Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تملك الحكومة الباكستانية الجديدة رؤية واضحة لحل مشكلات بلوشستان؟

ينبغي على إسلام آباد أن تواجه قضية البلوش بسياسة واضحة وصريحة وعملية

زادت وتيرة أعمال العنف في بلوشستان في ظل فشل كامل للسلطة المدنية في حل القضايا الأمنية والاقتصادية (أ ف ب)

ملخص

لا تستطيع إسلام آباد أن تنأى بنفسها عن المشكلة التي أسهمت في خلقها، بل ينبغي أن تنظر في عوامل انعدام ثقة الشباب البلوش في الدولة وفي نظامها

عقب انتهاء السباق الانتخابي في باكستان وتشكيل الحكومات الفيدرالية والإقليمية، تتجه الأنظار نحو القضايا المتفاقمة التي تترقب انتباه مسؤولي الإدارة الجديدة.
ويمثل إقليم بلوشستان أحد أكبر التحديات الداخلية التي ستواجهها الحكومة الجديدة، إذ يشهد الإقليم ارتفاعاً نوعياً في عمليات المسلحين الانفصاليين من جهة، بينما تعكس البنية التحتية، والنسب المرتفعة للفقر والبطالة فشلاً ذريعاً للحكومات المتعاقبة في تحسين الأحوال الاقتصادية والأمنية للإقليم.
السؤال الأهم في هذا السياق هو من يمتلك الرؤية الواضحة لحل قضايا بلوشستان المعقدة؟ وكيف سيتم تنفيذها؟ في خضم الحملات الانتخابية، طالب زعيم "حزب الشعب" بيلاول بوتو بعقد مناظرة انتخابية بينه وبين مرشح "حزب الرابطة الإسلامية" لرئاسة الوزراء، شهباز شريف، لمناقشة القضايا الرئيسة التي تواجهها الدولة وبرامج الإصلاح التي يقدمها المرشحون لحل هذه القضايا. الفكرة التي طرحها بيلاول بوتو ربما كانت ساعدت في معرفة سياسات الأحزاب حول قضية بلوشستان، لكن دعوته قوبلت بالرفض من حزب الرابطة. ولا يعرف الباكستانيون اليوم ما هو المسار الذي تتبعه الحكومة الجديدة حيال قضايا البلوش.

العنف غير المبرر

وشهدت العاصمة الباكستانية اعتصاماً من قبل عائلات الأفراد البلوش الذين تم "تغييبهم" من قبل الجهات الأمنية الباكستانية. وحرك هذا الاعتصام كتاب الرأي والصحافيين باتجاه مناقشة قضية "التغييب" وحرمان البلوش من الحقوق، لكن الأمر الذي تم تجاهله، والذي يتطلب نقاشاً جدياً وخطوات تصحيحية بصورة فورية هو استغلال النساء والشباب من قبل الجماعات القومية المسلحة في أعمال العنف والهجمات الانتحارية.
من المنظور العالمي، يعتبر النضال السياسي السلمي، وسيلة مشروعة للحصول على الحقوق السياسية، بينما تبرر الجماعات المسلحة أعمال العنف التي تقوم بها من أجل تحقيق مصالحها بطرق مختلفة، لكن جماعة "جيش تحرير البلوش" تجاوزت الحدود في هذا السياق، إذ تجند الشباب وتغسل أدمغتهم تحت غطاء القومية وتستخدمهم في الهجمات الانتحارية لتحقيق مصالحها السياسية. ويقدم الهجوم الأخير من قبل "جيش تحرير البلوش" على مدينة ماش، خير مثال على هذا الاستغلال، إذ قتل فيه عدد كبير من الشباب البلوش قبل أن تحبط قوات الأمن العملية الإرهابية.

من جانب آخر، نرى أن استغلال النساء والفتيان من قبل الانفصاليين لأغراض سياسية لا يستدعي التنديد الكافي من قبل "الطبقة التنويرية" في الإعلام مقارنة بالنقد الجارح الذي تواجهه حركة "طالبان" على سبيل المثال عند قيامها بمثل هذه الأفعال، إضافة إلى أن الشباب الذين ينضمون إلى الجماعات الانفصالية لا يجبرون على الانخراط في أعمال العنف أو القيام بالعمليات الانتحارية، بل إن معظمهم متعلمون ويندفعون إلى مثل هذه الجماعات لتأثرهم بأيديولوجياتها وسردياتها السياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السؤال هنا إذاً هو من المسؤول عن إهراق دم الشباب البلوش الذين يقاتلون في صفوف الانفصاليين ويقتلون على يد القوات الأمنية في زهرة شبابهم، الذي يفترض أن يمضوه في المعاهد التعليمية؟ أليست القيادة السياسية للدولة هي من فشلت في إيجاد حل سياسي لقضيتهم ولم توفر لهم منصات تمنعهم من الوقوع في يد الانفصاليين؟

يجب على الحكومة أولاً أن تتوقف عن التخلي عن مسؤوليتها والتستر خلف الأعذار الواهية حيال هذه القضية. لا تستطيع إسلام آباد أن تنأى بنفسها عن المشكلة التي أسهمت في خلقها، بل ينبغي أن تنظر في عوامل انعدام ثقة الشباب البلوش في الدولة وفي نظامها.

ولعل أول خطوة عملية بعد الاعتراف بالمسؤولية، وينبغي على الحكومة القيام بها، هي استنكار انتهاكات حقوق الإنسان في بلوشستان لأن الرسالة التي يتلقاها المواطن في بلوشستان عندما يرى صمتاً مطبقاً من الحكومات المدنية والمجالس النيابية عن انتهاكات قوات الأمن في حقه أن الحكومة ضالعة في هذه العمليات.

على الجانب الآخر، ينبغي أن تتوقف الحركات السياسية السلمية القومية عن التلميح بأن لديها "خيار" حمل السلاح في حال فشلها في الحصول على الحقوق بطريقة مشروعة.

الأحزاب القومية البلوشية تشارك في العمل السياسي وتشكل جزءاً من النظام، لكنها في الوقت ذاته لا تكف عن انتقاد هذا النظام ووصفه بأنه غير مُجدٍ، بل وصل الحال إلى تهديد بعض السياسيين بالتمرد ضد الدولة عند نشوب خلافات سياسية بسيطة أو الهزيمة في الانتخابات ما يعزز نظرية الجماعات المسلحة. اللغة التهديدية التي تستخدمها هذه الجماعات أنتجت بيئة ينظر فيها إلى الجماعات المسلحة على أنها الحل الوحيد للقضية، وهذا بلا شك فشل كبير للقوى السياسية التي يجب أن تعتمد على نفسها وتكرس جهودها في تقوية النظام الديمقراطي ومؤسساته، بدل التهديد المستمر وشرعنة العمل المسلح بطريقة غير مباشرة. كما يجب على هذه الجماعات أن تركز اهتمامها على إيجاد حل سياسي وسلمي للقضايا التي يواجهها الإقليم.
أخيراً، لا شك أن العملية الديمقراطية والمؤسسات الحكومية في بلوشستان فشلت في تلبية توقعات العامة، مما أدى إلى خيبة الأمل عند الشباب البلوش أكثر من أي إقليم آخر في باكستان. إن تعطل النظام السياسي مشكلة جسيمة، لكن المشكلة الأكثر أهمية في بلوشستان في الوقت الحالي هي تورط الشباب البلوش، وخاصة النساء، في المنظمات المسلحة كمقاتلين أو انتحاريين. يجب أن تكون هذه القضية على رأس أولويات الحكومة الجديدة لأنها تتطلب حلاً مستداماً ولا يمكن التعامل معه من خلال استخدام القوة أو تغييب الشباب أو القيام بالعمليات العسكرية أو اعتقال بعض الناشطين، يجب أن تكون هناك رؤية واضحة وحلاً عملياً مستداماً لصيانة الشباب من الانخراط في أي نشاط تخريبي، لكن السؤال هنا، هل تملك الحكومة الجديدة هذه الرؤية وهل ستنجح في تنفيذها؟

نقلاً عن اندبندنت أوردو

المزيد من تقارير