Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قضية "تفجير مرفأ بيروت" تهدد وحدة "قصر العدل" اللبناني

تقاعد المدعي العام التمييزي يشعل الخلافات السياسية وانقسامات حادة بين مؤسسات السلطة القضائية

قضية تفجير مرفأ بيروت باتت محور التجاذبات المرتبطة بتكليف المدعي العام التمييزي المقبل (رويترز)

ملخص

بعد 4 سنوات على تفجير مرفأ بيروت لا تزال القضية بعيدة من مسار العدالة، ولا سيما بعد إطلاق سراح جميع الموقوفين ووقف العمل بمذكرات التوقيف الصادرة في حق المتهمين الرئيسين

يبدو أن "قصر العدل" في لبنان مقبل على أزمة كبيرة بعد إحالة المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات إلى التقاعد في الـ22 من فبراير (شباط) المقبل، إذ تحتدم الخلافات حول خلفه الذي سيشغل الموقع بالإنابة أسوة بجميع المواقع الإدارية والقضائية والأمنية التي تشغر وعدم إمكانية تعيين موظفين أصيلين في ظل شغور موقع الرئاسة وحكومة تصريف الأعمال.

وتشهد "السلطة القضائية" انقسامات حادة بين مؤسساتها برزت إلى العلن بصورة واضحة في الصراع بين النيابة العامة التمييزية والمجلس العدلي فيما يسعى مجلس القضاء الأعلى إلى ضبط الخلافات والتخفيف من تداعياتها على مجرى العدالة في وقت باتت فيه الصراعات السياسية في البلاد تتداخل بجميع المؤسسات، ومن ضمنها القضائية والأمنية.

مرحلة مفصلية

وكشف مصدر قضائي رفض ذكر اسمه عن أن قضية تفجير مرفأ بيروت باتت محور التجاذبات المرتبطة بتكليف المدعي العام التمييزي المقبل، إذ تحاول القوى السياسية التي أسهمت في عرقلة تحقيقات المرفأ وكف يد المحقق العدلي طارق البيطار عن التحقيقات أن يكون مقرباً منها في حين يرفض مجلس القضاء الأعلى تسييس التعيين وتحويله إلى موقع ينفذ أوامر سياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رأيه فإن القضاء يمر بمرحلة خطرة ومفصلية، وفي حال نجاح "السلطة" بتعيين قاضٍ يعمل لصالحها، وليس للعدالة، فإن لبنان مقبل على جو من "القمع" وتقييد للحريات واستمرار لمسار التفلت من العقاب واستسهال تجاوز القوانين، في حين ستتغير الأمور بصورة جذرية في حال أعطي القضاء حقه كسلطة مستقلة عملاً بالدستور الذي ينص على الفصل بين السلطات.

ويشير إلى أن قرار المحامي العام التمييزي المدعي العام لدى المجلس العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي صبوح سليمان استرداد مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في حق كل من وزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس ووزير المالية السابق وعضو البرلمان الحالي علي حسن خليل في سبتمبر (أيلول) 2021، تأتي استكمالاً لإجراء النائب العام التمييزي خلال شهر فبراير 2021 وقضى بإطلاق سراح الموقوفين في ملف المرفأ، من ثم العمل على تفريغ الملف من مضمونه.

ترهيب القضاء

في المقابل تشير مصادر النيابة العامة التمييزية إلى أن إجراء القاضي صبوح سليمان قانوني ويستند إلى اتفاقات حقوق الإنسان التي وقع عليها لبنان، معتبرة أن استمرار ملاحقة مواطنين إلى أجل غير مسمى يتعارض مع حقوق الإنسان، ولا سيما في ظل توقف التحقيقات خلال السنوات الأربع الماضية. وأكدت أن خلفيات القرار قانونية وإنسانية ولا ترتبط بأي صورة من الصور بأي سياق سياسي، معتبرة أن الحملات التي يتعرض لها القضاء هي لترهيب القضاة ومنعهم القيام بواجبهم ودورهم بتحقيق العدالة.

إسكات "طوق"

وكان الإعلامي رياض طوق قد نشر على منصة "أكس" مقطعاً مسجلاً له يتحدث فيه عن أن "القاضي صبوح سليمان قبض أثماناً مقابل القرار الذي أصدره". وقال طوق إن "الثمن الذي قبضه القاضي هو إجراؤه تحويلاً مصرفياً عام 2020 بقيمة 100 ألف دولار إلى مصرف في سويسرا لحساب ابنه"، وتحدث عن "تواطؤ بين القاضي والمصرف"، مهدداً بأن لديه وثائق تثبت أقواله.

إلا أن القاضي سليمان تقدم بشكوى شخصية أمام النيابة العامة التمييزية ضد طوق بجرائم القدح والذم والتشهير طالباً توقيفه واستجوابه وإحالته إلى المحكمة المتخصصة للمحاكمة وإلزامه بدفع تعويض مادي قدره 200 ألف دولار كبدل عطل وضرر، كما تقدم أمام قاضي الأمور المستعجلة بـ"أمر على عريضة" لمنع طوق من بث ونشر أي مستندات كان الأخير قد توعد بنشرها.

القضاء بوجه العدالة

ورداً على قرار وقف تنفيذ مفاعيل مذكرة التوقيف الصادرة عن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يؤكد وليام نون شقيق ضحية مرفأ بيروت جو نون أن مكتب الادعاء سيقدم طعناً في قرار استرداد مذكرة التوقيف في حق فنيانوس وحسن خليل، داعياً إلى تحرك شعبي أمام قصر العدل بيروت تزامناً مع تقديم المذكرة، كاشفاً عن التحضير لتصعيد "ذكي" عبر اتخاذ إجراء جديد، مشدداً على أن القضاء يشكل المشكلة الأساسية بوجه العدالة.

بدورها أكدت المحامية سيسيل روكز أن الإجراء الذي اتخذه صبوح غير قانوني، مشيرة إلى أن "النيابة العامة التمييزية التي يفترض أن تكون في صفنا هي الخصم والعدو"، سنطلب من مجلس القضاء الأعلى تشكيل هيئة اتهامية وسنبقي على تحركاتنا في الداخل والخارج، لكن حتى دولياً المسار ليس أكثر تعقيداً وتشابكاً".

وبرأيها فإن قرار القاضي سليمان ليس إلا حلقة في سلسلة محاولات إفراغ ملف التحقيق في جريمة 4 أغسطس (آب)، وهي بدأت بإغراقه بطلبات الرد، والسطو على صلاحيات المحقق العدلي طارق بيطار بالادعاء عليه من دون وجه، مروراً بإخلاء سبيل جميع الموقوفين خلافاً لأي نص قانوني، ووصولاً إلى وقف العمل بمذكرات التوقيف.

من ناحيته يؤكد المحامي إيلي حصروتي أن محاولات طمس الحقيقة تحولت إلى خنجر يحفر في جرح عذابات أهالي الضحايا، وكأنهم بذلك "يريدون إيصال رسالة لأهالي الضحايا مفادها أننا غير موجودين في حساباتهم"، لافتاً إلى أن الرسائل وصلت والرد عليها سيكون من خلال "المواجهة بكل السبل القانونية".

الإنذار الثاني

واعتراضاً على القرار القضائي الذي بموجبه بات المتهمان الرئيسان في القضية فنيانوس والخليل غير مقيدي اليدين وبإمكانهما السفر إلى الخارج وسقوط الملاحقات القضائية في حقهما، تقدم المحاميان جاد طعمة ونجيب فرحات بعريضة الإنذار الثاني لجميع رؤساء غرف التمييز الأصيلين والمكلفين والمنتدبين، وطالبا بالتئام الهيئة العامة لمحكمة التمييز والبت بالدعاوى المتعلقة بطلبات الرد التي أعاقت لفترة طويلة عمل المحقق العدلي في ملف المرفأ. أما الخطوة التالية في حال عدم الاستجابة للطلب خلال الأيام العشر المقبلة فستكون إمكانية التقدم بدعوى مداعاة الدولة عن أعمال قضاتها ومسؤوليتها عن استنكافهم عن إحقاق الحق، والتي يجب تقديمها خلال مهلة الشهرين المحددة قانوناً.

ويوضح المحامي جاد طعمة، وهو مدعٍ شخصي في ملف جريمة انفجار مرفأ بيروت، أن "المعركة القانونية في هذه القضية ستبقى مستمرة"، وقال "بما أن باب الاجتهاد مفتوح، فلا بد أن نجتهد كمدعين شخصيين لمصلحة إطلاق عجلة التحقيقات، وصولاً إلى إخراجها من دائرة السرية التي تتحقق بعد صدور القرار الظني وإحالة القضية إلى المجلس العدلي، حينها سنتمكن من معرفة الحقائق لتبدأ إجراءات المحاكمة، تمهيداً لإنصاف المظلومين وإيقاع العقوبات على مستحقيها، بعيداً من محاولات المماطلة أو التضليل وتمرير الوقت، فلا حائل قانونياً يمنع اجتماع الهيئة العامة لمحاكم التمييز بقضاتها المكلفين والمنتدبين، إضافة إلى الأصيلين منهم من وجهة نظرنا القانونية". وكشف عن أن "المعركة في هذه المرحلة قانونية بحت، وتتعلق بدفوع شكلية عرقلت مسار التحقيقات، ونحن نخوضها بموضوعية. أسهمنا في عدم ابتداع تعيين قاضٍ رديف في مرحلة من المراحل، بعيداً من الضوضاء، واضعين نصب أعيننا تحقيق مصلحة جميع الفرقاء في الوصول إلى إحقاق الحق".

المزيد من متابعات