Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نيكولاس كايج: أريد أن أصور فيلما في السعودية وسأنجح

تهرب من اسم عائلة كوبولا والسينمائيون على قدر من الغرور وبات أكثر اهتماماً بالمخرجين الشباب والآن يفكر بالتلفزيون

نيكولاس كايج في حواره المفتوح مع جمهور مهرجان البحر الأحمر (خدمة المهرجان)

"في صباي، وددت أن أكون صياداً"، بهذا التصريح بدأ الممثل الأميركي الكبير نيكولاس كايج، 59 عاماً، ندوته الحوارية خلال الدورة الأخيرة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، مستعيداً فصولاً من حياته منذ طفولته وصولاً إلى سنواته الأخيرة، فمستقبله الذي يراه مختلفاً عن حاضره. جمهور في المهرجان من كل أنحاء العالم، تدافع للاستماع إلى ما سيقوله كايج الفائز بأكثر من 40 جائزة دولية، والذي عاصر أكثر من جيل، وفي سجله أكثر من 100 فيلم تحت إدارة كبار السينمائيين: فرانسيس فورد كوبولا، آلن باركر، ديفيد لينتش، جون هو، براين دبالما، مارتن سكورسيزي، أوليفر ستون، بول شرايدر، وغيرهم كثر. يكفي إلقاء نظرة سريعة على فيلموغرافيته لندرك تنوع خياراته والاتجاهات التي حملته مسيرة انطلقت في مطلع الثمانينيات وحولته إلى نجم أميركي كبير بالمعنى الكلاسيكي للكلمة. 

عن البدايات واكتشاف الموهبة وأولى المشاهدات، روى كايج لريا أبي راشد التي أدارت الحوار معه، قائلاً: "بدأ فضولي بالسينما في سن مبكرة. في صغري، ربطتني علاقة روحانية بالكوميدي جيري لويس، أحببت مشاهدة أفلامه الكوميدية من مثل "البروفيسور المجنون"، وكنت أجلس أمام التلفاز وأنتظره. أعجبت أيضاً بفيلم الأسبوع المعروض على التلفاز، كانوا يطلقون عليه "فيلم المليون دولار". وكان غالباً تشارلز برونسون في "ذات زمن في الغرب". أتذكر أيضاً برامج تبث على حلقات بطولة روك هادسون. وبما إني أحببت الويلز على غرار جيري لويس، فكنت من هواة رواية "موبي ديك" التي أثارتني وأرعبتني. غريغوري بك في دور القبطان أهاب، يا له من ممثل! أفلام الغودزيللا، هذه أيضاً أردت مشاهدتها". 

يقول كايج، إنك إذا أردت أن تعرف إذا ما كان فلان في عائلتك، موهوباً في التمثيل، فأعطه هاتفاً خلوياً وشاهد كيف سيتحدث عبره. ستعرف إذا كان ممثلاً أو لا. الممثل الموهوب سيجعلك تصدق أن ثمة شخصاً على الخط يتحدث معه فعلاً.

يتحدر كايج من عائلة فنانون أصولهم من إيطاليا وبولندا وألمانيا. والده أستاذ أدب وأمه مصممة رقص أو كوريغرافية، وهو ابن أخي فرانسيس فورد كوبولا. في الأصل اسمه "نيكولاس كوبولا" إذاً، لكنه غيره إلى "نيكولاس كايج". يوضح قائلاً: "هناك سببان دفعاني إلى تغيير اسمي: في عام 1982، مثلت في فيلم متواضع بعنوان "أزمنة سريعة في مرتفع ريدجمونت"، وكنت وقتذاك في الـ16. خضعت لمليون اختبار للتمثيل في هذا الفيلم، لكن لم أختر لدور براد، جاج رينهولد هو الذي أخذ ذلك الدور. لكن عندما كنت في موقع التصوير، وكنا جميعاً شباباً، بعضهم لم يكن يؤمن بموهبتي، بل كان يعتقد أنني هنا فقط لأنني ابن أخي فرنسيس كوبولا. كانوا يذكرون أمامي جملة شهيرة من "القيامة الآن" ويحرفونها إلى "أحب رائحة نيكولاس عند الصباح" (بدلاً من "أحب رائحة النابالم عند الصباح" الذي يقولها أحد الضباط" في الفيلم)، لذلك قررت تغيير اسمي. لكن هناك سبباً آخر دفعني إلى ذلك. السينمائيون أناس على قدر من الغرور، ولديهم عقلية تنافسية جداً. أعتقد أن ما من سينمائي يرغب باسم "كوبولا" فوق اسمه على عنوان الفيلم. لذلك، جاء التغيير لأسباب متعلقة بالبزنس".

لعب كايج في ثلاثة أفلام لعمه كوبولا، في بداياته، قبل أن يصبح نجم شباك من الصف الأول. يرى أنه كان محظوظاً بالعمل مع عمه. يقول "فرنسيس كان بمثابة أب لي. لم يكن بإمكاني أن أقول "لا" في وجهه. عندما ترددت في قبول "بيغي سو تزوجت"، بدأ ذلك يحبطه حقاً. آخر شيء كنت أريده هو إغضاب عمي. لذلك وافقت. لكن، كان عليّ أن أجد طريقي إلى الكاريكاتير كي يصبح مثيراً. أما تصوير "كوتون كلوب"، فاستغرق كثيراً من الوقت. كنت ألعب شخصية مستهجنة للغاية. جرى التصوير بعد "بردي"، وكنت أتلقى كل العروض التي أرغب فيها حقاً. أردت فقط أن أكون قادراً على إنجاز تلك الأفلام. لكنني، علقت في تصوير "بيغي سو تزوجت" لبضعة أشهر".

شكل "مونستراك" (1987) لنورمان جيويسون منعطفاً في مسيرة كايج. شريكته في الفيلم، الممثلة شير، ناضلت من أجل فرضه. يتذكر: "لا أعرف لماذا شاهدت "بيغي سو"، لكنها قالت فوراً: "أريد ذلك الشاب كي يكون بطلي الرومانسي. زرتها في منزلها وسألتها "لماذا؟ لماذا تريدينني؟". ردت: "خيل لي وأنا أشاهدك أنني أشاهد حادثة سير طوال ساعتين وكان عليّ أن أحصل عليك، هذا ما قالته لي بالضبط. لم أكن أنوي إنجاز "مونستراك"، لأنني كنت أنظر إلى نفسي باعتباري مغني بانك روك. أردت أن أبدو مثل شخص تسلل إلى هوليوود. مدير أعمالي في تلك الفترة أصر أن أمثل في الفيلم، أما أنا فكنت ميالاً إلى سيناريو عمل غريب ومتواضع بعنوان "قبلة مصاص الدماء"، لكن هو لم يحبذ أن أضع تلك الأسنان البلاستيكية الرخيصة في فمي. فاتفقت معه أن يتركني أمثل في هذا الفيلم، في مقابل أن أُمثل في "مونستراك"، وفي النتيجة كلانا نال ما يريده. اليوم، من وجهة نظر إنسان ناضج، أقول إن "مونستراك" فيلم جميل على مستويات عدة، لكن "قبلة مصاص الدماء" يبقى من أفلامي المفضلة".

في "بردي" (1984) لآلان باركر، قدم كايج أداء متماسكاً إلى جانب ماثيو مودين، وكان الدور الذي عرفه على الجمهور العريض. اليوم يقول إن الأداء "الناتورالي" أو الطبيعي الذي اعتمده في هذا الفيلم أضحى أفقاً مسدودا في حينها. "بعد هذا الفيلم، بدأت أهتم بما يمكنني أن أعمل على المعايير، وأين يمكنني الرقص على هامش أداء الروح. فرحت أشاهد الأفلام الصامتة تحديداً التعبيرية الألمانية: فريتز لانغ، ماكس شريك وآخرون. رغبت في أن أجرب بعضاً من ذلك التمثيل المصمم كوريغرافياً في فيلم ينتمي إلى عصرنا هذا. أفلام مثل "مونستراك" و"قبلة مصاص الدماء" سمحت لي بذلك. يمكنك الذهاب إلى أي مكان تريده بالأداء، ما دام مطعماً بعاطفة حقيقية. إني أيضاً معجب بممثلي العصر الذهبي مثل جيمس كاغني. وعندما مثلت في "فايس/أوف"، استلهمت تلك الطاقة، في مشهد الهرب من السجن، من أداء جيمس كاغني في فيلم "حرارة بيضاء"، حيث وصل إلى ذروة الأداء الباروكي. أعتقد أننا في فترة من الفترات، كنا جميعاً مهووسين بالأداء "الناتورالي" الذي ساد في السبعينيات في أفلام مثل "كاوبوي منتصف الليل"، وهو أداء عظيم للمناسبة. لكن، فجأة بات معيار التمثيل الجيد. ففكرت أنه يمكن فعل مزيد بهذا الأداء. لذلك، بدأت أجري اختبارات وتجارب. إني في الحقيقة تلميذ، تلميذ أداء. أريد الاستمرار في التحدي. إذا نظرت إلى نفسك بصفتك تلميذاً، تداهمك رغبة في تحدي نفسك سواء نجحت أو لا. قلت ما أود قوله في السينما إلى درجة كبيرة، والآن بت أفكر في التلفزيون. التلميذ الذي في داخلي يرغب في الذهاب إلى هناك للتعلم".

عن دوره في "الرحيل من لاس فيغاس" (1995) لمايك فيغيس، فاز كايج بـ"أوسكار" أفضل ممثل، فكان التكريس النهائي. دور لا يزال ماثلاً في الذاكرة، يروي عنه قائلاً: "لا أعرف ما سر صموده في الذاكرة. كنت صادقاً للغاية عندما جسدته. كنت قررت مسبقاً، بما إنني لن أفوز بـ"أوسكار" في حياتي، فدعني في الأقل أمثل في هذا الفيلم، فلا أحد غيري كان يريده، بسبب فرط السوداوية فيه. أحببت السيناريو لأنه كان جميلاً، يروي علاقة حب بين شخصين جريحين. أحسست بشاعرية عندما قرأته".

بعد الـ"أوسكار"، لا أحد، باستثناء المنتج الشهير جيري بروكهايمر، كان يؤمن بأن كايج قادر على تجسيد أدوار في أفلام مغامرات وحركة، فأسند إليه شخصية ستانلي في "ذي روك" لمايكل باي، فكانت بداية انتقاله من شخصية أفلام عاطفية رقيقة ودرامية إلى البطل الهوليوودي القادر على كل شيء. يتذكر: "صورت "ذي روك" مع شون كونري، ولكن كانت لي رغبة في مزيد من تلك الأفلام. التلميذ الذي في داخلي أراد أن يتأكد إذا كان في إمكانه أن يلعب شخصية كاميرون برو، بطل "كون إير". مجدداً، شكَّل هذا منعطفاً تعليمياً لي، وأعتقد أنني نجحت فيه. وربما نجحت فيه أكثر مما يجب، فوجدتني عالقاً في دوامة. لكني الآن عائد إلى شغفي الحقيقي في السينما، المتمثل في الأفلام الدرامية التي تحمل روحاً مستقلة".

يقول كايج إن ما تعلمه من أفلام الحركة "أكشن" هو أن لديه وقتاً قصيراً لبناء شخصية قبل أن ينتقل به المشهد إلى المطاردات. في "ذي روك" مثلاً، جعل الشخص مهووساً بـ"البيتلز"، فنراه ينفق 600 دولار لشراء أسطوانة "تعرف على البيتلز".

يتذكر كايج عمله في "فايس/أوف" قبل ربع قرن، الذي جسد فيه أحد أشهر أدواره. يقول إنه أغرم بالمخرج جون هوو. "كان أراني فيلمه "رصاصة في الرأس" ولم يكن يتحدث الإنجليزية بطلاقة، لكن عندما شاهدت فيلمه هذا علمت أين سيحملني معه على مستوى الأداء الأوبرالي. وهذا شرع لي الأبواب. إنه لمخرج رائع يصور بعديد من الكاميرات التي تلتقط المشهد في وقت واحد. يتابع كل شيء بنفسه وفور صراخه "اقطع"، يعاين كل لقطة بلقطة. يقوم بالمونتاج في باله. إنه حرفي عظيم". 

رغم تكاثر أفلام الحركة في فيلموغرافيته، فهو حافظ على شيء من التنوع. "قد يحدث لك" و"مدينة الملائكة" و"ثروة وطنية" عناوين تؤكد حرصه ألا يحصر نفسه في إطار مغلق. يقول "إذا ألقيت نظرة على سجلي السينمائي، فسترى أنني مثلت في "ثروة وطنية" و"استخراج الموتى" (أحد أفلامي المفضلة). كثيراً ما وددت اختبار أنواع سينمائية مختلفة. وغريزتي هي التي وجهتني دائماً. ولطالما كان لي فريق ينصحني ويرشدني. أما نوعي السينمائي المفضل، فجذوري تضرب بعمق في السينما الدرامية المستقلة. آتٍ من هناك وإليه أعود باستمرار. إنه ينبوعي. فيلمي الأحدث، "سيناريو الحلم"، يتحدث عن هذا بقوة. في النهاية، الأهم هو أن تبقى تلميذاً، تحافظ على التنوع، تدفع نفسك إلى التعلم. لا تستسلم للسهولة. صدق أو لا تصدق، إني تعلمت هذا من ديفيد بووي. التقيته في مونريال ذات يوم، وكان يقدم حفلة وأنا كنت في مفاوضات لتجسيد دور سوبرمان. كنت أريده أن يكتب أغنية لسوبرمان. فسألته: "ديفيد، كيف تفعل؟ أقصد، كيف تجدد نفسك في كل مرة؟". فأجاب: "لا أجعل نفسي مرتاحاً تجاه أي شيء أفعله"، وكانت هذه كلمات حكيمة لي. عليك الاحتكاك بما تخشاه، ولكن ضمن حدود العقل، ما دمت لا تضر نفسك والآخرين".

ترى ما الذي أحبه في "سيناريو الحلم" لكريستوفر بورغلي الذي عرض في مهرجان تورونتو الأخير، وكان له صدى طيب. يعلق: "هذا الفيلم عن رجل يستيقظ صباحاً والجميع يخبره بأنه حلم فيه الليلة الماضية. ثم، يتحول الحلم إلى كابوس، هذا كله يحدث تغييراً جذرياً في حياته. لا أعرف إذا كان بإمكاني تصنيفه ككوميديا، هذا عمل مختلف ومبتكر جداً. إنه أحد أفلامي المفضلة في مسيرتي. إني سعيد بأنني عشت لأنجزه. وصلت إلى مرحلة من حياتي أود فيها أن تكون خياراتي أكثر شخصية. لعلني استمعت كثيراً إلى أغاني جون لينون التي أوصلته إلى عمق انفعالي ما. فقلت في سري، حسناً، ربما عليك أن تحاول ذلك في أدائك، هذا الفيلم مهم عندي، لأنني مررت بما يعرف بظاهرة أن يتحول الإنسان إلى "ميم" (Meme). عندما دخلت التمثيل، لم يكن الإنترنت موجوداً ولا هاتف محمول مع كاميرا فيديو في يد الجميع. وددت أن أكون ممثل شاشة. ثم، في عام 2009، ارتكبت خطأ أن أبحث عن اسمي عبر محرك بحث "غوغل"، فرأيت صورة مع تعليق يقول إن "نيكولاس كايج فقد صوابه"، ورأيت أناساً ينشرون كل هذه اللحظات المقتطعة من الأفلام من دون أي اعتبار للفصل الأول أو الثاني في البنية الدرامية، ومن دون أي اهتمام بكيفية وصول الشخصية إلى هذه المرحلة. فقلت لنفسي "لم أمتهن التمثيل كي أتحول إلى قمصان وألعاب ساخرة، هذا كله أربكني وأحبطني. ثم، قرأت نص "سيناريو حلم"، وفهمت شعور البطل، لأنه يمر بالظاهرة نفسها التي مررت بها، حيث إن الجميع في أماكن مختلفة من العالم يحلم به ولا يعلم لأي سبب. لذلك وظفت مشاعري تجاه تحويلي إلى "ميم" لأفهم ما يعانيه البطل عندما يتحول إلى حلم. الأمر كان شخصياً إلى هذا الحد".

يروي كايج أنه نشأ على مشاهدة أفلام من كل بقاع الأرض. كان والده يحرص على ذلك، وهذا ما دفعه لاحقاً إلى أن يذهب إلى أماكن مختلفة من العالم لتجسيد الأدوار، بعيداً من السينما الهوليوودية، إيماناً منه بوجود طاقة في بعض الأماكن. وهذا ما جعله يعلن من "البحر الأحمر": "أريد أن أصور هنا في السعودية، سيكون هذا نوعاً من تقارب الطاقة التوافقية، وستتشكل شخصية عظيمة. في كل مرة تتوجه إلى مكان وتصنع فيه فيلماً، تستمد شيئاً من هذا المكان. المكان يصبح شخصية في ذاتها، سواء على مستوى الشكل أو الديناميكية التي تبث". 

ترى أي نوع من التعاون يحبذ كايج مع المخرج الذي يديره؟ يرد وكأنه كان ينتظر السؤال: "هذا شيء في غاية الأهمية. الآن، بت أكثر اهتماماً بالسينمائيين الشباب. أولئك الذين نشأوا وهم يشاهدون أفلامي، والذين قد يكونون مهتمين بما قد يستخرجونه مني ومن أدائي التمثيلي. وهذا ما حدث مع "سيناريو حلم". يوجد سينمائيون شباب لم يحققوا أحلامهم بعد، هؤلاء كلهم حياة وطاقة، وهذا ما يبقيني على خصوبتي المهنية". 

كبار الممثلين اتجهوا إلى الإنتاج في مرحلة من مراحل حياتهم للمحافظة على حريتهم الإبداعية. ما المكان الذي يحتله هذا الجانب في حياة كايج؟ يجيب: "الإنتاج أشبه بأن تستضيف أشخاصاً في وليمة عشاء، لأنك تريد أن ترى أي علاقة ستنشأ بين شخصين. مثال جيد على هذا هو فيلم أنتجته وكان عنوانه "ظل مصاص الدماء"، وضعت فيه اثنين من ممثلي المفضلين: ويلم دافو وجون مالكوفيتش. طلب إلى أن ألعب دور مصاص الدماء، ولكن اخترت ويلم، وسعدت بالنتيجة، هذا هو النشاط الإنتاجي بالنسبة إليّ. هي فرصة للم شمل مبدعين في بقعة واحدة وقضاء بعض الوقت برفقتهم. وعندما يتعلق الأمر بممثلين كبار، تشعر بأن مستوى الأداء يرتقي. لا تريد أن تكون موهبة أحدهم مصدر حرج لك، بل تريد شيئاً منها، كي ترتقي بنفسك إلى مصاف أعلى. العمل مع ممثلين عظماء يجعلك ممثلاً أفضل".  

لكن، بعيداً من التمثيل، كيف يوظف كايج صورته كنجم لإحداث تغيير؟ في نظره أن الفنان، عندما يحط في أماكن مختلفة من هذا العالم، لا بد أن يشهد على مآسٍ لا يمكن صرف النظر عنها، وهي تتغلغل حتماً في داخله، وقد تحثه على التغيير. أما هو، فعندما مثل في "لوردات الحرب" (2005)، فذهب إلى أفريقيا للتصوير، وهناك التقى كثيراً من الأطفال المجندين الذين خضعوا لإعادة تأهيل. رؤيته لهؤلاء حطمت قلبه. وهذا ما جعله يرغب في مساعدة مزيد من المحتاجين. لكن هذا الجانب من نشاطه يفضل عدم الإفصاح عنه وإبقاءه في الإطار الشخصي. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صون الحياة الشخصية، سمة أخرى طبعت سيرته. يعلق: "دخلت التمثيل مستلهماً تجربة أبطالي وأحدهم جيمس دين، وكان في رغبتي أن أروي الحكايات. وسائط التواصل هي من الأشياء التي أتفادها، لأنني نشأت على رومانسية نجوم العصر الذهبي للسينما. كان هؤلاء مصدر حلم لنا. لم نرد أن نعرف عنهم كثيراً. لم نرد أن نعرف أخبارهم كل خمس دقائق، هذا يفقدهم غموضهم. لكن، في المقابل، أنا مع فكرة لقاء كهذا، حيث بإمكاننا إجراء حوار. كفنان، عندما يتوقف الحديث عن شغلك، يبدأ الجميع في طرح أسئلة شخصية عليك، وهذا ليس ما يرغبه الواحد منا. الأشياء التي تقوم بها في حياتك الشخصية، يجب ألا تلقي بظلالها على عملك، ولا تريد لهذه الأشياء أن تلقى اهتماماً أكبر من عملك". 

ما النصيحة التي يتوجه بها إلى الشباب كي يفرضوا بصمتهم في التمثيل كما فعل هو؟ يقول "عليهم أن يؤمنوا بتعويذة. النجاح ليس مستحيلاً. قد يحدث. وعليهم الاستمرار بعقلية أنه "قد يحدث". لا تدعوا أحداً يقنعكم بالعكس. سمعت كثيراً من "اللاءات" في المدرسة. كنت أقول لرفاقي إنني سأصبح نجماً سينمائياً، فأسمع منهم "لا، لن تصبح نجماً سينمائياً". لا تنصتوا إلى هؤلاء. ابقوا أوفياء لأحلامكم وابحثوا عمن تستطيعون العمل معهم وتستمتعون برفقتهم". 

أخيراً، كيف يرى كايج المرحلة المقبلة من مسيرته، علماً أنه يطرأ عليها تغيير مرة كل بضع سنوات؟ يرد: "بفضل الناس الذين عملت معه والظروف التي أحيطت بي، حققت أحلامي السينمائية. بوركت لأنني عملت مع مخرجين أتاحوا لي أن أفعل ذلك. إلا إنني، بعد 45 عاماً وأكثر من 100 فيلم، قلت إلى حد كبير كل ما أود قوله في السينما، والتلميذ الذي في داخلي يريد الآن أن يجرب شيئاً آخر. أود أن أجرب "فورما" عمل جديد. التلفزيون سيكون أحد خياراتي المقبلة. قد أعتلي أيضاً خشبة "برودواي". أود أن أبقى في حالة تحد دائم للذات. لن أقول "لا" لكل الأفلام. لكن معاييري ستكون أكثر صرامة من قبل. لي في المنزل ابنة عمرها 15 شهراً تنتظرني. ولا أريد أن أجرها معي في أماكن مختلفة من العالم. أريد البقاء في المنزل لأجلها وأراها تكبر. لذلك، أرى أن التلفزيون خيار جيد، حتى على المستوى العائلي. مع دخولك الـ60 من العمر، تعي ما هو المهم وما هو أقل أهمية. الوقت بالغ الأهمية، والأهم منه كيف تمضيه".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما