Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعب المزمن عقب الإصابة بالأمراض يسلم مفاتيح أسراره

دراسة تكشف نقاط تقاطعه مع اضطرابات في الدماغ والمناعة

تشير الدراسة الجديدة إلى أن التعب المزمن قد ينبع من عدم الانسجام بين توقعات المرء لقدراته وبين أدائه البدني (غيتي)

ملخص

دراسة حديثة تعمقت في تقصي أسباب متلازمة التعب المزمن عقب الإصابة بالأمراض، وردت ذلك إلى اضطرابات في أعمال الدماغ وجهاز المناعة، ما قد يفتح الباب أمام علاجات فاعلة لتلك الظاهرة

تبيّن للباحثين وجود تغيرات في الدماغ وجهاز المناعة لدى المصابين بمتلازمة التعب المزمن الذي يعقب الإصابة بالأمراض.

إذ عثروا للمرة الأولى، على أدلة تشير إلى رابط بين اختلالات او اضطرابات في الدماغ وبين "الألم العضلي بعد التهاب الدماغ والنخاع الشوكي/ متلازمة التعب المزمن"، post-infectious myalgic encephalomyelitis/chronic fatigue syndrome  اختصاراً PI-ME/CFS "بي آي- أم إي/ سي أف أس". [يعني ذلك أن جهاز المناعة يصاب بحال من الإفراط في النشاط، ما يخل بعمله ويؤدي به إلى توجيه مكونات مناعية بشكل خاطئ كي تضرب الدماغ وأعصاب في النخاع الشوكي، فتصاب بحالة التهابية مزمنة، تشبه التهاب المفاصل المزمن وتولّد التعب المزمن للدماغ والجسم].

وكذلك عثر الباحثون أنفسهم على فوارق واضحة بين الرجال والنساء حين الإصابة بتلك الحالة.

وتشمل أعراض تلك الظاهرة التعب المفرط ومعاناة مشكلات في النوم وصعوبة في التركيز.

وقد تصيب تلك الحال أي شخص بما في ذلك الأطفال، لكنها أكثر حدوثاً بين النساء، وتميل إلى الظهور في من تتراوح أعمارهن بين منتصف العشرينيات ومنتصف الأربعينيات.

لقد تعرفنا إلى نقطة فيزيولوجية أساسية للتعب الذي يصيب هذه الشريحة من الناس   

د. برايان واليت

 

ولا يزال السبب وراء حدوث متلازمة "أم إي/ سي أف أس" مجهولاً، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن التعب المزمن قد ينبع من عدم الانسجام بين توقعات المرء لقدراته وبين أدائه البدني، أكثر من كونه ناجماً عن الإرهاق الجسدي أو غياب الحافز المناسب.

إذ أظهرت المسوحات الطبية أن من يعانون "أم إي/ سي أف أس" لديهم انخفاض في فاعلية منطقة قريبة من القسم الخلفي للدماغ، ما قد يسبب التعب عِبْرَ خلخلة الطريقة التي يقرر بها الدماغ كيفية تحريك نشاط الجسم.

كذلك أظهرت تحاليل السوائل التي تحيط بالنخاغ الشوكي [وهي متخالطة ومتمازجة مع سوائل تحيط بالدماغ وتسري في دواخله]، وجود مستويات منخفضة من الجزيئات الكيماوية التي تنهض بمهمة تنظيم عمل الجهاز العصبي لدى من يعانون "أم إي/ سي أف أس"، بالمقارنة مع نظرائهم من الأصحاء.

ويترافق انخفاض مستويات تلك المواد الكيماوية في سوائل النخاع الشوكي والدماغ، مع تدهور في الأداء الحركي، والسلوك المتصل بالجهد وأعراض إدراكية عدة.

مدير "المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية" التابع لـ"معاهد الصحة الوطنية" الأميركية، الدكتور والتر كوروشيتز، ذكر في تعليق على تلك الدارسة أن "هنالك مصابين بـالتهاب الدماغ والنخاع الشوكي/ متلازمة التعب المزمن، يعانون من أعراض منهكة فعلاً، لكن الكشف عن الأساس البيولوجي لتلك المعاناة واجه صعوبة كبيرة. ولقد عثرت هذه الدراسة المعمقة التي شملت مجموعة صغيرة من الناس، على عدد من العوامل التي يرجح أنها تسهم في حدوث "أم إي/ سي أف أس" لديهم. والآن، باتت لدى الباحثين الفرصة للتحقق من مدى انطباق تلك المعطيات على مجموعات أكبر من المرض، ثم التقدم خطوة أخرى إلى الأمام بغية التعرف إلى علاجات تستهدف المحركات الأساسية لذلك المرض".

وكذلك ورد في الدراسة التي نُشرت في مجلة "نايتشر كوميونيكايشنز" Nature Communications ، أنه طُلب من الأشخاص الذين شملهم البحث، اتّخاذ مجموعة قرارات عن الانخراط في نشاطات جسدية تتضمن بعض الخطورة.

بدا أن هناك فارقاً كبيراً بين بيانات الرجال والنساء، ويدلك ذلك على أن "أم إي/ سي أف أس" ليس لديه نمط واحد يتكرر لدى الجميع. 

د.أفيندرا ناث

 

واستطراداً، رصدت الدراسة أن المصابين بـ"أم إي/ سي أف أس" يعانون صعوبات في حسم خيارات تتعلق بإنجاز مهمات مُجهِدة وتتطلب الاستمرار في بذل الجهد.

ثمة منطقة في الدماغ تتولى إدارة حركة الجسم، استمرت أيضاً في إظهار نشاط غير طبيعي أثناء إداء المهمات المُجهِدَة. ومن المثير للاهتمام، أنه على رغم ذلك، لم تكن هناك مؤشرات على إرهاق العضلات، ما يوحي بأن التعب الذي يعاني منه مرضى "أم إي/ سي أف أس" قد يعزى إلى خلل وظيفي داخل مناطق الدماغ التي تتحكم في الجسم لأداء نشاط حركي، وتوجهه أثناء ذلك أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ذلك الصدد، علق الطبيب والباحث المشارك في "المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية" والمؤلف الرئيس للدراسة برايان واليت قائلاً: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أننا ربما حددنا مركزاً فسيولوجياً للإرهاق لدى الأفراد الذين يعانون من ’أم إي/ سي أف أس’. إن ذلك التعب المزمن قد ينبع من عدم التوافق بين قدرات الفرد المتصورة وأدائه البدني الفعلي، لا من الإرهاق الجسدي أو غياب الحافز المناسب".

وفي البحث نفسه، عثر الباحثون على فوارق مناعية بين الرجال والنساء ممن يعانون تلك الظاهرة. وبحسب آفيندرا ناث، المدير العيادي في "المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية" والمؤلف الرئيس لتلك الدراسة، "لقد تبدى فارق كبير بين بيانات الرجال والنساء، ويدلك ذلك على أن "التهاب الدماغ والنخاع الشوكي/ متلازمة التعب المزمن" ليس لديه نمط واحد يتكرر لدى الجميع. ومع تذكر الفوارق المناعية بين الذكر والأنثى لدى الإصابة بحالة "أم إي/ سي أف أس"، قد تفتح نتائج الدراسة مجموعة من الطرق الجديدة أمام بحوث قد تعطي رؤية عن أمراض مزمنة أخرى مرتبطة بالالتهابات".

وقد أظهرت الفحوص المناعية أن المصابين بـ"أم إي/ سي أف أس" لديهم مستويات مرتفعة من خلايا معينة مهمتها مساعدة جهاز المناعة على مكافحة الأمراض، بالمقارنة مع الأصحاء.

وبالتالي، ثمة حاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد العلاقة بين تلك المكونات المناعية والاضطراب في عمل الدماغ وكذلك التعب المرافق لحالة "أم إي/ سي أف أس".

قدمت الدراسة رؤية واسعة عن "أم إي/ سي أف أس" حينما تظهر عقب الإصابة بالتهابات بكتيرية أو فيروسية، عبر استعمال تقنيات فائقة التطور في فحص 17 شخصاً عانوا "الألم العضلي بعد التهاب الدماغ والنخاع الشوكي/ متلازمة التعب المزمن" لما يقل عن خمس سنوات، إضافة إلى 21 شخصاً من الأصحاء.

المزيد من صحة