Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات لبنانية لما بعد حرب غزة

يمكن القول إن حواراً إيرانياً - أميركياً بدأ من أجل وضع تصور للحل على المستوى الإقليمي

الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين يضغط لوقف العلميات العسكرية على الجبهة اللبنانية مع إسرائيل (أ ف ب)

ملخص

كلام نصرالله لا ينحصر في الحدود اللبنانية بل يشكل تعبيراً عما يدور من حوارات ونقاشات على مستوى الدائرة الأوسع في الإقليم

لم يأت كلام الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله عن الفرصة التاريخية التي وفرتها الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" من فراغ أو من العدم، بل يمكن اعتباره خطوة على طريق سياق متصل بدأ نصرالله التلويح به والتلميح حوله منذ أكثر من خمس سنوات وتحديداً عام 2018، في احتفال أقامه الحزب بذكرى حرب يوليو (تموز) 2006، عندما اختصر الجدلية اللبنانية حول مصير سلاحه ومستقبل الحزب السياسي بالقول حرفياً "سنقطع كل يد تمتد لسلاح "حزب الله"، وهذا السلاح باق حتى يقدم لنا مشروع بديل حقيقي".

كان من المبكر حينها التقاط هذه الإشارة ومعرفة أبعادها، نتيجة ارتفاع حدة الاستقطاب بين الحزب والقوى السياسية اللبنانية من جهة، وأيضاً نتيجة الغموض الذي يمارسه الحزب في التعبير عن أهدافه وما يريده وكيف يرى مستقبل العملية السياسية اللبنانية خارج المحددات العامة التي لا تخرج عن تأكيد حرصه على الشراكة بين جميع الأطراف والقوى والمكونات اللبنانية، وأنه لا يريد الوصول إلى نقطة الغلبة ويكون أمام تحدي الإمساك بالقرار اللبناني. وهو موقف يمكن القول إنه لا ينبع من عدم رغبته بذلك، بل نتيجة المخاوف من التحديات التي ستضعه في موقع المسؤولية عما قد يتعرض له لبنان في علاقاته العربية والدولية، فضلاً عما سينتج من تعقيدات على مستوى علاقاته مع المكونات اللبنانية الأخرى الدينية والمذهبية والطائفية.

لا شك في أن كلام الأمين العام للحزب اللبناني لا ينحصر في الحدود اللبنانية، بل يشكل تعبيراً عما يدور من حوارات ونقاشات على مستوى الدائرة الأوسع في الإقليم وداخل المحور الذي ينتمي له أو يعبر عن مصالحه الاستراتيجية، وأن الشرط الذي وضعه للوصول إلى مرحلة استغلال هذه الفرصة، بوقف الحرب في قطاع غزة وإعلان وقف إطلاق نار شامل يسمح بالانتقال إلى فتح ملف الحلول السياسية ليس في المسألة الفلسطينية، بل في كل الملفات على مستوى الإقليم ومعالجة مصادر القلق الدولية فيه.

نصرالله لم يتحدث عن آليات الفرصة التاريخية المرافقة لعملية ترسيم الحدود التي اقترحها، والتي شكلت رسالة واضحة للوسيط الأميركي الذي يضغط من أجل وقف العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية مع الجيش الإسرائيلي التي انطلقت بعد يوم واحد من عملية "طوفان الأقصى"، إلا أن الترسيم الذي اقترحه الأمين العام للحزب يبدأ من نقطة B1 عند نقطة الحدود في الناقورة على ساحل البحر الأبيض المتوسط غرباً وصولاً إلى مزارع شبعا والجزء اللبناني من قرية الغجر التي أعادت إسرائيل احتلالها بعد عام 2006.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا الغموض البناء الذي استخدمه نصرالله في كلامه لم يتطرق إلى المعدات العملاتية التي تلي أي خطوة لهذا الترسيم، مما فتح الباب أمام عديد من السياسيين اللبنانيين لاستعادة الحديث عن إمكانية إعادة إحياء اتفاق الهدنة التي كانت قائمة بين لبنان والجانب الإسرائيلي، كنوع من التفاؤل غير الواقعي بإمكانية تحويل هذه الخطوة إلى فرصة للحد من هيمنة الحزب على الحياة السياسية اللبنانية والتحكم بمساراتها. ومن الأخذ بالاعتبار عدم موافقة الحزب بالعودة لاتفاق الهدنة لأن شروطها أكثر تشدداً من شروط قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أنهى العمليات القتالية بعد حرب 2006 بينه وبين إسرائيل. وهذا لا يعني أيضاً أن الفرصة التي تحدث عنها نصرالله قد تصل إلى موافقته أو موافقة حزبه والحليف الإيراني على العودة لتطبيق هذا القرار الدولي من دون التوصل إلى "بديل حقيقي" يدفع الحزب إلى القبول بالانتقال إلى ترجمة لبنانيته السياسية والعسكرية، ضمن استراتيجية تضمن له استمرار السيطرة على سلاحه وترسانته العسكرية بما فيها من عتاد وعديد تحت مظلة رسمية تمنحه الغطاء الشرعي لاستمرار جناحه العسكري.

في كواليس البحث عن سبل لحل الملف اللبناني التي بدأت بشكل جدي عام 2007، بعد حرب تموز 2006، داخل أروقة القرار والدبلوماسية الإيرانية، يمكن القول إن حواراً إيرانياً - أميركياً بدأ من أجل وضع تصور للحل على المستوى الإقليمي لا يقتصر على الملف اللبناني، بل يشمل المسألة الفلسطينية وموقع ودور إيران في الإقليم بما فيه مستقبل البرنامج النووي.

وإذا ما كان الحديث عن المسألة الفلسطينية بين الطرفين، الإيراني والأميركي، في جزء منه تمحور حول إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة مع حق عودة اللاجئين، وهي نقاط ما زالت على طاولة أي تفاوض مستقبلي بعد التطورات الأخيرة في قطاع غزة، فإن المحاور التي شكلت أرضية هذا الحوار وبتنسيق إيراني مع حليفه اللبناني تركزت حول إمكانية تسهيل عملية ترسيم الحدود اللبنانية الفلسطينية بدءاً من ساحل البحر الأبيض المتوسط في الناقورة باتجاه الشرق وصولاً إلى مزارع شبعا، مع إعطاء دور للأمم المتحدة التي من المفترض أن تتولى مهمة ترسيم الحدود وتقسيم هذه المنطقة بين لبنان وسوريا وإسرائيل، على أن يسهم هذا التقسيم والترسيم كنقطة انطلاق نحو البدء بترسيم الحدود اللبنانية السورية من الجنوب الشرقي في مزارع شبعا وصولاً إلى شمال لبنان مروراً بالبقاع.

ومن النقاط التي جرى البحث حولها أن تتعهد واشنطن التزام تل أبيب وقف جميع الاعتداءات والخروق البرية والبحرية والجوية التي تمثل السيادة اللبنانية، ضمن آلية تصب في إطار توسيع اتفاق أبريل (نيسان) الذي توصل إليه بعد حرب أبريل عام 1996 بين الحزب وإسرائيل الذي وقع في مدينة شتورة اللبنانية (شرق لبنان) في عهد الرئيس الأسبق إلياس الهراوي وبرعاية مباشرة من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ومشاركة وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر ورئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، أي وقف الاعتداءات من دون أي التزام اتفاق سلام أو تطبيق بين الطرفين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل