Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يراكم المغرب صفقات المسيرات؟

يحتل المرتبة الأولى مغاربياً والثانية أفريقياً بـ233 طائرة استوردها من إسرائيل وأميركا وتركيا ويسعى إلى التصنيع

الجيش المغربي يجرب درونات انتحارية (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

المغرب يسير في اتجاه تصنيع الدرونات ليكون أول بلد أفريقي يصنعه لأهداف عسكرية وأمنية، منها مواجهة ميليشيات "جبهة البوليساريو"، وتحديات الإرهاب، والهشاشة الأمنية في منطقة الساحل جنوب الصحراء، علاوة على مراقبة الحدود.

يراهن الجيش المغربي على إحراز تفوق عسكري واستراتيجي في المنطقة المغاربية وفي القارة الأفريقية، من خلال اقتناء أكبر عدد متاح من الطائرات المسيرة (الدرونات)، بلغ عددها 233 مسيرة، بوأت المغرب الرتبة الأولى في المنطقة المغاربية، والثانية في القارة الأفريقية.

ويرى مراقبون أن اهتمام الجيش المغربي باقتناء الطائرات المسيرة من بلدان مختلفة، يعكس رغبته في ضبط التطورات المتعلقة بتكنولوجيا الدرونات في سياق تغيير نوعية الحروب والمواجهات العسكرية، وعزمه استخدامها في مراقبة حدود البلاد ومواجهة امتدادات الخطر الإرهابي المتربص في منطقة الساحل جنوب الصحراء.

معطيات عسكرية

كشفت معطيات تقرير جديد لموقع "ميليتاري أفريكا"، المهتم بالأخبار والشؤون العسكرية في القارة السمراء، بشأن مقتنيات "الدرونات" في الفترة الزمنية بين 1980 و2024، أن المغرب يحظى بمراكز متقدمة في مجال اقتناء الطائرات المسيرة من موردين متنوعين.

ووفق ذات المعطيات الواردة في التقرير، فإن المغرب يحتل المرتبة الأولى في المنطقة المغاربية (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا)، والمرتبة الثانية في القارة الأفريقية، باقتناء 233 طائرة مسيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل المغرب احتلت مصر، وفق المصدر عينه، المركز الأول من حيث مقتنيات "الدرونات" بشراء 260 طائرة خلال المدة الزمنية نفسها، وفي المرتبة الثالثة تأتي نيجيريا بـ177 مسيرة، ثم إثيوبيا بـ126، والجزائر في المرتبة الخامسة بـ121.

وبحسب البيانات ذاتها، استحوذت دول منطقة شمال أفريقيا وحدها على أكثر من 53 في المئة من مجموع الطائرات من دون طيار التي تمتلكها دول القارة مجتمعة، بواقع 818 طائرة مسيرة، متبوعة بدول غرب أفريقيا بما مجموعه 338 طائرة من دون طيار، ثم الدول الواقعة في شرق القارة السمراء بنحو 218 وحدة، وأخيراً دول الشق الجنوبي من أفريقيا بنحو 160 طائرة.

وكشف المصدر ذاته مصادر تصنيع الطائرات المسيرة التي اقتناها المغرب ضمن صفقات عسكرية، منها 160 طائرة مسيرة من صنع إسرائيل، و26 طائرة مسيرة من صنع الولايات المتحدة، و19 طائرة مسيرة صناعة تركية، وجميعها تتسم بالقدرة على الطيران لمسافات ومدد زمنية طويلة.

استخدامات عسكرية ومدنية

يقول الباحث في الشأن العسكري والاستراتيجي محمد عصام لعروسي إن الطائرات المسيرة تعتبر مستجداً حاسماً نجح في تغيير واقع الحروب والصراعات الحالية، وهو ما جعل الدول تقبل على هذه النوعية من الطائرات، بالنظر إلى ما تقدمه من مزايا كبيرة.

وأوضح لعروسي أن المغرب يستخدم الدرونات في استعمالات عسكرية أمنية وأخرى مدنية، مشيراً إلى أن الأولى "تندرج ضمن سياق التنافس المحتدم في المنطقة، وعلى وجه الخصوص في شمال أفريقيا أخذاً في الاعتبار استمرار التوتر السياسي بين المغرب والجزائر".

ولفت المتحدث إلى أن "الجزائر تعتمد أساساً على اقتناء الطائرات المسيرة من الصين منذ عام 2020، بينما المغرب يعتمد على تنويع شركائه من تركيا وإسرائيل ومن الصين أيضا"، مبرزاً أن "هذه الدول طورت صناعة الدرونات بشكل كبير، واستطاعت أن تكسر حاجز هيمنة الولايات المتحدة التي كانت تضع شروطاً تعجيزية للظفر بهذه الطائرات".

واستطرد لعروسي أن "المغرب يسير في اتجاه تصنيع الدرونات ليكون أول بلد أفريقي يصنعه لأهداف عسكرية وأمنية، منها مواجهة ميليشيات جبهة البوليساريو، وتحديات الإرهاب، والهشاشة الأمنية في منطقة الساحل جنوب الصحراء، علاوة على مراقبة الحدود، وضرب الأهداف البرية بدقة متناهية".

أما بخصوص الاستخدامات المدنية للدرونات، وفق المتحدث، فتكمن "في القطاعات الفلاحية والصناعية، كما تستخدمها الأجهزة الأمنية، بخاصة لدى جهاز الدرك الملكي الذي يراقب السير بواسطة الطائرات المسيرة، وأيضاً التصوير الدقيق المتعلق بالإنتاجات الفنية والسينمائية".

بورصة التوازنات الجيوستراتيجية

من جهته، يرى الباحث في الشأن الاستراتيجي هشام معتضد، بأن تصدر المغرب لقائمة الدول المغاربية الأكثر امتلاكاً للدرونات، والمرتبة الثانية أفريقياً، يعكس التوجه الاستراتيجي للقوات المسلحة المغربية الهادف إلى تعزيز ترسانتها الجوية، والعمل على تحسين قدراتها من أجل ضبط التطورات المتعلقة بتكنولوجيا الدرونات، والتي تعتبر من العوامل الرئيسة في خلق الفارق على الميدان".

واعتبر معتضد أن "سلاح الجو طالما كان من بين نقاط قوة الجيش المغربي منذ سنوات، بالتالي من المنطقي تعزيز هذا المكسب الاستراتيجي وتنقيحه بأحدث التكنولوجيا العسكرية الجوية، والتي أصبحت الدرونات تشكل أساساً لها، نظراً إلى النتائج التي حققتها هذه الصناعة الحربية من إنجازات غير مسبوقة بأقل الأضرار الإنسانية والكلف المالية، مقارنة بالآليات التقليدية والكلاسيكية التي تستعمل في سلاح الجو".

ووفق المحلل، "يراهن الدفاع المغربي على (الدرونات العسكرية) بشكل كبير في مراقبة التراب الوطني، وبخاصة في تتبع الخروقات البرية التي تهدد أمنه الداخلي، ويعتمد عليها في مراقبة الحدود، ومتابعة الميليشيات المسلحة التي تحاول تهديد التماس الجغرافي للمغرب عبر عملياتها التي تبتغي من خلالها التسلل إلى داخل التراب المغربي".

وزاد معتضد بأن "هذا التوجه المغربي يدخل أيضاً في إطار مواكبة توازن القوى على المستوى الإقليمي وفي المنطقة، بخاصة أن الجيش المغربي يريد الحفاظ على قيمة رصيده العسكري بخصوص المنافسة مع كل من إسبانيا والجزائر في ظل الارتفاع غير المسبوق في السعي وراء التسليح الأمني والعسكري، إذ تسعى الرباط من خلاله إلى الحفاظ على قيمة أسهمها الدفاعية في بورصة التوازنات الجيوستراتيجية في المنطقة".

وذهب المتحدث إلى أن "تغيير نوعية الحروب، وتطور التكتيكات الدفاعية والهجومية في تدبير المواجهات العسكرية، تعد عوامل من بين أخرى تحتم على الدول التأقلم مع الفكر العسكري المعاصر الذي يتجه إلى الاعتماد على تكنولوجيا الدرونات والتقنيات المرتبطة بها من أجل كسب المواجهات العسكرية النوعية بدقة أعلى وخسائر أقل"، مبرزاً أن "هذا ما أبانت عنه هذه التكنولوجيا التي منحت امتيازات عسكرية ودفاعية مهمة للدول التي اعتمدتها في عملياتها العسكرية لتحقيق أهداف محددة في الزمان والمكان".

المزيد من تقارير