ملخص
فكرة #الحوار_ المسيحي في #بكركي لتسهيل انتخاب #رئيس_ جمهورية في #لبنان تراجعت ويجري البحث عن إيجاد إطار وطني لمعالجة الأزمة
في مطلع مارس (آذار) المقبل يدخل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية الشهر الخامس، فعدد جلسات انتخاب الرئيس التي عقدت حتى الآن بلغت 11 جلسة، وقد مرّ على آخر جلسة شهر كامل بعد أن علق رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوات "لحين حصول توافق على اسم يمكن أن يؤمن النصاب المطلوب، منعاً لتكرار سيناريو الجلسات العبثية" على حد قوله.
ومع استحالة التوافق من جهة واللجوء إلى تعطيل ديمقراطية الانتخاب من جهة أخرى بسبب الانقسام العمودي الواقع بين مشروعين متناقضين، يعترف معظم القوى السياسية اللبنانية بانسداد الأفق نتيجة فشلها في إحداث خرق في الجمود الرئاسي، خصوصاً بعدما انتهى اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس للبحث في الملف اللبناني بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وبحسب ما تؤكد مصادر دبلوماسية في باريس، إلى عدم تبني مرشح رئاسي وإن كان النقاش قد تناول بعض الأسماء من دون حسم موقف موحد منها، فكان القرار بالاتفاق بداية على المعايير للتوصل إلى الاسم الذي تنطبق عليه هذه المعايير، وانتهى الاجتماع برسالة واضحة حملها سفراء الدول الخمس إلى المسؤولين في لبنان تحثهم على انتخاب رئيس بأسرع وقت، يوحد اللبنانيين ويحمل برنامجاً إصلاحياً ويتعاون مع الجميع لتنفيذ هذا البرنامج، وهي دعوة أُرفقت بحسب ما أكدت المصادر برسالة تحذيرية نصت على أن معرقلي عملية الانتخاب سيواجهون مشكلات مع الدول الخمس قد تترجم بإجراءات تتخذها هذه الدول بحق المعطلين، على رغم ألا جلسة قريبة لانتخاب رئيس للجمهورية ولا تبدل في المواقف وسط استمرار تمسك الثنائي، "حزب الله" و"حركة أمل"، بمرشحهم النائب السابق سليمان فرنجية في مقابل معارضة متفقة بمعظمها على العناوين العريضة، لكن منقسمة حول كيفية بلوغ الهدف.
كيف ستواجه المعارضة الانسداد؟
تعتبر معظم قوى المعارضة السيادية والوسطية أنها تمكنت من فرض توازن سياسي داخل مجلس النواب عطّل على الفريق الآخر المتمثل في "حزب الله" وحلفائه القدرة على إيصال رئيس محسوب عليه، وقد نجحت مجموعة منهم تخطى عددها الـ 46 في فرض واقع جديد كان آخره البيان الجامع الذي نص على مقاطعة جلسة التشريع النيابية تطبيقاً للدستور الذي يقول بأن المجلس النيابي في ظل الشغور الرئاسي هو هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية.
هذه الوحدة في الموقف من جلسة التشريع وقبلها من ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت رفضاً لتعطيل عمل المحقق العدلي لم تنسحب بعد على ملف الاستحقاق الرئاسي، ويكشف النائب وضاح الصادق لـ "اندبندنت عربية" عن تشكيل لجنة مصغرة تضم 10 نواب يمثلون الكتل المعارضة تلتقي بشكل دائم، وعلى طاولة بحثها حالياً سبل الخروج من الجمود الرئاسي الحاصل نتيجة التعادل السلبي داخل البرلمان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤكد الصادق أن هذه المجموعة لا تضم كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي ولا كتلة الاعتدال، لكن التواصل مع الكتلتين قائم ومستمر، وفي المداولات يجري البحث عن مرشح جديد لرئاسة الجمهورية بالاتفاق مع مرشحهم الحالي النائب ميشال معوض، "على أن يمثل الاسم الجديد مشروع المعارضة وأن يحظى في الوقت نفسه بقبول الطرف الآخر"، كما يقول الصادق.
وفيما يؤكد أن البحث عن اسم جديد موضوع على نار حامية، يتحفظ على الكشف عن الأسماء المقترحة معتبراً أنه حتى لو تم الاتفاق على اسم فيجب أن لا يعلن عنه حالياً قبل التواصل مع الفريق الآخر، وضمان تأمين نصاب جلسة الانتخاب تجنبا لحرقه.
وعن إمكان أن تكون آلية التواصل من خلال طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس بري بدلاً من الجلسات الانتخابية، يؤكد الصادق أن آلية التواصل التي يمكن أن تنتج هي في عقد لقاءات ثنائية مع الرئيس بري، فيما الحوار الموسع من دون إطار عملي لن يؤدي إلى نتيجة، ولكن هل "حزب الله" مستعد للبحث باسم غير رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية؟ وهنا يعتبر النائب المعارض أنه طالما أن "حزب الله" لم يتبن رسمياً ترشيح فرنجية فيعني ذلك أنه منفتح على أسماء أخرى.
ماذا بعد فشل المبادرات؟
لم تحدث وقفة النائبين التغييريين نجاة صليبا وملحم خلف واعتصامهما المستمر منذ شهر داخل قاعة مجلس النواب تغييراً في المشهد الرئاسي، ولم تنجح المبادرة التي قادها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والتي تضمنت سلة من الأسماء تستثني المرشحين معوض وفرنجية في إقناع الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" بالانتقال إلى مرحلة ما بعد فرنجية، وتؤكد مصادر مقربة من جنبلاط أنه ليس في وارد طرح مبادرة جديدة طالما "حزب الله" ليس في وارد التسليم بالانسحاب من معركة فرنجية، وطالما المعارضة المسيحية ليست في وارد التخلي عن معوض، وهو بات بحسب مصادره مقتنعاً بأنه نتيجة اجتماع باريس، ولا انتخابات قريبة ليتمكن من البناء على أية مبادرة جديدة.
ووسط هذه الأجواء برزت إطلالة الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخيرة والتي شكلت اعترافاً بالضغط الاجتماعي الذي تعانيه بيئة الحزب، والذي يمكن أن يتحول إلى فوضى مفتعلة كما ألمح نصرالله، وهو ما اعتبره النائب الاشتراكي وائل أبو فاعور إشارة أولية يمكن البناء عليها للقول بأن الوضع الاقتصادي الضاغط قد يفرض على "حزب الله" خيار الانتقال إلى اسم جديد. وبحسب أبو فاعور فإن الجميع يدرك بأنه لا بد في النهاية من التسوية، لكن تبقى معرفة نوع هذه التسوية.
وكشف أبو فاعور أن الحزب التقدمي الاشتراكي سيواصل جهوده في التفاوض على "الرئيس التسوية" أو الرئيس المقبول من الجميع، والاتصالات مستمرة في هذا الخصوص مع قوى المعارضة بصرف النظر عن بعض التباينات الطبيعية، لكن لا شيء على النار حالياً.
الحوار المسيحي الجامع لن يحصل
وبالتوازي مع الحوار المقطوع بين القوى السياسية وغياب الحل القادر على إحداث الخرق في الجمود الرئاسي، تعمل البطريركية المارونية على إيجاد حل يمكن أن يحرر الموقع الماروني الأول في لبنان من قبضة التعطيل والشغور، وطرحت في بكركي فكرة الحوار المسيحي الجامع للنواب الـ 46، لكن وبعد إخفاق معظم القوى المسيحية على الاتفاق على آلية واحدة لاجتماع مماثل تكون كفيلة بضمان تحقيق نتائج منه وتلزم النواب المشاركين بالتزام ما يصدر عنه، اقترح المطران أنطوان أبو نجم على البطريرك الماروني التواصل مع القيادات المارونية في محاولة لإيجاد حل للأزمة الرئاسية المعقدة، وبعد سلسلة لقاءات شملت رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ورئيس "حزب الكتائب" سامي الجميل ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية وشخصيات أخرى، أعلن المطران أبو نجم أن التشاور مستمر، نافياً كل ما أشيع في وسائل الإعلام عن المداولات التي حصلت خلال اللقاءات وأفضت إلى حائط مسدود.
وكشفت مصادر مطلعة على حركة المطران أبو نجم لـ "اندبندنت عربية" أنه بات مقتنعاً بأن الأزمة الرئاسية ليست مسيحية بل وطنية، وأن أي قواعد للحوار يجب أن ترتكز على ثلاث مسلمات أساس، هي الدستور والسيادة وعودة لبنان إلى هويته التاريخية في علاقته مع المجتمع الدولي والعالم العربي، والمسلمات الثلاث هذه تفتح الباب إلى الخطوات الإصلاحية الضرورية، ويأتي انتخاب رئيس للجمهورية في مقدمها. وكشفت المصادر الكنسية أن فكرة استعادة تجربة "لقاء قرنة شهوان" (لقاء سياسي جمع المعارضين لسيطرة النظام السوري قبل عام 2005) تبحث جدياً في أروقة بكركي، مع ما يعني ذلك من خلق إطار وطني لمعالجة الأزمة التي هي أزمة وطنية لا مسيحية.