Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بكركي بين الوثيقة والشعار على مدخلها

تشعر البطريركية المارونية بأن "لبنان الدولة" ومنذ 100 سنة يموت ويعيش

آخر "رجاءات" البطريرك الراعي محاولته خروج القوى المسيحية الفاعلة بوثيقة تحدد مكامن الخلل في "الدولة" (رويترز)

ملخص

على مدخل الصرح البطريركي شعار يفاخر به الموارنة ويثير اعتراضات علنية أحياناً ومضمرة في الغالب، عندما تتباعد المواقف بين البطريرك وقوى سياسية عديدة. الشعار المنقوش هو "مجد لبنان أعطي له"

منذ أن جلس على كرسي البطريركية المارونية عام 2011، دأب البطريرك بشارة الراعي على إطلاق المبادرات الوطنية وعقد اجتماعات لرؤساء الطوائف اللبنانية ومحاولة توحيد رؤى القوى المسيحية الأساس. تأتي هذه المحاولات ضمن مسار تاريخي جوهره أن البطريركية المارونية مؤتمنة على بقاء هذا الوطن، كونها، وباعتراف إسلامي وطني، صانعة "لبنان الكبير" عام 1920.

وعلى مدخل الصرح البطريركي شعار يفاخر به الموارنة ويثير اعتراضات علنية أحياناً، ومضمرة في الغالب، عندما تتباعد المواقف بين البطريرك وقوى سياسية عديدة. الشعار المنقوش هو "مجد لبنان أعطي له". واللافت أن هذا الشعار مكتوب باللغتين السريانية واللاتينية من دون العربية. السريانية للدلالة على المنابع التاريخية للطائفة، واللاتينية لانضمامها إلى الكنيسة الجامعة الممثلة بروما. وغياب الشعار بالعربية لا يعني التنصل من اللغة والتاريخ، فمن المعلوم أن الرهبان المسيحيين كانوا من المجلين في العربية، وينسب إليهم الفضل الكبير في حفظ هذه اللغة، خصوصاً من حملات التتريك التي سادت أيام السلطنة العثمانية، لكن لبنان في العرف الماروني لغته عربية في الوطن الأم، وإنجليزية في بريطانيا، وفرنسية في فرنسا وإسبانية في الأرجنتين.

لبنان هو "أورشليم" مارونية، "أورشليم" العهد الجديد، لا العهد التوراتي، تعيش فيهم ولو لن يعودوا إليها. ورد في الإنجيل قول السيد المسيح "أنتم نور العالم، لا يمكن أن تخفى مدينة على جبل"، ولبنان "وطن على جبل". لذا، فالعيش المشترك مع الطوائف الإسلامية ثابتة من ثوابت البطريركية، والدستور الحالي الذي أعاد توزيع السلطة بما يرضي مطالب المسلمين، حظي باحتضان البطريرك الراحل نصرالله صفير وموافقته، وتشعر بكركي (البلدة التي يوجد فيها الصرح) بأن "لبنان الدولة" ومنذ 100 سنة يموت ويعيش، أما "لبنان الوطن" فأكثر صموداً أمام عواصف الشرق الأوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولإعادة الروح إلى "الدولة" تقوم البطريركية بمبادرات "تذكيرية" تمليها شرعة اتخذت اسم "إرشاد رسولي" عنوانه "رجاء جديد للبنان". وما أضيق العيش لولا فسحة الرجاء.

آخر "رجاءات" البطريرك الراعي محاولته خروج القوى المسيحية الفاعلة بوثيقة تحدد مكامن الخلل في "الدولة"، وترسم خريطة طريق للخروج من الانسداد السياسي والانهيار الاقتصادي والنزف المسيحي السكاني. لا يحتاج المراقب إلى عناء ليتوقع أن الوثيقة يوم تخرج إلى العلن ستكون مجرد "صوت صارخ في البرية"، كما ورد في الإنجيل. فـ"التيار الوطني الحر" (بزعامة النائب جبران باسيل) يريد منها ما لا يريده الأطراف الآخرون، وحزب "المردة" (بزعامة سليمان فرنجية) لا يريدها من أساسها بدليل عدم قبوله دعوة البطريرك ليشارك بها.

وبالعودة إلى شعار البطريركية المارونية، هناك شجرة الأرزة في وسطه، والأرزة تعني في ما تعنيه، للبنانيين عامة، والمسيحيين بخاصة، مقاومة صروف الدهر ورمزاً تاريخياً للوطن. وإذا كان رمز "الوطن" أرزة، فربما الوردة أفضل رمز لمشروع "الدولة". والوردة على جمالها وعطرها الفواح لا تعيش إلا قليلاً، ولها دورات مع الطبيعة لا قدرة على مقاومتها. تتفتح في الربيع والصيف، وتذبل وتيبس في الخريف والشتاء. في "لبنان الكبير" ومع توالي الثورات والحروب، عاشت "الدولة" عمر الورد القصير، وأحياناً مرت سنوات سياسية لم تعرف الربيع.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل