Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مع أنباء قرب التغيير... ماذا ينتظر المصريون من حكومتهم؟

قال مراقبون إن مصر تحتاج إلى حكومة "ذات طابع سياسي" تضم اقتصاديين لحل أزمة البلاد ومواطنون: الأهم من تغيير الوزير خفض الأسعار

رغم الأزمات الاقتصادية والمعيشية لم يخرج مصطفى مدبولي تماماً عن احتمالات الاستمرار في منصبه (مجلس الوزراء)

ملخص

يقول سياسيون إن الوزراء الحاليين في الحكومة المصرية لا يمكن إعادة اختيارهم، لأنهم "فقدوا الصلاحية"

انتهى حديث الانتخابات الرئاسية في مصر، لتبدأ الأوساط الشعبية والإعلامية في طرح ملف مصير الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى مدبولي، فعلى رغم عدم وجود نص دستوري يلزم الحكومة الاستقالة مع بدء ولاية جديدة للرئيس، فإن أصواتاً عدة خرجت في وسائل الإعلام ومواقع التواصل تتحدث عن تغيير وشيك للحكومة.

التغيير الذي يأمله المصريون في ظل أوضاع اقتصادية ضاغطة، قال البعض، إنه قد يسبق أداء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليمين أمام مجلس النواب إيذاناً بولايته الجديدة، وهي الخطوة التي ينتظر إجراؤها مطلع أبريل (نيسان) المقبل، فيما أكد نواب ومراقبون أن اختلاف السياسات هو ما ينتظره المواطن في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر.

4 أسماء وتكهنات

تكهنات تغيير الحكومة الأطول عمراً في مصر منذ ثورة الـ25 من يناير (كانون الثاني) 2011، لم تقتصر على توقع الموعد، إنما امتدت إلى أسماء قيل إنها على رادار أجهزة الدولة، لاختيار أحدها على رأس الحكومة، أبرزها المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين، ووزير النقل كامل الوزير، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، إضافة إلى المتخصص الاقتصادي العالمي محمد العريان.

ولا يعد محمود محيي الدين غريباً عن العمل الحكومي، فقد شغل منصب وزير الاستثمار بين 2014 و2010، وقد طرح اسمه مراراً بين الحين والآخر لتولي رئاسة الحكومة، وفي كل مرة لا ينفي أو يؤكد تلك الأنباء.

أما محمد العريان فهو رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج البريطانية، وشغل سابقاً رئاسة مجلس التنمية العالمية، الذي كان يتبع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وتولى منصب نائب مدير صندوق النقد الدولي، وتردد اسمه لرئاسة الحكومة المصرية في مطلع عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، لكنه لم يشغل أي مناصب في مصر، بخاصة أنه قضى معظم حياته منذ الطفولة خارجها.

الاسمان اللذان طرحا من داخل الحكومة هما وزير النقل كامل الوزير، وهو عسكري سابق يحمل رتبة الفريق، واشتهر بإشرافه على مشاريع الطرق والكباري التي توسعت فيها مصر خلال السنوات الأخيرة، وكذلك وزيرة التخطيط هالة السعيد، وهي أكاديمية متخصصة في الاقتصاد، وكانت سابقاً عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، كما أن لها خبرات مصرفية.

وعود بلا تنفيذ

وبينما لم يخرج تأكيد أو نفي رسمي لتلك الأنباء التي لم تخرج عن إطار التكهنات الإعلامية، فإن حازم إبراهيم (36 سنة) لا يعبأ كثيراً بأسماء المسؤولين، إذ ما يهمه "صلاح الحال"، بحسب تعبير المحامي الذي يؤكد أن العامين الماضيين شهدا أوضاعاً اقتصادية جعلته يتخلى عن كثير من السلع، التي اعتادها مع زوجته وطفليهما. وبينما لا يعلم حازم اسم وزير الزراعة فإن ما يهمه أن سعر كيلو البصل وصل قبل أسابيع إلى 40 جنيهاً (1.3 دولار)، مؤكداً أن الأهم من تغيير الوزير هو خفض الأسعار.

لكن، المعلمة المتقاعدة وفاء حسن (65 سنة) تتوق إلى تغيير الحكومة، بل إنها تتساءل عن السبب وراء التمسك بالحكومة الحالية رغم الأزمات المعيشية التي يعيشها المصريون بحسب وصفها، مؤكدة أنها تتابع يومياً عبر التلفزيون تصريحات المسؤولين، التي كثيراً ما تعد بالقضاء على أزمات مثل شح الدولار، وارتفاع أسعار السكر، وانقطاع الكهرباء وغيرها. لكنها لم تجد صدى تلك الوعود الحكومية على أرض الواقع. وبعدما انتخبت الرئيس عبدالفتاح السيسي لولاية جديدة، ترى وفاء أن وجود وجوه جديدة في الحكومة "أمر واجب"، لأن الأداء الحكومي "ليس على قدر توجيهات الرئيس".

وتعيش مصر أزمة اقتصادية دفعت سعر عملتها إلى التراجع من 24.7 جنيه مقابل الدولار في مطلع 2023 إلى نحو 31 جنيهاً في الوقت الحالي، وذلك على الصعيد الرسمي، أما السوق الموازية فقد لامس الدولار عتبة 54 جنيهاً في النصف الثاني من الشهر الماضي. وبلغت نسبة التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 35.9 في المئة على أساس سنوي مقابل 38.1 في المئة أكتوبر (تشرين الأول).

كما تنفذ الحكومة خطة لـ"تخفيف الأحمال" دفعت إلى انقطاع الكهرباء في معظم مناطق البلاد فترات متفاوتة، تصل إلى ساعتين متواصلتين في بعض المناطق، بهدف تصدير كميات من الغاز الطبيعي، الذي يستخدم في تشغيل محطات الكهرباء، إذ أشار الرئيس المصري في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى أن خطة قطع التيار الكهربي "توفر 108 مليارات جنيه سنوياً".

عودة وزير الاستثمار 

ويرى المتخصص في شأن الاقتصاد في أكاديمية السادات إيهاب الدسوقي، أن سياسة الحكومة الجديدة "لا يمكن أن تتضمن القبول باتخاذ إجراءات لتصدير الغاز الطبيعي أو منتجات أخرى سعياً لتوفير عملة صعبة، بينما حاجات المواطن المصري لم تلبَ بالكامل"، مؤكداً أنه من اللازم "توفير الشفافية من جانب الوزراء في توضيح أسباب وحلول المشكلات التي تواجه الاقتصاد المصري، وتؤثر في حياة المواطن".

وقال الدسوقي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "الحكومة المقبلة يجب أن تشمل تعيين نائب لرئيس الوزراء لا يحمل حقيبة وزارية، يكون متفرغاً لإدارة الملف الاقتصادي، ويرأس كل وزراء المجموعة الاقتصادية، على أن يكون على درجة عالية من الكفاءة، وأن تترك له الحرية في اختيار وزراء الملفات الاقتصادية لكي يستطيع إدارتهم للخروج من الوضع الاقتصادي الحالي". مطالباً بـ"ضرورة عودة منصب وزير الاستثمار في الحكومة المرتقبة، وأن تتبع الحكومة سياسة إنتاجية في الصناعة والزراعة والتصدير".

ويتولى رئيس الحكومة مصطفى مدبولي مهام وزير الاستثمار منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، بعد تعديل وزاري شمل إطاحة الوزيرة السابقة سحر نصر.

ويتفق مع ذلك المطلب رئيس حزب العدل وعضو مجلس النواب عبدالمنعم إمام، إذ يرى أن إعادة وزارة الاستثمار "ضرورة ضمن هيكلة حكومية أوسع تشمل دمج بعض الوزارات مثل الطيران المدني مع النقل وكذلك وزارتي البترول والكهرباء"، إضافة إلى إلغاء وزارة قطاع الأعمال، وتحويل تبعية كل شركة إلى الوزارة المعنية بها، وذلك بهدف خفض النفقات وتحسين الأداء الحكومي.

حكومة ذات طابع سياسي

ووفق عبدالمنعم إمام، فإن "مصر تحتاج إلى حكومة ذات طابع سياسي"، قائلاً "كفانا حكومات موظفين. الحكومة الحالية اعتمدت على التوسع في عمل الشركات الحكومية بكل أنواعها سواء السيادية أو غير السيادية، وابتعدت عن القطاع الخاص"، مؤكداً ضرورة الاستعانة بـ"كفاءات اقتصادية ضمن التشكيل الوزاري"، مستدركاً أن الأهم هو "تغيير السياسات، والاقتناع بضرورة تحرير السوق، لأنه مقيد حتى الآن"، بحسب تعبيره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب رئيس حزب العدل، فإن "الناس تحتاج إلى حكومة جديدة بالكامل"، بوجوه جديدة من خارج التشكيل الحالي، مضيفاً أن شخصية الوزراء الجدد "قد تشير إلى مدى صدقية الحكومة في السياسات التي ترددها دائماً، مثل إتاحة الفرص للقطاع الخاص".

كذلك، يرى عضو مجلس النواب ضياء الدين داوود، أن أي شخص سيحاول "التنقيح الشكلي" للحكومة على حساب السياسات لن يتحمل الانتقاد من الشعب، وكذلك لن يتحمل الاقتصاد المصري استمرار نفس السياسات، مشيراً إلى أن الشعب "يكظم غيظه"، لأنه يدرك وجود تهديد على الحدود المصرية.

وقال داوود، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "الوزراء من داخل المنظومة الحالية لا يمكن إعادة اختيارهم، لأنهم قد اختبروا وفقدوا الصلاحية. هؤلاء الوزراء (قبلوا الخضوع، وأن يداروا) بواسطة سياسات أوصلت البلاد إلى ما هي الآن، وسط سعر صرف في السوق السوداء يكاد يصل إلى ضعف السعر الرسمي، وتآكل مدخرات المصريين، وتغير أسعار السلع والخدمات مرات عدة في اليوم الواحد أحياناً".

وفي رأي داوود، هذا الوضع "كفيل باستقالة الحكومة في أي نظام ديمقراطي"، متسائلاً: "لا أعلم بأي مشروعية سياسية استمرت حكومة مصطفى مدبولي حتى الآن؟ لولا الأزمة في غزة والوضع الإقليمي الملتهب".

السياسات الجديدة

وحول السياسات الجديدة التي يأملها من الحكومة المنتظرة، قال داوود، "لا بد من تحرير الحكومة من سيطرة أي من المؤسسات، وأن تأتي ببرنامج واضح يطرح أمام البرلمان بخطة عمل تنفيذية، وأن يتخذ المجلس التشريعي قراره بعد دراسة البرنامج"، مشدداً على أنه "ليس مهماً الحديث عن الأشخاص إنما يجب مناقشة السياسات".

ويجد النائب البرلماني في ملف مواجهة الفساد أولى مهام الحكومة الجديدة، ومكافحة شبهات تعارض المصالح وكل أشكال التدخل الحكومي في القطاعات الاقتصادية، مؤكداً ضرورة أن يكون على رأس الحكومة شخصية اقتصادية بارزة، وأن تضم مجموعة اقتصادية قوية للعمل على حل الأزمة الاقتصادية الحالية التي "لا تحتمل التأخير".

ويشدد داوود على أنه يجب "أن نتحسب من أن تتسارع الخطى نحو الانفجارات الاجتماعية نتيجة الوضع الاقتصادي، التي قد تؤدي إلى انفجارات سياسية"، لكنه استدرك بأن الشعب المصري "ذكي، ويدرك أن أي حلول خارج الدستور والقانون ستحدث أزمات كبيرة تدفع البلاد إلى حافة الهاوية ربما لعقود".

وعلى رغم الأزمات الاقتصادية والمعيشية، لم يخرج مصطفى مدبولي تماماً عن احتمالات الاستمرار في منصبه، إذ قال الإعلامي والنائب مصطفى بكري، في تصريحات صحافية، إن الرئيس السيسي بعد أداء اليمين قد يكلف شخصاً آخر بتشكيل الحكومة، أو يعيد تكليف رئيس الوزراء الحالي، لكنه أشار أيضاً إلى أن الشعب المصري يتوق إلى التغيير.

وشغل مدبولي منصب وزير الإسكان بين 2014 ويونيو (حزيران) 2018، حين كلفه الرئيس السيسي تشكيل الحكومة خلفاً لشريف إسماعيل، التي أجري عليها تعديلان وزاريان في ديسمبر (كانون الأول) 2019 وأغسطس (آب) 2022، كما يتولى مدبولي مهام وزيري الاستثمار والإصلاح الإداري منذ 2019.

ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في عام 2014، جرى تكليف ثلاث حكومات: الأولى برئاسة إبراهيم محلب بين يونيو 2014 وسبتمبر 2015، وخلفه شريف إسماعيل حتى يونيو 2018، الذي حلّ مكانه مصطفى مدبولي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير