Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وليد جنبلاط ونائبه وميشال شيحا بينهما

ليس الوصف وحده في غير مكانه فلبنان كله أصبح في غير مكانه

جنبلاط يعتذر عما أدلى به واصفاً فيه خيار "لبنان أولاً" بالسخيف متمنياً "اعتبار هذا الوصف في غير مكانه" (رويترز)

ملخص

فجأة اعتلى المنبر نائب اشتراكي وبدأ هجومه من دون سابق تصور على ميشال شيحا

في المعتاد، تنقل القنوات اللبنانية جلسات الهيئة العامة لمجلس النواب، خصوصاً جلسات مناقشة الموازنة. يجمع اللبنانيون أن خطابات النواب يكون فيها الكثير من افتعال الطرافة أو افتعال البطولات، والجلسة الأخيرة أضافت "افتعال الفهم".

فجأة اعتلى المنبر نائب اشتراكي وبدأ هجومه، من دون سابق تصور، على ميشال شيحا. المشكلة ليست في النقد ولكن في اختصار ميشال شيحا بأنه مؤسس "جمهورية التجار". ولمن لا يعرف، شيحا أحد أهم المفكرين اللبنانيين الذين أرسوا القواعد الدستورية والاقتصادية للدولة اللبنانية. هو فيلسوف صيغة العيش المشترك بين الطوائف اللبنانية ومنظّر الليبرالية. وعندما يقال لبنان كان جامعة ومستشفى ومصرف الشرق الأوسط فلأن ميشال شيحا هكذا رآه وعمل له.

النائب الاشتراكي أراد أن يدين مرحلة وشخصاً في وقت يترحم اللبنانيون على تلك المرحلة وذلك الشخص، ويلعنون ما ابتلوا به من انهيارات على الصعد كافة. وهذا الشخص كان صاحب فلسفة وتأثر به مفكرون كبار منهم رؤساء جمهورية مشهود لهم بسعة الثقافة، ولكن النائب المتحذلق لم يجد له مأثرة. هو كان بدأ خطبته بتحية إلى فلسطين ومعاناة أهلها، وفاته أن ميشال شيحا كان من أوائل المحذرين من قيام دولة إسرائيل لأنه عدّ الصهيونية النقيض للفكرة اللبنانية. وهكذا جلب هذا النائب وصمة التحامل لنفسه. فبدلاً من أن يستشهد برؤيوية شيحا والزمن زمن غزة، لم يرَ هذا الباب العريض ودخل من طاقة ضيقة لا توصل إلى مكان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المؤسف أيضاً أن أحداً من النواب لم يكلّف نفسه الرد على إقحام شيحا في الخطبة العصماء. لو أخذ نائب المبادرة لارتقى النقاش تحت قبة البرلمان إلى مستويات فكر وفلسفة، ولكن هذا زمن ولى، فالجلسات على الهواء مباشرة تحتاج إلى صراخ وندب وتهريج. في محاضرة لميشال شيحا عنوانها "لبنان في شخصيته وحضوره" عسى أن يقرأ حضرة النائب، وهو من الطائفة الدرزية الكريمة، هذا المقطع "إن قرانا المختلطة، تلك التي تضم مثلاً دروزاً ومسيحيين، متآخين والحمدلله، لتبدو غالباً أصلب من قرانا التي لا تشتمل إلا على دروز لوحدهم أو مسيحيين. إن الحياة الخشنة تطبع الشعب بطابع حاسم. فهي تنشئه على المناقبية وتحنكه. وهي تشدد العزائم وتَجُدُّ في جعل الإنسان إنساناً وتُجيد".

هذا كلام لا مكان فيه لـ"جمهورية تجار" استنبطها النائب بارتجال وقلة دقة. وتوالت فصول "السورياليات اللبنانية" حين انبرى وليد جنبلاط وهو رئيس هذا النائب وردّ عليه على منصة "إكس" وكتب "لست أفهم ما هي العلاقة بين ميشال شيحا وأزمة الاقتصاد اللبناني وربما العالمي اليوم".

أغلب وسائل الإعلام نقلت التغريدة ولم تعلّق، فعلى غالب الظن لم تلتقط الإشارات بين النائب ورئيسه. بعد تغريدة التقريع بين جنبلاط ونائبه، تراجع الزعيم الدرزي عن وصفه خيار "لبنان أولاً" بالشعار السخيف. هذا الشعار تبنته أحزاب "حركة 14 آذار"، قبل انفراط عقدها.

علماً بأن خروج جنبلاط من هذه الحركة الوطنية، عام 2009، كان من أهم أسباب تفككها. فعلى حسابه أيضاً في منصة "إكس" كتب جنبلاط "في الحديث الذي أدليت به إلى جريدة الأخبار وصفت فيه خيار "لبنان أولاً" بالسخيف الأمر الذي يجعلني أتنكر لحقبة مهمة من تاريخي، لذا أتمنى اعتبار هذا الوصف في غير مكانه".

ليس الوصف وحده في غير مكانه، لبنان كله أصبح في غير مكانه.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل