Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسائل زيارة السوداني لتحصينات خط الثرثار العراقية

مخاوف الحكومة من عودة "داعش" مجدداً وتعزيز الأمن في المنطقة تحسباً لانسحاب القوات الأميركية

مراقبون يتوقعون أن زيارة رئيس الوزراء كانت لاستقصاء الحقائق في المنطقة من طريق الجو (أ ف ب)

ملخص

 ما الرسائل التي بعثها السوداني بزيارة تحصينات خط الثرثار؟

أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الإثنين الماضي جولة جوية وميدانية تفقد خلالها خط وادي الثرثار الاستراتيجي الممتد من صحراء صلاح الدين وصولاً إلى غرب نينوى وجنوبها.

وتأتي جولة السوداني في ظل المخاوف من عودة تنظيم "داعش" نشاطه في المناطق الرخوة من العراق، لا سيما على طول هذا الخط الذي يمتد طوله 108 كيلومترات من محافظة صلاح الدين نحو منطقة الحضر وصولاً إلى قاطع غرب نينوى.

ويرتبط بالخط الأمني الحيوي الآخر، الممتد من الصينية بمحافظة صلاح الدين إلى حديثة بمحافظة الأنبار، ويمثل العمق الاستراتيجي للحدود العراقية السورية وتأمين المدن في تلك المحافظات، كما يؤمن عودة سكان القرى إلى مناطقهم ومزاولتهم أعمالهم المعيشية، وسبق أن استخدمه "داعش" ممراً للتسلل للقيام بعمليات ضد القوات الأمنية والأهالي.

وعملت وزارة الداخلية العراقية على إنجاز مجموعة من التحصينات لضمان أمن الحدود العراقية مع سوريا منها إنشاء جدار خرساني عازل بطول 160 كيلومتراً وبارتفاع ثلاثة أمتار على الشريط الحدود الغربي مع سوريا في منطقة القائم شمال الفرات لتعزيز أمن الحدود ومنع تدفق المسلحين عبر الحدود السورية - العراقية.

وقال السوداني خلال لقائه القادة الأمنيين وبعد تفقده عدداً من ألوية الجيش و"الحشد الشعبي" على طول هذا الخط ومتابعة والاطلاع على التحصينات الموضوعة في المنطقة إن "زيارته لمتابعة موضوع الساتر والتحديات الأمنية".

وبين السوداني "نحن أمام استحقاق بإنهاء وجود التحالف الدولي وبعدها المفترض أن يكون لدينا الإمكانية والحسابات لكل مكامن الخلل إن وجدت أو المنافذ والتحديات الأمنية".

وتتزامن جولة السوداني في ظل مطالبات بعض القوى السياسية الشيعية والفصائل المسلحة العراقية بانسحاب القوات الأميركية من العراق، وتساؤلات حول قدرة القوات الأمنية على الإمساك بزمام الأمور وإمكانية أن تمنع أي خرق أمني يقوم به "داعش".

الأمن مستتب

ويرى الباحث في الشأن السياسي علي بيدر أن زيارة السوداني لحدود الثرثار أراد بها أن يطمئن الجميع أن الأمن مستتب في العراق، وإعطاء جرعة معنوية للتشكيلات المسلحة في تلك المنطقة.

وأضاف بيدر "كان هناك نشاط لتنظيم (داعش) خلال الأسابيع الأخيرة، وكانت هناك خطة للقوات المسلحة العراقية بزرع خط أمني جديد خارج حدود المدن ومفترقات الطرق، لكي يحجم من نشاط التنظيم الذي يستغل وجود رعاة الأغنام في إرباك المشهد الأمني".

وأشار بيدر إلى أن القوات الأمنية العراقية استطاعت عزل التنظيم من خلال الخطة الأمنية وإدخال رعاة الأغنام داخل خط الصد، من ثم سيطرت بشكل مطلق على الخط، لافتاً إلى أننا شهدنا نشاطاً مسلحاً لـ"داعش" في أكثر من منطقة خلال ارتباك المشهد في منطقة الشرق الأوسط.

وأكد المحلل السياسي أن العراق يمتلك كثيراً من الإمكانات لإثبات استقراره على المستوى الأمني، لافتاً إلى أن البلاد تخطت المعضلة الأمنية التي واجهتها خلال المرحلة السابقة، وتعمل حالياً لتحديث خططها وبرامجها لمنع حدوث أي خروقات أمنية، لا سيما في المناطق الصحراوية أو شبه الصحراوية.

وخلص بيدر بالقول إن السوداني أراد أن يبعث رسالة مفادها أن جميع التشكيلات التي تمسك المنطقة خاضعة للقائد العام للقوات المسلحة، والجميع يأتمر بإمرته ويتلقى التعليمات والتوجيهات من قيادة العمليات المشتركة، وأن يكون القرار خاصاً بالدولة وليس لفئة أو فصيل مسلح.

تحوط أمني

فيما اعتبر المستشار السابق صفاء الأعسم أن القائد العام للقوات المسلحة يتفقد أكثر المناطق خطورة التي كان يتحرك فيها "داعش"، تحوطاً لأي انسحاب أميركي وعودة التنظيم مجدداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف الأعسم "زيارة القائد العام للقوات المسلحة خطوط الثرثار التي تضم محورين، الأول يمتد من شرق صلاح الدين مروراً بالحضر وإلى غرب وجنوب الموصل، والخط الثاني من صلاح الدين إلى قضاء الصينية والأنبار"، مشيراً إلى أن هذين الخطين هما أكثر المناطق خطورة لأن "داعش" يتحرك.

ولفت إلى أن هناك أكثر من تصريح أميركي عالي المستوى يشير إلى أن "داعش" سيعود في حال انسحاب القوات الأميركية، إذ إن التنظيم لم ينته من العراق، ومن ثم نعود إلى المربع الأول.

سد الثغرات

وبين المستشار السابق أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لديها أكثر من ستة سجون لحجز الدواعش، وقوات سوريا الديمقراطية تتبع الجانب الأميركي، ونتخوف أن تخترق "داعش" الحدود العراقية، ولذلك كانت الزيارة للواء 44 "حشد شعبي" وإلى فرقة 21 الماسكة قواطع العمليات وسد الثغرات بين تلك الوحدات خوفاً من تحرك "داعش".

وأوضح الأعسم أن الخطوات التي تتخذها القوات الأمنية هي العمل على بناء سواتر وصبات كونكريتية وغلق الحدود بين العراق وسوريا، وهذا الخط الذي يمتد لمسافة 110 كيلومترات يجب أن يسيطر عليه كلياً، ولذلك بدأت خطوات استباقية لاحتمالية انسحاب أميركي وخوفاً من عودة نشاط "داعش" مجدداً.

استقصاء للحقائق

فيما أشار مدير مركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية معتز محيي عبدالحميد إلى أن رئيس الوزراء أراد أن يستقصي الحقائق عن تلك المناطق ومدى قدرات القوات الأمنية العراقية في مجابهة "داعش" إذا ما نهض من جديد.

وأضاف عبدالحميد "بعد الضربة الأميركية الأخيرة التي استهدفت أحد قيادات (حزب الله) وردود الفعل من الجماعات المسلحة العراقية من تلك الضربة ودعوة بعض أعضاء البرلمان بعقد جلسة خاصة لإصدار قرار رفض وجود القوات الأجنبية في العراق، كل ذلك دفع رئيس الوزراء إلى استقصاء الحقائق عبر زيارة تلك المناطق من طريق الجو".

وأوضح مدير مركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية أن هذه المنطقة تشهد تسلل ووجود المسلحين لفترة طويلة، خصوصاً مناطق الثرثار وضفاف نهر دجلة ومكصيصة وجنوب صلاح الدين وكركوك، مبيناً أنها بقعة موبوءة بالجماعات المسلحة، إذ يرصد المسلحون القوات الأمنية ويجابهونها بين الحين والآخر.

 ولفت عبدالحميد إلى أنه لم تحدث عمليات هجومية ضد القوات الأمنية أخيراً، ولكن نجد ممارسات وفعاليات عسكرية تقوم بها وحدات تابعة لوزارة الدفاع ولإلقاء القبض على بعض المسلحين.

 

رسالة إلى واشنطن

ويرى المتخصص الاستراتيجي أن هذه الجولة تسبق زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء للولايات المتحدة الأميركية من خلال وفد عسكري واقتصادي واستثماري، مشيراً إلى أنها رؤية جديدة للعراق ممكن أن يستعيض بخبرة أميركية استخباراتية لبعض المناطق، وهذا الرأي المطروح حالياً من بعض القيادات والقوى السياسية، لأن العراق لا يحتاج إلى القوات في أربيل والمناطق الغربية من البلاد.

واعتبر عبدالحميد أن هناك رسالة من الزيارة للأميركان، مفادها أن العراق مهتم بالجانب الأمني، وأن رئيس الوزراء لا يعتمد على التقارير الأمنية وإنما يقوم بزيارات ميدانية للمناطق الساخنة، مشدداً على أن تلك المناطق تحتاج إلى وجود أمني بفضل تضاريسها التي تشمل ضفاف أنهار وجداول ومياه ومستنقعات، ومن ثم لا تعتمد على الدروع والمعدات العسكرية السريعة وإنما إلى وجود هذه القوات باستمرار.

المزيد من تقارير