Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الولايات المتحدة تحوم حول مقاعد فرنسا "الشاغرة" بأفريقيا

بلينكين يزور 4 دول لمجابهة النفوذ الروسي- الصيني في القارة ويقدم لأنظمة الانقلابات نموذجاً ديمقراطياً بساحل العاج

الولايات المتحدة تريد تقديم ساحل العاج لدول افريقيا كنموذج ديمقراطي (رويترز)

ملخص

الولايات المتحدة أمام تحدٍ صعب لترسيخ نفوذها في أفريقيا... فما هي خططها؟

في الوقت الذي لم يعد فيه خافياً على الجميع التقدم الذي تُحرزه روسيا والصين في أفريقيا، بدأت الولايات المتحدة الأميركية تُركز جهودها على التصدي لذلك من خلال تقديم نماذج ديمقراطية لأنظمة في المنطقة مثل ساحل العاج مع وعود بتعزيز التعاون في مجالات أخرى.

ويقوم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بزياة أربع دول أفريقية في مسعى إلى مواجهة النفوذ الروسي والصيني وملء الفراغ الذي تركه انسحاب فرنسا التي غادرت مواقعها مُكرهة بعد تصاعد الرفض الشعبي والرسمي لحضورها في دول عدة منها بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

الجامع المشترك بين هذه الدول أنها شهدت انقلابات عسكرية أطاحت أنظمتها الحاكمة والتي كانت موالية لفرنسا، لذلك تركز الولايات المتحدة على هذه النقطة حيث أشاد بلينكن بنموذج ساحل العاج بقيادة الرئيس المخضرم الحسن واتارا.

موثوقية أميركية

وشملت زيارة بلينكن إلى أفريقيا أربع دول هي الرأس الأخضر وساحل العاج ونيجيريا وأنغولا وجميعها تقع غرب القارة، وتجمع متناقضات عدة أبرزها أنها غنية بالثروات لكنها تغرق في فقر مدقع وأزمات اقتصادية حادة.

وتبنت هذه الدول وخصوصاً ساحل العاج موقفاً متشدداً تجاه الانقلابات التي عرفتها الدول المجاورة الواقعة في الساحل الأفريقي لا سيما النيجر عندما أطاح الجيش بالرئيس محمد بازوم حليف فرنسا والغرب الموثوق من السلطة.

الباحث السياسي المتخصص في الشئون الدولية والأفريقية، إيفاريست نغارليم تولدي، اعتبر أن "الولايات المتحدة قوة عظمى وستبقى، وأن الحراك الدبلوماسي لبلينكن كان سيتم سواء بسبب النفوذ الروسي والصيني أو التركي أيضاً".

وتابع تولدي "اللافت أن الولايات المتحدة اليوم لم تعد تأخذ في الاعتبار تأثير هذه الدولة أو تلك على القارة الأفريقية، فما يهمها هو ضمان مكان لها وهو أمر حاصل، فعلى سبيل المثال مجموعة (فاغنر) شبه العسكرية الروسية موجودة في جمهورية أفريقيا الوسطى، وعلى رغم ذلك نجحت واشنطن في إيجاد مكان لها هناك".

وأوضح الباحث السياسي أن الأمر نفسه ينطبق على النيجر، إذ إن "الولايات المتحدة قادرة على إيجاد مكان لها في نيامي على رغم انسحاب القوات الفرنسية".

تعزيز النفوذ

والأسئلة التي تُخامر المتابعين للتطورات في القارة الأفريقية تتمحور حول تعزيز نفوذ الولايات المتحدة سيكون على حساب فرنسا التي مُنيت بانتكاسات متتالية في هذه القارة المأزومة أمنياً واقتصادياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونجحت فرنسا طوال عقود في تثبيت حضورها من بوابة محاربة الجماعات الإرهابية التي زادت الأوضاع في دول الساحل الأفريقي في تقوية شوكتها حيث تسيطر على مساحات شاسعة.

وقال تولدي "لا أعتقد أن الحضور الأميركي سيكون على حساب فرنسا وإرثها في هذه القارة، فهما حليفان حتى داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لذلك لا أتوقع أن يكون هناك تصادم بين الطرفين في أفريقيا بل العكس سيكون هناك تعاون لوقف تقدم روسيا والصين".

معركة قوية

ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تنافساً محموماً بين القوى الدولية على أفريقيا، حيث بدأت المؤشرات تلوح في الأفق، فبينما كان بلينكن يقوم بجولة في هذه القارة استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس الانتقالي لتشاد الجنرال محمد إدريس ديبي إنتو، حيث لم يخف الطرفان الرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية ما يهدد بسقوط إنجامينا في فلك النفوذ الروسي المتعاظم في القارة.

بدوره، قال المحلل السياسي التونسي المتخصص في الشؤون الدولية، نزار مقني إن ''أفريقيا تكتسي أهمية كبيرة في المعركة الجيوسياسية الجديدة على المستوى العالمي، ذلك أن الولايات المتحدة تضع عدة رهانات تجاه هذه القارة بعد انسحاب حلفائها الأوروبيين وخصوصاً فرنسا".

وأوضح مقني أن "واشنطن ترى أنها الأنسب والطرف الموضوعي الذي سيملأ الفراغ الذي تركه الانسحاب الفرنسي"، لافتاً إلى أنها تروج لذلك وأن "بلينكن أراد من خلال هذه الزيارة التأكيد على أن بلاده ستكون حاضرة بقوة في أفريقيا في المرحلة المقبلة".

وتساءل المتحدث "كيف سيكون هذا الحضور؟ قد يكون عسكرياً وأمنياً أو بلعب ورقة الاستثمارات والاقتصاد، بخاصة أن الثروات في هذه القارة تمثل اليوم عصب هذه المعركة بين القوى الدولية في وجود مواد أولية تصلح للصناعات الحديثة مثل الليثيوم ومواد تصلح لصناعة البطاريات ومواد منجمية مهمة لصناعة الرقائق وغيرها".

استعادة الزخم

وتسعى الولايات المتحدة إلى استعادة الزخم في علاقاتها مع الدول الأفريقية بعد انشغالها بالتصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، خصوصاً أن الرئيس جو بايدن سبق وأن استقبل القادة الأفارقة في 2022 ووعد بزيارة القارة السمراء في 2023 لكنه لم يف بوعده.

وتملك الولايات المتحدة قواعد عسكرية في عدة دول من القارة حتى تلك التي باتت حليفة اليوم لروسيا، ففي النيجر مثلاً تحتفظ واشنطن بثلاث قواعد عسكرية تستخدمها في شن هجمات ضد أهداف إرهابية.

وقال مقني إنها ''سوف تكون معركة قوية وواضحة، وأن اللعبة ستكون أمنية واستخباراتية وعسكرية أو اقتصادية حيث تسعى واشنطن لإنشاء المزيد من القواعد العسكرية مع تنامي حضور روسيا في بوركينا فاسو والنيجر ومالي''.

وفي خضم دخول عدة لاعبين إقليميين معركة النفوذ في القارة الأفريقية على غرار إيران وتركيا وروسيا والصين، فإنه من غير الواضح ما إذا ستنجح الولايات المتحدة في الحفاظ على مصالحها وتعزيز حضورها في أفريقيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير