Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فارس سعيد في ذكرى "14 آذار": هذه أخطاؤها وإنجازاتها

بعد 19 سنة على الانتفاضة الشعبية الكبرى يمر لبنان في أحلك مراحله مع خطر توسع رقعة الحرب مع إسرائيل

ملخص

على رغم انفراط عقد التحالف بين مكوناتها، يصر فارس سعيد على وجود إنجازات تاريخية لم تكن لتتحقق لولا تحالف قوى "14 آذار"، وقال "ليس تفصيلاً أن تكون أجبرت الجيش السوري على الخروج من لبنان".

يستذكر اللبنانيون في 14 مارس (آذار) من كل عام "المشهد المليوني" في "ساحة الشهداء" بوسط بيروت، حين فاضت حشود الشعب اللبناني الذي تظاهر بكافة مكوناته الطائفية والمذهبية والحزبية في عام 2005، مطالباً بالاستقلال واسترداد الوطن من الوصاية السورية، وذلك على خلفية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
واعتُبر هذا الحدث لحظة تحوّل تأسيسي في تاريخ لبنان، إذ فرض اللبنانيون مشهداً وطنياً معبّراً متجاوزين كل العقبات من أجل الاعتراض على الاغتيال السياسي الذي استمر لسنوات سقط خلالها عشرات الضحايا. ومع توالي السنوات تحوّل تحالف "14 آذار" من نقطة التقاء بين قوى سياسية إلى مشروع بناء دولة تحت عناوين واحدة هي الحرية والسيادة والاستقلال، لكن من دون إطار سياسي بعد تشرذم مكوّناته.

شهداء على طريق الاستقلال

وفي الذكرى الـ 19 لذلك اليوم، وبينما يمرّ لبنان في أصعب وأحلك وأخطر مراحله مع الاشتباكات الآخذة بالتوسع في جنوب لبنان، يستذكر الأمين العام السابق لقوى الرابع عشر من آذار، فارس سعيد مشهدية "14 آذار" وضحاياها، مشيراً إلى أنه "منذ 19 عاماً هناك من سقط من أجل لبنان ووحدته، ونُفّذت انتفاضة سلمية أخرجت الجيش السوري من لبنان، وهؤلاء الضحايا كانوا مسلمين ومسيحيين وهم مع الوحدة الوطنية والدستور والقوانين".
واعتبر سعيد في مقابلة مع "اندبندنت عربية" أن "فكرة 14 آذار ارتكزت على أن الإنجازات الوطنية الكبرى كالمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان لا تتم إلا على قاعدة جمع غالبية اللبنانيين حول هذا المطلب، وبالتالي قاعدة الوحدة الداخلية"، مشيراً إلى أن "هذا العمل التراكمي بدأ مع نداء مجلس المطارنة الموارنة في 20 سبتمبر (أيلول) عام 2000، بحكمة استثنائية لأنها ارتكزت على التوقيت المناسب عقب انسحاب إسرائيل في 25 مايو (أيار) 2000 من الجنوب، كذلك عبر الارتكاز على تنفيذ اتفاق الطائف، الأمر الذي سهّل انضمام جميع المكونات الوطنية إلى خطاب بكركي (مقر البطريركية المارونية) والمضي بمعركة تحرير البلاد".
وبرأي سعيد فإن "هذه الحكمة على مستوى التوقيت والمضمون وطبيعة المطالبة، أدت إلى انفتاح المسيحيين الذين حملوا هذه الراية باتجاه المسلمين، فكانت مصالحة الجبل عام 2001 واللقاء مع رفيق الحريري بعد التمديد للرئيس السابق إميل لحود وإنتاج لقاء البريستول (للقوى المعارضة للنظام السوري)، كما أدت إلى هذه الانتفاضة التي بُنيت على حدث تأسيسي عنوانه اغتيال رفيق الحريري".


الرحلة المتعثرة

واعتبر النائب السابق أن "14 آذار مثّلت أملاً كبيراً بالنسبة إلى اللبنانيين من حيث استطاعت أن تتخطى المنطق الطائفي والتبعي، إلا أن صيغتها الإدارية والتنظيمية انتهت منذ عام 2016 حين ارتكبت مكوناتها الخطيئة الكبرى بالتسوية التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، لكن الفكرة التي تتمثل بتوحيد اللبنانيين حول استقلال وسيادة لبنان لا تزال قائمة وموجودة"، مطالباً بإعادة إنتاج "صيغة جديدة بنصاب وطني يكون على حجم 14 آذار، لا سيما أنه عندما تراجعت 14 آذار انتهى التوازن الذي كان قائماً في لبنان، وبات "حزب الله" هو الحاكم الفعلي للبلاد".
وكشف فارس سعيد أن "رحلة 14 آذار بدأت تواجه التحديات والاختبارات الصعبة، مع أول انتخابات نيابية بعد الانسحاب السوري في عام 2005، حين وجّه التحالف الرباعي ضربة شعبية ومعنوية كبيرة إلى مكوناتها وأدى الى زعزعة الثقة بينها"، مبرراً أهداف التحالف حينها بـ "الواقعية السياسية" التي لولاها لكان "حزب الله" منع إجراء انتخابات في وقتها، إلا أن "قوى 14 آذار بقيت صامدة بدليل أنه خلال حرب يونيو (تموز) 2006، التي شنتها إسرائيل على لبنان، كانت حكومة فؤاد السنيورة هي التي تفاوض ومن خلفها "حزب الله"، وذلك بعكس الوضع الحالي الذي يفاوض فيه "حزب الله" المجتمع الدولي باسم لبنان، وبالتالي خلال 18 عاماً ومع انهيار تحالف 14 آذار أصبحت إيران على حدود إسرائيل وأصبح العالم يتكلم مع طهران لضمان استقرار الحدود الإسرائيلية وليس مع حكومة لبنان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إنجازات تاريخية

ويرى سعيد أن تفكك تحالف "14 آذار" أدى إلى "سقوط الوحدة الوطنية اللبنانية وانتقلت الهموم إلى المربعات الطائفية، فبات المسيحيون قلقين من بروز الإسلام السياسي بالمنطقة، ولاحقاً باتوا يخشون على مصيرهم ودورهم نتيجة الاتفاق السني - الشيعي الذي أتى ترجمة للاتفاق السعودي - الإيراني بالمنطقة، فهربوا إلى البحث عن نظام يحمي دورهم مثل التقسيم والفيدرالية". وأضاف "لو تصبح حقوق المسيحيين والسنّة والدروز والشيعة فوق كل اعتبار، ربما كنا حققنا توازن مشروع غلبة على "حزب الله"، ولكن اليوم الحزب متفلّت من كل ضغط داخلي، والقوى السياسية وحدها، مهما كان حجمها ومهما كانت قدرتها المعنوية والسياسية لا تشكل أي توازن معه، بينما 14 آذار شكلت هذا التوازن".
وعلى رغم انفراط عقد التحالف بين مكوناتها، يصر سعيد على وجود إنجازات تاريخية لم تكن لتتحقق لولا هذا التحالف، وقال "ليس تفصيلاً أن تكون أجبرت الجيش السوري على الخروج من لبنان، وأيضاً ليس تفصيلاً أن تكون قوى 14 آذار أحدثت توازناً بينها وبين "حزب الله" الأمر الذي دفعه إلى احتلال بيروت حتى 7 مايو (أيار) 2008 بهدف إسقاطها وكذلك سلسلة الاغتيالات السياسية لترهيب قياداتها وإخضاعهم".
ولفت الى أن "زمن 14 آذار أوصلنا إلى الوحدة الداخلية"، مشدداً على أن "الاستقلال لا يزال صالحاً اليوم إذا أردنا العبور الى الاستقلال الثالث والدولة السيدة". 


الحواجز "السنية"

من ناحية أخرى، لفت الأمين العام السابق إلى أن تفكك "14 آذار" لم يكن لأسباب تتعلق بمكوناتها فقط، مشيراً إلى تغير في المناخ الدولي لا سيما بعد الاتفاق الإيراني - الأميركي على الملف النووي، الذي سهل التمدد الإيراني في المنطقة لدرجة أن مسؤولين إيرانيين باتوا يعلنون أنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية، وكذلك إعادة إحياء النظام السوري الذي استُقبل في فرنسا في عام 2016".
ورأى أن إزالة "الحواجز" السنية في الشرق الأوسط بين عامي 2003 و2005، بدءاً بالإعلان عن وفاة ياسر عرفات، وإعدام صدام حسين، واغتيال رفيق الحريري، كلها سهلت الدخول الإيراني الذي عمل على استمالة العلويين والعمل مع النظام لتهجير 12 مليون سني من مناطقهم بهدف السيطرة على سوريا. وكذلك في العراق أُسقطت الدولة وسلمت للحشد الشعبي والفصائل الموالية لإيران، وأيضاً في لبنان تفككت الدولة لتصبح المرجعية بيد "حزب الله".

ثوابت 14 آذار

وحول الآلية المطلوبة للخروج من الواقع الحالي، أكد سعيد على ضرورة "العودة إلى ثوابت 14 آذار، والتشديد على أن الوحدة الداخلية هي المرادف الموضوعي للسيادة والاستقلال، والتي إذا انكسرت تنسحب على جميع الطوائف، والتمسك باتفاق الطائف والعمل على تطبيقه على قاعدة التوازن وليس على قاعدة موازين القوى، والانتساب إلى نظام المصلحة العربية في مواجهة القوى الإقليمية غير العربية التي تريد تحويلنا إلى ضاحية سياسية واقتصادية لها، والتمسك بقرارات الشرعية الدولية بدءاً بالقرارين الأمميين 1559 و1680 المتعلق برسم الحدود مع سوريا والقرار 1757 أي العدالة الدولية والمحكمة والقرار 1701 أي تجريد كل الميليشيات اللبنانية من سلاحها".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات