Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسؤول أمني إسرائيلي سابق: لا تغزوا رفح وأوقفوا الحرب الآن مقابل الرهائن (1 - 2)

غيورا آيلاند لـ"اندبندنت عربية": نتنياهو فقد ثقة الإسرائيليين ويقود الحرب بدوافع شخصية للبقاء بالسلطة وهذه أخطاؤنا في غزة

رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق غيورا آيلاند (تايمز أوف إسرائيل)

ملخص

في هذا الجزء الأول من حواره معنا الذي تجاوز الـ80 دقيقة، يقول آيلاند، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "فقد ثقة الإسرائيليين، ويقود الحرب بدوافع شخصية للبقاء في السلطة"، مؤكداً أن "حماس لا يمكن قبولها مرة أخرى"، وأن "عصر إمداد غزة بالوقود والمياه والطاقة والبضائع ولى من دون رجعة"، كاشفاً للمرة الأولى بعضاً من كواليس وفلسفة خطته لـ"توطين سكان غزة في سيناء"، التي صاحبها كثير من الجدل طوال العقدين الماضيين.

في تقديره للمشهد "لا تزال الارتدادات الجيوسياسية والأمنية لما يحدث في غزة غير مكتملة الأركان"، فما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يشبه كثيراً ما شهدته الدولة العبرية قبل 50 عاماً في السادس من أكتوبر 1973، في قطيعته التاريخية مع ما سبقه من أوضاع، سواء بالنسبة إلى إسرائيل من الداخل أو قطاع غزة أو على مستوى القضية الفلسطينية برمتها، فضلاً عن طبيعة وشكل التفاعلات على مستوى المنطقة والأطراف الغربية المنخرطة بها، مع بقاء احتمالات "اتساع الحرب" قائمة، لا سيما بعد الدخول المباشر وغير المسبوق لطهران على خط المواجهة مع تل أبيب، معتبراً أن الخيار الأفضل في الوقت الراهن يبقى "وقف الحرب شرط الإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة".

ووسط ضبابية المستقبل بالنسبة إلى كثير من الأطراف الإقليمية والدولية، على وقع التطورات المتلاحقة التي تشهدها غزة والمنطقة إثر الحرب الإسرائيلية المستعرة منذ نحو سبعة أشهر، التي لم تصل إلى مرحلة التهدئة أو الحلحلة بعد، حاورت "اندبندنت عربية"، غيورا آيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق ورئيس قسم التخطيط السابق في الجيش الإسرائيلي والرئيس الحالي لشركة استشارات للأمن القومي والخدمات الاستراتيجية للحكومات والمنظمات المتعددة الجنسيات، بحثاً عن "رؤية أعمق" للإجابة عن: كيف يفكر الإسرائيليون ونخبهم؟ وهو الرجل الذي يعتبره كثر في الداخل الإسرائيلي "أحد أبرز المفكرين من بين جنرالات الجيش المتقاعدين"، وذلك لفهم تفاعلات الداخل الإسرائيلي مع الحرب في غزة رغم كلفتها الباهظة مدنياً وإنسانياً ومادياً، ومستقبل التعاطي الإسرائيلي مع القضية الفلسطينية ومحيطها العربي والدولي.

في هذا الجزء الأول من حواره معنا الذي تجاوز الـ80 دقيقة، يقول آيلاند، وهو أحد الجنرالات الذي انخرط في كثير من محادثات السلام مع الفلسطينيين، وكان من العقول المدبرة عملية الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من غزة عام 2005، في عهد رئيس الوزراء الراحل أرييل شارون، وقبلها الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "فقد ثقة الإسرائيليين، ويقود الحرب بدوافع شخصية للبقاء في السلطة، ومستقبل الدولة العبرية عند مفترق طرق"، مؤكداً أن "حماس لا يمكن قبولها مرة أخرى"، وأن "عصر إمداد غزة بالوقود والمياه والطاقة والبضائع ولى من دون رجعة"، كاشفاً للمرة الأولى بعضاً من كواليس وفلسفة خطته لـ"توطين سكان غزة في سيناء"، التي صاحبها كثير من الجدل طوال العقدين الماضيين.

"أخطاء" في حرب غزة

بعد مرور نحو سبعة أشهر من الحرب في قطاع غزة، مخلفة أكثر من 34 ألف قتيل وعشرات الآلاف من المصابين والجرحى والمفقودين، غالبيتهم من النساء والأطفال، يقيم آيلاند الوضع بأنه "أقل إيجابية من وجهة النظر الإسرائيلية مقارنة بالتوقعات عندما بدأت الحرب قبل أكثر من ستة أشهر". موضحاً "بدأت الحرب عندما غزت حماس إسرائيل، وقتلت بدم بارد نحو 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، بينهم رضع وأطفال وغيرهم، واختطفت نحو 240 إسرائيلياً. كان هذا هجوماً وحشياً ما استدعى أن تبدأ إسرائيل الحرب". مضيفاً "اتخذت إسرائيل قراراً كنت أعتقده منذ البداية خطأً. كان القرار أنه ينبغي لنا أن نحقق أهدافنا، وهي: تفكيك قدرات حماس العسكرية، والتأكد من أن الحركة لن تحكم القطاع مجدداً، وإعادة الرهائن الإسرائيليين، وعليه قررت الحكومة الإسرائيلية استخدام القوة العسكرية، باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف".

علينا السيطرة على الحدود مع مصر لمنع تهريب السلاح وهذه تفاصيل خطتي لتوطين سكان غزة في سيناء قبل 20 عاماً

ووفق تقييم آيلاند لنتائج الحرب حتى اللحظة بالنسبة لإسرائيل، يقول "تمكنا من تحقيق كثير من النجاح التكتيكي. أعتقد أننا تمكنا من (تدمير) 80 في المئة من القدرات العسكرية لحماس، وقتلنا وجرحنا نحو 15 ألفاً من مقاتليها، ودمرنا معظم أسلحتها الثقيلة، كذلك دمرنا كثيراً من الأنفاق تحت الأرض، وغيرها"، لكن "حركة حماس لا تزال باقية، ليس لأن نظامها يحظى بدعم أهل غزة، بل لأن إسرائيل لم تتعاون مع المبادرات التي يمكن أن تأتي ببديل لحماس في غزة، بمعنى آخر، الديكتاتوريون، مثل زعيم الحركة يحيى السنوار، عادة ما يخافون شيئين، ليس أياً منهما ضغط عسكري. الأول وجود حل سياسي بديل، والثاني قلة الإمدادات لشعبه".

 

ويتابع آيلاند، وهو الجنرال السابق الذي لديه اتصالات واسعة وعميقة مع مختلف القيادات السياسية والأمنية والعسكرية في بلاده وعلى رأسهم نتنياهو، وفق تعبيره، "عدم وجود حل سياسي بديل، وتزويد شعب غزة بشيء يمكن أن يثيرا كثيراً من الإحباط والغضب لدى الناس". مضيفاً "هذان الأمران لم نستخدمهما، ولم نستخدم الضغط الاقتصادي في غزة. وهذا كان خطأ، كذلك نحن لم نتعاون مع بعض المبادرات الأميركية أو حتى العربية، لتمكين قوى أخرى، للسيطرة على القطاع كقوات السلطة الفلسطينية، المدعومة من دول عربية عديدة لتدخل غزة، وتكون بديلاً".

ويمضي آيلاند في تقييمه لأهداف الحرب ومدى تحقيقها من وجهة النظر الإسرائيلية، "يقودني ما سبق إلى النقطة الأخيرة، وهي الرهائن الإسرائيليون، بدأنا الحرب عندما كان عدد الرهائن 240 في غزة، معظمهم على قيد الحياة، فعلنا أول صفقة بعد شهر من بداية الحرب، وعاد فيها بعض الرهائن إلى إسرائيل وهذا أمر جيد، لكن منذ ذلك الحين لم تعد حماس مهتمة بأي صفقة أخرى، بالتالي فإن الرهائن الإسرائيليين يموتون في أنفاق البؤس في غزة، وهو أمر يصعب رؤيته".

"اهتزاز" صورة إسرائيل دولياً

ولا ينكر آيلاند أن ما يسميه "أخطاء" ارتكبتها بلاده خلال مسار الحرب، أثرت بصورة عميقة في عدم تحقيق أهدافها إلى الآن. مفسراً الأسباب التي قادت إلى ذلك "هناك خطآن أساسيان ارتكبا خلال مسار الحرب: الأول عدم تعاوننا مع المبادرات (العربية والدولية) التي يمكن أن تقدم نظاماً سياسياً بديلاً محتملاً لغزة، والثاني كما أحاول أن أقول غزة هي دولة بحكم الأمر الواقع بدأت حرباً ضد إسرائيل. يجب أن نستخدم مزيداً من الضغط الاقتصادي، لكننا نستسلم بسهولة، بسبب مطالب العالم بتوخي الحذر، ورفع شعار الظروف الإنسانية".

وأمام الأوضاع الإنسانية والمدنية المزرية في القطاع، وحجم الدمار الذي خلفته الآلة العسكرية الإسرائيلية في مساحة جغرافية لا تتجاوز الـ350 كيلومتراً مربعاً، لا يرى آيلاند سوى قضية "الرهائن" الإسرائيليين الذين احتجزتهم الفصائل الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر الماضي، "هي الأكثر إنسانية"، وذلك رغم الاهتمام الغربي الرسمي وغير الرسمي، وحتى على مستوى الإقليم بقضيتهم، قبل أن تقلب الصور والمشاهد القادمة من القطاع "معركة الرأي العام العالمية بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية".

إسرائيل أخطأت في عدم تعاونها مع المبادرات العربية والدولية التي يمكن أن تقدم نظاماً سياسياً بديلاً محتملاً لغزة

فوفق تقييم آيلاند فإنه "لا أحد يهتم حقاً باهتمامنا الإنساني في شأن قضية الرهائن الإسرائيليين، وعليه كان ينبغي أن نقول إن فتح ممرات الإمداد إلى غزة يجب أن يعتمد على التفاصيل الكاملة للرهائن الإسرائيليين". ويتابع "الأمر الآخر هو من وجهة نظري أن بعض الناس لا تعرف ما الوضع في غزة، يقولون: (حسناً، نعم فعلت حماس أشياء فظيعة، لكن هذا فقط بسبب الاحتلال الإسرائيلي)، وهذا ادعاء لا أساس له من الصحة، لأن إسرائيل انسحبت بالكامل من غزة قبل أكثر من 18 عاماً، ولم يكن هناك وجود عسكري أو مدني إسرائيلي في غزة خلال الأعوام الـ18 الماضية"، بحسب وصفه.

ويمضي في القول، بحسب رؤيته، "الأهم من ذلك، أن الحدود بين غزة ومصر ظلت مفتوحة طوال الأعوام الـ18 الماضية. غزة لم تكن تحت أي حصار أو احتلال، لذلك ليس هناك أي مبرر حقيقي لما حدث في السابع من أكتوبر سوى حقيقة أن هذه هي أيديولوجية حماس الواضحة، وهذا ما يقال عنهم علناً مراراً وتكراراً، وإن حلمهم ورؤيتهم هي في الواقع قتل جميع اليهود، هذا ما قالوه. ولسوء الحظ، فإن نحو 80 في المئة من سكان غزة يؤيدون هذه الأيديولوجية حتى اليوم. هناك صورة متحيزة جداً، ليس فقط في الإعلام العربي أو في العالم العربي، بل أيضاً في الإعلام الدولي والعالمي عن المشكلة الحقيقية، أو السبب الحقيقي لماذا توجد مثل هذه الحرب بالفعل؟"، على حد تقييمه.

 

وفي معرض رده على ما يراه كثر أن "إسرائيل تبقى دولة احتلال وفق مقررات الشرعية الدولية، وأن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات، فضلاً عما تراه الفصائل الفلسطينية من انتهاكات مستمرة للمقدسات الإسلامية في الضفة الغربية واستمرار احتلالها، وارتفاع أعداد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلى جانب الكلفة المدنية والإنسانية المرتفعة في حرب غزة هي ما قادت لخسارة إسرائيل معركة الرأي العام العالمي"، أوضح آيلاند رؤيته من زاوية أخرى قائلاً: "سأجيبك عن هذا الأمر، وعلينا أن نفهمه بصورته. حماس لا تبحث عن حل سياسي، ولا عن حل الدولتين، ولا عن أي حل سياسي آخر. أيديولوجية حماس الواضحة للغاية هي القضاء على دولة إسرائيل".

ويمضي بالقول، متجاوزاً حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية إلى إيران، "لنفترض أن غداً وبطريقة إعجازية وجدنا تسوية نهائية للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، سواء كان حل الدولتين أو أي حل آخر يجري الاتفاق عليه بشكل متبادل، فإن ذلك لن يحل المشكلة الحقيقية لإسرائيل، لأن لدينا إيران (الداعم الأكبر لحماس والجهاد الإسلامي) التي تقول منذ 25 عاماً من قبل مرشدهم الأعلى، علي خامنئي، إنه لا يوجد سوى حل واحد لإسرائيل، وهو القضاء الكامل على دولتها. هذا ما قاله".

ويضيف، "الإيرانيون ينشئون وكلاء أقوياء حولنا، من حزب الله في الشمال إلى الميليشيات الموالية لهم في سوريا والعراق واليمن وأماكن أخرى، هذه هي فلسفتهم، وأيديولوجيتهم. حتى لو تمكنا من حل المشكلة مع الفلسطينيين، فإننا سنظل تحت تهديد وجودي مستمر. لذا فإن الجوهر الرئيس للمشكلة هو أن كثيراً من اللاعبين في هذه المنطقة لا يريدون قبول الفكرة البسيطة المتمثلة في وجود دولة يهودية إلى جانب الدول العربية".

ويزيد في حديثه، "الآن، بالعودة إلى الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أو حل الدولتين، هذا الحل عرض على الفلسطينيين في الأقل أقول ثلاث مرات، وكان يرفضونه دائماً، إذ كانت خطة التقسيم الأولى التي قدمت في الأمم المتحدة عام 1947 لإقامة دولة يهودية ودولة عربية (يقصد القرار الأممي 181 المعروف بقرار التقسيم). وقد قبلته إسرائيل. غير أن العرب جميعاً رفضوه، بمن فيهم الفلسطينيون، رفضاً قاطعاً. ثانياً، في عام 2000، كان هناك اقتراح مشابه جداً لإقامة دولة فلسطينية قدمه الرئيس الأميركي بيل كلينتون (يقصد مفاوضات كامب ديفيد عام 2000)، ورفضه الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات باعتباره زعيماً للفلسطينيين. وقد حدث أمر مماثل للغاية في عام 2007. لذا، لم تقبل القيادة العربية قط حل الدولتين، كما يحاول البعض الاعتقاد خطأً. جوهر المشكلة أن كثيراً من الفلسطينيين، ليس فقط حماس، لا يقبلون حقاً فكرة وجود دولة يهودية بالمنطقة".

 

ورافضا الرد على ما يراه كثير من العرب والفلسطينيين "مراوغة إسرائيلية مستمرة" طوال عمر المفاوضات التي جمعت بين الطرفين، ورفض تل أبيب اتفاقية السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في بيروت بمبادرة سعودية 2002 تحت شعار "الأرض مقابل السلام"، ما بدا تعنتاً من الجانب الإسرائيلي في التعاطي مع أي مقترح "جاد وحقيقي" يمكنه إنهاء تلك الأزمة التاريخية والمعقدة، بحسب الجانب العربي، قفز آيلاند في حديثه إلى جانب أخر قائلا: "دعني أتطرق إلى أمر آخر، عندما نتحدث عن غزة، فإن 75 في المئة من سكان القطاع معترف بهم من قبل الأمم المتحدة لاجئين. ما تعريف اللاجئ؟ اللاجئ هو الشخص الذي يعيش بصورة موقتة في مكان ما، لكن في يوم من الأيام سيعود إلى منزله. ومثل اللاجئين الفلسطينيين في غزة، هناك أضعاف آخرين يعيشون في الأردن والضفة الغربية وسوريا ولبنان جرى الاعتراف بهم رسمياً لاجئين. وبسبب هذا الاعتراف، هؤلاء أناس يعتقدون، وأنا لا ألومهم في ذلك، أنهم يعيشون بصورة موقتة في لبنان وسوريا وحتى الضفة، وسيعودون يوماً ما إلى بيتهم الحقيقي الذي هو إسرائيل".

ومضى أيلاند، ملقيا المسؤولية على الطرف الفلسطيني والعربي لاستمرار الصراع، رافضا تحمل "الاحتلال الإسرائيلي" المسؤولية، قائلاً: "عندما تنظر إلى شعارهم (من النهر إلى البحر ستحرر فلسطين) ماذا يعني هذا الشعار؟ يعني ببساطة أن إسرائيل ستمحى. وسيكون هناك دولة فلسطينية من النهر إلى البحر. لهذا نحن لدينا مشكلة أعمق كثيراً من النزاع حول الأرض كما يشاع بين العرب والإسرائيليين، ولو كان النزاع فقط على الأرض لوجدنا له حلاً ما، مثلما حدث الأمر مع المصريين في معاهدة السلام عام 1979، وبعدها مع الأردنيين في 1994".

ويضيف، "المشكلة أعمق كثيراً، أنت لم تجد أي زعيم فلسطيني للتحدث معه طوال القرن الماضي. سواء زعيماً سياسياً أو ثقافياً يكون لديه القدرة والشجاعة الكافية ليقول (نعم نحن نقبل إسرائيل للعيش معنا)، هذا هو جوهر الإشكالية الموجودة"، ثم يعود ويقول "رغم كل هذا، أنا أوافقك الرأي أنه في النهاية يجب علينا التوصل إلى حل ما، لكن حتى هذا الأمر ببساطة حماس لا تقبل به، وأخيراً وبسبب ما حدث فإن حماس لا يجب أن تكون جزءاً من أي حال كهذا".

أوقفوا الحرب مقابل الرهائن

وحول سؤاله عن الغزو العسكري الإسرائيلي المرتقب لمدينة رفح في أقصى جنوب القطاع، الذي يعد آخر النقاط التي لجأ إليها سكان غزة لتجنب ويلات الحرب، ما يثير قلقاً ورفضاً دولياً وعربياً واسعاً، لتداعياتها الإنسانية الخطرة، يقول آيلاند، إنه وعلى رغم أن "النيات والأهداف الإسرائيلية من غزو المدينة التي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، تكمن في أمرين: الأول أنه في بداية الحرب قدرت السلطات الإسرائيلية وجود 25 لواءً عسكرياً لحماس في القطاع، وعلى مدار الأشهر الستة الماضية تمكن الجيش الإسرائيلي من التعامل مع معظمها، ولم يتبق سوى أربعة ألوية في رفح لم يقترب منها الجيش إلى الآن. وانطلاقاً من الهدف الإسرائيلي ومن وجهة نظر عسكرية في شأن أن الحرب ينبغي القضاء على قدرات حماس العسكرية القوية الباقية، والتعامل مع ما تبقى من قدرات لها في رفح. وأن الأمر الآخر هو أن رفح جزء من قطاع غزة تقع مع الحدود المصرية، وأن التقديرات ترجح أن كثيراً من الأسلحة التي تدخل إلى غزة تأتي من مصر على مدار الـ18 عاماً الماضية، وعليه ينبغي بالنسبة إلينا إعادة السيطرة على ذلك الجزء من قطاع غزة، لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة وحماس". وهو أمر نفته القاهرة في أكثر من مناسبة.

"حماس" لا تبحث عن حل سياسي ولا يمكن قبولها ضمن خطة "اليوم التالي" وأيديولوجيتها القضاء على دولة إسرائيل

غير أنه، يعود ويقول "لا أؤمن بأهمية تلك الخطوة". موضحاً "دعني أفاجئك، وهذا ما أعتقد فيه وأرى أن على إسرائيل الامتثال إليه، وفعله قبل الذهاب إلى رفح، لإعطاء فرصة لإنهاء هذه الحرب، وما أقوله يتعارض كلياً مع سياسة الحرب التي انتهجتها حكومة نتنياهو، وكذلك مع سياسة إسرائيل في الوقت الراهن، ألا وهو أن تكون إسرائيل مستعدة لإنهاء هذه الحرب كلياً والانسحاب العسكري من القطاع كلياً، وليس فقط وقف إطلاق النار موقت، وذلك مقابل شرط واحد فقط، وهو استعادة جميع المختطفين الذين ما زالوا في غزة، الجميع، الأحياء والأموات. ينبغي أن يحدث ذلك خلال وقت قصير، وهذا ما أعتقد أن على إسرائيل انتهاجه وفعله".

ويشدد آيلاند، موجهاً حديثه إلى الحكومة الإسرائيلية، "افعلوها الآن. أوقفوا الحرب. قدموا هذا المقترح، وانتظروا رد حماس، إذا ردت حماس بـ(نعم) فيمكن لجميع الرهائن العودة إلى إسرائيل، ووقف الحرب، وإنقاذ كثير من الأرواح وإيقاف العمل العسكري في غزة. لكن إذا ردت بـ(لا)، فحينها ربما يجب علينا الاستمرار في العمل العسكري، لا سيما في المناطق الرئيسة في القطاع، التي لا تزال حماس تمتلك قواعد قتالية قوية بها. أريد إعطاء فرصة لإنهاء الحرب، وذلك قبل الذهاب إلى رفح".

 

وبحسب تقييم آيلاند، وهو جنرال سابق، خاض كثيراً من المعارك الإسرائيلية في المنطقة، وكذلك كان رقماً بارزاً في معادلات التفاوض، "بقدر أهمية وضرورة العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، بعد السابع من أكتوبر، فإنها لم تكن كافية وحدها". موضحاً "إذا كنت تنشد النجاح وتحقيق الأهداف كان يجب عليك الاعتماد على أكثر من خيار. على سبيل المثال، استخدام القوة العسكرية، وهي مهمة بالمناسبة، من أجل القضاء على قدرات حماس العسكرية، وإنهاء أي احتمالات لتكرار هجمات كما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الثاني). هذه الآلة العسكرية كان ينبغي موازاتها بجهود أخرى، مثل فتح الباب أمام المبادرات السياسية، وأن تدعو الفلسطينيين الآخرين (يقصد السلطة) بالتحالف مع قوات عربية، للدخول إلى غزة، وليكن من الشمال، ليكونوا مسؤولين عن الأمور المدنية، وربما في ما بعد عن الأمور الأمنية. كان هذا اتجاهاً صحيحاً يجب علينا المضي قدماً فيه".

ويضيف، "أريد هنا أن أؤكد أمراً ما، إسرائيل ليس لديها أي مصالح في أراضي قطاع غزة (يقصد احتلاله مرة أخرى) أو مصالح سياسية. فقط لإسرائيل مصالح أمنية في القطاع، لهذا إذا كان العالم العربي، أو حتى المجتمع الدولي، استطاع تقديم مقترح ما يشمل استقدام قوات عسكرية إلى غزة ويعلن إعادة بناء غزة، مع الإعلان في الوقت ذاته نزع السلاح بها، فهذا الأمر سيكون جيداً بالنسبة إلى إسرائيل وعليها القبول به".

ووسط الضبابية الإسرائيلية في شأن "اليوم التالي في قطاع غزة" ما بعد الحرب، وتسريبات حول خلافات في شأنها داخل "مجلس الحرب"، فضلا عن اعتبار كثير من الأطراف الدولية وحتى العربية، أن الرؤية الإسرائيلية "غير واضحة"، يعبر آيلاند عن رؤيته في شأن اليوم التالي، والتي من وجهة نظر، تمثل "الجانب المعتدل" في الرواية الإسرائيلية، إذ يقول "علينا أن نفهم أنه بعد هذه الحرب، وقبل التوصل إلى أي تسوية دائمة في غزة، يجب أن يكون هناك مرحلة انتقالية، لإعادة ترتيب بعض الأمور. وعليه، فيجب أن يكون هناك نظام انتقالي ما في غزة، وأعتقد أن الأفضل أن يكون هناك اندماج بين السلطة الفلسطينية، وبتنسيق على الأرض مع دول عربية، على سبيل المثال السعودية ومصر والأردن وكل الدول التي يمكن أن تتعاون معنا ومع السلطة الفلسطينية، وربما مع دول غربية أخرى، ليتحملوا مسؤولية غزة".

ووفق توضيح آيلاند، فإنه يقول "هنا لا أقصد أن يحكموا غزة فترة طويلة أو مدى الحياة، لكن فترة انتقالية بين ثلاثة وخمسة أعوام على سبيل المثال، يتولون مسؤولية إعادة الإعمار، ويعيدوا الاستقرار والحياة الطبيعية إليها، مع ضمان عدم إعادة تسليح القطاع بصورة تشكل معها غزة مرة أخرى تهديداً لإسرائيل". مضيفاً "يبدو هذا الطرح عاماً بصورة كبيرة، وينبغي أن تكون إسرائيل منفتحة على هكذا مقترحات، وأعتقد أن مثل هذه المقترحات ينبغي أن تتبادل بها عديد من الأطراف، سواء في مصر أو الأردن أو السعودية أو الاتحاد الأوروبي أو غيرهم، وعلى إسرائيل أن تكون إيجابية حيال أمور أو مقترحات كهذه. خلاف ذلك ستبقى حماس مسؤولة عن قطاع غزة، وسيبقى المدنيون يعيشون مأساة وحالة يرثى لها".

لن "ندفع" في إعادة الإعمار

ومن الشق السياسي والأمني في اليوم التالي في غزة، إلى الشق الإنساني وملف إعادة الأعمار، إذ تشير الإحصاءات الأممية إلى تدمير أكثر من 70 في المئة من إجمالي المساكن والمباني في القطاع، وأكثر من 80 في المئة من أجزاء الشمال، ونزوح وتهجير أكثر من 1.5 مليون نسمة، فضلاً عن التدمير الواسع الذي أصاب البنى التحتية والمدارس والمستشفيات وغيرها، ما تسبب في وجود 37 مليون طن من الركام (نحو 300 كيلوغرام من الركام في المتر المربع)، وهذا ما سيستغرق إزالته 14 عاماً، بصوره شبهها بعض خبراء الأمم المتحدة أنها تجاوزت ما شهدت مدن "دريسدن وروتردام الأوروبيتين" في الحرب العالمية الثانية، يأتي ذلك في وقت ربطت عديد من الدول العربية، لا سيما الخليجية منها، ملف إعادة الإعمار، بضمان حل القضية الفلسطينية برمتها ضمن جدول زمني محدد.

يرد آيلاند على ذلك بالقول، "أعتقد أن هذه الدول التي تربط إعمار غزة بحل القضية الفلسطينية تعتقد خطأ في هذا الأمر، لأنه ببساطة وانطلاقاً من الأطر الزمنية، فإن الأمور مختلفة كلياً، الإطار الزمني لحل الحرب في غزة يختلف كلياً عن الإطار الزمني لحل الأزمة الفلسطينية أو الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي".

لا بد من نظام انتقالي في غزة مدته 5 أعوام والأفضل اندماج السلطة الفلسطينية مع دول عربية ليتحملوا مسؤولية القطاع

ويتابع، "الحل بالنسبة إلى غزة يجب أن يجري التوافق عليه والتوصل إليه اليوم وتنفيذه غداً. لكن، بالنسبة إلى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي فالأمر شديد التعقيد. أعتقد أنني خبير بصورة كبيرة في هذا الأمر، هناك كثير من التعقيدات والتخوفات لدى الجانبين (الإسرائيلي والفلسطيني)، ومن أجل إطلاق عملية مفاوضات جادة وحقيقية اليوم فهذا سيأخذ وقتاً طويلاً، في الأقل دعنا نقول عاماً قبل احتمالات الوصول إلى أي توافق أو حل. لذا، علينا التفرقة بين هذين الأمرين، وأن هؤلاء الذين يصرون وينادون بأن يسير الأمران معاً، أعتقد أنهم يقررون في الوقت نفسه أن يستمر الوضع في غزة كما يحدث الآن، ويستمر الدمار في القطاع كما هو، إلا إذا قررت إيران وقطر إعادة بناء غزة، وهذا أمر سيئ ليس فقط لإسرائيل، بل لمصر ولكل دول المنطقة".

 

وفي معرض رده على مسؤولية إسرائيل كـ"دولة احتلال" عن الدمار الذي خلفته حربها، بالتالي إعادة إعمار القطاع، رد آيلاند "هذا تفسير خطأ. دعنا نفترض أننا سحبنا قواتنا غداً من غزة. نحن لم نشعل أو نبدأ هذه الحرب، حماس وهي حكومة منتخبة في القطاع هي من هاجمت إسرائيل ودفعتها إلى الحرب، وعلى حماس أن تتحمل التداعيات التي خلفتها وأوجدتها. وعلى رغم أن لدينا كثيراً من المشكلات والأخطاء التي ارتكبت من جانبنا بالنسبة إلى إسرائيل، هذه مشكلتنا بالتأكيد، لكن ليس علينا إعادة ترتيب أو إصلاح شيء لم نبادر نحن بتدميره".

وتابع، "دعني أقول لك المزيد إذا رفضت الدول العربية إعادة إعمار غزة سندعها كما هي، الأمر ليس مشكلتنا، ليس علينا أن نهتم بأمر سكان القطاع، الذين غالبيتهم أيدوا ما فعلته حماس في السابع من أكتوبر، هذه مشكلتهم. سنكون مستعدين للتعاون مع الدول التي تريد أن تساعد سكان غزة، لكن هذا لا يعني أننا سنقوم بالأمر بأنفسنا".

وأضاف وهو ما يعد تحولاً كبيراً في مستقبل القطاع، "دعني أضيف أكثر من ذلك، لا أعتقد أنه لا يزال يجب علينا القيام بما كنا نقوم به قبل الأشهر الستة الأخيرة أو قبل بدء الحرب بالنسبة لغزة، وهو إمدادها بالماء والوقود والطاقة والطعام والبضائع، هذه ليست مشكلتنا. غزة متصلة بمصر، وهي مشكلة أناس آخرين، هذه دولة عدو بالنسبة إلينا (يقصد غزة)، لماذا ينبغي علينا أن نكون مهتمين بأمورهم؟".

وفي بداية الحرب، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قطع إمدادات المياه والكهرباء والطاقة إلى غزة، وأغلق كلياً المعابر الرابطة بينها وبين إسرائيل، ووصف سكان القطاع بـ"الحيوانات البشرية"، وبعدها عرقلت، وفق القاهرة، دخول المساعدات بصورة مستديمة وآمن عبر معبر رفح الحدودي بين القطاع وسيناء، مما فاقم من الأوضاع الإنسانية والمدنية المتدهورة أصلاً.

نتنياهو يحارب من أجل البقاء

ومن الحرب في غزة إلى تداعياتها على الداخل الإسرائيلي، وحكومة الحرب بقيادة نتنياهو، يقول آيلاند، إن ما تشهده إسرائيل منذ هجوم مقاتلي "حماس" عليها، يشبه إلى حد كبير ما حدث قبل 50 عاماً، حين شنت مصر وسوريا بمساعدة الدول العربية، هجومهما المفاجئ والواسع ضد إسرائيل في أكتوبر 1973، وما تلاه من تداعيات وارتدادات على الداخل الإسرائيلي.

ويوضح آيلاند "ما من شك أن ما حدث في السابع من أكتوبر، أثر بشكل مرعب في إسرائيل، وبالتأكيد هذا ما حدث بالضبط قبل نحو 50 عاماً وحرب 1973 المرعبة، حين شنت مصر وسوريا بشكل متزامن هجوماً على إسرائيل. في هذا الوقت، وليس بسبب حرب 1973، لكن بسبب الأخطاء والكوارث التي ارتكبتها الحكومة وكان القادة الإسرائيليون مسؤولين عنها، استقالت الحكومة، وأجريت انتخابات، وأصبح لدينا حكومة جديدة".

 

ويتابع، "هذا ما حدث قبل 50 عاماً. وبالمثل، أعتقد أن غالبية الإسرائيليين اليوم يؤمنون أن هذه الحكومة يجب أن ترحل، بسبب مسؤوليتها عما حدث في السابع من أكتوبر، وينبغي أن يكون لدينا انتخابات في أقرب وقت ممكن، واختيار أشخاص آخرين، هذا ما يدركه غالبية الإسرائيليين".

لكن وأمام هذه الحقائق من وجهة نظر آيلاند، فإنه يعود ويقول "رغم ذلك أعتقد أن الحكومة الحالية ورئيس الوزراء نتنياهو يريدون البقاء في السلطة، لكن لا أعتقد أنهم سيكونون قادرين على إصلاح الأخطاء التي حدثت خلال الأشهر الستة الماضية، فقدوا ثقة غالبية الإسرائيليين". ويمضي "أعتقد، ووفق رؤيتي العميقة لرأي غالبية الإسرائيليين، ومن جانب عديد من الجنود والعسكريين، الذين فقد بعضهم روحه أو أصيب في الحرب الأخيرة، فالحكومة الحالية لن تكون قادرة على الاستمرار، ودعني أقول لك إنه بنهاية العام، وعلى أقصى تقدير عام من الآن أي نهاية أبريل (نيسان) المقبل، ستكون لدينا انتخابات وحكومة جديدة".

هذه فلسفتي لخطة "التهجير" لسيناء

من بين الملفات التي كانت مطروحة على طاولة الحوار مع آيلاند، كانت الحديث حول خطته المثيرة للجدل في أوائل ألفينيات القرن الحالي، والمتعلقة بتوطين سكان غزة في سيناء المصرية، لا سيما بعد أن صعدت على الطاولة مجدداً خلال أشهر الحرب في غزة، مع تعالي الأصوات الرسمية وغير الرسمية في إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى سيناء، كأحد الحلول للتعاطي مع القطاع، وهو الأمر الذي رفضته القاهرة "جملة وتفصيلاً" واعتبرته "تهديداً مباشراً لأمنها القومي والقضية الفلسطينية وكذلك اتفاق السلام مع تل أبيب".

إذا رفضت الدول العربية إعادة إعمار غزة سنتركها كما هي ولا إمداد للقطاع بالماء والطاقة والوقود مجدداً

ويوضح آيلاند فلسفة تلك الخطة التي أطلقها عام 2000 وبنيت في الأساس على "مضاعفة مساحة غزة ثلاث مرات، وذلك بضم 600 كيلومتر مربع أو أكثر من سيناء لتوطين الفلسطينيين بقطاع غزة بها، مع منح قطاع غزة في حجمه الجديد إمكانية إنشاء مطار دولي على بعد 25 كيلومتراً مربعاً من الحدود مع إسرائيل، فضلاً عن بناء مدينة جديدة تستوعب مليون شخص في الأقل، يقول: "دعني أخبرك أمراً ما، لنفترض مثلاً أن زائراً وليكن قادماً من مجرة أخرى إلى هذه المنطقة من العالم، وأعطيته اختباراً لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. لو نظرت إلى الخريطة وتلك المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، التي يقطنها نحو 15 أو 16 مليون إنسان (إسرائيلي وفلسطيني) ستجد أنها شريط ضيق للغاية من الأراضي التي لا يمكن لها وبحسب أن تحمل كل هذه الأعداد من السكان للحياة عليها، بل تقسيمها إلى دولتين قابلتين للحياة، وهو الأمر الذي سيكون صعباً للغاية".

ويتابع: "لكن في المقابل إذا نظرت إلى الخريطة من السماء ستجد في الشرق الأردن، وهو دولة كبيرة المساحة، ولا يقطنها عدد كبير من السكان، وبها عديد من المساحات الفارغة، هذا الأمر الأول. الأمر الثاني لو نظرت إلى الجهة الجنوبية الغربية ستجد شبه جزيرة سيناء، التي تعادل مساحتها أكبر من أربعة أضعاف مساحة دولة إسرائيل، وعلى رغم ذلك لا يسكنها إلى الآن سوى نحو 500 ألف إنسان".

ويضيف: "لذلك وانطلاقاً من جوهر الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أو أحد أبرز النقاط الرئيسة للصراع، هو الأرض، على هذه المساحة الضيقة الموجودة بين نهر الأردن والبحر المتوسط وهي صغيرة جداً. لهذا ولربما إذا أرادت الدول المحيطة بنا، المساهمة أو الاستعداد للمساهمة في إيجاد حل، ودعنا نقول مساهمة صغيرة جداً ومتواضعة، أو إن صح التعبير دعنا نقول (مساهمة مناطقية بالأرض)، إضافة إلى مساهمات أخرى متعددة من إسرائيل والمجتمع الدولي، لربما في النهاية نعطي الفلسطينيين والإسرائيليين محفزات من أجل التوصل إلى حل أو اتفاق".

 

ويمضي في حديثه، "الآن، دعنا نتحدث تحديداً عن غزة، دعنا نفترض أنه غداً تمكنا من التوصل إلى اتفاق والوصول إلى حل الدولتين، سيكون من الصعب للغاية تنمية غزة وتطويرها وجعلها مكاناً حيوياً صالحاً للحياة، إذ إنها صغيرة للغاية، وبكثافة سكانية ضخمة، ومعدلات زيادة سكانية كبيرة، وليس هناك أماكن بها أو مساحات لإقامة مجمعات صناعية أو موانئ بحرية أو مطارات أو أشياء من هذا القبيل. من أجل هذا جرى التفكير في نوع ما من المقايضة المتعددة الأطراف على مستوى المنطقة". مشدداً على أنه خطته لم تكن "من أجل إيذاء المصريين أو الدفع في هذا الاتجاه. وعلى أي حال، أعتقد أن هذه الخطة لم تعد على الطاولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول ما إذا كان ناقش تفاصيل تلك الخطة مع مسؤولين عرب أو مصريين، وقت رئاسته مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بين عامي (2004 و2006)، رد آيلاند "لم أفعل ذلك، ولربما كان هذا خطئي، كان علي أن أقوم بهذا كخطوة أولى. لكن، دعني أوضح لك أمراً ما، في عام 2004، عندما كنت على رأس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، التقيت في واشنطن الصحافي الشهير في (نيويورك تايمز) توماس فريدمان، وعرضت عليه هذه الخطة التي تتضمن المقايضة المتعددة الأطراف من قبل بعض الدول في المنطقة، فأعجب بها كثيراً، وقال لي، وللعلم ما قاله هذا دعمني فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون، قال فريدمان لي: (انظر، أعطني هذه الخريطة، وسأذهب فوراً إلى مصر). وهنا سأقتبس كلام فريدمان نصاً: (سأذهب إلى مصر ليس لإقناع الرئيس المصري حسني مبارك بقبولها، بل سأقنع مبارك أن تكون هذه خطته)، هذا ما قاله لي توماس فريدمان حينها".

وفي رده على استحالة قبول دول المنطقة حل القضية الفلسطينية على حسابهم ودولهم، فضلاً عن أنها تخالف القرارات التي أقرتها الشرعية الدولية في ما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية والاعتراف بحدودها دولتها، ما قبل الخامس من يونيو (حزيران) 1967، "لا، ليس كذلك. من المهم الإشارة هنا إلى أن أي شيء من هذا القبيل أو غيره لا بد أن تتوافق في شأنه حكومات الدول الأطراف، وعليه فإن الحكومات تلك يمكنها اتخاذ أي قرار تراه مناسباً إذا حدث توافق، وهذا الأمر يتماشى كلياً مع القانون الدولي".

وأمام عودة تلك المخاوف الآن وتجددها مع احتمالات قرب عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ما يهدد النازحين الفلسطينيين إليها ويدفعهم باتجاه مصر، قال آيلاند "أتفهم مخاوف القاهرة في هذا الشأن، بل أؤكد أنه لا ينبغي أن تكون لإسرائيل أية نيات لدفع سكان غزة بالإجبار خارجها باتجاه مصر. أتفهم جيداً مدى الحساسية المصرية من هذا الأمر، هذا بالتأكيد سبب معقول بالنسبة إلى مصر لطرحه، في حالة نفذنا عملية عسكرية واسعة في رفح. مرة أخرى، أود أن أقول إنني لست داعماً لمثل هذه العملية الواسعة في رفح، بل أفضل وأدعو إلى إنهاء الحرب مقابل الإفراج عن الرهائن".

وتابع مشدداً "بالتأكيد، أنا ضد تهجير سكان غزة أو دفعهم إلى الرحيل، وكذلك ضد أي تهجير أو فعل شيء ما يمس السيادة المصرية. وعلى رغم ذلك وبالرجوع إلى خطتي السابقة لو كان هذا جزءاً من اتفاق ما يتفهمه الجميع ومتفق عليه في شأن توسيع مساحة غزة عبر اقتطاع جزء من الأرض المصرية، بالتأكيد هذا أمر سأكون سعيداً في شأنه".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات