Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يتم استهداف الصينيين في باكستان؟

يرى بعض المحللين أن الهجمات المتكررة قد يكون لها بعد جيواستراتيجي نظراً إلى خصومة بكين مع القوى العالمية

أفراد الأمن يتفقدون موقع الهجوم الانتحاري على حافلة تقل مواطنين صينيين يعملون في مشروع "داسو" للطاقة الكهرومائية قرب مدينة بيشام في منطقة شانجله (أ ف ب)

ملخص

والمثير أن "جيش تحرير بلوشستان" والتنظيمات الانفصالية الأخرى تتبنى الهجمات التي تحدث في بلوشستان والسند، لكن العمليات التي تستهدف الصينيين في إقليم خيبر بختونخوا، مثل الهجوم الأخير، لم يقم أحد بتبنيها ولا تمتلك الفصائل البلوشية قدرة على القيام بها.

الهجوم الانتحاري على حافلة للمواطنين الصينيين في منطقة بيشام التابعة لقطاع شانجله الباكستاني، الأسبوع الماضي، هو تسلسل للهجمات الإرهابية التي يتعرض لها العمال الصينيون الذين يعملون على مشاريع مختلفة في باكستان.

ووفقاً للشرطة المحلية، فإن الهجوم الانتحاري الأخير راح ضحيته خمسة صينيين كانوا يعملون على مشروع "داسو" لإنتاج الطاقة المائية في كوهستان التي شهدت تفجيراً عام 2011 قرب أحد مراكب المهندسين الصينيين وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً بينهم تسعة صينيين.

وفي أبريل (نيسان) عام 2022، قتل ثلاثة معلمين صينيين تابعين لمعهد "كونفوشيوس" في جامعة "كراتشي" على أثر هجوم انتحاري قامت به امرأة وتبناه "جيش تحرير بلوشستان" الذي أعلن مسؤوليته أيضاً عن الهجوم على القنصلية الصينية في كراتشي عام 2018.

ويذكر في خضم تفاصيل الهجمات على المواطنين الصينيين في باكستان أن استثمارات الصين في باكستان تقدر بـ60 مليار دولار ويتم العمل على ميناء "جوادر" ومشاريع أخرى ضمن مشروع الممر التجاري الصيني - الباكستاني.

والأسئلة التي تطرح نفسها هنا إذاً هي من يقف وراء هذه الهجمات؟ ولماذا يتم استهداف الصينيين تحديداً؟ وما تبعات هذه الهجمات على العلاقات الصينية - الباكستانية؟

من يستهدف الصينيين؟

أعلن "جيش تحرير بلوشستان" (تنظيم قومي مسلح يطالب بانفصال إقليم بلوشستان) مسؤوليته عن غالبية الهجمات التي تعرض لها الصينيون في باكستان، كما أنه قام بتهديد الصينيين الذين يعملون على المشاريع التطويرية بصورة واضحة وطلب منهم وقف العمل في تلك المشاريع.

والمثير هنا أن "جيش تحرير بلوشستان" والتنظيمات الانفصالية الأخرى تتبنى الهجمات التي تحدث في بلوشستان والسند، لكن العمليات التي تستهدف الصينيين في إقليم خيبر بختونخوا، مثل الهجوم الأخير، لم يقم أحد بتبنيها ولا تمتلك الفصائل البلوشية قدرة على القيام بها.

ولم تعلن أي منظمة مسؤوليتها عن هجوم عام 2021 في كوهستان حيث استهدف مركبة المهندسين الصينيين، لكن وزير الخارجية آنذاك شاه محمود قريشي قال إن الهجوم تم التخطيط له في أفغانستان ونفذته حركة "طالبان – باكستان" المحظورة، كما حكم على اثنين من المشتبه فيهم المتورطين في هذا الهجوم بالإعدام عام 2022. وأكدت السلطات الباكستانية بعد الحكم أن المتورطين كانوا ينتمون لحركة "طالبان" الباكستانية.

وقال الصحافي المقيم في بيشاور والخبير في شؤون حركة "طالبان" الباكستانية رسول داور إن حركة "طالبان" الباكستانية أصدرت، في الماضي، بيانات واضحة، وأعربت عن عدم ارتباطها بالهجمات على المواطنين الصينيين "إن تصريحات حركة طالبان - باكستان مسجلة إذ قالت إنها تقف في وجه المؤسسات الباكستانية ولا علاقة لها بالصين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلا أن داور أشار إلى ملاحظة مهمة عن تأييد للهجمات التي ينفذها "جيش تحرير بلوشستان" من قبل حسابات غير رسمية مؤيدة لحركة "طالبان" الباكستانية على وسائل التواصل الاجتماعي. أضاف داور أنه لا يمكن الجزم بأن "جيش تحرير بلوشستان" وحركة "طالبان - باكستان" تعاونا في عملية معينة.

وقال عبدالسيد الباحث المقيم في السويد الذي له عديد من الأوراق البحثية عن التنظيمات المتطرفة في باكستان وأفغانستان إن الهجمات على الصينيين في باكستان تنفذها مجموعات انفصالية بلوشية، لكن الجماعات البلوشية غير موجودة في خيبر بختونخوا.

ووفقاً لعبدالسيد، أيضاً، فإن حركة "طالبان" الباكستانية هي الجماعة الوحيدة التي لديها شبكة في شانجله والمناطق الأخرى في الإقليم، إلا أنه من غير المرجح أن تكون الحركة متورطة في هجوم شانجله نظراً إلى ارتباطها بحركة "طالبان" الأفغانية الحاكمة في أفغانستان والتي تتمتع بعلاقات رسمية مع الصين. أضاف السيد أن تورط "طالبان" الباكستانية أو أي جماعة أخرى قريبة من "طالبان" الأفغانية في مثل هذا الهجوم يمكن أن يمثل انتكاسة كبيرة لجهود الحركة الأفغانية لتحقيق الاستقرار في الحكومة، وأشار إلى أن تنظيم "داعش" هو مجموعة أخرى تنشط في بعض مناطق باكستان، وقد يكون متورطاً في استهداف الصينيين لا سيما أن "داعش" هاجم مواطنين صينيين في كابول في ديسمبر (كانون الأول) 2022، لكن لا يوجد دليل على وجود شبكة عملياتية لهذا التنظيم في شانجله أو المناطق المجاورة لها، كما لم ينفذ "داعش" أي هجوم هناك في الماضي، لذا لا يمكن تحديد المجموعة المتورطة في هجوم شانجله.

لماذا يستهدف الصينيون؟

ولفت الصحافي والمحلل السياسي البارز من بيشاور محمود جان بابار إلى أن بعض العناصر لا تريد السماح للصين بالحصول على موطئ قدم في المنطقة. وقال "العلاقة بين أميركا والصين ليست جيدة في وقت تحاول بكين تحسين العلاقات مع القوى الإقليمية مثل أفغانستان وباكستان والهند"، ووفقاً لجان بابار، "فإن السبب الرئيس للهجمات على الصينيين هو أن الصين تريد تأسيس موطئ قدم لها في هذه المنطقة، وهو أمر غير مقبول لدى القوى المناهضة للصين".

من جانبه، قال رئيس منطقة جنوب آسيا في مركز "ويلسون" البحثية غير الحكومية مايكل كوجلمان عن الهجمات على أهداف صينية ومدنيين في باكستان "لقد أصبحت هذه الهجمات قضية رئيسة بالنسبة إلى باكستان لأن أفضل صديق لها هو الأكثر استهدافاً"، مضيفاً "لقد أثارت المشاريع الصينية في باكستان غضب المنظمات المتطرفة القائمة على أسس دينية ولغوية، وبما أن الأهداف الصينية مدعومة أيضاً من قبل الجيش الباكستاني، فإن هذه المنظمات تستهدف الجيش الباكستاني من خلال هجومها على المشاريع الصينية بصورة غير مباشرة".

وتابع بأن حركة "طالبان" الباكستانية أعلنت نأيها عن الهجوم "لكن لا يستبعد تورطها نظراً إلى المكان الذي وقعت فيه الحادثة وأماكن وجود الحركة". أضاف "قد يكون (داعش – خراسان) متورطاً في هذا الهجوم ليتمكن من مواصلة زخمه بعد هجوم موسكو، لكن عادة ما يسارع (داعش) إلى إعلان مسؤوليته عن الهجمات، وهذا لم يحصل هنا، إذ لم يعلن أحد مسؤوليته عن هذا الهجوم حتى الآن"، وبحسب كوجلمان، فإن العلاقة بين باكستان والصين قوية للغاية ولا يمكن أن تتضرر من مثل هذه الهجمات، لكنها بالتأكيد تمثل تحدياً كبيراً للشراكة بين البلدين.

وقال الباحث السياسي عبدالباسط خان في مقال له بعنوان "تداعيات الهجوم الإرهابي على مشروع الممر التجاري" إن الهجوم على العمال الصينيين قد يؤدي إلى تعزيز المطالب الصينية بالسماح لشركات الأمن الصينية الخاصة بتوفير الأمن للمواطنين الصينيين والمشاريع الصينية في باكستان"، مضيفاً "أن هذه الهجمات تشكل تحدياً للحكومة الباكستانية الجديدة لأنها تأتي في وقت تتطلع فيه إلى الدول الصديقة وصندوق النقد الدولي للتعامل مع التحديات الاقتصادية، ويدخل الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني مرحلته الثانية التي يتم فيها فتح المناطق الاقتصادية الخاصة بطريقة تدرجية"، وتابع خان أن العمليات الإرهابية التي استهدفت الصينيين قد تغير تركيز الحكومة من المبادرات الاقتصادية إلى ضمان سلامة المشاريع والمواطنين الصينيين.

ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف الصين الأسبوع المقبل.

المزيد من تقارير