعد الضربة لتجنب سقوط خسائر بين المدنيين ومن ثم تجنب التصعيد، وفي الوقت نفسه فإن الضربة الإيرانية لم تسفر حتى الآن عن خسائر كبيرة على الجانب الإسرائيلي، فالأضرار المادية التي لحقت بالأهداف الإسرائيلية حتى الآن ضئيلة.

رد الفعل الإسرائيلي

ومع ذلك، تبقى الاحتمالات مفتوحة لا سيما في ظل ترقب رد الفعل الإسرائيلي، ويعتقد الزميل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن هيثم حسنين، في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أنه "ليس أمام إسرائيل خيار سوى الرد".

وباعتباره أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل بعد اعتيادها على استخدام الوكلاء طوال عقود، يقول حسنين إن طبيعة الرد الإسرائيلي ستعتمد على مدى الهجمات الإيرانية "سواء استخدم الصواريخ الباليستية أم لا، والأضرار التي لحقت داخل الأراضي الإسرائيلية ونوع الأهداف سواء كانت عسكرية أو مدنية، وهل هناك مزيد من الموجات الهجومية التي تشنها طهران أم لا، ومن ثم فإن مسألة الانتقال إلى مواجهة أوسع مباشرة بين البلدين سيعتمد على الرد الإسرائيلي الذي يتم التفاوض عليه حالياً مع الولايات المتحدة"، ويضيف "انطلاقاً من قوة الرد الإسرائيلي سنتمكن من تقييم الرد الإيراني، وهل ستكون هناك حرب شاملة أم لا".

 

 

ويقول الزميل الرفيع لدى المجلس الأطلسي والمسؤول السابق لدى مجلس الأمن القومي الأميركي دانييل موتون، إن "السؤال الكبير الآن هو كيف تقيم إيران وإسرائيل نجاح الضربة؟"، وأوضح أن إيران في حاجة إلى الشعور بأنها "ردت بما فيه الكفاية" على الهجوم الإسرائيلي في دمشق، لكن من دون أن تكون "ناجحة بصورة مفرطة" إلى النقطة التي تحتاج فيها إسرائيل إلى الرد.

يتفق المراقبون في واشنطن على أن لا أحد يرغب في تلك الحرب، ويقول المسؤول الأميركي السابق لدى الاستخبارات الوطنية والزميل لدى المجلس الأطلسي جوناثان بانيكوف، إن الولايات المتحدة والدول العربية وحتى "حزب الله" في لبنان سعوا إلى تجنب صراع أوسع نطاقاً خلال الأشهر الستة الماضية، ومع ذلك فإن أفضل الاحتمالات الواردة حالياً هو توجيه إسرائيل ضربة مضادة "على الأرجح داخل إيران" التي "ستكون محدودة لا تؤدي إلى رد إيراني كبير آخر".

ويضيف بانيكوف "يبدو أن رد الفعل هذا ممكن بسبب التأثير الضئيل للغاية الذي أحدثته الضربات الإيرانية بالفعل"، ومع ذلك، يعتقد جوناثان أنه بغض النظر عن صورة أي انتقام إسرائيلي محتمل فمن الواضح أن "هذه هي بداية حقبة جديدة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير